روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68 I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 21, 2016 4:52 am

وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
(68)
قولُهُ ـ تعالى شَأْنُهُ: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} وَلَمَّا دَخَلُوا مِنَ أَبْوَابِ المدينةِ المُتَفَرِّقَةِ الأَرْبَعَةِ، كَمَا أَوْصَاهُمْ أَبُوهُمْ بِهِ. وَقد دَلَّتْ حَيْثُ عَلَى الْجِهَةِ، أَيْ لَمَّا دَخَلُوا مِنَ الْجِهَاتِ الَّتِي أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ بِالدُّخُولِ مِنْهَا. فَالْجُمْلَةُ الَّتِي تُضَافُ إِلَيْهَا حَيْثُ هِيَ الَّتِي تُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنَ الْجِهَةِ. وَقَدْ أَغْنَتْ جُمْلَةُ "وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ" عَنْ جُمَلٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ أَنَّهُمُ ارْتَحَلُوا وَدَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ، وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ سَلِمُوا مِمَّا كَانَ يَخَافُهُ عَلَيْهِمْ. وَمَا كَانَ دُخُولُهُمْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَوْ قَدَّرَ اللهُ أَنْ يُحَاطَ بِهِمْ، فَالْكَلَامُ إِيجَازٌ. وَمَعْنَى مَا كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ أَنَّهُ مَا كَانَ يَرُدُّ عَنْهُمْ قَضَاءَ اللهِ لَوْلَا أَنَّ اللهَ قَدَّرَ سَلَامَتَهُمْ.
قولُهُ: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} ولَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدُّخُولُ لِيَمْنَعَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، وَيَعْقُوبُ كانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا قَالَ يَعْقُوبُ: {وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} الآية: 67، السابقة، صَدَّقَهُ الله فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا كَانَ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ يُغْنِي عنهم مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: ذَلِكَ التَّفَرُّقُ مَا كَانَ يَرُدُّ قَضَاءَ الله وَلَا أَمْرًا قَدَّرَهُ الله. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ الْعَيْنَ لَوْ قُدِّرَ أَنْ تُصِيبَهُمْ لَأَصَابَتْهُمْ وَهُمْ مُتَفَرِّقُونَ كَمَا تُصِيبُهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لَوْ سَبَقَ فِي عِلْمِ الله أَنَّ الْعَيْنَ تُهْلِكُهُمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ لَكَانَ تَفَرُّقُهُمْ كَاجْتِمَاعِهِمْ، وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ مُتَقَارِبَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْحَذَرَ لَا يَدْفَعُ الْقَدَرَ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: مَا رَأَيْتُ مِنْ أَحَدٍ، فَكَذَا هَهُنَا تَقْدِيرُ الْآيَةِ: أَنَّ تَفَرُّقَهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي مِنْ قَضَاءِ الله شَيْئًا، أَيْ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ مَا كَانَ يُخْرِجُ شَيْئًا مِنْ تَحْتِ قَضَاءِ الله تَعَالَى. ويحتمِلُ قَوْلُهُ: "مِنْ شَيْءٍ" النَّصْبَ على الْمَفْعُولِيَّةِ وَالرَّفْعَ بِالْفَاعِلِيَّةِ. فَهو كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، وَتَقْدِيرُهُ مَا جَاءَنِي أَحَدٌ فَكَذَا التَّقْدِيرُ هَهُنَا: مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ الله شَيْءٌ مَعَ قَضَائِهِ.
قولُهُ: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} وَلَكِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ حَاجَةٌ لَمْ يُخْبِرْ أَوْلاَدَهُ بِهَا، قَضَاهَا بِهَذِهِ الوَصِيَّةِ، وَهِيَ خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ العَيْنِ، وَمِنْ أَنْ يَنَالَهُمْ مَكْرُوهٌ، مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا حَاجَة فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا" قَالَ: خِيفَةَ الْعَيْنِ عَلَى بَنِيهِ. وَالْقَضَاءُ: الْإِنْفَاذُ، وَمَعْنَى قَضَاهَا أَنْفَذَهَا. يُقَالُ: قَضَى حَاجَةً لِنَفْسِهِ، إِذَا أَنْفَذَ مَا أَضْمَرَهُ فِي نَفْسِهِ، أَيْ نَصِيحَةً لِأَبْنَائِهِ أَدَّاهَا لَهُمْ وَلَمْ يَدَّخِرْهَا عَنْهُمْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا يَظُنُّهُ نَافِعًا لَهُمْ إِلَّا أَبْلَغَهُ إِلَيْهِمْ. وهوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ الَّتِي فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَيْسَتْ بَعْضًا مِنَ الشَّيْءِ الْمَنْفِيِّ إِغْنَاؤُهُ عَنْهُمْ مِنَ اللهِ، فَالتَّقْدِيرُ: لَكِنَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَضَاهَا، يَعْنِي أَنَّ الدُّخُولَ عَلَى صِفَةِ التَّفَرُّقِ قَضَاءُ حَاجَةٍ فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا. وَالْحَاجَةُ: الْأَمْرُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ. سُمِّيَ حَاجَةً لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، فَهِيَ مِنَ التَّسْمِيَةِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ. وَالْحَاجَةُ الَّتِي فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هِيَ حِرْصُهُ عَلَى تَنْبِيهِ أَولادهِ لِما قد يَتَعَرَّضوا إِلَيْهِ مِنْ أَخْطَارٍ ممَّا تَعْرِضُ لِأَمْثَالِهِمْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ إِذَا دَخَلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَتَعْلِيمُهُمُ الْأَخْذَ بِالْأَسْبَابِ مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ.
قولُهُ: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} ثَنَاءٌ عَلَى يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِالْعِلْمِ وَالتَّدْبِيرِ، وَأَنَّ مَا أَسْدَاهُ مِنَ النُّصْحِ لَهُمْ هُوَ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي آتَاهُ اللهُ وَهُوَ مِنْ عِلْمِ النُّبُوءَةِ. فَهُوَ ذُو عِلْمٍ لأَنَّ اللهَ قد عَلَّمَهُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى يَعْقُوبَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ مِنْ أَجْلِ تَعْلِيمِنَا إِيَّاهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ "مَا" بِمَعْنَى الَّذِي وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَيْهَا، وَالتَّأْوِيلُ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِلشَّيْءِ الَّذِي عَلَّمْنَاهُ، يَعْنِي أَنَّا لَمَّا عَلَّمْنَاهُ شَيْئًا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ. وَقيلَ: بأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْحِفْظُ، أَيْ إِنَّهُ لَذُو حِفْظٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَمُرَاقَبَةٍ لَهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِفَوَائِدِ مَا عَلَّمْنَاهُ وَحُسْنِ آثَارِهِ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِ عَامِلًا بِمَا عَلِمَهُ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تعالى: "وَإنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ" قَالَ: إِنَّهُ لَعَامِلٌ بِمَا عَلِمَ وَمَنْ لَا يَعْمَلُ لَا يَكونُ عَالِمًا. فقَدْ دَلَّ "وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ" صَراحَةً عَلَى أَنَّ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قد عَمِلَ بِمَا عَلَّمَهُ اللهُ.
قولُهُ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الْمُرَادُ بِأَكْثَرِ النَّاسِ الْمُشْرِكُونَ، أَيْ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ الوَاجِبَ يَقْضِي بِالجَمْعِ بَيْنَ الإِعْدَادِ لِلأُمُورِ عُدَّتَهَا وَالاحْتِرَازِ، وَبَيْنَ الاتِّكَالِ عَلَى اللهِ، أيَ: لا يعْلَمُونَ مِثْلَ مَا عَلِمَ يَعْقُوبُ. أَوَ: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ يَعْقُوبَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهذا الْعِلْمِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِأَنَّ اللهَ كَيْفَ أَرْشَدَ أَوْلِيَاءَهُ إِلَى الْعُلُومِ الَّتِي تَنْفَعُهم في الدُنْيا والآخِرَةِ. وهوَ اسْتِدْرَاكٌ نَشَأَ عَنْ جُمْلَةِ "وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ" إِلَخَّ. وَالْمَعْنَى أَنَّ اللهَ أَمَرَ يَعْقُوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِأَخْذِ أَسْبَابِ الِاحْتِيَاطِ وَالنَّصِيحَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قَدَّرَهُ لَهُمْ، فَإِنَّ مُرَادَ اللهِ تَعَالَى خَفِيٌّ عَنِ النَّاسِ، وَقَدْ أَمَرَ بِسُلُوكِ الْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ، وَعَلِمَ يَعْقُوبُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ذَلِكَ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ تَطَلُّبَ الْأَمْرَيْنِ فَيُهْمِلُونَ أَحَدَهُمَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يُهْمِلُ مَعْرِفَةَ أَنَّ الْأَسْبَابَ الظَّاهِرِيَّةَ لَا تَدْفَعُ أَمْرًا قَدَّرَهُ اللهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ وَاقِعٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُهْمِلُ الْأَسْبَابَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ أَرَادَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَدَمَ تَأْثِيرِهَا.
قولُهُ تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} الوَاوُ: اسْتِئْنافِيَّةٌ. و "لمَّا" شَرْطِيَّةٌ غيرُ جازمةٍ. و "دَخَلُوا" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرفعِ بالفاعليَّةِ، والأَلِفُ فارقةٌ، والجُمْلَةُ فِعْلُ شَرْطٍ لِ "لمَّا". وفي جوابها ثلاثةُ أَوْجُهٍ، الأَظْهَرُ: أَنَّهُ الجُمْلَةُ المَنْفِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ: "مَا كَانَ يُغْنِي". وفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَدَّعي كونَ "لمَّا" حَرْفًا لا ظَرْفًا، إِذْ لَوْ كانَتْ ظَرْفًا لَعَمِلَ فِيها جَوابُها، إِذْ لا يَصْلُحُ للعَمَلِ سِواهُ، لكِنَّ مَا بَعْدَ "ما" النَّافِيَةِ لا يَعْمَلُ فيما قَبْلَها، فلا يَجوزُ أَنْ يُقالَ: (حينَ قامَ أَخُوكَ مَا قامَ أَبوكَ)، مَعَ جَوازِ (لمَّا قامَ أَخُوكَ مَا قامَ أَبوكَ). ويَجُوزُ أَنَّ جَوابَها مَحذوفٌ، تَقديرُهُ: (امْتَثَلُوا وقَضَوْا حاجَةَ أَبيهم)، قالَهُ أبو البقاءِ وإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ عَطِيَّةَ، وهُوَ تَعَسُّفٌ لأَنَّ في الكَلامِ مَا هوَ جَوابٌ صَريحٌ كَمَا قَدَّمْتُهُ. ويَجُوزُ: أَنَّ الجَوابَ هوَ قوْلُهُ بعد ذلك: {آوى} قالَ أَبو البَقاءِ: (وهوَ جوابُ "لمَّا" الأُولى والثانية كَقَوْلِكَ: (لمَّا جِئْتَني، ولمَّا كَلَّمْتُكَ أَجَبْتَني)، وحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ دُخُولَهم عَلَى يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، يَعْقُبُ دُخُولَهم مِنَ الأَبوابِ، يَعْنِي أَنَّ {آوى} جَوابُ الأُولى والثانيةِ، وهوَ واضِحٌ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالفِعْلِ "دَخَلُوا"، و "حَيْثُ" اسْمٌ ظَرْفِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "أَمَرَهُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، والهاءُ في محلِّ نصبِ مفعولِهِ، والميمُ علامةُ جمعِ المُذَكَّر، و "أَبُوهم" فاعِلُهُ مرفوعٌ بهِ وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأَنَّهُ مِنَ الأَسْماءِ الخمسَةِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الجَرِّ مُضافٌ إِلَيْهِ لِ "حَيْثُ".
قولُهُ: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} مَا: نافيةٌ لا عَمَلَ لها. و "كَانَ" فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسْمُها ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فِيها جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى دُخُولِهمْ مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ. و "يُغْنِي" فِعْلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المُقدَّرةُ على آخِرِهِ، لِثِقَلِها على الياءِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى الدُّخُولِ. و "عَنْهُمْ" عنْ: حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ ب "يغني" وضميرُ الغائبينَ "هم" في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجرِّ. و "مِنَ" حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بحالٍ مِنْ "شَيْءٍ" ولفظُ الجلالةِ  "اللهِ" مَجرورٌ بحرفِ الجرِّ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ زائدٌ، و "شَيْءٍ" مجرورٌ لفظًا بحرفِ الجرِّ منصوبٌ محلًا على أنَّهُ مفعولُ "يُغْنِي"، وجُمْلَةُ "يُغْنِي" في مَحَلِّ النَّصْبِ خَبَرًا لِ "كَانَ" وجُمْلَةُ "كَانَ" جوابُ "لَمَّا" كما تقدَّمَ، لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإِعْرابِ، وجُمْلَةُ "لِمَا" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها منَ الإعراب.
قولُهُ: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} إِلَّا: أَداةُ اسْتِثْناءٍ بِمَعْنَى "لكنْ"؛ لأَنَّ الاسْتِثْناءَ مُنْقَطِعٌ، والتقديرُ: ولكنَّ حاجةً في نَفْسِ يَعْقوبَ قَضاها، ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولًا مِنْ أَجْلِهِ، والتقديرُ: ما كان يُغْني عَنْهم لِشَيْءٍ مِنَ الأَشياءِ إِلَّا لأَجْلِ حاجةٍ كانَتْ في نَفْسِ يَعْقوبَ. و "حَاجَةً" مَنْصوبٌ عَلى الاسْتِثناءِ. و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِصِفَةٍ أُولى لِ "حَاجَةً"، و "نفسِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، و "يعقوبَ" مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ وعلامةُ جرِّهِ الفتحةُ نيابةً عن الكسرةِ لأنَّهُ ممنوعٌ مِنَ الصَّرفِ بالعَلَمِيَّةِ والعُجمةِ. و "قَضَاهَا" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ المُقدَّرِ على آخرهِ لتعذُّرِ ظهورِهِ على الألِفِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى يَعْقوبَ ـ عليه السلامُ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصلٌ بهِ في محلِّ نَصبِ مفعولٍ به. وجملةُ "قَضَاهَا" في مَحَلِّ النَّصْبِ صِفَةً ثانِيَةً لِ "حَاجَةً".
قولُهُ: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} الواو: استئنافيَّةٌ. و "إنَّ" حرفُ نَصْبٍ ونسخٍ وتوكيدٍ مشبَّهٌ بالفِعلِ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نَصبِ اسْمِهِ. و "لَذُو" اللامُ: هي اللامُ المزحلقةُ للتوكيدَ (حرفُ ابتداءٍ). و "ذو" اسمُ إشارةٍ خبرُ المبتدَأِ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأنَّهُ منَ الأسماءِ الخمسةِ، وهوَ مُضافٌ، و "عِلْمٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إليه، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها من الإعراب. و "لِمَا" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ وتَعْليلٍ. و "ما" مَصْدَرِيَّةٌ، أو موصولَةٌ، مبنيَّةٌ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ. و "عَلَّمْنَاهُ" فعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هو "نا" الجماعةِ، وهو في محلِّ رفعِ فاعلٍ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نَصْبِ مفعولِهِ، والجُملَةُ صَلَةٌ لِ "ما" المَصْدَرِيَّةِ أو الموصولةِ، و "ما" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْد  رٍ مَجرورٍ باللّامِ، والتقديرُ: لتعليمِنا إِياهُ، والجارُّ والمَجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفٍ تَقْديرُهُ: وإِنَّما كانَ ذا عِلْمٍ لِتَعْليمِنا إِيَّاهُ.
قولُهُ: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} والواوُ: و "لكنَّ" حرفٌ ناصِبٌ ناسخٌ للاستدراك، مُشبَّهٌ بالفعلِ، و "أَكْثَرَ" اسْمُهُ منصوبٌ به، وهو مُضافٌ، و "الناسِ" مجرورٌ بالإضافَةِ إليهِ، و "لا" نافيةٌ لا عملَ لها، و "يَعلمونَ" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ منَ الأفعالِ الخمسَةِ، والواوُ الدالَّةُ على الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعِلِهِ، وجُملة "يَعْلَمُونَ" في محلِّ رفعِ خبرِ "لكنَّ"، والجُملةُ الاستدراكيَّةٌ مَعْطوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ تَعَالى: "وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 68
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 2
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 20
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 35
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 51
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: