روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66 I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 10, 2016 10:16 am

فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66


قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ 66)


قولُهُ ـ تعالى شأْنُهُ: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ} المَعْنَى: أَنْ يَجْعَلُوا اللهَ شَاهِدًا عَلَيْهِمْ فِيمَا وَعَدُوا بِهِ بِأَنْ يَحْلِفُوا، بِاللهِ فَتَصِيرُ شَهَادَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ كَتَوَثُّقٍ صَادِرٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا: لَكَ مِيثَاقُ اللهِ أَوْ عَهْدُ اللهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. والْمَوْثِقَ: أَصْلُهُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ للتَوَثُّقِ، وزنُهُ: "مفعِل" بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وأُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ مَا بِهِ التَّوَثُّقُ، يَعْنِي الْيَمِينَ، وَمَعْنَاهُ: الْعَهْدُ. يَقُولُ يَعقوبُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُعْطُونِي عَهْدًا مَوْثُوقًا بِهِ، وَمِنَ اللهِ أَيْ عَهْدًا مَوْثُوقًا بِهِ بِسَبَبِ تَأَكُّدِهِ بِإِشْهَادِ الله وَبِسَبَبِ الْقَسَمِ باللهِ عَلَيْهِ. فالإيتاءُ: الإعطاءُ، وَلَعَلَّ سَبَبَ إِطْلَاقِ فِعْلِ الْإِعْطَاءِ على العَهْدِ أَنَّ الْحَالِفَ كَانَ فِي الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ يُعْطِي الْمَحْلُوفَ لَهُ شَيْئًا تَذْكِرَةً لِلْيَمِينِ مِثْلَ سَوْطِهِ أَوْ خَاتَمِهِ، أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَقِّ ضَمَانًا يَكُونُ رَهِينَةً عِنْدَهُ. وَكَانَتِ الْحمالَةُ (الكَفالَةُ) طَريقَةً للتَّوْثُّقِ فَشَبَّهَ الْيَمِينَ بِالْحَمَالَةِ. وَأَثْبَتَ لَهُ الْإِعْطَاءَ وَالْأَخْذَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَكْنِيَّةِ، وَقَدِ اشْتُهِرَ ضِدُّ ذَلِكَ فِي إبْطَال التَّوَثُّق يُقَالُ: رَدَّ عَلَيْهِ حَلِفَهُ.
قولُهُ: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أيْ: لترجِعُنَّ إليَّ بهِ إِلَّا أَنْ تُغْلَبُوا على ذلكَ فلا تُطِيقوه، فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قال فِي قَوْلِهِ تعالى: "إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ" قَالَ: إِلَّا أَنْ تُغْلَبُوا حَتَّى لَا تُطِيقُوا ذَلِك. وقَالَ قَتَادَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِلَّا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهِ. أَوْ إِلَّا أَنْ تَهْلِكوا جَميعًا. وهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الأَحْوالِ، أَوْ أَعَمِّ العِلَلِ عَلى تَأْويلِ الكَلامِ بالنَّفْيِ الذي يَنْسَاقُ إِلَيْهِ أَيْ لَتَأْتُنَّني بِهِ ولا تَمْتَنِعُنَّ مِنْهُ في حالٍ مِنَ الأَحْوالِ أَوْ لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ إِلَّا حالَ الإحاطَةِ بِكمْ أَوْ لِعِلَّةِ الإحاطَةِ بِكمْ ونَظيرُهُ قولُهم أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا فَعَلْتَ وإِلَّا فَعَلْتَ، أَيْ: ما أُريدُ مِنَكَ إِلَّا فِعْلَكَ، فَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ "أَنْ" مَعَ الْفِعْلِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَهُوَ كَالْإِخْبَارِ بِالْمَصْدَرِ فَتَأْوِيلُهُ: إِلَّا مُحَاطًا بِكُمْ. والتقديرُ: لَتَرجِعُنَّ بِهِ عَلَى كُلِّ حالٍ إِلَّا حالَ الإحاطِةِ بِكم. وَالْإِحَاطَةُ: الْأَخْذُ بِأَسْرٍ أَوْ هَلَاكٍ مِمَّا هُوَ خَارِجٌ عَنْ قُدْرَتِهِمْ، وأَصْلُهُ مِنْ إِحاطَةِ العَدُوِّ، فإنَّ مَنْ أَحاطَ بِهِ العَدُوُّ فَقَدْ هَلَكَ غالِبًا. فَاسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يُسْتَطَاعُ التَّغَلُّبُ عَلَيْهَا.
قولُهُ: {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} فَلَمَّا آتَوْهُ عَهْدَهم. قَالَ السُّدِّيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: حَلَفُوا بِاللهِ لَيَرُدُّنَّهُ إِلَيْهِ وَلَا يُسْلِمُونَهُ. وَقَوْلُهُ: "اللهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ" تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللهَ رَقِيبٌ عَلَى مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ. وَهَذَا تَوْكِيدٌ لِلْحَلِفِ. والْوَكِيلُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَوْكُولٍ إِلَيْهِ و "وَكِيلٌ" رَقيبٌ مُطَّلِعٌ، أَيْ: حَافِظٌ لِلْحَلِفِ. وَقِيلَ: حَفِيظٌ لِلْعَهْدِ قَائِمٌ بِالتَّدْبِيرِ وَالْعَدْلِ.
وتُعَدُّ هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلًا فِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ (الكفالة) بِالْعَيْنِ وَالْوَثِيقَةِ بِالنَّفْسِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ بِهِ مَالًا وَقَدْ ضَعَّفَ الشَّافِعِيُّ الْحَمَالَةَ بِالْوَجْهِ فِي الْمَالِ، وَلَهُ قَوْلٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ جِرَاحٍ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِئْ بِهِ لَزِمَهُ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحِ، وَكَانَتْ لَهُ فِي مَالِ الْجَانِي، إِذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْكَفِيلِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْحَمَالَةِ بِالْوَجْهِ. وَالصَّوَابُ تَفْرِقَةُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمَالِ، وَلَا تَكُونُ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، واللهُ أعلمُ.
قولُهُ تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ} قَالَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ يَعُودُ عَلى يَعْقوبَ ـ عليه السَّلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "لَنْ" حَرْفُ نَفْيٍ واستِقبالٍ ونَصْبٍ. و "أُرْسِلَهُ" فعلٌ مُضارعٌ منصوبٌ بِ "لن" وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أَنَا" يَعودُ عَلَى يَعْقوبَ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ نصبِ مفعولِهِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقولَ القولِ لِ "قَالَ". و "مَعَكُمْ" منصوبٌ على الظرفيَّةِ متعلِّقٌ بالفعلِ "أُرْسِلَهُ" أَوْ بحالٍ مِنْ مَفْعولِهِ، وهوَ مُضافٌ وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ والميمُ علامةُ جمعِ المُذَكَّرِ. و "حَتَّى" حَرْفُ جَرٍّ وغايَةٍ. و "تُؤْتُونِ" فعلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِ "أَنْ" مُضْمَرَةٍ بعدَ حتَّى وُجوبًا بمَعْنَى "إِلى"، وعَلامَةُ نصبِهِ حذفُ النّونِ مِنْ آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، لأنَّ أَصْلَهُ: حَتَّى تُؤْتونَني، والنُّونُ هذه نونُ الوِقايَةِ، والواوُ: ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رَفْعِ فاعِلِهِ، وياءُ المُتَكلِّمِ المَحْذوفةُ للتَّخْفيفِ اجتزاءً عنها بِكَسْرَةِ نُونِ الوِقايَةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ نَصْبِ مَفْعولٍ بِهِ أَوَّل. و "مَوْثِقًا" مَفْعُولٌ بِهِ ثانٍ مَنْصُوبٌ، و "مِنَ" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِنَعْتٍ لِ "مَوْثِقًا"، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" منصوبٌ بالمفعوليَّةِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ صِلَةُ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، و "أنْ" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرورٍ بِ "حَتَّى" بِمَعْنَى "إلى" والتَقديرُ: إِلى إِيتائكم إِيّايَ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ، والجَارُّ والمَجْرورُ مُتَعَلِّقٌ بِ "أُرْسِل".
قولُهُ: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} لَتَأْتُنَّنِي: اللامُ: مُوَطِّئَةٌ للقَسَمِ. و "تَأْتُنَّني" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ المَحْذوفَةِ لِتَوالي الأَمْثالِ، والنُّونُ المُشَدَّدَةُ: نُونُ التَوْكيدِ الثَّقيلَةُ: حَرْفٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعْرابِ، والواوُ المَحْذوفَةُ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ: في مَحَلِّ الرَّفْعِ فاعلٌ، والنُونُ الأَخِيرَةُ: نُونُ الوِقايَةِ، و الياءُ: ضَميرُ المُتَكَلِّمِ: في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ. و "بِهِ" جارٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالفعلِ "تَأْتُن"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه جَوابٌ للقَسَمِ المُضْمَرِ في قولِهِ: "مَوْثِقًا" لأَنَّهُ في مَعنى: حَتَّى تَحْلِفُوا لِي لَتَأْتُنَّني بِهِ. فلا مَحَلَّ لِهَا مِنَ الإعْرابِ، وجُمْلَةُ القَسَمِ مَقولُ القَوْلِ مَحْذوفٌ تَقْديرُهُ: حَتَّى تُؤتون مَوْثِقًا مِنَ اللهِ قائلًا: واللهِ لَتَأْتُنَّني بِهِ. و "إِلَّا" أَداةُ اسْتِثْنَاءٍ مُفَرَّغٍ مِنْ أَعَمِّ الأَحْوالِ، أَوْ مِنْ أَعَمِّ العِلَلِ. وفي هذا الاسْتِثْناءِ أَوْجُهٌ أَحَدُها قالَهُ أَبو البَقَاءِ: أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، فَيَكونُ تقديرُ الكَلامِ: لَكنْ إِذا أُحِيطَ بِكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ عَتَبي وغَضَبِي عَلَيْكمْ إِنْ لَمْ تَأْتوني بِهِ لِوُضُوحِ عُذْرِكُمْ. الثاني: أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وهوَ اسْتِثْناءٌ مِنَ المَفْعُولِ لَهُ العامِّ، والكلامُ المثبت الذي هو قولُهُ: "لَتأْتُنَّني به" في مَعنَى النَّفْيِ مَعْنَاهُ: لا تَمْتَنِعونَ مِنَ الإِتيانِ بِهِ إِلَّا للإِحاطَةِ بِكُمْ، أَوْ لا تَمْتَنِعونَ مِنْهُ لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ إِلَّا لِعِلَّةٍ واحدَةٍ وهِيَ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ، فهوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ أَعَمِّ العامِّ في المَفْعُولِ لَهُ، والاسْتِثْناءُ مِنْ أَعَمِّ العامِّ لا يَكونُ إِلَّا في النَّفْيِ وَحْدِهِ، فلا بُدَّ مِنْ تَأْويلِهِ بالنَّفْيِ، ونَظِيرُهُ في الإِثباتِ المُتَأَوَّلِ بِمَعْنَى النَّفْيِ قولُهم: أَقْسَمْتُ باللهِ لَمَّا فَعَلْتَ وإِلِّا فَعَلْتَ، تُريدُ: مَا أَطْلُبُ مِنْكَ إِلَّا الفَعْلَ. والثالثُ: أَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ أَعَمِّ العامِّ في الأَحْوالِ. قالَ أَبو البَقاءِ: تقديرُهُ: لَتَأْتُنَّني بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا في حالِ الإِحاطَةِ بِكُمْ. قُلْتُ: قدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ "أنْ" الناصبةَ للفِعْلِ لا تَقَعُ مَوْقِعَ الحالِ، وإِنْ كانَتْ مُؤَوَّلَةً بِمَصْدَرٍ يَجوزُ أَنْ تَقَعَ مَوْقِعَ الحالِ، لأَنَّهم لَمْ يَغْتَفِروا في المُؤَوَّلِ مَا يَغْتفرونَهُ في الصَّريحِ فَيُجِيزونَ: جِئْتُكَ رَكْضًا، ولا يُجيزونَ: جِئْتُكَ أَنْ أَرْكُضَ، وإِنْ كانَ في تَأْويلِهِ. الرابع: أنه مستثنى من أعم العام في الأزمان والتقدير: لَتَأْتُنَّني بِهِ في كلِّ وقتٍ لا في وقتِ الإِحاطةِ بِكُمْ. وهذه المسألة تَقدَّم فيها خلافٌ، وأنَّ أَبا الفَتْحِ عثمانَ بْنَ جنّيٍّ أَجَازَ ذَلِكَ، كَمَا يُجَوِّزُهُ في المَصْدَرِ الصَّريحِ، فكَمَا تَقولُ: (أَتَيْتُكَ صِياحَ الدِّيكِ)، يُجيزُ (أَنْ يَصيحَ الدِّيكُ) وجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ قوْلُ تَأَبَّطَ شَرًّا:
وقالوا لا تَنْكِحيهِ فإنَّه ................... لأَوَّلِ نَصْلٍ أن يُلاقِيَ مَجْمعا
وقولَ أَبي ذُؤيْبٍ الهذلِيّ:
وتاللهِ ما إنْ شَهْلَةٌ أمُّ واجدٍ ............... بأَوْجَدَ مني أن يُهانَ صغيرُها
قال: تقديرُهُ: وقتَ ملاقاتِه الجَمْعَ، وَوَقْتَ إِهانَةِ صَغيرِها. قالَ الشَّيْخُ أبو حيّان: فعلى ما قالَهُ يَجوزُ تَخْريجُ الآيَةِ، ويَبْقَى "لَتَأْتُنَّني به" على ظاهِرِهِ مِنَ الإِثبات. قال السَّمينُ الحَلَبِيُّ: الظاهِرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، ومَتى كانَ مُفَرَّغًا وَجَبَ تَأْويلُهُ بالنَّفْيِ. ومَنَعَ ابْنُ الأَنْبارِيِّ مِنْ ذَلِكَ في "أنْ" وفي "ما" أَيْضًا، قالَ: فيَجوزُ أَنْ تَقولَ: خُروجُنا صِياحَ الدِّيكِ، ولا يَجُوزُ خُروجُنا أَنْ يَصيحَ، أَوْ: مَا يَصيحَ الدِّيكُ: فاغْتُفِرَ في الصَّريحِ ما لَمْ يُغْتَفَرْ في المُؤَوَّلِ. وهذا قياسُ ما قدَّمْناهُ في مَنْع وُقوعِ "أنْ" ومَا في حَيِّزِها مَوقِعَ الحَالِ، ولَكَ أَنْ تُفَرِّق ما بَيْنَهُما بِأَنَّ الحالَ تَلْزَمُ التَنْكيرَ، و "أَنْ" ومَا في حَيِّزِها نَصُّوا على أَنَّها في رُتْبَةِ المُضْمَرِ في التَّعْريفِ، فيُنافي وُقوعَها مَوْقعَ الحالِ بِخِلافِ الظَّرْفِ، فإِنَّهُ لا يُشْتَرَطُ تَنْكيرُهُ، فَلا يَمْتَنِعُ وُقوعُ "أَنْ" وما في حَيِّزِها مَوْقِعَهُ. و "أَنْ" حَرْفَ نَصْبٍ ومَصْدَرٍ. و "يُحَاطَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُغَيَّرُ، الصِيغَةِ مَنْصوبٌ بِ "أَنْ". و "بِكُمْ" جارٌّ ومجرور في محل الرفع نائب فاعِلٍ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مَعَ أَنْ المَصْدَرِيَّةِ فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرورٍ بِإضافَةِ المُسْتَثْنَى المَحْذوفِ تَقْديرُهُ: لَتَأْتُنَّني بِهِ عَلَى كُلِّ حالٍ إِلَّا حالَ الإحاطَةِ بِكم، أَوْ لا تَمْتَنِعونَ مِنَ الإتْيانِ بِهِ لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ إِلَّا لِعِلَّةِ الإحاطَةِ بِكم.
قولُهُ: {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وكيلٌ} الفاءُ: هيَ الفَصيحَةُ؛ لأَنَّها أَفْصَحَتْ عَنْ جَوابِ شَرْطٍ تَقديرُهُ: إِذا عَرَفْتَ أَنَّهُ أَبَى مِنَ الإرْسالِ مَعَهم حَتَّى يُؤتوهُ مَوْثِقًا مِنَ اللهِ، وَأَرَدْتَ بَيَانَ قولِهِ وحالِهِ بَعدَ أَخْذِ المِيثاقِ مِنْهمْ. فَأَقولُ لَكَ: لَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ. و "لمَّا" حَرْفُ شَرْطٍ غَيْرُ جازِمٍ. و "آتَوْهُ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضمِّ المقدَّرِ على الأَلِفِ الساكنةِ لالتقاءِ الساكنينِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعِ فاعِلِهِ، ومفعولان؛ لأنَّ "آتى" هُنَا بِمَعْنَى "أَعْطَى" فيَتَعَدَّى إِلى مَفْعولَيْنِ، أوَّلُهما الهاءُ: وهي ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ النصْبِ، وثانيهِما "مَوْثِقَ" وهوَ منصوبٌ على المفعوليَّةِ مُضافٌ، و "هم" الهاءُ: ضَميرٌ متَّصلٌ به في مَحلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، والميمُ علامةُ الجمعِ المذَكَّر. والجُمْلَةُ شَرْطٌ لِ "لمَّا". و "قَالَ" فعْلٌ مَاضٍ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ يَعودُ عَلَى يَعْقوبَ، والجُمْلَةُ جَوابُ "لَمَّا" لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، وجُمْلَةُ "لمَّا" في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ لِجوابِ إِذا المُقَدَّرَةِ. ولفظُ الجلالةِ "اللهُ" مَرفوعٌ بالابْتِداءِ. و "عَلَى" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالخبَرِ "وَكِيلٌ"، و "ما" اسمٌ موصولٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ، أو نكرةٌ موصوفةٌ. و "نَقُولُ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "نحن" يَعودُ عَلى يَعْقوبَ ـ عليهِ السَّلامُ، وأَوْلادِهِ، والجُمْلَةُ صِلَةٌ لِ "مَا"، أَوْ صِفَة ٌلَها، والعائدُ أَوِ الرَّابِطُ مَحْذوفٌ تَقْدِيرُهُ: على مَا نَقولُهُ. و "وَكِيلٌ" خَبَرُ المُبْتَدَأِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصٍبَ بالقوْلِ ل "قَالَ".
قَالَ بَعْضُهمْ يُسْكَتُ عَلى "مَوْثِقَهم" لأَنَّ المَعْنَى قالَ يَعْقوبُ "اللهُ على مَا نَقُولُ" مِنْ طَلَبِ المَوْثِقِ وإِعْطائهِ، غَيْرَ أَنَّ السَّكْتَةَ تَفْصِلُ بَيْنَ القَوْلِ والمَقُولِ وهذا لا يَجُوزُ، فالأَوْلَى أَنْ يُفْرَقَ بَيْنَهُما بالصَّوْتِ فَيُقْصَدَ بِقُوَّةِ النَّغْمَةِ اسْمُ اللهِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 66
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 2
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 20
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 35
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 51
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 67

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: