روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101 I_icon_minitimeالأحد مايو 17, 2015 3:38 pm

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)

قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ فِي أَحْيَاءِ العَرَبِ، وهُمْ قبائلُ جُهَيْنَةَ، وأَسْلَمَ، وأَشْجَعَ، وغِفار، كانوا مِمَّنْ أقامَ حَوْلَ المَدِينَةِ، وهم مُنَافِقونَ، كَمَا يُوجَدُ مُنَافِقُونَ بَيْنَ أَهْلِ المَدِينَةِ. فقد أَخرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قولِهِ تعالى: "وممن حولكم من الأعراب" قال: جُهُيْنَةُ، ومُزَيْنَةُ، وأَشْجَعُ، وأَسْلَمُ، وغِفارُ.
قولُهُ: {مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} وَقَدْ اجْتَرَأَ هؤلاءِ وهؤلاءِ على النِّفَاقِ، وأَقاموا على ذَلِكَ وتَمَرَّنُوا عليه، وَحَذَقُوهُ فيه، حَتَّى بَلَغُوا الغَايَةَ فِي إِتْقَانِهِ، وَأَصْبَحَ مِنَ الصَّعْبِ كَشْفُهُمْ وَمنَ العَسِيرِ مَعْرِفَتُهُمْ، فإنَّ "مَرَدوا" صفةُ مَوْصوفٍ، بمعنى: مَهَروا وتمرَّنوا. وقدْ تَقَدَّمُ الكلامُ على هذِهِ المادَّةِ مُسْتوفىً في سورةِ النِساءِ عِنْدَ قولِهِ تعالى: {شَيْطَاناً مَّرِيداً} الآية: 117.
قولُهُ: {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ لاَ تَعْرِفُهُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُهُمْ، أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، والطَبرانيُّ في الأَوْسَطِ، وأَبو الشَيْخِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضْيَ اللهُ عَنْهُما، في قولِهِ تعالى: "وممن حولكم من الأعراب منافقون ..." الآية. قال: قامَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، يَوْمَ جُمُعَةٍ خَطِيباً فقالَ: قُمْ يا فُلانُ فاخْرُجْ فإنَّكَ مُنافِقٌ. فأَخْرَجَهم بِأَسْمائهِمْ، فَفَضَحَهم، ولم يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَهِدَ تِلْكَ الجُمُعَةَ لِحَاجَةٍ كانَتْ لَهُ، فَلَقِيَهم عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهُمْ يَخْرُجونَ مِنَ المَسْجِدِ، فاخْتَبَأَ مِنْهُمُ اسْتِحْياءً أَنَّه لمْ يَشْهَدِ الجُمُعَةَ، وَظَنَّ النَّاسَ قَدِ انْصَرَفوا. واخْتَبَأُوا هُمْ مِنْ عُمَرَ، وظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِأَمْرِهِمْ، فدَخَلَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ المَسْجِدَ فإذا النّاسُ لمْ يَنْصَرِفُوا! فقالَ لَهُ رَجُلٌ: أَبْشِرْ يا عُمَرُ فقدْ فَضَحَ اللهُ المُنافقينَ اليومَ، فهَذا العَذابُ الأَوَّلُ، والعذابُ الثاني عَذابُ القَبْرِ.
وأَخْرَجَ عبدُ الرزّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشيخ، عَنْ قَتادةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ تعالى: "لا تعلمهم نحن نعلمهم" قال: ((فَما بَالُ أَقْوامٍ يَتَكلَّمونَ على النَّاسِ، يَقولونَ: فُلانٌ في الجَنَّةِ وفُلانٌ في النارِ؟! فإذا سَأَلْتَ أَحَدَهم عَنْ نَفْسِهِ قال: لا أَدْري ... لَعَمْري لأَنْتَ بِنَفْسِكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِأَعْمالِ النَّاسِ، ولقد تَكَلَّفْتَ شَيْئاً ما تَكَلَّفَهُ نَبيٌّ، قالَ نُوحٌ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وما علمي بما كانوا يعملون} سورةُ الشعراءِ، الآية: 112. وقالَ شُعَيْبٌ ـ عليهِ السَّلامُ: {وما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفيظٍ} سورة الأنعام، الآية: 104. وقالَ اللهُ تَعالى لمُحَمَّدٍ ـ عليه الصَلاةُ والسلامُ: "لا تَعْلَمُهم نحنُ نَعْلَمُهم". 
