عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 29) الخميس يناير 05, 2012 1:03 pm | |
| هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) لما ذكر تعالى دلالةً مِنْ خَلْقهم وما يشاهدونه من أنفسهم ، ذكر دليلا آخر مما يشاهدونه مِنْ خَلْق السماوات والأرض ، فقال: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ } أي: قصد إلى السماء ، والاستواء هاهنا تَضَمَّن معنى القصد والإقبال ؛ لأنه عُدِّي بـ إلى { فَسَوَّاهُنَّ} أي: فخلق السماء سبعًا، والسماء هاهنا اسم جنس ، فلهذا قال:{ فَسَوَّاهُنَّ} { هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ } : هو مبتدأٌ وهو ضميرٌ مرفوعٌ منفصلٌ للغائبِ المذكر ، والمشهورُ تخفيفُ واوِهِ وفتحُها ، وقد تُشَدَّد كقوله : وإنَّ لِساني شُهْدَةٌ يُشْتَفَى بها ................. وَهُوَّ على مَنْ صَبَّهُ اللهُ عَلْقَمُ وقد تُسَكَّنُ ، وقد تُحْذَفُ كقوله : فَبَيْنَاهُ يَشْرِي . . . . . . . . . . . ... والموصولُ بعده خَبَرٌ عنه . و" لكم " متعلقٌ بَخَلَقَ ، ومعناه السببيةُ ، أي : لأجلِكم ، وقيل : للمِلْك والإِباحةِ فيكونُ تمليكاً خاصَّاً بما يُنْتَفَعُ منه ، وقيلَ : للاختصاص ، و " ما " موصولةٌ و" في الأرض " صلُتها ، وهي في محلِّ نصبٍ مفعولٌ بها ، و" جميعاً " حالٌ من المفعول بمعنى كل ، ولا دلالة لها على الاجتماع في الزمانِ ، وهذا هو الفارقُ بين قولِك : " جاؤوا جميعاً " و" جاؤوا معاً " ، فإنَّ " مع " تقتضي المصاحبةَ في الزمانِ بخلافِ جميع . قيل : وهي هنا حالٌ مؤكِّدةٌ لأنَّ قولَه: " ما في الأرضِ " عامٌّ . قوله: { ثُمَّ استوى إِلَى السمآء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } أصل " ثُمَّ " أن تقتضيَ تراخياً زمانياً ، ولا زمانَ هنا ، فقيل: إشارةٌ إلى التراخي بين رتبتي خَلْقِ الأرضِ والسماءِ . وقيل: لَمَّا كان بين خَلْقِ الأرضِ والسماءِ أعمالٌ أُخَرُ مِنْ جَعْلِ الجبالِ والبركةِ وتقديرِ الأقواتِ كما أشار إليه في الآيةِ الأخرى عَطَفَ بثُمَّ إذ بين خَلْقِ الأرضِ والاستواءِ إلى السماءِ تراخٍ . واستوى معناه لغةً: استقامَ واعتدلَ ، مِن استوى العُود . وقيل: عَلاَ وارتفع قال الشاعر : فَأَوْرَدْتُهُمْ مَاءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ ................ وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ فاسْتَوَى وقال تعالى : { فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ } ، ومعناه هنا قَصَد وعَمَدَ ، وفاعل استوى ضميرٌ يعودُ على الله ، و" إلى " حرفُ انتهاءٍ ، وقيل : هي بمعنى " على " فيكونُ في المعنى كقولِ الشاعر : قد استوى بِشْرٌ على العِراقِ .................... مْنِ غيرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ أي : استولى ، ومثلُه قول الآخر : فلمّا عَلَوْنَا واسْتَوَيْنَا عليهِمُ ................ تَرَكْنَاهُمُ صَرْعَى لِنَسْرٍ وكاسِرِ و{ إِلَى السمآء } متعلِّقٌ بـ " استوى " ، و" فَسَوَّاهُنَّ " الضميرُ يعودُ على السماءِ : إمَّا لأنها جَمْعُ سَماوَة كما تقدَّم ، وإمَّا لأنَّها اسمُ جنسٍ يُطْلَقُ على الجَمْعِ . قوله : { سَبْعَ سَمَاوَاتٍ } في نصبه خمسةُ أوجه ، أحسنُها : أنه بدلٌ من الضميرِ في { فَسَوَّاهُنَّ } العائدِ على السماءِ كقولِكَ : أخوك مررتُ به زيدٍ . الثاني : أنه بدلٌ من الضميرِ أيضاً ، ولكن هذا الضمير يُفَسِّرُهُ ما بعده . والأصلُ : فَسَوَّى مِنْهُنَّ سبعَ سماواتٍ ، وشبَّهُوهُ بقولِهِ تعالى : { واختار موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ } أي : مِنْ قومه . قوله: { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } " هو " مبتدأ و" عليمٌ " خبره ، والجارُّ قبلَه يتعلَّق به . ويجوزُ تسكين هاء " هو " و" هي " بعد الواو والفاء ولامِ الابتداءِ وثم ، نحو: { فَهِيَ كالحجارة } ، { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القيامة } ، { لَهُوَ الغني } ، { لَهِيَ الحيوان } ، تشبيهاً لـ " هو " بـ " عَضْد " ، ولـ « هي » بـ "كَتْف " ، فكما يجوز تسكين عين عَضُد وكَتِف يجوزُ تسكينُ هاء " هو " و " هي " بعد الأحرفِ المذكورةِ ، إجراء للمنفصل مُجْرى المتصلِ لكثرةِ دَوْرِها مَعَها ، وقد تُسَكَّنُ بعد كافِ الجرِّ كقوله : فَقُلْتُ لَهُمْ ما هُنَّ كَهْي فكيف لي .............. سُلُوٌّ ، ولا أَنْفَكُّ صَبَّاً مُتَيَّمَا وبعد همزة الاستفهامِ كقوله : فقُمْتُ للطَّيْفِ مُرْتاعاً فَأَرَّقَنِي ............. فقلتُ أَهْيَ سَرَتْ أم عادني حُلُمُ وبعد " لكنَّ " في قراءة ابن حمدون:{لَّكِنَّ هْوَ الله رَبِّي} وكذا من قوله: { يُمِلُّ هْوَ } .
| |
|