فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 35
ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)
قولُهُ ـ تعالى شأْنُهُ: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ} ثمَّ بَدَا للعَزيزِ وأهلِ مشورتِهِ، وقيلَ المُرادُ بِ: "بَدَا لَهم" العزيزُ وحده، لكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ باسْمِهِ ويُقْصَدْ بِعَيْنِهِ، وهذا نَظيرُ قولِهِ تعالى في الآيةِ: 173، منْ سُورَةِ آل عُمران: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}، وقد قِيلَ: إِنَّ قائلَ ذَلِكَ كانَ واحِدًا. وَهَذَا الْقَرَارُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَانَتْ مَالِكَةً لِقِيَادِ زَوْجِهَا كبيرِ الْوزَراءِ.
و "بَدَا" هُنَا مِنَ "الْبَدَاءِ" (بِالْفَتْحِ) لَا مِنَ "الْبُدُوِّ" الْمُطْلَقِ، أَيْ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الرَّأْيِ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا مِنْ قَبْلُ، كما هي في كَلِمَةٍ بَلِيغَةٍ لسَيِّدِنَا عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا) أَيْ: فَمَا عَدَاكَ وَصَرَفَكَ عَمَّا كُنْتَ فِيهِ مِمَّا بَدَا لَكَ الْآنَ وَكَانَ خَفِيًّا عَنْكَ قَبْلَهُ، وَلِذَلِكَ عُطِفَتِ الْجُمْلَةُ بِـ "ثُمَّ" الَّتِي تُفِيدُ الِانْتِقَالَ مِمَّا كَانُوا فِيهِ إِلَى طَوْرٍ جَدِيدٍ بَعْدَ التَّشَاوُرِ وَالتَّرَوِّي فِي الْأَمْرِ.
و "الْآياتِ" هي عَلاماتُ الصِّدقِ وأَماراتُ العِصْمَةِ والعَفافِ. أَمَّا المُرادُ بِ "الآياتِ" فهو مَا شَهِدُوهُ وَاخْتَبَرُوهُ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ يُوسُفَ إِنْسَانٌ غَيْرُ الْأَنَاسِيِّ الَّتِي عَرَفُوهَا فِي عَقِيدَتِهِ وَإِيمَانِهِ وَأَخْلَاقِهِ، مِنْ عِفَّةٍ وَنَزَاهَةٍ وَاحْتِقَارٍ لِلشَّهَوَاتِ وَالزِّينَةِ وَالتَرَفِ الْمُتَّبَعِ فِي قُصُورِ حَضَارَتِهم، وَمِنْ عِنَايَةِ رَبِّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ بِهِ كَمَا يُؤْمِنُ وَيَعْتَقِدُ، فَمِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ: أَنْ تُفْتَنَ سَيِّدَتُهُ فِي مُرَاوَدَتِهِ، وَلَمْ يَحْدُثْ أَدْنَى تَأْثِيرٍ فِي جَذْبِ خُلَسَاتِ نَظَرِهِ، وَلَا فِي خَفَقَاتِ قَلْبِهِ، بَلْ ظَلَّ مُعْرِضًا عَنْهَا مُتَجَاهِلًا لَهَا، حَتَّى إِذَا مَا صَارَحَتْهُ بِكَلِمَةِ هَيْتَ لَكَ اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ، وَاسْتَعَاذَ بِرَبِّهِ، رَبِّ آبَائِهِ الَّذِينَ يَفْتَخِرُ بِاتِّبَاعِ مِلَّتِهِمْ، وَعَيَّرَهَا بِالْخِيَانَةِ لِزَوْجِهَا. وَمِنْهَا: ما شَهِدَ به شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا، وهُوَ الجَدِيرُ بِالدِّفَاعِ عَنْهَا، بِمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي اتِّهَامِهَا إِيَّاهُ بِإِرَادَةِ السُّوءِ بِهَا، وَأَنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ مُرَاوَدَتِهَا إِيَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ. فقد أَخرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالى: "ثمَّ بَدَا لَهُم مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الْآيَاتِ" قَالَ: مَا سَأَلَني عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، مِنَ الْآيَاتِ: قَدُّ الْقَمِيصِ، وأَثَرُها فِي جَسَدِهِ وَأَثَرُ السِّكينِ. وَأخرج ابْن أبي شيبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: مِنَ الْآيَاتِ: شَقٌّ فِي الْقَمِيصِ وخَمْشٌ فِي الْوَجْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنْ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "ثمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الْآيَات" قَالَ: قَدُّ الْقَمِيصِ مِنْ دُبُرٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الْآيَاتِ" قَالَ: مِنَ الْآيَاتِ كَلَامُ الصَّبِيِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: الْآيَاتُ جَزُّهُنَّ أَيْدِيَهنَّ وقَدُّ الْقَمِيصِ.
وهَذِهِ الْآيَاتُ تُثْبِتُ جميعها لهم أَنَّ بَقَاءَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ بَيْنَ رَبَّتِهَا وَصَدِيقَاتِهَا مَثَارُ فِتْنَةٍ لِلنِّسَاءِ لَا تُدْرَكُ غَايَتُهَا، وَأَنَّ الْحِكْمَةَ وَالصَّوَابَ فِي أَمْرِهَا هُوَ تَنْفِيذُ رَأْيِهَا فِي سِجْنِهِ، فإنَّ مَا بَدَا لَهُمْ بَعْدَ مَا تَحَقَّقَتْ بَرَاءَةُ يوسُفَ ـ عليهِ السَّلامُ، بِمَا رَأَوْا مِنْ آياتٍ هو أَشَدُّ عَجَبًا مَمّا كانَ مِنْهم قَبْلَ ذَلِكَ.
قولُهُ: {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} حتَّى حِينٍ: أَيْ إلى انقطاعِ اللائِمَةِ، وَإِنَّمَا قرَّروا سَجْنَهُ حِينَ شَاعَتِ الْقَالَةُ عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ عَقِبَ انْصِرَافِ النِّسْوَةِ، لِأَنَّهَا خَشِيَتْ أَنْ تَشِيعَ بَرَاءَةُ يُوسُفَ بعدَ انْصِرافِهِنَّ مِنْ عِنْدِها، فَأرادَتْ التَغْطِيَةَ على الموضوعِ بِسَجْنِهِ، حَتَّى يَظْهَرَ فِي صُورَةِ مَنْ أرَادَ بِها السُّوءَ، هذا مِنْ جِهَةٍ، ولِتَطْوِيعِهِ علَّهُ يسايِرُها ويُنَفِّذُ رغباتها مِنْ جِهَةٍ ثانيةٍ، فقَالَتِ للعَزِيزِ: إِنْ أَنْتَ لَمْ تَسْجُنْهُ لَيُصَدِّقَنَّهُ النَّاسُ.
وَأخرَج أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ ذُو رَأْي مِنْهُم للعَزيزِ إِنَّكَ مَتَى تَرَكْتَ هَذَا العَبْدَ يَعْتَذِرُ إِلَى النَّاسِ ويَقُصُّ عَلَيْهِم أَمْرَهُ، وامْرأَتُكَ فِي بَيْتِهَا لَا تَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ، عَذَروهُ وفَضَحُوا أَهْلَكَ فَأَمَرَ بِهِ فَسُجِنَ.
وأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: عُوقِبَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَمَّا أَوَّل مَرَّةٍ فَبِالحَبْسِ لِمَا كَانَ مِنْ هَمِّهِ بِهَا. وَأَمَّا الثَّانيَةُ، فلِقَوْلِهِ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} الآية: 42، من هذه السورة المُباركة، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ، فعُوقِبَ بِطُولِ الْحَبْسِ. وَأمَّا الثَّالِثَةُ فلأنَّهُ نَادَى في إخْوتِه: {أَيَّتُها العِيرُ إِنَّكُم لَسارِقونَ} الآية: 70 من هذه السورة، فَاسْتقْبَلَ حينها فِي وَجْهِهِ: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} الآية: 77. مِنْ ذاتِ السُّورَةِ.
قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ} ثُمَّ: حَرْفُ عَطْفٍ وتَرْتيبٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهَا فِي عَطْفِ الْجُمَلِ. و "بَدَا" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح المقدَّر على آخرِهِ لتعذُّرِ ظهورِهِ على الأَلِفِ، وفي فاعلِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَحْسَنُها: أَنَّهُ ضَميرٌ يَعودُ على "السَّجْنِ" بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: ظَهَرَ لهم حَبْسُهُ، ويَدُلُّ عَلى ذَلِكَ لَفْظَةُ "السِّجن" في قراءَةِ العامَّةِ، وهوَ بِطَريقِ اللازِمِ، ولَفْظُ "السَّجن" في قراءةِ مَنْ فَتَحَ السِينِ. والثاني: أَّنَّ الفاعلَ ضميرُ المَصْدَرِ المَفْهومُ مِنَ الفِعْلِ "بدا" أَيْ: بَدا لَهُمْ بَدَاءٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الشاعرُ محمدُ بْنُ بَشيرٍ الخارِجِيِّ بِهِ في قولِهِ:
لَعلَك والموعودُ حَقٌّ وفَاؤهٌ ............ بَدا لك في تلك القَلوصِ بداءُ
فقد أسند الفِعلَ إلى المصدر. والثالث: أَنَّ الفاعلَ مُضْمَرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّياقُ، أَيْ: بَدَا لَهمْ رَأْيٌ. والرابعُ: أَنَّ نَفْسَ الجُمْلِةِ مِنْ "لَيَسْجُنُنَّه" هي الفاعِلُ، وهَذا مِنْ أُصُولِ الكُوفِيِّينَ. و "لَهُمْ" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ. و "مِنْ بَعْدِ" جارٌّ ومَجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ أَيْضًا، وجُمْلَةُ "بَدَا" مَعْطوفَةٌ عَلى جُمْلَةٍ مَحْذوفَةٍ، والتقديرُ: تَشَاوَرُوا في شَأْنِ يُوسُفَ، ثمَّ بَدا لَهُمُ السِّجْنُ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ. و "مَا" مَصْدَرِيَّةٌ. و "رَأَوُا" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ المُقَدَّرِ عَلى الأَلِفِ المَحْذوفَةِ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ. والواوُ الدالَّةُ عل الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكون في محل رفع فاعلِهِ والألفُ الفارقةُ، و "الآياتِ" مفعولٌ به منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الكسرةُ نيابةً عَنِ الفتحةِ لأنَّهُ جمع المؤنَّسِ السالمُ، والجُمْلَةُ في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرورٌ بإضافَةِ الظَرْفِ إِلَيْهِ، تَقْديرُهُ: مِنْ بعدِ رُؤيَتِهِمُ الآياتِ الدّالَّةِ عَلى صِدْقِ يُوسُفَ.
قولُهُ: {لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} اللامُ: هي المُوَطِّئَةٌ لِلقَسَمِ، والقَسَمُ مُضْمَرٌ. و "يَسْجُنُنَّهُ" فعلٌ مُضرِعٌ مَرْفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخرِهِ وقد حُذِفَتْ لِمَجيءِ نونِ التوكيدِ الثقيلةِ بعدَها كراهةَ تَوالي الأَمْثالِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به في مَحَلِّ الرَّفْعِ فاعِلِهِ، وقد حُذِفَتْ لِمَجيءِ نُونِ التَوْكِيدِ الثَّقيلَةُ بعدها فهي مُشَدَّدَةٌ والأولى منها ساكنة فحُذفتِ الواوُ لاْلْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ. والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نَصْبِ مفعولِهِ، و "حَتَّى" حَرْفُ جَرٍّ غايَةٌ لِمَا قَبْلَهُ، مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَسْجُنُونَ"، و "حِينٍ" مَجْرورٌ بِهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ جوابُ القَسَمِ المَحْذوفِ، وجملةُ القَسَمِ المُضْمَرِ في مَحَلَّ النَّصْبِ بِقَولٍ مَحْذوفٍ والتَقْديرُ: ثُمَّ بَدا لهمُ السَّجْنُ حَالَةَ كونَهم قائلينَ: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتِّى حِينٍ.
وقرَأَ الحَسَنُ "لَتَسْجُنُنَّه" بِتَاءِ الخَطَابِ، وفيهِ تَأْويلانِ، أَحَدُهُما: أَنْ يَكونَ خاطَبَ بَعْضُهم بَعْضًا بِذَلِكَ. والثاني: أَنْ يَكونَ خُوطِبَ بِهِ العَزيزُ تَعْظيمًا لَهُ.
وقَرَأَ ابْنُ مَسْعودٍ "عَتَّى" بإبْدالِ حاءِ "حتى" عَيْنًا وأَقْرَأَ بِهَا غيرَهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ أميرَ المؤمنين عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: "إنَّ هذا القُرآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ قُريْشٍ، فَأَقْرِئِ النَّاسَ بِلُغَتِهم". فقد أَخْرَجَ ابْنْ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ (الْوَقْفِ والابْتِداءِ) والخَطيبُ البغداديُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الخطّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رَجُلًا يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ {عَتَّى حِين} فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذَا الْحَرْفَ؟ قَالَ: ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ عُمَرُ: "لَيَسْجُنُّنَّهُ حَتَّى حِينٍ" ثمَّ كَتَبَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ فَجَعَلَهُ قُرْآنًا عَرَبيًّا مُبِينًا، وأَنْزَلَهُ بِلُغَةِ هَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِذا أَتَاكَ كِتَابي هَذَا فَأَقْرِئِ النَّاسَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَلَا تُقْرِئْهُمْ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ.