العليم ... سورةُ يوسُف، الآية: 70
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ
(70)
قولُهُ ـ تعالى شأْنُهُ: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ} جَهَازِهِمْ: أَيْ الجِهازِ الذي ابْتَغوهُ وأَرادوهُ، وهي الميرةُ التي طلبوها. فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "فَلَمَّا جَهَّزَهم بِجَهازِهِمْ" قَالَ: لَمَّا قَضَى حَاجَتَهم، وكالَ لَهُم طَعامَهم.
قولُهُ: {جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} جَعَلَ السِقَايَةَ، أَيْ: أَمَرَ بجعلِها في وعاءِ أَخِيهِ، فَإِسْنَادُ جَعَلَ السِّقَايَةَ إِلَى ضَمِيرِ يُوسُفَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ آمِرٌ بِالْجَعْلِ، وَالَّذِينَ جَعَلُوا السِّقَايَةَ هُمُ الْعَبِيدُ الْمُوَكَّلُونَ بِالْكَيْلِ. و "السِّقَايَةُ" إِنَاءٌ كَبِيرٌ يُسْقَى بِهِ الْمَاءُ وَالْخَمْرُ، فقيلَ هي مَشْرَبَةٌ يُسْقَى بِهَا الْمَلِكُ ثُمَّ جُعِلَتْ صَاعًا يُكَالُ بِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْإِنَاءَ الَّذِي يَشْرَبُ الْمَلِكُ لَا يَصْلُحُ الْكَبِيرُ مِنْهُ أَنْ يُجْعَلَ صَاعًا، وَهُوَ الصُّوَاعُ، والصُّواعُ لُغَةٌ في الصاعِ، وَهُوَ وِعَاءٌ لِلْكَيْلِ يُقَدَّرُ بِوَزْنِ رِطْلٍ وَرُبُعٍ أَوْ وَثُلُثٍ. وَكَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ بِالْمِقْدَارِ، يُقَدِّرُ كُلُّ شَارِبٍ لِنَفْسِهِ مَا اعْتَادَ أَنَّهُ لَا يَصْرَعُهُ، وَيَجْعَلُونَ آنِيَةَ الْخَمْرِ مُقَدَّرَةً بِمَقَادِيرَ مُخْتَلِفَةٍ، فَيَقُولُ الشَّارِبُ لِلسَّاقِي: رِطْلًا أَوْ صَاعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. فَتَسْمِيَةُ هَذَا الْإِنَاءِ سِقَايَةً وَتَسْمِيَتُهُ صُوَاعًا جَارِيَةٌ عَلَى ذَلِكَ. أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "جَعَلَ السِّقَايَةَ" قَالَ: هُوَ إِنَاءُ الْمَلِكِ الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تعالى: "جَعَلَ السِّقَايَةَ" قَالَ: هُوَ الصُّوَاعُ وكُلُّ شَيْءٍ يُشْرَبُ مِنْهُ فَهُوَ صُوَاعٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍـ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: السِّقَايَةُ والصُّواعُ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَشْرَبُ مِنْهُ يُوسُفُ. وَفِي التَّوْرَاةِ سُمِّيَ طَاسًا، وَوُصِفَ بِأَنَّهُ مِنْ فِضَّةٍ. وَتَعْرِيفُ السِّقايَةَ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، أَيْ سِقَايَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَا يَخْلُو عَنْ مِثْلِهَا مَجْلِسُ الْعَظِيمِ. وَإِضَافَةُ الصُّوَاعِ إِلَى الْمَلِكِ لِتَشْرِيفِهِ، وَتَهْوِيلِ سَرِقَتِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَة، لِأَن شؤون الدَّوْلَةِ كُلَّهَا لِلْمَلِكِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُطْلِقَ الْمَلِكُ عَلَى يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، تَعْظِيمًا لَهُ. وَقِيلَ: كَانَتِ الدَّوَابُّ تُسْقَى بِهَا وَيُكَالُ بِهَا أَيْضًا وَهَذَا أَقْرَبُ، وَقِيلَ كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ مُمَوَّهَةٍ بِالذَّهَبِ، وَقِيلَ: كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ، وَقِيلَ: كَانَتْ مُرَصَّعَةً بِالْجَوَاهِرِ وَهَذَا أَيْضًا بَعِيدٌ لِأَنَّ الْآنِيَةَ الَّتِي يُسْقَى الدَّوَابُّ فِيهَا لَا تَكُونُ كَذَلِكَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: كَانَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ، أَمَّا إِلَى هَذَا الْحَدِّ الَّذِي ذَكَرُوهُ فَلَا، وقيلَ كانَ شكلُهُ مُستطيلًا.
قَولُه: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ} التَّأْذِينُ: النِّدَاءُ الْمُكَرَّرُ، وأَذَّنَ: أَعْلَمَ، يُقَالُ: آذَنَهُ أَيْ أَعْلَمَهُ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَذَّنَ وَبَيْنَ آذَنَ وَجْهَانِ: قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَذَّنَ مَعْنَاهُ أَعْلَم إِعْلامًا بَعْدَ إِعْلامٍ لأَنَّ فَعَّلَ يُوجِبُ تَكْرِيرَ الْفِعْلِ، قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِعْلَامًا وَاحِدًا مِنْ قَبِيلِ أَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ فَعَّلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَذَّنْتُ وَآذَنْتُ مَعْنَاهُ أَعْلَمْتُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالتَّأْذِينُ مَعْنَاهُ: النِّدَاءُ وَالتَّصْوِيتُ بِالْإِعْلَامِ. والمُرادُ بالعِيرِ أَصْحابُها، وهو كَقَوْلِهِ: (يَا خَيْلَ اللهِ ارْكَبِي)، وهَذَا عَلَى حَذْف الْمُضَافِ فقد أَرَادَ: يَا فُرْسَان خَيْلِ اللهِ اِرْكَبِي. وَهوَ مِنْ أَحْسَنِ الْمَجَازَاتِ وَأَلْطَفِهَا. والْعِيرُ: اسْمٌ لِلْحَمُولَةِ مِنْ إِبِلٍ وَحَمِيرٍ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ أَحْمَالٍ وَمَا مَعَهَا مِنْ رُكَّابِهَا، فَهُوَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. وَقِيلَ: الْعِيرُ الْإِبِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَحْمَالُ لِأَنَّهَا تَعِيرُ أَيْ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ الْعِيرُ الْإِبِلُ خَاصَّةً بَاطِلٌ، وَقِيلَ: هِيَ قَافِلَةُ الْحَمِيرِ، ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ قَافِلَةٍ عِيرٌ كَأَنَّهَا جَمْعُ عَيْرٍ وَجَمْعُهَا فُعُلٌ كَسَقْفٍ وَسُقُفٍ. وهي في الأَصْلِ قافلةُ الحَميرِ كَأَنَّها جَمْعُ عَيْرٍ، والعَيْرُ: الحمارُ. قال المُتَلَمِّسُ اليشكُريُّ خالُ طَرَفَةَ بْنِ العَبْدِ:
ولا يُقيمُ عَلَى ضَيْمٍ يُرادُ بِهِ .............. إِلَّا الأَذَلاَّنِ عَيْرُ الحَيِّ والوَتِدُ
والأَصْلُ: عَيْرٌ، وعُيْرٌ بِضَمِّ العَيْنِ ثمَّ فُعِلَ بِهِ مَا فُعِلَ بِ "بِيض"، والأَصْلُ: بُيْضٌ بِضَمِّ أَوَّلِها، ثمَّ أُطْلِقَ العِيرُ عَلَى كُلِّ قافلةٍ حَميرًا كُنَّ أَوْ غيرَهَا، وعَلَى كُلِّ تَقديرٍ فَنِسْبَةُ النِّداءِ إِلَيْها عَلَى سَبيلِ المَجَازِ، لأَنَّ المُنَادَى في الحَقيقةِ أَهلُها. ونُظِّرَ بقولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((يا خَيْلَ اللهِ ارْكَبِي))، كمَا تقدَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ الكريمةِ الْتُفِتَ إِلى المُضافِ المحذوفِ في قولِهِ: "إنَّكمْ لَسَارِقونَ" ولَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ في "يا خَيْلَ اللهِ ارْكَبي"، ولو التَفَتَ لَقَالَ: ارْكَبوا. ويَجوزُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ أَهْلِها للمُجاوَرَةِ، فلا يَكونُ مِنْ مَجازِ الحَذْفِ، بَلْ مِنْ مَجَازِ العَلاقَةِ. والعَرَبُ قاطِبَةً تَجْمَعُهُ عَلَى (عَيَراتٍ) بِفَتْحِ الياءِ، وهذا ممَّا اتُّفِقَ على شُذوذِهِ؛ لأَنَّ (فِعْلَة) المُعْتَلَّةَ بالعَيْنِ حقُّها في جمْعِها بالأَلِفِ والتاءِ أَنْ تُسَكَّنَ عَيْنُها نَحوَ: (قِيمَة) و (قِيْمات)، و (دِيْمة) و (دِيْمات)، وكذلك: (فَعْل) دونَ ياءٍ، إِذا جُمِعَ حَقُّهُ أَنْ تُسَكَّن عَيْنُهُ. قالَ امرُؤ القَيْسِ:
غَشِيْتُ ديارَ الحيِّ بالبَكَرَاتِ ................... فعارِمَةٍ فبُرْقَةِ العِيَراتِ
وقالَ إمامُ اللغةِ العربيةِ أبو الحَجَّاجِ الأَعْلَمُ الشَنْتَمَرِيُّ: العِيَراتُ هُنَا: مَوَاضِعُ الأَعْيارِ، وهيَ الحُمُرُ. قال السمينُ الحلَبيُّ: وفي عِيَراتٍ شُذُوذٌ آخَرُ وهوَ جَمْعُها بالأَلِفِ والتاءِ مَعَ جَمْعِها عَلَى (أَعْيار) أَيْضًا جَمْعَ تَكْسِيرٍ، وقدْ نَصُّوا على ذَلِكَ. قِيلَ: ولِذَلِكَ لُحِّنَ المُتَنَبِّي في قولِهِ ممتدِحًا سيفَ الدولةِ الحمدانيَّ:
إذا كانَ بَعْضُ النَّاسِ سَيْفًا لِدَوْلَةٍ ....... ففي النَّاسِ بُوْقاتُ لَهُمْ وطُبولُ
قالوا: فجَمَعَ (بوقًا) عَلى (بُوقاتٍ) مَعَ تَكْسيرِهِمْ لَهُ عَلَى (أَبْواقٍ).
قولُهُ تَعَالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} الفاءُ: حَرْفُ عَطْفٍ وتَعْقيبٍ. و "لمَّا" شَرْطِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ بِمَعْنَى حِينَ مَبْنِيٌّ في مَحَلِّ النَّصْبِ مُتَعَلِّقَةٌ بِ بالفعلِ بعدَهُ. و "جَهَّزَهُمْ". فعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضميرٌ مُستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى "يُوسُفَ" و ضميرُ الغائبينَ "هِمْ" متَّصلٌ به في محلِّ نصبٍ مفعولٌ بهِ. و "بِجَهَازِهِمْ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتعلِّقٌ بِهِ، و "جهازهم" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، و "هم" ضميرُ الغائبينَ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ، والجُمْلَةُ فِعْلُ شَرْطٍ لِ "لمَّا".
قولُهُ: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعُودُ على يوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، و "السِّقايةَ" مَفْعولٌ بِهِ منصوبٌ؛ لأَنَّ "جَعَلَ" هُنَا بِمَعْنَى "وَضَعَ". و "فِي" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "رَحْلِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، و "أَخِيهِ" مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأنَّهُ منَ الأسماءِ الخَمْسَةِ، وهو مضافٌ أيضًا، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ، والجُمْلَةُ جَوَابُ "لمَّا" لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، وجُمْلَةُ "لمّا" مَعْطوفةٌ عَلى جُمْلَةِ "لمَّا" في قولِهِ: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ}.
قولُهُ: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} ثُمَ: حَرْفُ عَطْفٍ وتَراخٍ. و "أَذَّنَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ معطوف على "جَعلَ"، و "مُؤَذِّنٌ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بهِ. و "أَيتُها" مُنَادَى نَكِرَةٌ مَقْصودَةٌ حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ النِّداءِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالنداءِ، والهاءُ: حَرْفٌ للتَنْبيهِ زِيدَ تَعْويضًا عَمَّا فاتَ؛ أَيْ: مِنَ الإِضافَةِ، وجُمْلَةُ النِّداءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ لِقَوْلٍ مَحْذوفٍ حَالٌ مِنْ "مُؤَذِّنٌ" والتَقْديرُ: حَالةَ كَوْنِهِ قائلًا أَيَّتُها العِيرُ إِنَّكمْ لَسَارِقونَ. و "الْعِيرُ" بَدَلٌ. و "إنَّكُمْ" إنَّ: حرفٌ نَاصِبٌ ناسِخٌ للتوكدِ مُشَبَّهٌ بالفعلِ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ نَصْبِ اسْمِهِ، والميمُ: علامةُ الجمعِ المُذكَّرِ، و "لَسَارِقُونَ" اللامُ حَرْفُ ابْتِداءٍ، أو المُزحلَقةُ للتوكيدِ، و "سارقونَ" خَبَرُ "إنَّ" مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأنَّهُ جمعُ المذكَّرِ السالمُ، والنونُ عِوَضٌ عن التنوينِ في الاسْمِ المُفردِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ لِذَلِكَ القَوْلِ المَحْذوفِ عَلَى كَوْنِها جوابَ النِّداءِ.
قرأَ العامَّةُ: {جَعَلَ السِّقايَةَ} دُونَ زِيادَةِ واو قَبْلَهَا. وقَرَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مسعودٍ "وجَعَلَ" بزيادةِ واوٍ، وهيَ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُما: أَنَّ الجَوابَ محذوفٌ. والثاني: أَنَّ الواوَ مَزيدةٌ في الجَوابِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرى ذَلِكَ، وهُمُ الكُوفِيُّونَ والأَخْفَشُ.