روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 04, 2012 8:45 am

لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ
مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ
(256)


قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} أَيْ لَا تُكْرِهُوا أَحَدًا عَلَى
الدُّخُولِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، فإنَّ الحُجَجَ لائحةٌ، والبراهينَ ظاهرةٌ
واضحةٌ. وهو بَيِّنٌ وَاضِحٌ جَلِيٌّ دَلَائِلُهُ وَبَرَاهِينُهُ، لَا يَحْتَاجُ
إِلَى أَنْ يُكْرَهَ أَحَدٌ عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ، بَلْ مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ
لِلْإِسْلَامِ وَشَرَحَ صَدْرَهُ ونوَّر بَصِيرَتَهُ دَخَلَ فِيهِ عَلَى
بَيِّنَةٍ، وَمَنْ أَعْمَى اللَّهُ قَلَبَهُ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ
فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُهُ الدُّخُولُ فِي الدِّينِ مُكْرَهًا مَقْسُورًا،
والدِّينُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُعْتَقَدُ
وَالْمِلَّةُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: {
قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
الْغَيِّ
}.
وَالْإِكْرَاهُ الَّذِي فِي الْأَحْكَامِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْبُيُوعِ
وَالْهِبَاتِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ هَذَا موضعه.



قال بعضُهم نَزَلت هذه الآيةُ في المَجوسِ وأهلِ الكتابِ
منَ اليهودِ والنصارى أنَّه تُقبَلُ منهم الجِزْيَةُ ولا يُكرَهونَ على الإسلامِ،
أما مشركي العرب فإنَّه لا يُقبل منهم إلّا الإسلام أو السيف لقولِه تعالى: {تقاتلونهم
أو يُسلمون}. الفتح: 16.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ
الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}. التوبة: 73. وَقَالَ
تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُمْ
مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ الله مع
المتقين}. التوبة: 123. وَفِي الصَّحِيحِ: ((عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ
يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ)). يَعْنِي الْأَسَارَى الَّذِينَ يُقْدَمُ
بهم بلادَ الإسلام في الوَثاقِ وَالْأَغْلَالِ وَالْقُيُودِ وَالْأَكْبَالِ، ثُمَّ
بَعْدَ ذَلِكَ يُسْلِمُونَ وَتَصْلُحُ أَعْمَالُهُمْ وَسَرَائِرُهُمْ فَيَكُونُونَ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فأمّا الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد عَنْ أنَس أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: ((أَسْلِمْ))،
قَالَ: إِنِّي أَجِدُنِي كَارِهًا، قَالَ: ((وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا))، فَإِنَّهُ صحيح،
لكن لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُكْرِهْهُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ بل دعاه إليه، فأخبرَه أَنَّ
نَفْسَهُ لَيْسَتْ قَابِلَةً لَهُ بَلْ هِيَ كَارِهَةٌ، فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ
وَإِنْ كُنْتَ كَارِهًا، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَرْزُقُكَ حُسْنَ النِّيَّةِ
وَالْإِخْلَاصِ.



وقد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ
عَلَى أَقْوَالٍ: (الْأَوَّلُ) قِيلَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَكْرَهَ الْعَرَبَ عَلَى دِينِ
الْإِسْلَامِ وَقَاتَلَهُمْ وَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ،
قَالَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: نَسَخَتْهَا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ}. وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. (الثَّانِي) لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ وَإِنَّمَا
نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً، وَأَنَّهُمْ لَا يُكْرَهُونَ عَلَى
الْإِسْلَامِ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ، وَالَّذِينَ يُكْرَهُونَ أَهْلُ
الْأَوْثَانِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ فَهُمُ الَّذِينَ
نَزَلَ فِيهِمْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ}. وهَذَا
قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ. وَالْحُجَّةُ لِهَذَا
الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ
بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِعَجُوزٍ نَصْرَانِيَّةٍ: أَسْلِمِي أَيَّتُهَا
الْعَجُوزُ تَسْلَمِي، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ. قَالَتْ:
أَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ وَالْمَوْتُ إِلَيَّ قَرِيبٌ! فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ
اشْهَدْ، وَتَلَا: "
لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ". (الثَّالِثُ) مَا رَوَاهُ أَبُو
دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ فِي الْأَنْصَارِ، كَانَتْ
تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِقْلَاتًا فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ عَاشَ لَهَا
وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ كَثِيرٌ
مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا! فَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى: "
لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ
مِنَ الْغَيِّ
". قَالَ
أَبُو دَاوُدَ: وَالْمِقْلَاتُ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ. فِي رِوَايَةٍ:
إِنَّمَا فَعَلْنَا مَا فَعَلْنَا وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ دِينَهُمْ أَفْضَلُ مِمَّا
نَحْنُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إِذَا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَنُكْرِهُهُمْ
عَلَيْهِ فَنَزَلَتْ: "
لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ" مَنْ شَاءَ الْتَحَقَ بِهِمْ وَمَنْ
شَاءَ دَخَلَ في الإسلام. وهذا قول سعيد ابن جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَمُجَاهِدٍ
إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: كَانَ سَبَبَ كَوْنِهِمْ فِي بَنِي النَّضِيرِ
الِاسْتِرْضَاعُ. قَالَ النَّحَّاسُ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
أَوْلَى الْأَقْوَالِ لِصِحَّةِ إِسْنَادِهِ، وَأَنَّ مِثْلَ هذا الأمرِ لَا
يُؤْخَذُ بِالرَّأْيِ. و"
الغيُّ" كالجهلِ، إلّا أنَّ الجهلَ يُقالُ اعتباراً
بالاعتقادِ و"
الغَيُّ" اعتباراً بالأفعال، ولهذا يقال: الجهلُ بالعَلمِ،
والغَيُّ بالرُشْدِ، ويُقالُ لِمن أصابَ رَشُدَ، ولِمن أخطأ غَوى، وعلى هذا قال
المُرَقِّشُ الأصغر:



فَمَنْ يَلْقَ خَيْراً تَحْمَدِ النَّاس أمْرَه .... وَمَنْ
يَغْوَ لاَ يَعْدَمْ عَلَى الغَيِّ لاَئِمَا



قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ
}.
أَيْ مَنْ خَلَعَ الْأَنْدَادَ وَالْأَوْثَانَ وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ
الشَّيْطَانُ مِنْ عِبَادَةِ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللَّهِ، ووحَّد
اللَّهَ فَعَبَدَهُ وَحْدَهُ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ {
فَقَدِ
اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
}، أَيْ فَقَدْ ثَبَتَ فِي أَمْرِهِ وَاسْتَقَامَ عَلَى
الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى وَالصِّرَاطِ المستقيم. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ: إِنَّ الْجِبْتَ السِحْرُ، والطاغوتَ الشيطانُ، وَإِنَّ كَرَمَ الرَّجُلِ
دِينُهُ، وَحَسَبَهُ خُلُقُهُ وَإِنْ كان فارسياً أو نَبَطيًّا، وَمَعْنَى
قَوْلِهِ فِي الطَّاغُوتِ إِنَّهُ الشَّيْطَانُ، قَوِيٌّ جِدًّا فَإِنَّهُ
يَشْمَلُ كُلَّ شَرٍّ كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ: مِنْ عِبَادَةِ
الْأَوْثَانِ، وَالتَّحَاكُمِ إِلَيْهَا، والاستنصار بها.



وطاغوتُ كلِّ واحدٍ ما يَشْغَلُهُ عن ربِّهِ، وَالطَّاغُوتُ
مُؤَنَّثَةٌ مِنْ طغى يَطغى. وطَغى إذا جَاوَزَ الْحَدَّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ، يقولُ
اللهُ تبارك وتعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي
الْجَارِيَةِ}. الحاقة: 11. وَالطَّاغُوتُ الْكَاهِنُ وَالشَّيْطَانُ. ويُسمّى كلُّ
ما يَصرِفُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ طاغوتاً شيطاناً كان أو إنساناً، ولهذا روي عن عُمَرَ
ومجاهدٍ وقَتادةَ أنَّه الشيطانُ، وعن ابنِ جُبيرٍ أنَّه الكاهنُ، وعن أبي العاليةِ
أنّه الساحرُ، وعن غيرِهم أنّه صنمٌ، وقيل: هو الماردُ من الناسِ والجنِّ، وكلُّ ما
يصارفُ الإنسانَ عن طريقِ الحقِّ طاغوتٌ، وقد تقدم أنَّ النهيَ عن أتباعِ الطاغوتِ
والشيطانِ، وإبليسَ والهوى.
وَقَدْ يَكُونُ "الطاغوتُ" وَاحِدًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ
أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}. النساء:
60. وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ}.
البقرة: 257. وَيُجْمَعُ على طَّوَاغِيتُ.



قولُهُ: {وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى
}
أَيْ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ مِنَ الدِّينِ بِأَقْوَى سَبَبٍ، وشبَّهَ ذلك بالعُروةِ
القويَّةِ التي لا تَنفَصِمُ هي فِي نَفْسِهَا مُحْكَمَةٌ مُبْرَمَةٌ قَوِيَّةٌ،
وَرَبْطُهَا قَوِيٌّ شَدِيدٌ، قال مجاهد: العروة الْوُثْقَى يَعْنِي الْإِيمَانُ،
وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الْإِسْلَامُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ:
يَعْنِي {لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} وَعَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ: العروة الوثقى
القرآن، وعن سالم ابن أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: هُوَ الْحُبُّ فِي اللَّهِ
وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ صَحِيحَةٌ ولا تنافي بينها.



وقال الإمام أحمد عن محمد بن قيس بن عبادة قَالَ: كُنْتُ
فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ فِي وجهه أثر من خشوع، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ
أَوْجَزَ فِيهِمَا، فَقَالَ الْقَوْمُ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ،
فَلَمَّا خَرَجَ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَدَخَلْتُ مَعَهُ
فَحَدَّثْتُهُ، فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا
دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا كَذَا وَكَذَا، قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا
يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ لمَ؟ إِنِّي
رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ـ قَالَ ابْنُ
عَوْنٍ فَذَكَرَ مِنْ خُضْرَتِهَا وَسِعَتِهَا ـ وفي وَسَطُهَا عَمُودُ حَدِيدٍ
أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ، فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ،
فَقِيلَ لِيَ: اصْعَدْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ، فَجَاءَنِي مِنْصَفٌ ـ
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ هُوَ الْوَصِيفُ ـ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي، فَقَالَ:
اصْعَدْ، فَصَعِدْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ، فَقَالَ: اسْتَمْسِكْ بِالْعُرْوَةِ،
فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «أَمَّا الرَّوْضَةُ
فَرَوْضَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْعَمُودُ فَعَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا
الْعُرْوَةُ فَهِيَ (
الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى) أَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تموت» (رواه أحمد
وأخرجاه في الصحيحين، وأخرجه البخاري من وجه آخر) قال: وهو عبد الله ابن سلام.



قَوله: {لَا انْفِصامَ لَها}. قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ لَا يُغَيِّرُ مَا
بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، أَيْ لَا يُزِيلُ عَنْهُمُ اسْمَ
الْإِيمَانِ حَتَّى يَكْفُرُوا. وَالِانْفِصَامُ: الِانْكِسَارُ مِنْ غَيْرِ
بَيْنُونَةٍ. وَالْقَصْمُ: كَسْرُ بِبَيْنُونَةٍ، وَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ: (فَيَفْصِمُ
عَنْهُ الْوَحْيُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا). أَيْ يُقْلِعُ. وَلَمَّا
كَانَ الْكُفْرُ بِالطَّاغُوتِ وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ مِمَّا يَنْطِقُ بِهِ
اللِّسَانُ وَيَعْتَقِدُهُ الْقَلْبُ حَسُنَ فِي الصِّفَاتِ {
سَمِيعٌ} مِنْ أَجْلِ النطق {عَلِيمٌ} من أجل المعتقد.


قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين} كقولِهِ: {لاَ رَيْبَ فِيهِ} البقرة: 2. وقد
تقدَّم. والجمهور على إدغام دالِ "
قد" في تاءِ "تَبَيَّن" لأنّها من مَخْرَجِها. و"أل" في "الدين" للعهدِ، وقيل: عِوَضٌ من الإِضافة أي
"في دين الله".



و"الرُّشْدُ": مصدرُ رَشَدَ بفتح العين يَرْشُد
بضمها. وقرأ الحسن "الرُّشُد" بضمتين كالعُنُق، فيجوز أن يكونَ هذا
أصلَه، ويَجوزُ أَنْ يكونَ إتباعاً، وهي مسألةُ خلافٍ أعني ضَمَّ عينِ الفعلِ.
وقرأ أبو عبد الرحمن "الرَّشَد" بفتح الفاء والعينِ، وهو مصدرُ رشِد
بكسرِ العينِ يَرْشَدُ بفتحها، ورُوي عن أبي عبد الرحمن أيضاً: "الرَّشادُ"
بالألف.



قوله: {مِنَ الغي} متعلِّقٌ بتبيَّن، و"مِنْ" للفصلِ والتمييزِ كقولك: مَيَّزتُ
هذا من ذاك. ولا محلَّ لهذه الجملةِ من الإِعرابِ، لأنّها استئنافٌ جارٍ مَجْرى
التعليلِ لعدَمِ الإِكْراه في الدين. و"
الغَيُّ": مصدرُ غَوَى بفتح العين قال: {فغوى}
طه: 121، ويقال: "غَوَى الفصيلُ" إذا بَشِمَ وإذا جاع أيضاً، فهو من
الأضداد. وأصلُ الغَيّ: "غَوْيٌ" فاجتمعت الياء والواو، فَأُدْغِمَتْ
نحو: مَيّت وبابِهِ.



قوله: {بالطاغوت} متعلِّقٌ بـ "يكْفر"، والطاغوتُ بناءُ مُبالغةٍ
كالجَبَروت والملَكوت. واختُلِفَ واختُلِفَ فيه، فقيل: هو مصدرٌ في الأصلِ ولذلك
يُوَحَّد ويُذَكَّر، كسائرِ المصادرِ الواقعةِ على الأَعْيَان. وقيل: هو اسمُ جنسٍ
مفردٍ، فلذلك لَزِمَ الإِفرادَ والتذكيرَ. وقيل هو جمعٌ، وهو مؤنثٌ بدليلِ قولِه
تعالى: {والذين اجتنبوا الطاغوت أَن يَعْبُدُوهَا} الزمر: 17. واشتقاقُه من طغَى
يَطْغَى، أو مِن طَغَا يَطْغُو. وهل هو من ذواتِ الواوِ أو من ذواتِ الياء؟ وعلى
كِلا التقديرين فأصلُه طَغَيُوت أو طَغَوُوت لقولِهم "طُغْيان" في معناه،
فَقُلِبَت الكلمةُ بأَنْ قُدِّمَتْ اللامُ وأُخِّرت العينُ، فتحرَّك حرفُ العلةِ
وانفَتَحَ ما قبلَه فَقُلِبَ ألفاً، فوزنه الآن فَلَعُوت، وقيل: تاؤُه ليسَتْ
زائدةً، وإنّما هي بدلٌ من لامِ الكلمة، ووزنُه فاعول. وقد يَجُوز أن يكونَ أصلُ
لامِهِ واواً فيكونُ أصلُه طَغَووتاً لأنّه يُقال: طَغَى يَطْغى ويَطْغو،
وطَغَيْتُ وطَغَوْتُ، ومثلُه في القلبِ والاعتِلالِ والوزنِ: حانوت، لأنّه من حَنا
يَحْنو وأصلُه حَنَوُوت، ثم قُلِب وأُعِلَّ، ولا يجوزُ أن يكونَ من: حانَ يَحِين
لقولِهم في الجمع حَوانيت.



وقَدَّم ذِكْرَ الكفر بالطاغوتِ على ذِكْرِ الإِيمانِ
باللَّهِ اهتماماً بوجوبِ الكفرِ بالطاغوتِ، وناسَبَه اتصالُهُ بلفظِ "الغَيّ".



و"العُرْوَة": موضعُ شَدِّ الأيدي، وأصلُ المادةِ
يَدُلُّ على التعلُّق، ومنه: عَرَوْتُه: أَلْمَمْتُ به متعلِّقاً، واعتراه الهَمُّ:
تعلَّق به. والوُثْقى: فُعْلى للتفضيل وجَمْعُها على وُثَق نحو: كُبْرى وكُبَر،
فأمَّا "وُثُق" بضمتين فجمع وَثِيق.



قوله: {لاَ انفصام لَهَا} كقولِهِ: {لاَ رَيْبَ فِيهِ} البقرة: 2.
والجملةُ فيها ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُهما: أنْ تَكونَ استئنافاً فلا مَحَلَّ لها
حينئذٍ. والثاني: أنّها حالٌ من "
العُرْوةِ"، والعاملُ فيها "استمسَكَ". والثالث: أنها حالٌ من الضميرِ
المستترِ في "
الوُثْقى". و"لها" في موضِعِ الخبرِ فتتعلَّقُ بمحذوفٍ
أي: كائنٌ لها. والانفصامُ ـ بالفاء ـ القَطْعُ من غير بَيْنُونة، والقصمُ بالقافِ
قَطْعٌ ببينونةٍ، وقد يُستعمل ما بالفاءِ مكانَ ما بالقافِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 256
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 42
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 210
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 226
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 12
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 30

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: