[ltr]قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [/ltr]
(26)
قولُهُ ـ تعالى شأْنُهُ: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} جوابٌ عَن سؤالِ تثيرُهُ الآيةُ السابقةُ: فماذا قالَ يُوسُفُ حِينَئِذٍ؟ قالَ دَافعًا عَنْ نَفْسِهِ الكريمةِ ما اتَّهَمَتْهُ به: "هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَّفْسِي" أَيْ طالَبَتْنِي مُلِحَّةً في دعوتي إلى نَفْسِها، وأَنَا لمْ أُرِدْ سُوءًا بِها كَما ادَّعَتْ. ذلك لأنَّها لم تكنْ صادقةً في حبِّه، لأنَّ من شأنِ المُحِبِّ الصادق أنْ يتحمَّل عن محبوبه لا أن يحملَه، فضلًا عن أن يتَّهمَه زورًا لِيُبَرِّئَ نَفْسَهُ، وفيما قالَهُ ـ عَليْه السَّلامُ، تَنْزيهُ نَفسِهِ عَمَّا أُلصقَ بهِ مِنْ خِيانَةٍ لمن آواه في بيتِهِ وربّاهُ، ونَفْيِ للأمْرَيْنِ، اللذيْنِ اتَّهَمَتْهُ بهما، وفي الإشارةِ إليْها بِضَميرِ الغَيْبَةِ "هي" دونَ خِطابِها أو ذكرِ اسْمِها مُراعاةٌ لِحُسْنِ الأَدَبِ وإيماءٌ إِلى إِعْراضِهِ عَنْها، وردِّ التهمةِ عليها. قال نوف: الشَّيْبانيُّ: ما كان يُوسُفُ يُريدُ أَنْ يَذْكُرَهُ، فلَمَّا سَبَقَتْ هِيَ بِطَرْحِ الجُرْمِ عَلَيْهِ غَضِبَ يُوسُفُ، وقال: "هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي". أَخْرَجَهُ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ: (12/193)، والثَّعْلَبِيُّ: (7/76)، وابْنُ أَبي حاتم: (7/2127)، وأَبو الشَّيْخِ كما في الدُّرِّ" (4/25).
قولُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} احْتَاجَ الْمَلِكُ إِلَى شَاهِدٍ لِيَعْلَمَ الصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ لِأَنَّهُمَا تَعَارَضَا فِي الْقَوْلِ ، فَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا. أَيْ حَكَمَ حَاكِمٌ مِنْ أَهْلِهَا، لِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ. وسُمِّيَ قَوْلُهُ شَهَادَة لِأَنَّهُ يَؤولُ إِلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ فِي إِثْبَاتِ اعْتِدَاءِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى سَيِّدَتِهِ أَوْ دَحْضِهِ. فقِيلَ الشَّاهِدُ: هوَ ابْنُ عَمٍّ لَهَا، وقِيلَ: هوَ الذي كانَ جَالِسًا مَعَ زَوْجِها لَدَى البابِ، وقِيلَ: الشَّاهِدُ هوَ حَكيمٌ كانَ يَرْجِعُ المَلِكُ إِلَيْهِ ويَستشيرُهُ في الأُمورِ، وَقيلَ هوَ بَعْضُ أَهْلِها بَصُرَ بِها مِنْ حَيْثُ لم تَشْعُرْ بهِ فَأَغْضَبَهُ اللهُ تَعالى مِنْها نُصْرةً لِيُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بالشَّهادَةِ لَهُ والقِيامِ بإظهارِ الحَقِّ. أَخرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، "وَشهد شَاهدٌ" قَالَ: حَكَمَ حَاكِمٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: "وَشهد شَاهد من أَهلهَا" قَالَ: صَبِيٌّ فِي المَهْدِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: "وَشهد شَاهد من أَهلهَا" قَالَ: صَبِيٌّ أَنْطَقَهُ اللهُ كَانَ فِي الدَّارِ. وَأخرجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخ عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهلِهَا" قَالَ: كَانَ صَبِيًّا فِي المَهْدِ. وَأَخرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاق، وَالْفِرْيَابِي، وَابْنُ جريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهلِهَا" قَالَ: كَانَ رَجُلًا ذَا لِحْيَةٍ. وَأِخْرَجَ الْفرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا" قَالَ: كَانَ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَشهد شَاهدٌ مِنْ أَهلِهَا" قَالَ: رَجُلٌ لَهُ عَقْلٌ وَفَهْمٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهد من أَهلهَا" قَالَ: ابْنُ عَمٍّ لَهَا كَانَ حَكِيمًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهدٌ مِنْ أَهْلِهَا" قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ رَجُلٌ حَكِيمٌ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: الْقَمِيصُ يَقْضِي بَينَهُمَا: "إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ" إِلَى آخِرِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا" قَالَ: لَيْسَ بإنْسِيٍّ وَلَا جَانٍّ، هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ. وقيلَ إنَّ الشَّاهِدَ قَدُّ الْقَمِيصِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَهُوَ مَجَازٌ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، فَإِنَّ لِسَانَ الْحَالِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِ الْمَقَالِ. وَقَدْ تُضِيفُ الْعَرَبُ الْكَلَامَ إِلَى الْجَمَادَاتِ وَتُخْبِرُ عَنْهَا بِمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصِّفَاتِ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي أَشْعَارِهَا وَكَلَامِهَا. إِلَّا أَنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى بَعْدُ ذلك "مِنْ أَهْلِها" يُبْطِلُهُ.
والأَرْجَحُ أَنَّ الشَّاهِدَ صَبِيٌّ في المَهْدِ كانَ ابْنَ خَالٍ لَها، أَنْطَقَهُ اللهُ تَعالى بِبَراءَةِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. وهو ما قرَّره العلامةُ السُهيليُّ، فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ: عِيسَى وَصَاحب يُوسُف وَصَاحبُ جُريجٍ تَكلَّمُوا فِي المَهْدِ. وأَخْرَجَ الأئمَّةُ أَحْمَدُ، والطَبَرِيُّ، والبَيْهَقِيُّ، في دَلائلِ النُبُوَّةِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَنَّهُ قالَ: ((تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وهمْ صِغَارٌ، ابْنُ ماشِطَةَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ، وشاهِدُ يُوسُف، وصاحِبُ جُرَيْجٍ)). وهو الطفلُ الوليدُ الذي نَطَقَ بِبَراءةِ الراهِبِ جريجٍ مِمَّا اتَّهمَتْهُ بِهِ العاهِرَةُ، وعِيسى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. تَفْسير الطَبَرِيِّ: (16/55)، ومُسْنَدُ أَحْمَدٍ: (1/310). والحاكمُ في المُسْتَدْرَكِ: (2/496) مِنْ طَريقِ حمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وصَحَّحَهُ وقال: صَحيحٌ عَلى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ووافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. وقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: (وَالْأَشْبَهُ بِالْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ رَجُلًا عَاقِلًا حَكِيمًا شَاوَرَهُ الْمَلِكُ فَجَاءَ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ، وَلَوْ كَانَ طِفْلًا لَكَانَتْ شَهَادَتُهُ لِيُوسُفَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُغْنِي عَنْ أَنْ يَأْتِيَ بِدَلِيلٍ مِنَ الْعَادَةِ، لِأَنَّ كَلَامَ الطِّفْلِ آيَةٌ مُعْجِزَةٌ، فكانتْ أَوْضَحَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْعَادَةِ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ لِلْحَدِيثِ ((تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ يُوسُفَ))، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ أَنَّ صَاحِبَ يُوسُفَ لَيْسَ بِصَبِيٍّ). وَقد كَانَ القاضيان شُرَيْحٌ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يَعْمَلَانِ عَلَى الْعَلَامَاتِ فِي الْحُكُومَاتِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} إِنْ كانْ: أَيْ إِنْ يُعْلَمْ، وَالْعِلْمُ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا الْكَوْنُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي عَنِ الْعِلْمِ. "قُدَّ مِنْ قُبُلٍ" فَخَبَرٌ عَنْ "كانَ" بِالْفِعْلِ الْمَاضِي، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
وَكَانَ طَوَى كَشْحًا عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ ............. فَلَا هُوَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمِ
وَهَذَا مِنَ الْقَضَاءِ بِالْقَرِينَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمْسَكَتْ ثَوْبَهُ لِأَجْلِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ لِعِقَابِهِ لَكَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ اسْتِقْبَالِهِ لَهُ إِيَّاهَا فَإِذَا أَرَادَ الِانْفِلَاتَ مِنْهَا تَخَرَّقَ قَمِيصُهُ مِنْ قُبُلٍ، وَبِالْعَكْسِ إِنْ كَانَ إِمْسَاكُهُ فِي حَالِ فِرَارٍ وَإِعْرَاضٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِكَيْفِيَّةِ تَمْزِيقِ الْقَمِيصِ نَشَأَ عَنْ ذِكْرِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وُقُوعُ تَمْزِيقِ الْقَمِيصِ تُحَاوِلُ أَنْ تَجْعَلَهُ حُجَّةً عَلَى أَنَّهَا أَمْسَكَتْهُ لِتُعَاقِبَهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا خَطَرَ بِبَالِ الشَّاهِد أَنَّ تَمْزِيقًا وَقَعَ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَ الشَّاهِدُ تَمْزِيقَ الْقَمِيصِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّاهِدَ كَانَ يَظُنُّ صِدْقَهَا فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهَا فَوَقَعَ عَكْسُ ذَلِكَ كَرَامَةً لِيُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَزِيَادَةُ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ بَعْدَ فَصَدَقَتْ، وَزِيَادَةُ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ بَعْدَ فَكَذَبَتْ تَأْكِيدٌ لِزِيَادَةِ تَقْرِيرِ الْحَقِّ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْأَحْكَامِ. وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَكْثَرِ مِنَ الرَّبْطِ وَالتَّسَبُّبِ بَيْنَ مَضْمُونِ شَرْطِهَا وَمَضْمُونِ جَوَابِهَا مِنْ دُونِ تَقْيِيدٍ بِاسْتِقْبَالٍ وَلَا مُضِيٍّ. فَمَعْنَى "إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ" وَمَا بَعْدَهَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ حَصَلَ فِي الْمَاضِي فَقَدْ حَصَلَ صِدْقُهَا فِي الْمَاضِي.
قولُهُ ـ تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} قَالَ: فعل ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهر على آخرِهِ، وفاعلُهُ ضَمير مستترٌ فيه جوازًا تقديرُه "هو" يعودُ على يوسُفَ ـ عليه السلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ. و "هِيَ" ضميرٌ منفصلٌّ في محلِّ الرفعِ بالابتداءِ. و "رَاوَدَتْنِي" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، والفاعل ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هي" يَعودُ عَلَى زَليخَا، والتاءُ للتَأْنيثِ والنُّونُ للوِقايةِ والياءُ ضميرُ المُتَكَلَّم في مَحَلِّ النَّصبِ مفعولٌ بِهِ. والجُمْلَةُ الفِعليَّةُ في مَحلِّ الرَّفعِ خَبَرُ المُبْتَدَأُ "عَنْ نَفْسِي" جارٌّ ومجرورٌ مُضافٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، والياءُ ضمير المتكلم متَّصلٌ به في محل جرِّ مضافٍ إليهِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصبِ مَقولُ "قَالَ".
قولُهُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} وَ "شَهِدَ" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ مَعْطوفٌ على "قَالَ"، و "شاهدٌ" فاعلٌ مرفوعٌ و "مِنْ أَهْلِهَا" جارٌّ ومجرورٌ مُضافٌ متعلِّقٌ بصِفَةٍ لـِ "شَاهِدٌ".
قولُهُ: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} و "إنْ" حرْفُ شَرْطٍ جازمٌ. و "كَانَ" فعلٌ ماضٍ ناقصٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ الجَزْمِ بـ "إنْ" على أنَّها فِعلُ شرطٍ لها، و "قَمِيصُهُ" اسْمُ كانَ منصوبٌ بها، وهو مضافٌ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه. و "قُدَّ" فِعْلٌ ماضٍ مُغَيَّرُ الصِيغَةُ أو يقالُ منيٌّ للمجهول كما يقالُ مبنيٌّ للمفعولِ، وهو مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ على آخرِهِ، ونائبُ فاعِلِهِ ضَميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى "قَميصُ". و "مِنْ قُبُلٍ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قُدَّ"، وجُمْلَةُ "قُدَّ" في مَحَلِّ النَّصْبِ خَبَرُ "كَانَ".
قولُهُ: {فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} الفاءُ رابطةُ الجَوابِ جَوازًا، وقِيلَ: إِنَّهُ عَلى تَقْديرِ: قَدْ؛ أَيْ: فَقَدْ صَدَقَتْ لِيَكُونَ مِنَ المَوَاضِعِ الَّتي تَجِبُ فيها الفاءُ. و "صَدَقَتْ" فِعْلٌ ماضٍ في مَحَلِّ الجَزْمِ عَلَى كَوْنِهِ جَوابَ الشَّرْطِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ يَعودُ عَلى زُلَيْخَا، وجُمْلَةُ "إنْ" الشَّرْطِيَّةِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقوْلِ لِقَوْلٍ مَحْذوفٍ حَالٌ مِنْ "شَاهِدٌ"، تَقديرُهُ: وشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا حَالَةَ كَوْنِهِ قائِلًا: إِنْ كانَ قَميصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ. و "وَهُوَ" الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، و "هو" ضَميرٌ منفصلٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ. و "مِنَ الْكَاذِبِينَ" جارٌّ ومَجْرورٌ في محلِّ رفعِ خَبَرِهِ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السالمُ، والنونُ عِوَضٌ عنِ التنوينِ في الاسمِ المفرَدِ، وهذه الجملَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ الجَزْمِ عطْفًا عَلى جُمْلَةِ "صَدَقَتْ".
قرأَ الجمهورُ "قُدَّ" وقرَأَتْ فِرْقَةٌ "قُطَّ"، أَيْ: شُقَّ. والقَطُّ في الجِلْدِ الصَّحيحِ والثَّوْبِ الصَّحيحِ. وقالَ الشاعِرُ:
تَقُدُّ السُّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُهُ ......... وتُوْقِدُ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُبَاحِبِ