روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 19

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان:  الآية:  19 Jb12915568671



الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان:  الآية:  19 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 19   الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان:  الآية:  19 I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 13, 2022 4:45 am

فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا
(19)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} الْفَاءُ: هًهُنَا هِيَ الفَصِيحَةٌ، فَقَدْ تَمَّ الإِفْصَاحُ عَنِ الْحُجَّةِ بَعْدَ تَهْيِئَةِ مَا يَقْتَضِيهَا، وَقَدْ زَادَ هَذَا الإِفْصَاحَ رَوْعَةً وَجَمَالًا الِالْتِفَاتُ مِنَ الغِيَابِ في قَوْلِهِ {فَيَقُولُ} إِلَى الْخِطابِ فِي قَوْلِهِ: "كَذَّبُوكُمْ".
والْمُخاطَبُ بِهَذَا الْخِطَابُ الإلَهِيِّ السَّامِي هُمُ الْمُشْرِكونَ الَّذينَ عَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ، فَقَدَ كَذَّبَهُمُ الْمَعْبُودُونَ بِمَا قَالُوهُ، وما ادَّعَوْهُ فِيهِمْ، مِنْ أَنَّهُمْ آلِهَةٌ، أَوْ أنَّهمْ أَبْنَاءُ الإِلَهِ، أَوْ بَنَاتُهُ، أَوْ أًنَّهُم وُسَطاءَ بًيْنَهمْ وَبَيْنَ اللهِ ـ تَبَارَكَتْ أَسْماؤُهُ، فقَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الآيةَ: (3) مِنْ سُورَةِ الزُّمَرِ. وَلِذَلِكَ فَقَدْ عَبَدُوهُمْ.
وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبي شَيبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقولُونَ": يَقُولُ اللهُ للَّذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ عِيسَى وَعُزَيْرًا وَالْمَلَائِكَةَ حِينَ قَالُوا: "سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ فَقَدْ كَذَّبوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ": عِيسَى، وَعُزيرًا، وَالْمَلَائِكَةَ حِينَ يُكَذِّبُونَ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِمْ: "فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا"، قَالَ: الْمُشْركُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفَ الْعَذَابِ، وَلَا نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ـ رَضيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَرَأْتُ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ كِتَابًا، كُلُّهَا نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ، مَا سَمِعْتُ كِتَابًا أَكْثَرَ تَكْريرًا فِيهِ الظُّلْمُ مُعَاتَبَةً عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ عَلِمَ أَنَّ فِتْنَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَكُونُ فِي الظُّلْمِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّ أَكْثَرَ مُعَاتَبَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ.
فَالْآيَةُ ـ إِذًا، حِكَايَةٌ لِإقامَتِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، الْحُجَّةَ عَلَى الَّذينَ عَبَدُوا آلِهَةً مِنْ دُونِهِ بِطَريقِ تَلْوينِ الْخِطَابِ، مُبَالَغَةً فِي تَقْريعِهِمْ وَتَبْكِيتِهِمْ.
وثَمَّةَ هُنَا فِعْلٌ مُقَدَّرٌ تَرَتَّبَ عَلَى الْجَوَابِ، والتَّقْديرُ: فَقَالَ لهُمُ اللهُ ـ تَعَالَى، عِنْدَ ذَلِكَ: فَقَدْ كَذَّبَكُمُ الْذينَ عَبَدتُمُوهُمْ مِنْ دوني أَيُّها الْكَفَرَةُ.
فَجُمْلَةُ "فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ"، مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدَائِيًّا، وَهُوَ إِقْبَالٌ عَلَى خِطَابِ الْحَاضِرِينَ وَهَذا ضَرْبٌ مِنَ الِالْتِفَاتِ، وهوَ كَقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ يوسُفَ ـ علَيْهِ السَّلامُ: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} بَعْدَ قَوْلِهِ ـ تَعَالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الآيَةُ: (29).
وَإنَّما صُرِفَ الْخِطابُ عَنِ الْمَعْبُودِينَ عِنْدَما تَمَّ جَوابُهُمْ، وَقَرَعَ أَسْماعَهُمْ تُوَجُّهُ خِطَابِ التَّكْذِيبِ إِلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا تَفَنُّنٌ بَدِيعٌ فِي الْحِكَايَةِ يَعْتَمِدُ عَلَى تَخْيِيلِ الْمَحْكِيِّ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ وَاقِعٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ـ تباركَ وَتَعَالَى، في الْآيةَ: (48) مِنْ سُورَةِ الْقَمَرِ: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}.
قوْلُهُ: {بِمَا تَقُولُونَ} أَيْ: فَقَدْ كَذَّبُوكُمُ فِي قَوْلِكُمْ إِنَّهُمْ آلِهَةٌ. وَقِيلَ كذَّبوكم فِي قَوْلِكُمْ هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا، وَبحَسبِ هَذَا الْقَوْلِ (الثاني) فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِتَكْذيبِهِمْ بِمَا بَعَدُهُ مِنْ عَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ الصَّرْفَ وَالنَّصْرَ أَصْلًا، وَإِنَّما الَّذي يَسْتَتْبِعُهُ تَكْذيبُهُمْ ـ فيمَا يِزْعُمُونَ، أَنَّ الْمَعْبُدونَ مِنْ قِبَلِهِمْ هُمْ آلِهَتُهُمْ وَنَاصِروهُمْ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا القولَ (الثاني)، مُسْتَبْعَدٌ.
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ هِهُنَا لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ، بِمَعْنَى (فِي)، أَيْ: كَذَّبُوكُمْ تَكْذِيبًا وَاقِعًا فِيمَا تَقُولُونَ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: كَذَّبُوكُمْ بِسَبَبِ مَا تَقُولُونَ، وَيجوزُ أَنْ تَكونَ صِلَةً لِلتَّكْذيبِ، عَلَى أَنَّ الْجارَّ وَالْمَجْرُورَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنَ الضَّميرِ الْمَنْصُوبِ. وَقُرِئَ "بِمِا يَقُولُونَ" بالياءِ، أَيْ كَذَّبُوكُمْ بِقَوْلِهِمْ "سُبْحَانَكَ"ـ واللهُ أَعلمُ.
و (مَا) اسمٌ مَوْصُولٌ بِمَعْنَى "الَّذي". وَالَّذِي قَالُوهُ هُوَ مَا يُسْتَفَادُ مِنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُمْ هُمُ الَّذينَ دَعَوْهُمْ إِلَى أَنْ يَعْبُدُوهُمْ.
قَوْلُهُ: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} أَيْ: فَمَا أَنْتُمْ بِمُسْتَطِيعينَ أَنْ تَصْرِفُوا عَنْهُمْ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْعَذابِ. وَلَا هُمْ يَسْتَطِعُونَ أَنْ يَنْصُرُوا أَنْفُسَهُمْ.
وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى "صَرْفًا": حِيلَةً، َفَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَيَتَصَرَّفُ فِي الأُمُورِ، أَيْ يَحْتَالَ فِيهَا، قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبيبٍ: الصَّرْفُ الْحِيلَةُ. وَقِيلَ: "صَرْفًا": تَوْبَةً. فقدْ جَاءَ في صِحَاحِ اللغِةِ للْجَوْهَرِيِّ: (1/386): الصَرْفُ: التَّوْبَةُ. وَصُرُوفُ الدَّهْرِ: خُطوبُهُ وَنَوائِبُهُ وَحَدَثانُهُ. وَالصِّرْفُ مِنْ كُلِّ شيْءٍ: الْخالُصُ. والصَيْرَفُ: الْمُحْتَالُ، والصَّيْرَفِيُّ: الصَّرَّافُ، وَالْجَمْعُ صَيَارِفَةٌ، وَالْهَاءُ فيهِ لِلنِّسْبَةِ. وَالصَّارِفُ: الأُنْثى إِذَا اشْتَهَتِ الْفَحْلَ، فَقَدْ صَرَفَتْ تَصْرِفُ صُرُوفًا وَصِرافًا.
وَنُكِّرَ "نَصْرًا" لِيَدُلَّ عَلَى أَيِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ النَّصْرِ وَأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجوهِهِ، مَهْمَا كانَ بَسيطًا، إِنْ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، وإِنْ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهم، فالتنكيرُ هُنا للتَّقليلِ، والفَاءُ لِتَرْتِيبِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى مَا جاءَ قَبْلَهَا مِنَ التَّكْذيبِ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْلاهُ لَوُجِدَتِ الِاسْتِطَاعَةُ حَقِيقَةً، بَلْ فِي زَعْمِهِمْ حَيْثُ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَيَنْصُرونَهُمْ عَلَى أَعْدائهِمْ وَفِي ذَلِكَ ضَرْبٌ مِنْ ضُروبِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ. وَقُرِئَ "يَسْتَطِيعُونَ" بِياءِ الْغَيْبَةِ، أَيْ مَا يَسْتَطيعُ آلِهَتُكُمْ هَؤُلاءِ الذينَ عبدتُموهُمْ مِنْ دونِ اللهِ أَنْ يَصْرِفُوا عَنْكُمُ الْعَذَابَ، أَوْ يَحْتَالُوا لَكُمْ، وَلَا يَنْصُرُوكُمْ.
وَفُرِّعَ عَلَى الْإِعْلَانِ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُمْ، تَأْيِيسُهُمْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِمْ يومَ الفيامةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الصَّعْبِ، إِذْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا، أَيْ: لَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفَ الضُّرِّ عَنْهُمْ، وَلَا يسْتطيعونَ نَصْرَهُمْ، أَيْ. لا يَسْتَطِيعُونَ إِلْحَاقَ الضُّرِّ بِمَنْ يُعاديهِمْ ويُحاربُهمْ فَيَغْلِبُهُمْ.
وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ في الْآيَةَ: (18) السَّابِقَةِ: {سُبْحَانَكَ} الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّهُمْ فِي مَوْقِفِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْخُضُوعِ.
قولُهُ: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} أَيْ وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ أَيُّها الْمُكَلَّفونَ، بِأَنْ يُشْرِكَ برَبِّهِ كَهَؤْلَاءِ الذينَ سَلَكوا سَبيلَ الْعِنَادِ وَالْمُكابَرَةِ، وَاسْتَمَرُّوَا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَسَادِ وَتَجَاوَزُوا في اللَّجَاجِ كُلَّ حَدَ مُعْتَادٍ "نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيرًا" فِي الْآخِرَةِ لَا يُقادِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ وَهُوَ عَذَابُ نَارُ جَهَنَّمَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جًريرٍ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تعَالى: "وَمَنْ يَظْلَمْ مِنْكُمْ" قَالَ هُوَ الشِّرْكُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تعَالى: "وَمَنْ يَظْلَمْ مِنْكُمْ"، قَالَ: يُشْرِكُ.
وَهذا تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ يَشْمَلُ عُمُومُهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَيَكُونُ خِطَابُ مِنْكُمْ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ. وَيُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ مُعَذَّبُونَ عَذَابًا كَبِيرًا: وَالْعَذَابُ الْكَبِيرُ هُوَ العَذَابُ في نارِ جَهَنَّمَ.
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الكَريمةُ هي مِنْ كَلَامِ اللهِ ـ تَعَالَى، بِالِاتِّفَاقِ، فَهِي عَلَى إِضْمارِ الْقَوْلِ وَالِالْتِفاتِ.
قولُهُ تَعَالَى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا} فَقَدْ: الفاءُ: هِيَ الْفَصِيحَةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ تَقْديرُهُ: إِذَا عَرَفْتُمْ جَوَابَ الْمَعْبُودِينَ مِنْ دونِ اللهِ، وَأَرَدتُّمْ بَيَانَ مُرادِهِمْ، فَأَقُولُ لكُمْ قَدْ كَذَّبُوكُمْ. وَ "قَدْ" حَرْفُ تَحْقِيقٍ. وَ "كَذَّبُوكُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مينيٌّ على الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجَمماعةِ، وواوُ الْجَمَاعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالْفَاعِلِيَّةِ، وكافُ الخِطابِ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالمَفعولِيَّةِ، والْمِيمُ للجَمْعِ الْمُذَكَّرِ. وَ "بِمَا" الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ بمعنى "في" مُتَعَلِّقٌ بِـ "كَذَّبُوكُمْ" وَ "ما" اسْمٌ مَوْصولٌ بمعنى "الَّذي" مَبْنِيٌّ عَلَى السَّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحَرفِ الجَرِّ، وَالْجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى كَوْنِها مَقُولًا لِجَوَابِ "إِذَا" الْمُقَدَّرَةِ. وَجُمْلَةُ "إذا" الْمُقَدَّرَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {تَقُولُونَ} فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةَ. وَالجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" الْمَوْصُولَةِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْديرُ: فِي مَا تَقُولُونَهُ.  
