عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (تفسير الآية 27 من سورة البقرة) الثلاثاء يناير 03, 2012 4:42 am | |
| الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) في الآية استعارة بالكناية ، والنقض استعارة تحقيقية تصريحية حيث شبه إبطال العهد بإبطال تأليف الجسم ، وأطلق اسم المشبه به على المشبه . و{ يَنقُضُونَ } أي يتركون ويخالفون ، وأصل النقض : الكسر . والنَّقْضُ : حَلُّ تركيب الشيءِ والرجوعُ به إلى الحالة الأولى . و{ عَهْدَ الله } أمره الذي عَهِد إليهم يوم الميثاق بقوله تعالى : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } وما عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وضمّنه نعتَه وصفتَه . والعهدُ في كلامِهم على معانٍ منها : الوصيةُ والضمانُ والاكتفاءُ والأمرُ . { مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ } توكيده وتشديده ، وهو مفعال من الوثيقة . { وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ } يعني الأرحام ، وقيل : هو الإيمان بجميع الرّسل والكتب ، وهو نوع من الصّلة ؛ لأنهم قالوا : { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } فقطعوا ، وقال المؤمنون : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } فوصلوا ، و" أمر " الأمرُ : طلبُ الأعلى من الأدنى . { وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض } بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن . { أولئك هُمُ الخاسرون } : أي المغبونون بالعقوبة وفوت المثوبة . والخَسار : النقصانُ في ميزان أو غيره ، وخَسَرْتُ الشيء بالفتح وأَخَسَرْتُه نَقَصْتُه ، والخُسْران والخَسار والخيسرى كلُّه بمعنى الهلاك . و{ الذين يَنقُضُونَ } فيه أربعة أوجهٍ ، أحدُها : أنْ يكونَ نعتاً للفاسِقين . والثاني : أنه منصوبٌ على الذمِّ . والثالث أنه مرفوعٌ بالابتداء ، وخبرُه الجملةُ من قوله : { أولئك هُمُ الخاسرون } . والرابع : أنه خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي : هم الفاسقون . و" مِنْ بعد " متعلقٌ بـ " يَنْقْضُون " ، و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ ، وقيل : زائدةٌ . و " ميثاقَه " الضميرُ فيه يجوزُ أن يعودَ على العهدِ ، وأن يعودَ على اسم الله تعالى ، فهو على الأول مصدرٌ مضافٌ إلى المفعولِ ، وعلى الثاني مضافٌ إلى الفاعل ، والميثاقُ مصدرٌ كالميلادِ والميعادِ بمعنى الولادةِ والوَعْد ، وهو اسمٌ في موضعِ المصدرِ كقولِهِ : أكُفْراً بعدَ رَدِّ الموتِ عني ........................ وبعد عطائِك المئةَ الرِّتاعا أي: إعطائك ، ولا حاجة تدعُو إلى ذلك . والمادةُ تَدُلُّ على الشَدِّ والربطِ وجمعُه مواثيق ومياثِق وأنشد ابن الأعرابي : حِمىً لا يَحُلُّ الدهرُ إلا بإذنِنا ................ ولا نَسْأَل الأقوامَ عهدَ المَيَاثِقِ و" يقطعونَ " عطف على " ينقصون " فهي صلةٌ أيضاً،و" ما " موصولةٌ و{ أَمَرَ الله بِهِ } صلتُها وعائدُها . { أَن يُوصَلَ } فيه ثلاثةُ أوجهٍ : أحدُها : الجرُّ على البدلِ من الضمير في " به " أي : ما أمرَ اللهُ بوَصْلِهِ ، كقول امرئ القيس : أمِنْ ذِكْرِ ليلى أَنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ ................ فَتَقْصُرُ عنها خَطْوَةً وتَبُوصُ أي : أمِنْ نَأْيِها . والنصبُ وفيه وجهان ، أحدُهما : أنَّه بدلٌ من ما أمر اللهُ بدلُ اشتمالٍ . والثاني : أنه مفعولٌ من أجله ، والتقدير كراهةَ أن يُوصل ، أو أن لا يُوصلَ . والرفع على أنه خبرُ مبتدأٍ مضمرٍ أي هو أن يُوصلَ ، وهذا بعيدٌ جداً . و{ يُفْسِدُونَ } عطفٌ على الصلةِ أيضاً و{ فِي الأرض } متعلِّقٌ به . و{ أولئك هُمُ الخاسرون } كقولِهِ:{ وأولئك هُمُ المفلحون } . وقد تقدَّم أنه يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ خبراً عن {الذين يَنقُضُونَ } إذا جُعِلَ مبتدأً ، وإنْ لم يُجْعَلْ مبتدأ فهي مستأنفةٌ فلا محلَّ لها من الإعراب حينئذٍ . وتقدم معنى الخَسار .
| |
|