قولُهُ: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} وعيدٌ لهم وتحقيقٌ لعذابهم حَسْبَما عَلِمَ اللهُ فِيهم مِنْ مُوجِباتِهِ، وفي تَغْيِيرِ السَبْكِ بإسْنادِ عَذابِهمُ السابِقِ إلى نُونِ العَظَمَةِ حَسْبَ إسْنادِ ما قَبْلَهُ مِنَ العِلْمِ، وإسْنادُ رَدِّهم إلى العذابِ اللاحِقِ إلى أَنْفُسِهِم إيذانٌ باختِلافِهم حالاً وأَنَّ الأَوَّلَ خاصٌّ بهم وُقُوعاً وزَماناً يَتَولاَّهُ سُبْحانَهُ, والثاني شاملٌ لِعامَّةِ الكَفَرَةِ وُقُوعاً وزَماناً، وإنِ اخْتَلَفَتْ طَبَقاتُ عَذابِهم. والسِينُ للتَأْكِيدِ، فَسَيُعَذِّبُهُمْ فِي الدًُّنْيَا مَرَّتِينِ:
أُولاهُمَا: فِيمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ المَصَائِبِ وَالخَوْفِ مِنَ الفَضِيحَةِ بِهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ.
وَثَانِيَتَهما: فِي آلاَمِ المَوْتِ، وَضَرْبِ المَلاَئِكَةِ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ حِينَ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ. وَفِي الآخِرَةِ يُرَدُّونَ إِلَى جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ المَصِيرُ.
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، عَنْ مُجِاهِد ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه في قوله تعالى: "سنعذبهم مرتين" قال: بالجُوعِ والقَتْلِ.
وأَخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتم، وأَبو الشَيْخِ عَنْ أَبي مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ "سنعذبهم مرتين" قال: بالجوعِ وعَذابِ القَبرِ.
وأَخْرَجَ ابْنُ المُنذِرِـ وابْنُ أَبي حاتِمٍ عَنْ مجاهدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ تعالى: "سَنُعَذِّبهم مَرَّتين" قال: عذابٌ في القَبْرِ، وعَذابٌ في النّارِ.
وأخرج ابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، والبَيْهَقِيُّ، في (عَذابِ القَبْرِ) عَنْ قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مثلَ ذلك. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ عَنِ الرَّبيعِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مثله.
قولُهُ تَعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ} وممن: أي: "مِنْ" حرف جرٍّ، و "مَنْ" اسمٌ موصولٌ وهو خبرٌ مُقَدَّمٌ، والظَرْفُ "حولكم" صلةُ الموصولِ. و "منافقون" مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ. ويجوزُ أنْ تكونَ "مَنْ" المَوصُوفَةَ، والظَرْفُ "حَوْلَكم" صِفَتُها. و "مِنَ الأَعْرابِ" الجارُّ "مِنَ" هنا لِبيانِ الجِنْسِ.
وقولُهُ: {وَمِنْ أَهْلِ المدينة مَرَدوا على النِفَاقِ} يَجُوزُ أَنْ يَكونَ نَسَقاً على "مَنْ" المجرورَةِ بِ "مِنْ" فَيَكونَ المَجرورانِ مُشْتَرِكَيْنِ في الإِخْبارِ عَنِ المُبْتَدَأِ الذي هُوَ ال "مُنافِقون"، فيكونُ التقديرُ: المُنافِقونَ مِنْ قَوْمٍ حَولَكم ومِنْ أَهْلِ المَديِنَةِ، وعليه فإنَّ هذا العطفَ هُوَ مِنْ عَطْفِ المُفْرَداتِ، إذْ عُطِفَ خبرٌ على خَبرٍ، وعلى هَذا فقولُهُ: "مَرَدُوا" مُسْتَأْنَفٌ لا محلَّ لَهُ. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ الكَلامُ تمَّ عِندَ قولِهِ: "مُنافِقونَ"، ويَكونُ قولُهُ: "وَمِنْ أَهْلِ المدينة" خَبراً مُقُدَّماً، والمُبْتَدَأُ بَعْدَهُ محْذوفٌ قامَتْ صِفِتُهُ مَقامَهُ، وحَذْفُ المَوْصُوفِ وإقامَةُ صِفَتِهِ مُقامَهُ وهِيَ جُمْلَةٌ، مُطَّرِدٌ مَعَ "مِنْ" التَبْعيضِيَّةِ. وقد مَرَّ تحريرُهُ، وهو نحوَ قولهم: "مِنَّا ظَعَنَ، ومِنَّا أَقامَ" والتَقْديرُ: ومِنْ أَهْلِ المَدينَةِ قَوْمٌ أَوْ نَاسٌ مَرَدُوا، وعلى هذا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الجُمُلِ. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ "مَرَدُوا" عَلى الوَجْهِ الأَوَّلِ صِفَةً لِ "مُنافقون"، وقد فُصِل بَينَهُ وبينَ صِفَتِهِ بِقَولِهِ: "وَمِنْ أَهْلِ المدينة". والتقديرُ: وممَّنْ حَوْلَكمْ، ومِنْ أَهْلِ المَدينةِ مُنافِقونَ مارِدونَ. قالَهُ الزَجَّاجُ، وتَبِعَهُ الزَمَخْشَرِيُّ وأَبو البَقاءِ. واسْتَبْعَدَهُ الشَيْخُ أبو حيّانَ الأندلُسيُّ للفَصْلِ بالمَعْطوفِ بَينَ الصِفَةِ ومَوْصُوفِها، فقال: فَيَصيرُ نَظيرَ: في الدارِ زَيدٌ وفي القَصْرِ، العاقِلُ. يَعْني فَفَصَلْتَ بَينَ زَيْدٍ والعاقِلِ بِقَولِكَ: وفي القَصْرِ. وشبَّهَ الزَمَخْشَرِيُّ حَذْفَ المُبْتَدَأِ المَوْصوفِ في الوَجْهِ الثاني وإقامَةَ صِفَتِهِ مُقامَهُ بِقولِ سُحَيْمِ بْنِ وَثِيلٍ الرِياحيّ:
أَنَا ابنُ جَلا وطلاعُ الثَّنايَا ................. متَى أضَعِ العِمامَةَ تَعرِفُوني
يُريدُ: أنُا ابْنُ رَجُلٍ جَلا ... ، وقد تمثَّلَ بهذا البيتش الحجّاجُ بنُ يوسُف الثقفيُّ في خطبته الشهيرة التي حطبها حين وُلِّي العراقَ، وبَعْدَهُ:
وماذَا يَدَّرِي الشُعَراءُ مِنِّي ................ وَقَدْ جاوَزْتُ رَأْسَ الأَرْبَعِينِ
أَخُو خَمْسينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي ................ ونَجَّذَني مُجاوَرَةُ الشُؤونِ
كَرِيمُ الخالِ مِنْ سَلَفيْ رِياحٍ ............. كَنَصْلِ السَيْفِ وَضِّاحُ الجَبينِ
فإنَّ مَكَانَنَا مِنْ حِميَرِيٍّ ................ مَكانُ اللَّيْثِ مِنْ وَسَطِ العَرينِ
قال الشيخ أبو حيّان: إنْ عَنى في مُطْلَقِ حَذْفِ المَوْصوفِ فَحَسَنٌ، وإنْ كانَ شَبَّهَهُ بِهِ في خُصوصِيَّتِهِ فَلَيْسَ بِحَسَنٍ؛ لأنَّ حَذْفَ المَوْصوفِ مَعَ "مِنْ" مُطَّرِدٌ، وقولُهُ: "أَنَا ابْنُ جَلا" ضَرورَةٌ، كما هو في قولِ الراجز:
مَا لَك عِنْدِي غَيْرُ سَهْم وحَجَرْ ............. وغَيْر كَبْدَاءَ شَدِيدَةِ الوَتَرْ
جَادَتْ بِكفِّيْ كانَ مِنْ أرمى البَشَرْ
أي: جادتْ بِكَفَيْ رَجُلٍ أو رامٍ كان مِنْ أَرْمَى البَشَر. وللنُحاةِ في بَيْتِ سُحَيْمٍ تَأويلاتٌ أَحَدُها: ما تقدَّمَ. وثانيها: أَنَّ هذِهِ الجُمْلَةَ مَحْكِيَّةٌ لأنَّها قدْ سُمِّيَ بِها هذا الرُجُلِ، فإنَّ "جَلا" فِيهِ ضَميرُ فاعِلٍ، ثمَّ سُمِّيَ بها وحُكِيَتْ كَما قالوا: "شابَ قَرْناها" و "ذرى حَبَّا" كقولِ رُؤْبَةَ العجاج:
نُبِّئْتُ أخوالي بَني يَزيدُ .......................... ظُلْماً علينا لهمُ فَدِيدُ
ف "يزيدُ" بِضَمِّ الدالِ في مَوْضِعِ الجَرِّ دَليلٌ عَلى أَنَّهُ مَحْكِيٌّ مِنْ جُمْلَةٍ. عَلى أَنَّهُ عَلَمٌ لِكَوْنِهِ سُمِّيَ بالفِعْلِ مَعَ ضَميرِهِ المُسْتَتِرِ مِنْ قولِكَ: "المالُ يَزيد" ولو كانَ مِنْ قَوْلِكَ "يَزيدٌ المالُ" لَوَجَبَ مَنْعُهُ مِنَ الصَرْفِ ولكانَ هُنا مَجْروراً بالفَتْحَةِ، لأَنَّهُ مُضافٌ إليهِ، ممْنُوعٌ مِنَ الصَرْفِ، للعَلَمِيَّةِ ووَزْنِ الفِعْلِ.  فإن رَفْعَ كَلِمَةِ: "يَزيدُ" دَليلٌ على أَنَّ النَقْلَ مِنْ جملة فِعْلِيَّةٍ، فِعْلُها: "يزيدُ" وفاعِلُها: ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ تقديرُهُ: هُوَ.
والثالث: أَنَّهُ فِعْلٌ فَارِغٌ مِنَ الضَميرِ، وإنَّما لمْ يُنَوَّنْ لأنَّهُ عِنْدَهُ غيرُ مُنْصَرِفٍ، فإنَّه يُمْنَعُ بِوَزْنِ الفِعْلِ المُشْتَرَكِ، فَلَوْ سُمِّيَ بِ "ضرب" و "قتل" مَنَعَهُما. أَمَّا مُجَرَّدُ الوَزْنِ مِنْ غَيرِ نَقْلٍ مِنْ فِعْلٍ فَلا يُمْنَعُ بِهِ البَتَّةَ نحو: "جَمَل" و "جَبَل".
قولُهُ: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نحنُ نَعْلَمُهم} لا تَعْلَمُهُمْ: هذِهِ الجُمْلَةُ في محَلِّ رَفْعٍ أَيْضاً صِفَةً لِ "مُنَافِقون" ويَجوزُ أَنْ تَكونَ مُسْتَأْنَفَةً، والعِلْمُ هُنا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكونَ على بابِهِ فيَتَعَدَّى لاثْنَينِ، أَيْ: لا تَعْلَمُهُم مُنافقين، فحَذَفَ الثاني للدَّلالَةِ عَلَيْهِ بِتَقَدُّمِ ذِكْرِ المُنافِقينَ، ولأَنَّ النِفاقَ مِنْ صِفاتِ القَلْبِ لا يُطَّلعُ عَلَيْهِ. ويجوزُ أَنْ تَكونَ العِرْفانِيَّةَ فتَتَعَدَّى لِواحِدٍ. وأَمَّا "نحنُ نَعْلَمُهم" فلا يَجوزُ أَنْ تَكونَ إلاَّ على بابِها.
وقوله: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} تَقَدَّمَ الكلامُ في نَصْبِ "مَرَّةً" وأَنَّه إمَّا على المَصْدَرِيَّةِ وإمَّا على الظَرْفِيَّةِ وهو هنا كذلك. وهذِهِ التَثْنِيَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ المُرادُ بها شَفْعَ الواحِدِ وعليْهِ الأَكْثَرون، واخْتَلَفوا في تَفْسِيرِهما، ويحتَمَلُ أَنْ لا يُرادَ بها التَثْنِيَةُ الحَقِيقِيَّةُ بَلْ يُرادُ بها التَكْثيرُ كَقَوْلِهِ تَعالى في سورة المُلْكِ: {ثمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} الآية: 4. أيْ: كَرَّاتٍ، بِدَليلِ قَوْلِهِ تعالى بعدَ ذلك: {يَنْقَلِبْ إليكَ البَصَرُ خاسِئاً وهُوَ حَسيرٌ}. ذات الآية. أَيْ: ينقلبْ إليكَ البصرُ مُزْدَجِراً وهُوَ كَليلٌ، ولا يصيبُه ذَلِكَ "إلاَّ بَعْدَ كَرَّاتٍ. ومثلُهُ. لَبَّيْكَ وسَعْدَيْك وحنانَيْكَ.
قرأَ العامَّةُ: {سنُعذِّبُهم} بنونِ العظمةِ وضمِّ الباء، ورُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: "سَنُعَذِّبْهم" بِسُكونِ الباءِ، وهوَ على عادَتِهِ في تخفيفِ تَوالي الحَرَكَاتِ ك "يَنْصُرْكم" وبابِهِ، وإنْ كانَ بابُ "يَنْصَركم" أَحْسَنَ تَسْكيناً لِكَوْنِ الراءِ حَرْفَ تَكْرارٍ، فكأَنَّهُ تَوالى ضَمَّتان بخلافِ غيرِهِ. وقد تقدَّم تحريرُ هذا. وقالَ الشيخُ أبو حيّانَ الأندلسيُّ: وفي مُصْحَفِ أَنَسْ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "سَيُعَذِّبهم" بالياءِ. وقد تقدَّمَ أَنَّ المَصاحِفَ كانَتْ مُهمَلَةً مِنَ النَّقْطِ والضَبْطِ بالشَكْلِ فَكَيْف يُقالُ هَذا إن لَم يَكُنْ قد أُخِذَتْ قراءةً بالمُشافَهَةِ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 101
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 22
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 38
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 52
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 69

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: