عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 60 الخميس ديسمبر 13, 2012 7:15 pm | |
| الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
(60) قولُه تبارك وتعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} أي هذا الذي أَخبركَ اللهُ ـ سبحانه ـ به من أنَّ عيسى خُلِقَ مِن غيرِ أبٍ، وكونِه كذلك، وكونِ خلقِ آدمَ مِن طينٍ، وكونِ هذا التكوين العامِّ هو بإرادةٍ مختارةٍ، لَا قيدَ يُقيِّدُها، وأنَّها خالقةٌ الأَسبابَ، هذا هو الحق الثابتُ اليَقينيُّ الذي لَا مَجالَ للشكِّ فيه. وقد أكَّدَ سبحانَه وتعالى كونَه الحقَّ الذي لَا مجالَ للريبِ فيه بثلاثةِ تأكيداتٍ:أولها: بتعريفِ كلمةِ الحقِّ بـ "أل"، فإنَّ مُؤدّى ذلك أنَّ خلقَ اللهِ بإرادتِه المُختارةِ على النحو الذي بيَّنَه هو الحقُّ وحدَه، ولا حقَّ سواه.ثانيها: أنَّه بيَّن أنَّ إثباتَ ذلكَ الحقَّ هو من ربِّك الذي ذَرَأكَ وحَفِظَك، وفي ذلكَ ما يَدُلُّ على صِدقِ الإثْباتِ صِدقًا لَا ريبَ فيه.ثالثُها: أنَّه نَهى عن الامْتِراءِ والشَكِّ في ذلك الحقِّ، فقال سبحانَه: {فَلا تَكن مِّنَ الْممْتَرِينَ} أي أنَّه لَا مجال فيه للشكِّ، أو للجِدالِ والمِراء.وقوله عز وجل: {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} الامتراء: هو الشك الذي يدفع إلى المِراءِ والمُجادَلَةِ المَبنيَّةِ على الأوهامِ لا على الحقائقِ والمِرْيَةُ التردُّدُ في الأمرِ، وهو أَخَصُّ مِنَ الشكِّ، قال تعالى: {وَلا يَزَالُ الَّذينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ منْهُ}، الحجّ: 55. و{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ ممَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ}، هود: 109. و{فَلاً تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِن لِّقَائِهِ}، السجدة: 23. و{أَلا إِنَّهمْ فِي مِرْيَةٍ من لِّقَاءِ رَبِّهِمْ}، فُصِّلت: 54. والمُماراة: المُحاجَّةُ فيما فيه تَردُّدٌ، وأَصلُه مِن مَرَيْتُ الناقةَ إذا مَسَحْتُ ضَرعَها للحَلْبِ. فمؤدَّى كلمة الامتِراءِ هو المُحاجَّة فيما فيه رَيْبٌ، فكأن اللهُ سبحانه وتعالى يقول لنبيِّه الكريم أو لقارئ القرآن العظيم: فلا تكن من الذين يجادلون في هذا.قولُه تعالى: {الحق مِن رَّبِّكَ} يَجوزُ أَنْ تَكونَ هذه جُمْلةً مُستقِلَّةً، والمعنى: أنَّ الحقَّ الثابتَ الذي لا يَضمَحِلُّ هو مِن ربِّكَ، ويجوزُ أَنْ "الحق" خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو، أي: ما قَصَصْنَا عليك من خَبَرِ عيسى وأُمِّه. و"من ربك" على هذا إمَّا حال فيتعلَّقُ بِمحذوفٍ. أو خبرٌ ثان عندَ مَنْ يُجَوِّزُ ذلك، وتقدَّم نظيرُ هذه الجملة في البقرة. والنهيُّ له عليه الصلاةُ والسلام عن الامْتِراءِ، ولم يَكُنْ مُمتَرِيًا، هو من باب الحضِّ على الثبات على ماهو عليه من الحقِّ، أو أنَّ المرادَ به غيرُهُ. | |
|