قولُهُ: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} الفاءُ: حَرْفُ عَطْفٍ وَتَفْريعٍ. وَ "ما" نافِيَةٌ. و "تَسْتَطِيعُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ، وَوَاوُ الْجَمَاعَةِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةَ. وَ "صَرْفًا" مَفْعُولُهُ مَنْصُوبٌ بِهِ. وَ "وَلَا" الواوُ: للعَطْفِ، وَ "لَا" زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ النَّفْي. وَ "نَصْرًا" مَعْطُوفٌ عَلَى "صَرْفًا" مَنْصُوبٌ مِثْلُهُ. وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "كَذَّبوكُمْ" الْمَنْصوبَةِ عَلَى كَوْنِها مَقُولًا لِجَوَابِ "إِذَا" الْمُقَدَّرَةِ.
قوْلُهُ: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ} الواوُ: للاسْتِئْنافِ. و "مَنْ" اسْمُ شَرْطٍ جازِمٍ مَبْنِيٍّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِدَاءِ، والْخَبَرُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ أَوِ الْجَوَابِ، أَوْ هُما مَعًا. وَ "يَظْلِم" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِـ "مَنْ" عَلَى كَوْنِهِ فِعْلَ شَرْطٍ لَها. وَفَاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جوازًا تقْديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى "مَنْ". و "مِنْكُمْ" منْ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحالٍ مِنْ فَاعِلِ "يَظْلِمْ"؛ أَيْ: كَائِنًا مِنْكُمْ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِتَمْيِيزٍ لَهَ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَالْمِيمُ علامَةُ الجَمْعِ المُذَكَّرِ. والجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرًا للْمُبْتَدَأِ "مَنْ"، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ جُمْلَتَيْ الشَّرطِ والجَوابِ مَعًا.
قوْلُهُ: {نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} نُذِقْهُ: فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزومٌ بِـ "مَنْ" الشَّرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ جَوَابَ شَرْطِهَا وَجَزاؤُهُ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ اللهِ ـ تَعَالَى، مُسْتَتِرٌ فِيهِ وُجُوبًا تَقْديرُهُ "نَحْنُ". وَالهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى كوْنِهِ مَفعولَهُ الأَوَّلَ. وَ "عَذَابًا" مَفْعُولُهُ الثَّاني مَنْصُوبٌ بِهِ. و "كَبِيرًا" صِفَةٌ لَلعَذابِ منصوبةٌ مِثْلُهُ. والْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ جَوَابُ الشَّرْطِ غَيْرُ مُقْتَرِنَةٍ بِالْفَاءِ فَلَا مَحَلّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. وَجُمْلَةُ "مَنْ" الشَّرْطِيَّةِ معَ شَرْطِهَا وجوابِها هي جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ ليسَ لَها مَحَلٌّ مِنَ الإِعْرابِ.
قَرَأَ الْعَامَّةُ: {فَمَا يَسْتَطِيعُونَ} بِالْيَاءِ يَعْنِي: الْآلِهَةَ. وَقَرَأَ حَفْصٌ "فَمَا تَسْتَطِيعُونَ" بِالْتَّاءِ يَعْنِي أَنَّ الْعَابِدِينَ هُمُ الذينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ: صَرْفًا ولا نَصْرًا. أَيْ: فَمَا تَمْلِكُون بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، أَنْ تَدَفْعُوا عَذَابَ النارِ عَنْكُمْ، لَا بِالذَّاتِ وَلَا بِالْوِسَاطَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنى: أَيَّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَقَدْ كَذَّبَكُمْ الْكُفَّارُ بِمَا يَقُولُونَ افْتِرَاءً عَلَيْكُمْ.
قرَأَ العَامَّةُ: {نُذِقْهُ} بِنُونِ الْعَظَمَةِ، وَقُرِئ: "يُذِقْهُ" بالياءِ وَالفَاعِلُ هُوَ، اللهُ تَعَالَى، لِدَلَالَةِ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ عَلَى ذَلِكَ. وقيلَ: إِنَّهُ ضَمِيرُ الْظلمِ الْمَفْهُوم مِنَ الْفِعْلِ. وَفَيهِ تَجَوُّزُ بِإِسْنَادِ إِذَاقةِ الْعَذابِ إِلَى سَبِبِهَا وَهُوَ الظُّلْمُ، فالأوَّلُ أَظْهرُ، واللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

عبد القادر الأسود يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 19
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 14
» الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 15
» الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 16
» الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 17
» الموسوسوعة القرآنية، الجزء الثامن عشر، سورة الفرقان: الآية: 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: