روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67 I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 14, 2016 2:34 pm

فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67


وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)


قولُهُ ـ تعالى شأْنُهُ: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} لمّا قرَّرَ نبيُّ اللهِ يعقوبُ ـ عليهِ السلامُ، إِرسال بنيهِ جميعًا إلى مِصرَ لِيَمْتَاروا، بِما فيهم بنيامينُ ابِنُهُ الأَصْغَر، الذي اشْتَرَطَ العزيزُ (يُوسُف)ُ مَجيئَهُ لِيُعْطِيَهم ما يَبْتَغُون مِنْ طعامٍ، أَوْصاهم أَبوهم بِهذِهِ الوَصيَّةِ، وهي عدمُ دُخولهم مِصرَ من بابٍ واحدٍ من أبوابها، وهذا يشيرُ إلى أنَّ مِصرَ كانت وحصنةً في ذلك الوقت، وأَنَّه كان لها أَبْوابٌ مُتَعَدَّدَةٌ. فقيلَ نَهاهمْ عنْ ذَلكَ لأنَّهُ أرادَ أنْ يلقى يوسُفُ أَخاهُ بنيامين في خلوةٍ بعدًا عن إِخْوتِهِما، أَخْرَجَ ذلك عنهُ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ. وقالَ الأكثرون: طَلَبَ ذلكَ منهم خوفًا عليهم مِنَ العينِ لأَنَّهم كانوا ذَوي جَمالٍ وحُسْنٍ وقد أصبح لهم عند عزيزِ مِصْرَ زُلفَى وكرامة وحظوة، فكانوا مَظَنَّةَ أَنْ يُعانوا إذا دَخَلوا كَوكَبَةً واحدةً، ولم يَنْهَهم عَنْ ذَلِكَ قَبْلُ لأنَّهم لم تَكنْ لهم مِثلُ هذهِ المَكانَةِ مِنْ قبلُ، وحيثُ كانوا مجهولين مغمورين بينَ الناسِ لم يوصِهم بالتفرق، وقِيلَ لأَنَّ بِنْيامينَ لم يكنْ معَهم في المَرَّةِ الأولى. فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تعالى: "وَقَالَ يَا بني لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِدٍ" قَالَ: رَهِبَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِمُ الْعَيْنَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مثلَهُ. وَكذلكَ قالَ الضَّحَّاكُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فيما أخرجهُ ابْنُ جَريرٍ عَنه. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مثلَ ذلكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قريبًا منْ هذا. والعَيْنُ حَقٌّ كَمَا صَحَّ عَنْ سيِّدِنا رَسولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فقد أخرجَ الأئمَّةُ عنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: ((الْعَيْنُ حَقٌّ، لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ سَبَقْتُهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتَغْسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَغْتَسِلْ)). يَعْنِي الَّذِي أَصَابَ بِعَيْنِهِ يَغْسِلُ مَقْبَلَ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ وَأَطْرَافَ كَفَّيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَظُهُورَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ يَحْسُو مِنْ حَسَوَاتٍ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ خَلْفِهِ. أخرج الأئمَّةُ: أحمدُ، ومُسْلِمٌ: (4/1719، رقم: 2188)، والحكيمُ الترمذيُّ: (3/44). وابْنُ حبَّان: (13/473، رقم: 6107). والتِرْمِذِيُّ أَبُو عيس، وقال: حَسَنٌ صحيحٌ غريب: (4/397، رقم: 2062). والنَّسائيُّ في السُّنَنِ الكبرى: (4/381، رقم: 7620)، وأَبو نُعَيْمٍ في الحلْيَةِ: (4/17)، والدَّيْلَمِيُّ: (3/77، رقم: 4216) وعبدُ الرزاقِ الصنعانيُّ في المُصَنَّفِ والتفسيرِ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ. وأخرجَ ابْنُ كَثيرٍ في تفسيرِهِ: (8/206) وابْنُ عديٍّ في الكامِلِ: (5/185) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصاريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قالَ: ((العَينُ حَقٌّ تُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ والجَمَلَ القِدْرَ، وإِنَّ أَكْثَرَ هَلاكِ أُمَّتي في العَيْنِ)) وأخرجهُ الإمامُ مَالِكٌ في المُوَطَّأِ في كتابِ العينِ، والإمامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (ج: /3/ 447)، بِلفظ: (إِنَّ العينَ حَقٌّ)، وأخرجهُ أبو نُعَيْمٍ في الحلْيَةِ. وكانَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الحَسَنَيْنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، بِقَوْلِهِ: ((أَعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ تَعَالى التامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطانِ وهامَّةٍ ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ)). أَخرَجَهُ البُخارِيُّ: (3371) كتاب أحاديث الأنبياء، وأبو داود في "سننه": (4737) مِنْ حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، والتِرْمِذِيُّ: (2061). وابْنُ ماجَه في "سُنَنهِ": (3525)، وكانَ يَقولُ: ((كانَ أَبوكُما يُعَوِّذُ بِهِما إِسْماعيلِ وإِسْحَقَ ـ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. وَقيلَ أَنَّهُ نَهَاهُمْ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَنْ ذَلِكَ أَنْ يُسْتَرابَ بِهم، فقدْ تَقَدَّمَ أَنَّهمْ ظُنَّ بِهم أَنَّهم جَواسيسُ، ولَيْسَ بِشَيْءٍ، ومِثْلُهُ ما قِيلَ: إنَّ ذَلِك كان طَمَعًا مِنْهُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنْ يَتَسَمَّعوا خَبَرَ يُوسُفَ ـ عَلَيْه السَّلامُ. وقالَ بعضُ المُتَأَخِّرينَ: إِنَّهُ خافَ عَلَيِهِمُ المَلِكَ أَنْ يَرَى عَدَدَهمْ وقوَّتَهم فَيَبْطِشَ بِهِمْ حَسَدًا أَوْ حَذَرًا، ولذلك أَمَرَهم ألَّا يدخلوا مِنْ بابٍ واحدٍ، نقلَهُ العلَّامَةُ الماوَرْدِيُّ في تَفْسيرِهِ: (النُّكتُ والعيونُ).
قولُهُ: {وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} أَرَادَ بالْمُتَفَرِّقَةِ الْمُتَعَدِّدَةَ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ الْوَاحِدِ. وَعَدَلَ عَنِ الْمُتَعَدِّدَةِ إِلَى الْمُتَفَرِّقَةِ للإِيمَاءُ إِلَى عِلَّةِ الْأَمْرِ وَهِيَ إِخْفَاءُ كَوْنِهِمْ جَمَاعَةً وَاحِدَةً. عملًا بالحكمةِ القائلةِ: (اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ). فقد أَخْرجَ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ وأَبو نُعَيْمٍ في الحلْيَةِ، والطَبَرانِيُّ في مَعاجِمِهِ الثلاثةِ منْ حديثِ معاذِ بْنِ جبلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قالَ رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((اسْتعِينُوا عَلى إنجاحِ حَوَائِجِكُم بالكِتْمانِ فإِنَ كُلَّ ذِي نِعْمةٍ مَحْسُودٌ)). والمقصودُ بالْأَبْوَابِ المُتَفَرِّقَةِ: أَبْوَابُ الْمَدِينَةِ، مَدِينَةِ (مَنْفِيسَ). فقد كانَتْ مِنْ أَعْظَمِ مُدُنِ الْعَالَمِ آنَذاكَ، فَهِيَ ذَاتُ أَبْوَابٍ. والجُمْهورُ على أَنَّ المُرادَ أَنْ لا يَدْخُلوها منْ بابٍ واحدٍ منْ أَبوابِها، بَلْ أَنْ يَدْخلوها مِنْ أَبوابٍ متفرِّقةٍ. وَلَمَّا كَانَ شَأْنُ إِقَامَةِ الْحُرَّاسِ وَالْأَرْصَادِ أَنْ تَكُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدِينَةِ اقْتَصَرَ عَلَى تَحْذِيرِهِمْ مِنَ الدُّخُولِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ دُونَ أَنْ يُحَذِّرَهُمْ مِنَ الْمَشْيِ فِي سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ سِكَكِ الْمَدِينَةِ، وَوَثِقَ بِأَنَّهُمْ عَارِفُونَ بِسِكَكِ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَخْشَ ضَلَالَهُمْ فِيهَا، وَعَلِمَ أَنَّ (بِنْيَامِينَ) يَكُونُ فِي صُحْبَةِ أَحَدِ إِخْوَتِهِ لِئَلَّا يَضِلَّ فِي الْمَدِينَةِ. وقال السُّدِّيُّ: إنَّ المرادَ أَنْ يدخلوا من طُرُقٍ متَعَدِّدَةٍ وليس أَبوابٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
قولُهُ: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} أَيْ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ بِوَصِيَّتِي هَذِهِ شَيْئًا. أَيْ لَا يَكُونُ مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ مُغْنِيًا عنكم غَنَاءً مِنْ عِنْدِ اللهِ. وهذا هُوَ الْأَدَبُ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ مَا أَمَرَ اللهُ تعالى، فَإِنْ صَادَفَ مَا قَدَّرَهُ ـ سبحانَهُ، فَقَدْ حَصَلَ فَائِدَتَانِ، وَإِنْ خَالَفَ مَا قَدَّرَهُ حَصَلَتْ فَائِدَةُ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاقْتِنَاعُ النَّفْسِ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ. وَقد أَرَادَ يعقوبُ ـ عليهِ السلامُ، بِهَذَا تَعْلِيمَ أولادِهِ الِاعْتِمَادَ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ تعالى وَلُطْفِهِ، مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ الظَّاهِرَةِ تَأَدُّبًا مَعَ وَاضِعِ الْأَسْبَابِ وَمُقَدِّرِ الْأَلْطَافِ فِي رِعَايَةِ الْحَالَيْنِ، لِأَنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَطَّلِعَ عَلَى مُرَادِ اللهِ فِي الْأَعْمَالِ فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَعَرَّفَهَا بِعَلَامَاتِهَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالسَّعْيِ لَهَا. وَهَذَا سِرُّ مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقولِه: ((اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ))، وَوردَ فِي الْأَثَرِ: (إِذَا أَرَادَ اللهُ أَمْرًا يَسَّرَ أَسْبَابَهُ).
وَالْإِغْنَاءُ: هُنَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْغَنَاءِ، وَهُوَ الْإِجْزَاءُ وَالِاضْطِلَاعُ وَكِفَايَةُ الْمُهِمِّ، وَأَصْلُهُ مُرَادِفُ الْغِنَى، وَهُو ضِدُّ الْفَقْرِ، لِأَنَّ مَنْ أَجْزَأَ وَكَفَى فَقَدْ أَذْهَبَ عَنْ نَفْسِهِ الْحَاجَةَ إِلَى الْمُغْنِينَ، وَأَذْهَبَ عَمَّنْ أَجْزَأَ عَنْهُ الِاحْتِيَاجَ أَيْضًا. وأَغْنَى فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، أَيْ فِي أَجْزَاهُ عِوَضَهُ وَقَامَ مَقَامَهُ. فَمَعْنَى مَا أُغْنِي عَنْكُمْ لَا أُجْزِي عَنْكُمْ، أَيْ لَا أَكْفِي بَدَلًا عَنْ إِجْزَائِكُمْ لِأَنْفُسِكُمْ. لأنَّ "عَنْ" هُنا لِلْبَدَلِيَّةِ، وَهِيَ الْمُجَاوَزَةُ الْمَجَازِيَّةُ. فقد جَعَلَ الشَّيْءَ الْبَدَلَ عَنِ الشَّيْءِ مُجَاوِزًا لَهُ، لِأَنَّهُ حَلَّ مَحَلَّهُ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ، فَكَأَنَّهُ جَاوَزَهُ، فَسَمَّوْا هَذِهِ الْمُجَاوَزَةَ بَدَلِيَّةً، وَقَالُوا: إِنَّ "عَنْ" تَجِيءُ لِلْبَدَلِيَّةِ كَمَا تَجِيءُ لَهَا الْبَاءُ أيضًا.
قولُه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ} الْحُكْمُ: هُنَا بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ وَالتَّقْدِيرِ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا مَا أَرَادَهُ اللهُ، وهو تعْلِيلِ لِمَضْمُونِ قولِهِ: "وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ". فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُنَازِعَ مُرَادَ اللهِ تعالى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَكِنْ وَاجِبُهُ أَنْ يَتَطَلَّبَ الْأُمُورَ مِنْ أَسْبَابِهَا لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِذَلِكَ، وَقَدْ جَمَعَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ قَوْلُهُ: "وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ".
قولُه: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: "وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ" بَيِّنَ لَهُمْ أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِأَخْذِ الْأَسْبَابِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى اللهِ هُوَ مَعْنَى التَّوَكُّلِ الَّذِي يَضِلُّ فِي فَهْمِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اقْتِصَارًا وَإِنْكَارًا، وَلِذَلِكَ أَتَى بِجُمْلَةِ: "وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" أَمْرًا لَهُمْ.
قولُهُ تعالى: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} الوَاوُ: عاطفةٌ، و "قَالَ" فِعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا، تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى يَعْقوبَ ـ عليهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ مَعطوفةٌ عَلى جُمْلَةِ "قال" الأُولى. و "يَا" أَداةُ نداءٍ للمتوسِّطِ بُعْدُهُ، و "بَنِيَّ" مُنَادَى مُضافٌ، منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الياءُ لأنَّهُ ملحقٌ بجمعِ المذكَّر السَّالِمِ، والياءُ الثانيةُ هي ضميرُ المتكلِّمِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، وجُمْلَةُ النِّداءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقوْلِ لِ "قالَ". و "لَا" ناهيةٌ جازمةٌ، و "تَدْخُلُوا" فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بِ "لَا" الناهيَةِ الجازمةِ، وعلامةُ جزمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعالِ الخَمْسَةِ، وألفُ التفريقِ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالفعلِ "تَدْخُلُ"، و "بَابٍ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، و "وَاحِدٍ" صفةُ "بابٍ" مجرورةٌ مثله. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ ل "قالَ" عَلى كَوْنِها جَوابَ النِّداءِ.
قولُهُ: {وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} الوَاوُ: للعطفِ، و "ادْخُلُوا" فعلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على حذفِ النونِ من آخرِهِ لأَنَّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والألفُ الفارقةُ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِالفعلِ "ادخل". و "أَبْوَابٍ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، و "مُتَفَرِّقَةٍ" صِفَةٌ لِ "أَبْوَابٍ" مجرورةٌ مثلها، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ: "لَا تَدْخُلُوا".
قولُهُ: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} الواوُ: للعطفِ. و "ما" نافيَةٌ لا عمَلَ لها. و "أُغْنِي" فعلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المُقدَّرةُ على آخرِهِ لِثقَلِها على الياءِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أنا" يَعودُ عَلَى يَعْقوبَ عليهِ السلامُ. و "عَنْكُمْ" عن: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ ب "عن" والميمُ علامةُ جمعِ المذكَّرِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَعْطُوفَةٍ عَلَى جُمْلَةِ "وَادْخُلُوا". و "مِنَ" حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بحالٍ مِنْ "شَيْءٍ" لأَنَّهُ صِفَةُ نَكِرَةٍ قُدِّمَتْ عَلَيْها، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مَجْرورٌ بحرف الجرِّ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ زائدٍ. و "شَيْءٍ" مجرورٌ لفظً بحرف الجرِّ الزائدِ، منصوبٌ محلًا، على أنَّه مفعولُ "أُغْنِي" أَيْ: أُغْنِي عَنْكُم شِيْئًا مِنْ قَضَاءِ اللهِ تَعَالى.
قولُه: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} إِنْ: نافِيَةٌ مُهْمَلَةٌ لانْتِقاضِ نَفْيِها بِ "إِلَّا". و "الْحُكْمُ" مُبْتَدَأٌ مرفوعٌ. و "إلَّا" أَداةُ اسْتِثْناءٍ مُفَرَّغٍ، أداةُ حَصْرٍ. و "للهِ" اللامُ: حرفُ جَرٍّ، متعلِّقٌ بخَبَرِ المُبْتَدَأِ، ولفظُ الجلالةِ "الله" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ ل "قال". و "عَلَيْهِ" على: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "تَوَكَّلْتُ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هو تاءُ الفاعِلِ، وهي ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ لِ "قَالَ".
قولُه: {وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} وَعَلَيْهِ: تقدَّمَ إعرابُها. و "فَلْيَتَوَكَّلِ" الفاءُ: سَبَبِيَّةٌ، واللامُ: حَرْفُ جَزْمٍ وطَلَبٍ. و "يَتَوَكَّلْ" فعلُ مُضرِعٌ مجزومٌ بلامِ الأمرِ، و "المُتَوَكِّلونَ" فاعِلٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السالمُ، والنونُ عِوَضٌ منَ التنوين في الاسْمِ المُفرَدِ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذه، في مَحَلِّ النَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الجُمْلَةِ التي قَبْلَها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 33
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 65
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 85

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: