إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا
(12)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُّهُ: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} قِيلَ: الْمَعْنَى: إِذَا أَصْبَحَتْ جَهَنَّمُ مِنْهُمْ عَلَى مَرْأَى النَّظَرِ، وَهُمْ فِي منتشرونَ عَلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ بَعِيدُونَ عَنْهَا جِدًّا سَمِعوا صَوْتَ تَأَجُّجَ نِيرَانِها.
وَقِيلَ: إِنَّ جَهَنَّمَ هِيَ الَّتي تَرَاهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ، يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَ الإمامُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ مِنْ طَريقِ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدًا مِنْ بَيْنِ عَيْنَيّْ جَهَنَّمَ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَهَلْ لِجَهَنَّمَ مِنْ عَيْنٍ؟ قَالَ: ((نَعَم. أَمَا سَمِعْتُمُ اللهَ يَقُولُ: "إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ"، فَهَلْ تَرَاهُمْ إِلَّا بِعَيْنَيْنِ؟)). وَأَخْرَجَهُ ابْنُ جَريرٍ في تَفْسيرِهِ: (18/187)، بِسَنَدِهِ عَنْ فُدَيْكٍ، عَنْ رَّجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابْنُ أبي حاتِمٍ في تفسيرِهِ: (8/3667، بِرَقَم: 14999)، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ـ رُضْوانُ اللهِ تعالى عليهِمْ أَجْمَعِينَ، أَنَّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ أَوِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ وَالِدَيْهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا)). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهَ وَهَلْ لَّهَا مِنْ عَيْنَيْنِ؟ قَالَ: ((نَعَم. أَمَا سَمِعْتُمُ اللهَ يَقُولُ: "إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ".
وَقَدْ حُدِّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا البُعْدُ فقد جاءَ فِيمَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعيدٍ": مِنْ مَسِيرَةٍ مِئَةِ عَامٍ.
وَأَخْرَجَ شَيْخُ الشَّامِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو الْحَسَنِ الخُرَاسَانِيُّ، الْمَرُّوْذِيُّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ العَسْقَلاَنِيُّ، آدَمُ بْنُ إياسٍ مُحَدِّثُ عَسْقَلاَنَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى، فِي تَفْسيرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ" قَالَ: مِنْ مَسِيرَةِ مِئَةِ عَامٍ، وَذَلِكَ إِذَا أُتِيَ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْفِ زِمَامٍ، يَشُدُّ بِكُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفِ
قوْلُهُ: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} أَيْ سَمِعوا تَغَيُّظها منهمْ لكُفرِهِمْ بربِّهِمْ وَزفيرَهَا عَلَيْهِمْ تَشَوُّفًا لِعَذابِهِمْ. فإِنْ قِيلَ: فإنَّ التَّغَيُّظَ لَا يُسْمَعَ. فَالْجَوَابُ مِنْ ثَلاثَةِ وُجوهٍ:
أَوَّلُهَا: أَنَّهُ ثمَّةَ مَضَافٌ محذوفٌ هنا تقديرُهُ: سَمِعُوا صَوْتَ تَغَيُّظِهَا.
الثَّاني: أَنَّهُ ثمَّةَ فعلٌ مَحْذوفٌ هنا والتَّقْديرُ: سَمِعُوا وَرَأَوْا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا، أَيْ: رَأَوْا تَغَيُّظًا وَسَمِعُوا زَفَيرًا، فَيَرْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا يَلِيقُ بِهِ.
والثَّالِثُ: أَنْ يُضَمَّنَ "سَمِعُوا" مَعْنًى يَشْمَلُ الشَّيْئَيْنِ، أَيْ: أَدْرَكُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا. والْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ مَنْقُولَانِ مِنْ قَوْلِ الحارِثِ بْنِ خالدٍ الْمَخْزوميِّ:
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا .................................. مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًاأي متقلِّدًا سيفًا وحامِلً رُمْحًا. أَوْ أَنْ يُضَمَّنَ "مُتَقَلِّدًا" مَعْنَى "مُتَسَلِّحًا". وَمِنْ قَوْلِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الزَّبْعَرَى: فَعَلَفْتُها تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا ............................. حتى شَتتْ هَمَّالَةً عيناهاأّيٍ: "عَلَفْتُها" تبْنًا وَسَقَيْتُهَا ماءً، أَوْ أَنْ يُضَمَّنَ "عَلَفْتُها" مَعْنَى: أَطْعَمْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً باردًا.
وَ "تَغَيُّظًا" التَّغَيُّظُ: هُوَ صَوْتَ الْغَلَيَانِ هُنَا، شُبِّهَ بِصَوْتِ الْمُتَغِيِّظِ وَهُوَ الغاضِبُ لا يَسْنَطِيعُ إنْقاذَ غَضَبِهِ فَتَسْمَعُ لهُ صَوتًا شَديدًا يعتلِجُ في صَدْرِهِ تَعْبِيرًا عَنْ غَضَبِهِ. والزَّفِيرُ: صَوْتُ الزَّافِرِ عِنْدما يُخْرِجُ الْهَوَاءَ مِنْ رِئتَيهِ، لَكِنَّ زَفِيرَ جَهَنَّم مَسْمُوعٌ مِنْ بَعيدٍ لِقوَّتِهِ وَشِدَّتِهِ. فَإِذَا رَأَتْ حَهَنَّمُ الكافريْنَ سَمِعُوا لَهَا صَوْتًا قَوِيًا وشديدُا يُشْبِهُ صَوْتَ الْمَغِيظِ الْمُحْنَقِ، لِشِدَّةِ تَوقُّدِهَا وَتَشَبُّب لَهَبِهَا، يُشْبِهُ صَوْتَ الزَّفِيرِ الذي يَخْرُجحُ مِنْ فَمِ الْحزِينِ الْمَكْرُوبِ الْمُتَحَسِّرِ.
وَأَخْرَجَ أَبُوْ نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ جَمَعَ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ مِنَ البَشَرِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدًا، وَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ صُفُوفًا فَيَقُولُ اللهُ ـ تَعَالَى لِجِبْريلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: ائْتِ بِجَهَنَّمَ، فَيَأْتي بِهَا تُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْف زِمَامٍ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ مِنَ الْخَلَائِقِ عَلَى قَدَرِ عَامٍ، زَفَرَتْ زَفْرَةً طارَتْ لَهَا أَفْئِدَةُ الْخَلَائقِ، ثُمَّ تَزْفُرُ زَفْرَةً ثَانِيَةً، فَلَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا جَثَى لِرُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ تَزْفُرُ الثَّالِثَةَ، فَتَبْلُغُ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَتَذْهَلُ الْعُقُولُ، فَيَفْزَعُ كُلُّ امْرِئٍ إِلَى عَمَلِهِ حَتَّى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: بِخِلَّتِي لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي. وَيَقُولُ مُوسَى: بِمُنَاجَاتِي لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي. وَيَقُولُ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بِمَا أَكْرَمْتَني لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي، لَا أَسْأَلُكَ مَرْيَمَ الَّتي وَلَدَتْني. وَسَيِّدُنا مُحَمَّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: أُمَّتي ... أُمَّتي ... لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ نَفْسِي. فَيُجيبُهُ الْجَليلُ ـ جَلَّ جَلَالُهُ، أَلَا إِنَّ أَوْلِيائي مِنْ أُمَّتِكَ لَا خَوْفَ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. فَوَعِزَّتي لَأُقِرَنَّ عَيْنَكَ فِي أُمَّتِكَ، ثُمَّ تَقِفُ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ـ تَعَالَى، يَنْتَظِرُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيُجَرُّ إِلَى النَّارِ فَتَشْهَقُ إِلَيْهِ شَهْقَةَ الْبَغْلَةِ إِلَى الشَّعِيرِ، ثُمَّ تَزْفُرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا خَافَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ وَبَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَسيرَةَ سَبْعِينَ سَنَةً، وَإِنَّ فِيهَا لَأَوْدِيَةٌ مِنْ قَيْحٍ تُكالُ ثُمَّ تُصَبُّ فِي فِيهِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعانيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزفيرًا"، قَالَ: إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفُرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ إِلَّا تَرْعُدُ فَرَائِصُهُ، حَتَّى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَيَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَقُولُ: يَا رَبُّ لَا أَسَأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي.
وَأَخْرَجَ ابْنُ وَهْبٍ فِي (الْأَهْوَالُ) عَنِ الْعَطَّافِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَخْزُومٍ، قَالَ: (يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضًا، يَقُودُهَا سَبْعُونَ أَلْف مَلَكٍ، فَإِذَا رَأَتِ النَّاسَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: "إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا"، زَفَرَتْ زَفْرَةً لَا يَبْقَى نَبِيٌّ، وَلَا صَديقٌ إِلَّا بَرَكَ لِرُكْبَتَيْهِ، وَيَقُولُ: يَا رَبِّ نَفْسِيَ نَفْسِي، وَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُمَّتِي ... أُمَّتِي.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي (الْعَظَمَةُ) عَنْ مُغِيث بْن سُمَيّ، الأَوزاعِيُّ، أَبِي أَيُّوبٍ. أَنَّهُ قَالَ: مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وَهُوَ يَسْمَعُ زَفيرَ جَهَنَّمٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةٍ، إِلَّا الثَّقَلَيْنِ الَّذينَ عَلَيٍهِمُ الْحِسَابُ وَالعِقابِ.
وَأَخْرَجَ شَيْخُ الشَّامِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو الْحَسَنِ الخُرَاسَانِيُّ، الْمَرُّوْذِيُّ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، ثُمَّ العَسْقَلاَنِيُّ، آدَمُ بْنُ إياسٍ مُحَدِّثُ عَسْقَلاَنَ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى، فِي تَفْسيرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا" تَزْفُرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى قَطْرَةٌ مِنْ دَمْعٍ إِلَّا بَدَرَتْ، ثُمَّ تَزْفُرُ الثَّانِيَةَ فَتَنْقَطِعُ الْقُلُوبُ مِنْ أَمَاكِنِهَا، وَتَبْلُغُ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} إذَا: ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمانِ، مُتَضَمِّنٌ لِمَعنى الشَّرْطِ، خافضٌ لِشَرْطِهِ مُتعلِّقٌ بجوابِهِ. و "رَأَتْهُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِتَاءِ الْتَأْنِيثِ السَّاكِنَةِ، وَفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هيَ) يَعُودُ عَلَى "السَّعيرِ" الَّتي تَعْني نارَ جَهَنَّمَ، وَ الهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْلِ بالْمَفْعُولِيَّةِ، والميمُ: لِتَذْكيرِ الجَمْعِ. و "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ الْمَفْعُولِ بِهِ، أَوْ مِنَ الْفَاعِلِ، وَ "مَكَانٍ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "بَعِيدٍ" صِفَةٌ لِـ "مَكَانٍ" مجرورَةٌ مِثْلُهُ. وَالْجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بِإِضَافَةِ "إِذَا" إِلَيْهَا، عَلَى كَوْنِها فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا. وَجُمْلَةُ "إِذَا" مِنْ فِعْلِ شَرْطِها وجوابِها فِي محلِّ النَّصْبِ على كونِها صِفَةً لِـ "سَعِيرًا" لِأَنَّهُ مُؤَنَّثٌ.
قوْلُهُ: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} سَمِعُوا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الضّمِّ لِاتِّصالِهِ بواوِ الجَماعَةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ، والأَلِفُ فارقةٌ. وَ "لَهَا" اللَّامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحالِ مِنْ "تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا"؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ نَكِرَةٍ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا، وَ "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السَّكونِ في محَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "تَغَيُّظًا" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ. وَ "وَزَفِيرًا" الواوُ: للعَطْفِ، و "زفيرًا" مَعْطُوفٌ عَلَى "تَغَيُّظًا" منصوبٌ مِثْلُهُ.
وَالْجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ جَوَابُ "إِذَا" الشَّرطيَّةِ.