فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 54
وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)
قولُهُ ـ تباركت أسماؤهُ: {وَقَالَ المَلِكُ ائْتوني بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} أي: فَلَمَّا تَحَقَّقَ المَلِكُ مِنْ بَرَاءَةِ يُوسُفَ قَالَ لأَصْحَابِهِ: أَحْضِرُوهُ إِليَّ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجْعَلَهُ مِنْ خَاصَّتِي وحاشيتي المقرَّبينَ مني، وأَسْتَخْلِصُهُ لِنَفْسِي خالِصًا لِي لا يَشْرَكُني فيهِ أَحدٌ. والاسْتِخْلاصُ طَلَبُ خُلوصِ الشَّيْءِ مِنْ شائِبَةِ الإِشْراكِ. والسِّينُ وَالتَّاءُ فِي أَسْتَخْلِصْهُ لِلْمُبَالَغَةِ، مِثْلَهَا فِي اسْتَجَابَ وَاسْتَأْجَرَ.
قولُهُ: {فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} وفعلٌ محذوفٌ هنا والتقديرُ: فَأتَوْا بِهِ فكلَّمَهُ الملكُ، وقد حُذِفَ للإيذانِ بِسُرْعَةِ الإتْيَانِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَمْرِ بِإِحْضارِهِ والخِطابِ مَعَهُ زَمانٌ أَصْلًا، وذَلِكَ على طَريقَةِ البَلاغَةِ القُرْآنِيَّةِ. فقد رآهُ الملكُ و شاهَدَ مِنْهُ ما لم يعتدْ على رُؤْيَتِهِ وما لَمْ يَكُنْ يَتَوقَّعْ أنْ يراه مِنْ بَشَرٍ، فأُعْجِبَ به أَيَّما إعجابٍ. ورُوِيَ أَنَّ الرَّسولَ لمَّا جاءَهُ كان مَعَهُ سَبْعونَ حاجِبًا وسَبْعونَ مَرْكَبًا، وكانَ حاملًا إِلَيْهِ لِبَاسَ المُلوكِ، فقال: أَجِبِ المَلِكَ، فخَرَجَ مِنَ السِّجْنِ ودَعَا لأَهْلِهِ: اللَّهُمَّ عَطِّفْ عَلَيهم قُلوبَ الأَخْيارِ ولا تُعَمِّ عَلَيْهِمُ الأَخْبارَ، فهم أَعْلَمُ النَّاسِ بالأَخْبارِ في الواقعاتِ. وكَتَبَ عَلَى بابِ السِّجْنِ: هَذِهِ مَنَازِلُ البَلْواءِ وقُبُورُ الأَحْياءِ وشَماتَةُ الأَعْداءِ وتَجْرُبَةُ الأَصْدِقاءِ. ثمَّ اغْتَسَلَ وتَنَظَّفَ مِنْ دَرَنِ السِّجْنِ ولَبِسَ أفخرَ الثِيابِ، فلَمَّا دَخَلَ عَلَى المَلِكِ قالَ: اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ مِنْ خَيْرِهِ، وأَعُوذُ بِعِزَّتِكَ وقُدْرَتِكَ مِنْ شَرِّهِ، ثمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ بالعربيَّةِ، فقالَ المَلِكُ ما هذا اللِّسانَ؟ قالَ هذا لِسانُ عَمِّي إِسماعيل، ودَعَا لَهُ بالعِبْرانِيَّةِ فقالَ: وما هذا اللِّسانُ قالَ: لِسانُ آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وكانَ المَلِكُ يِتَكَلَّمُ بِسَبْعينَ لِسَانًا إلَّا هذين اللسانين فَكَلَّمَهُ الملكُ بِجَميعِ الألسُنِ التي يعرفُ فَأَجابَهُ يوسُف بجميعها، فتَعَجَّبَ مِنْهُ. وذُكِرَ أَنَّهُ لمَّا صارَ إلى الملك وكان في ذلك الوقتِ ابْنَ ثلاثينَ سَنَةً، فلمَّا رآهُ المَلِكُ حَدَثًا شابًا قال للسَّاقي: أَهَذا يَعْلَمُ مِنْ تَأْويلِ رُؤياي مَا لَمْ يَعْلَمْهُ السَّحَرةُ والكَهَنةُ؟ قالَ: نعم. وعندها أَقبلَ المَلِكُ على يُوسُفَ ـ عليهِ السلامُ، وأَجلسَه إلى جانبه على سريرهِ وقال: أَيُّها الصِدِّيقُ إِنّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ رُؤْيايَ مِنْكَ. قَالَ يُوسُفُ: نَعَمْ، أَيُّهَا الْمَلِكُ! رَأَيْتَ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ شُهْبًا غُرًّا حِسَانًا، كَشَفَ لَكَ عَنْهُنَّ النِّيلُ فَطَلَعْنَ عَلَيْكَ مِنْ شَاطِئِهِ تَسِيلُ أَخْلَافُهَا لَبَنًا، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ وَتَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِهِنَّ إِذْ نَضَبَ النِّيلُ فَغَارَ مَاؤُهُ، وَبَدَا أُسُّهُ، فَخَرَجَ مِنْ حَمِئِهِ وَوَحْلِهِ سَبْعُ بَقَرَاتٍ عِجَافٌ شُعْثٌ غُبْرٌ مُقَلَّصَاتُ الْبُطُونِ، لَيْسَ لَهُنَّ ضُرُوعٌ وَلَا أَخْلَافٌ، لَهُنَّ أَنْيَابٌ وَأَضْرَاسٌ، وَأَكُفٌّ كَأَكُفِّ الْكِلَابِ وَخَرَاطِيمُ كَخَرَاطِيمِ السِّبَاعِ، فَاخْتَلَطْنَ بِالسِّمَانِ فَافْتَرَسْنَهُنَّ افْتِرَاسَ السِّبَاعِ، فَأَكَلْنَ لُحُومَهُنَّ، وَمَزَّقْنَ جُلُودَهُنَّ، وَحَطَّمْنَ عِظَامَهُنَّ، وَمَشْمَشْنَ مُخَّهُنَّ، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ وَتَتَعَجَّبُ كَيْفَ غَلَبْنَهُنَّ وَهُنَّ مَهَازِيلُ! ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُنَّ سِمَنٌ وَلَا زِيَادَةٌ بَعْدَ أَكْلِهِنَّ! إِذَا بِسَبْعِ سَنَابِلَ خُضْرٍ طَرِيَّاتٍ نَاعِمَاتٍ مُمْتَلِئَاتٍ حَبًّا وَمَاءً، وَإِلَى جَانِبِهِنَّ سَبْعٌ يَابِسَاتٌ لَيْسَ فِيهِنَّ مَاءٌ وَلَا خُضْرَةٌ فِي مَنْبَتٍ وَاحِدٍ، عُرُوقُهُنَّ فِي الثَّرَى وَالْمَاءِ، فبينا أنت تقول في نفسك: أيُّ شيءٍ هَذَا؟! هَؤُلَاءِ خُضْرٌ مُثْمِرَاتٌ، وَهَؤُلَاءِ سُودٌ يَابِسَاتٌ، والمَنبتُ واحدٌ، وأُصولُهُنَّ فِي الْمَاءِ، إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ فَذَرَّتِ الْأَوْرَاقَ مِنَ الْيَابِسَاتِ السُّودِ عَلَى الْخُضْرِ الْمُثْمِرَاتِ، فَأَشْعَلَتْ فِيهِنَّ النَّارَ فَأَحْرَقَتْهُنَّ، فَصِرْنَ سُودًا مُغْبَرَّاتٍ، فَانْتَبَهْتَ مَذْعُورًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: وَاللهِ مَا شَأْنُ هَذِهِ الرُّؤْيَا وَإِنْ كَانَ عَجَبًا بِأَعْجَبَ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْكَ! فَمَا تَرَى فِي رُؤْيَايَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ؟ فَقَالَ يُوسُفُ: أَرَى أَنْ تَجْمَعَ الطَّعَامَ، وَتَزْرَعَ زَرْعًا كَثِيرًا فِي هَذِهِ السِّنِينَ الْمُخْصِبَةِ، فَإِنَّكَ لَوْ زَرَعْتَ عَلَى حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ لَنَبَتَ، وَأَظْهَرَ اللهُ فِيهِ النَّمَاءَ وَالْبَرَكَةَ، ثُمَّ تَرْفَعُ الزَّرْعَ فِي قَصَبِهِ وَسُنْبُلِهِ تَبْنِي لَهُ الْمَخَازِنَ الْعِظَامَ، فَيَكُونُ الْقَصَبُ وَالسُّنْبُلُ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ، وَحَبَّهُ لِلنَّاسِ، وَتَأْمُرُ النَّاسَ فَيَرْفَعُونَ مِنْ طَعَامِهِمْ إِلَى أَهْرَائِكَ الْخُمُسَ، فَيَكْفِيكَ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جَمَعْتَهُ لِأَهْلِ مِصْرَ وَمَنْ حَوْلَهَا، وَيَأْتِيكَ الْخَلْقُ مِنَ النَّوَاحِي يَمْتَارُونَ مِنْكَ، وَيَجْتَمِعُ عِنْدَكَ مِنَ الْكُنُوزِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ، فَقَالَ الْمَلِكُ: وَمَنْ لِي بِتَدْبِيرِ هَذِهِ الْأُمُورِ؟ وَلَوْ جَمَعْتُ أَهْلَ مِصْرَ جَمِيعًا مَا أَطَاقُوا، وَلَمْ يَكُونُوا فِيهِ أُمَنَاءَ، فَقَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عِنْدَ ذَلِكَ: {اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ}. فأَجْلَسَهُ عَلى السَّريرِ، وكساه الحرير، وألبسه طوقًا من ذهب، وأَعطاه دابَّةً مُسْرَجَةً مُزَيَّنَةً كَدابَّةِ المَلِكِ، وضُرِبَ الطَّبْلُ بِمِصْرَ أَنَّ يُوسُفَ خليفةُ المَلِكِ. وفَوَّضَ إِلَيْهِ الملكُ أَمْرَهُ، وقالَ لهُ: "إِنَّكَ اليوم لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ" أَيْ: ذو مَكانَةٍ ومَنْزِلَةٍ عظيمةٍ، وأَنْتَ عِنْدَنَا آمِنٌ عَلى نَفْسِكَ منْ كلِّ كيدٍ وغدرٍ لا يَمَسُّكَ أَحَدٌ بِسُوءٍ، وأَنتَ مُؤتَمَنٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لديْنَا. فأَمَّا أَمَانَتَهُ فَلِظُهورِ بَراءَتِهِ، وأَمَّا مَكانَتَهُ، فَلِثُبوتِ عِفَّتِهِ ونَزَاهَتِهِ. وَقد وصَفَ نَفْسَهُ ـ عليه السلامُ، بالأَمانَةِ والكِفَايَةِ وهُما طِلْبَةُ المُلُوكِ مِمَّنْ يُوَلُّونَهُ. وإنِّما قالَ ذَلِكَ لِيَتَوَصَّلَ إِلَى إِمْضاءِ أَحْكامِ اللهِ وإِقامَةِ الحَقِّ وبَسْطِ العَدْلِ والتَمَكُّنِ مِمَّا لأَجْلِهِ بُعِثَ الأَنْبِياءُ إِلى العبادِ، ولِعِلْمِهِ أَنَّ أَحَدًا غَيْرَهُ لا يَقومُ مَقامَهُ في ذَلِكَ، فكانَ طَلَبُهُ هذا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ لا حُبًّا بالدُنْيا ورغبةً في المُلْكِ، وفي الحديثِ الشريفِ قالَ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((رَحَمَ اللهُ أَخِي يُوسُفَ لَوْ لَمْ يَقُلْ اجْعَلْني عَلى خَزَائنِ الأَرْضِ لاسْتَعْمَلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ ولَكِّنَّهُ أَخَّرَ ذَلِكَ سَنَةً)) وَقِيلَ: إِنَّمَا تَأَخَّرَ تَمْلِيكَهُ إِلَى سَنَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ. وقيلَ: تُوُفِّيَ المَلكُ قِطْفيرُ أو الريَّنُ بْنُ الوليدُ في تِلْكَ الليالي فَنَصَّبَهُ مَنْصِبَهُ وزَوَّجَهُ زُليخا فوَجَدَها عَذْراءَ، وَوَلَدَتْ لَهُ إِفْرايِيمَ ومِيشا، ولَعَلَّ ذَلكَ إِنَّما كانَ بَعْدَ تَعْيِينِهِ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، لِمَا عُيِّنَ لَهُ مِنْ أَمْرِ الخَزَائنِ.
قولُهُ تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} الواوُ: استِئنافيَّةٌ، و "قالَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ، و "الملكُ" فاعِلٌ مرفوعٌ، وهذه الجملةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "ائْتُونِي" فِعْلُ أمرٍّ مبنيٌّ على حذفِ النونِ من آخرِهِ لآنَّه من الأفعال الخمسة، والواوُ: الدالَّةُ على الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والنونُ للوِقايَةِ والياءُ ضميرُ المتكلِّمِ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نصبِ مفعولٍ بِهِ. و "بِهِ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، والجملة في محل النَّصْبِ مَقولَ القولِ ل "قال". و "أَسْتَخْلِصْهُ" فِعْلٌ مُضارعٌ مجزومٌ جوابَ الطَّلَبِ، والسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، مِثْلَهَا فِي اسْتَجَابَ وَاسْتَأْجَرَ. "ائتوني" والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ فيهِ وجوبًا تقديرُهُ "أنا" يَعودُ عَلَى "الْمَلِكُ" والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفعولٌ به. و "لِنَفْسِي: اللامُ حرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "نَفْسِي" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مضافٌ، وياءُ المتكلِّمِ ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقوْلِ ل "قَالَ".
قولُهُ: {فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} الفاءُ: عاطِفَةٌ عَلى مَحْذوفٍ تَقديرُهُ: فَأَتَوْهُ بِهِ فَلَمَّا كَلَّمَهُ. و "لَمَّا" حَرْفُ شَرْطٍ غيرُ جازِمٍ. و "كَلَّمَهُ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيهِ جوازًا يَعُودُ على يوسُفَ أو على "الْمَلِكُ"، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ النَّصبِ مفعولٌ به، والجُمَلةُ فِعْلُ شَرْطِ لِـ "لمّا". و "قَالَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعُودُ عَلى "الْمَلِكُ"، والجُمْلَةُ الفِعْلية هذه جَوابُ "لمَّا" لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، وجملةُ "لمَّا" معطوفةٌ على تلك الجملة المحذوفةِ. و "إِنَّ" حرفٌ ناصبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، وكَافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ نصبِ اسمها، و "الْيَوْمَ" مَنْصوبٌ عَلى الظَرْفِيِّةِ الزَمانِيَّةِ تَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ "مَكِينٌ" و "أَمِينٌ". و "لَدَيْنَا" في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الظَرْفِيَّةِ المَكَانِيَّةُ مُضافٌ إِلى الضَميرِ تَنَازَعَ فِيهِ أَيْضًا كُلٌّ مِنَ الاسْمَيْنِ، و "نا" ضميرُ المتكلمينَ في محلِّ النصبِ بالإضافةِ إليه. و "مَكِينٌ" خَبَرٌ أَوَّلُ لـ "إِنَّ" مرفوعٌ، و "أَمِينٌ" خَبَرُها الثاني، وجُمْلَةُ "إِنَّ" هذه في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ ل "قَالَ".
وَ "الْمَكِينُ" صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ "مَكُنَ" بِضَمِّ الْكَافِ، إِذَا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ، وَهِيَ الْمَرْتَبَةُ الْعَظِيمَةُ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْمَكَانِ.
وَ "الْأَمِينُ" فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَأْمُونٍ عَلَى شَيْءٍ، أَيْ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي حِفْظِهِ.