روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5 I_icon_minitimeالأحد مارس 15, 2015 8:01 am

فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم.
(5)
قولُهُ ـ تعالى شأنُه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ} فَإِذَا انْقَضَتْ الأَشْهُرُ الأرْبَعَةُ المُحَدَّدَةُ فيما سَبَقَ بيانُهُ أَجَلاً لِلْمُشْرِكِينَ، وَالتِي حَرَّمَ اللهُ فِيهَا قِتَالَهُمْ، فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ، إنْ شِئْتُم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فِي الأَرْضِ، وإن شئتم فخُذُوهُمْ أسرى، فَإِنْ شِئْتُمْ أَسْراً، وَإِنْ شِئْتُمْ قَتْلاً. وجاءَ التَعْبيرُ هنا عن انصرامُ الأشهُرِ بالانسلاخِ مِنْ أَحْسَنِ الاسْتِعاراتِ، فالسلخُ: الكشطُ والنزعُ، فقد شَبَّهُ تَصَرُّمَ الأشهُرِ شيئاً فشيئاً وانْقضاءَها، بِسَلْخِ جِلْدِ الذَبيحَةِ. وقد نَسِخَ بقولِهِ: "فاقتلوا المشركين حيثُ وَجَدْتموهم" كُلَّ مُوادَعَةٍ ومُهادَنَةٍ للمشركين في القُرآنِ الكريم، وقيلَ: إنَّها نَسَخَتْ أَيْضاً قولَهُ في الآيةِ الرَابِعَةِ مِنْ سُورَةِ (محمّد) ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم: {فإمَّا مَنّاً بعدُ وإمَّا فِداءً}، وقِيلَ: بَلْ هي التي نَسَخَتْ قولَه: "فاقْتُلوا المُشْرِكينَ حَيْثُ وَجَدْتُموهم" إذْ يجوزُ الفداءُ والمنُّ. فالقتلُ وإنْ جاءَ بِلَفْظِ الأَمْرِ فهُوَ على وَجْهِ التَخْييرِ اعتباراً بالأَصْلَحِ نَظَراً إلى أَنَّ الأَمْرَ قدْ وَرَدَ بَعْدَ حَظْرٍ، فهو يفيد التخييرَ وإباحة القتلِ بعد منعه لا وجوبَه، فينظرُ إلى الصالح العامِّ في ذلك، فإنْ رأى الإمامُ القتلَ أصلح قتلَ، وإن رأى الفداءَ هو الأصلح أخذ الفديةَ وإن رأى في المنِّ مصلحةً للمسلمين مَنَّ بذلك.
وقيلَ المُرادُ بالأَشْهُرِ الحُرُمِ هُنا: الأَشْهُرُ المَعروفَةُ وهي رَجَب، وذو القِعدَةِ، وذو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، رُوِيَ ذلك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ والضَحَّاكِ والباقِرِ، واخْتارَهُ ابْنُ جَريرٍ الطبريُّ. وقالَ ابْنُ كَثيرٍ: وفيهِ نَظَرٌ. والذي يَظْهرُ مِنْ حيثُ السِياقِ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ في رِوايةِ العُوفيِّ عَنْهُ وبِهِ قالَ مُجاهِد، وعَمْرو بْنُ شُعَيْبٍ، وابْنُ إسْحاقَ، وقَتادةُ، والسُدِّيُّ، وعبدُ الرَحمنِ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ المُرادَ بها أَشْهُرُ التَسييرِ الأَرْبَعَةِ المَنْصوصِ عَلَيْها بِقَولِه: {فَسِيحُواْ فِي الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} ثمَّ قالَ: "فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ" أيْ: إذا انْقَضَتِ الأَشْهُرُ الأَرْبَعَةُ التي حرَّمنا عَلَيْكُم قتالهم فيها وأَجَّلْناهم، فحيثُما وَجَدْتُموهم فاقْتُلوهم، لأنَّ عَوْدَ العَهْدِ على مَذْكُورٍ أَوْلى مِنْ مُقَدَّرٍ، ثمَّ إنَّ الأَشْهُرَ الأَرْبَعَةَ المحرمَّةُ سَيْأتي بيانُ حُكْمِها في آيةٍ أُخرى.
والمُرادُ بالمُشركِينَ في قولِهِ: "فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ" أُولئكَ الخائنونَ الذينَ انْتَهَتْ مُدَّةُ الأَمانِ لهمْ، أَمَّا الذين لم يَخونوا، ولهم عُهودٌ مُؤَقَّتَةٌ بِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فلا يَحِلُّ قِتالهم، إلاَّ بَعْدَ انْتِهاءِ هذِهِ المُدَّةِ، كما سَبَقَ بَيانه في مكانهِ من الآية السابقة، واللهُ أعلم.
قولُهُ: {وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} واحْصُروهم، الحَصْرُ هنا تَقْييدُ الحَرَكَةِ مَعَ السَمَاحِ لهم بِحَرَكَةٍ محدودةٍ بحيْثُ لا يَغيبونَ عَنْ أنَظَارِكم، فيمكرون بكم، ويكيدونَ لَكم، ويَتَآمَرون عليكم، وامْنَعوهُم مِنْ دُخُولِ مكَّةَ واحْجُزوهم عَنِ البيتِ الحرامِ حتى لا يُدَنِّسوا هذهِ البِقاعِ الطاهِرَةِ كما كانوا يَفْعَلون فيما يسمّونَه حجّاً فيصفقون ويصفِّرون ويطوفون عراةً، واتخذوا على كل طريق أَماكنَ لكم لتُراقبوهم منها حَتَّى لا تباغتوا وتُؤخذوا على حِينَ غِرَّةٍ مِنْكُمْ، والمَرْصَدُ الوَضْعُ الذي يُقْعَدُ فيهِ للعدُوِّ وهو مِنْ رَصَدْتُ الشَيْءَ أَرْصُدُهُ إذا تَرَقَّبْتُهُ، والمعنى كونوا لهم رَصَداً حَتّى تَأْخذوهم مِنْ أَيْ وَجْهٍ تَوَجَّهوا. وارْصُدوا حَرَكاتِهم حَتَّى تَأْمَنوا مَكْرَهم؛ وحَتّى لا يَتَّصِلَ بعضُهم ببعْضٍ، ويُنْشِئُوا تَكَتُّلاً معادياً للإسلام. فارصُدوا حَرَكاتهم، وارْصُدوا كلامَهم، وارْصُدوا أَفعالَهم، ولا تجعلوهم يَخْرُجون عَنْ رَقابَتِكم أبداً، وافْعَلوا ما بِوِسْعِكم لِتَكونُوا في مَأْمَنٍ مِنْ شُرورِهم. وقيلَ: المَقصودُ هُوَ طَريقُ مَكَّةَ حتى لا يَدْخُلوها، وَلاَ تَكْتَفُوا بِقِتَالِ مَنْ تُصَادِفُونَهُ مِنْهُمْ فِي طَرِيقِكُمْ، وَلَكِنِ اقْصُدُوهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ، وَحَاصِرُوهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، وَامْنَعُوا خُرُوجَهُمْ وَانْفِلاَتَهُمْ، وَارْصُدُوا طُرُقَهُمْ وَمَسَالِكَهُمْ، حَتَّى تُضَيِّقُوا عَلَيْهِمُ الوَاسِعَ، وَتَضْطَرُّوهُمْ إِلَى القَتْلِ أَوِ الإِسْلاَمِ.
وقد اخْتَلَفتِ العُقوبَةُ لاختلافِ مَواقِعِ المُشْرِكينَ مِنَ العِداءِ للإسْلامِ، فأَئِمَّةُ الكُفْرِ الذينَ يُحارِبونَ الإسلامَ؛ ويمنعون الناسَ من الإيمان به، ويُحَرِّضونَ على قِتالِ المُسلِمينَ وقَتْلِهم وإيذائهم ولا أمل في صلاحِ حالهم أبداً، ولا يَكُفونَ عن إيذاءِ المؤمنين يقتَلون. ومن لا يُؤذونَ المُسلمين، وإنَّما يُجاهِرون بعِدائهم لهم ولدينهم، يؤسرون. ومن لا يَفْعَلُ شيئاً منْ ذلك إنّما هو كافرٌ وحسب؛ يُراقَبُ وترصدُ تحرُّكاتُه ليُتَّقى شَرُّهُ ولِيكون المسلمونَ على اسْتِعدادٍ دائمٍ لمُواجَهَةِ أيِّ اعتداءٍ أو هجومٍ مُباغِتْ.
قولُهُ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم} فَإِنْ تَابُوا عَنِ الشِّرْكِ وَأَسْلَمُوا، وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ، وَأَدُّوا الزَّكَاةَ، وَقَامُوا بِوَاجِبَاتِ الإِسْلاَمِ، فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، فإنَّ أبوابَ التوبةِ مفتوحة لا تُغلقُ أبداً أَمامَ عبادهِ سبحانه جميعِهم، قال ـ صلى اللهُ عليْهِ وسَلَّم ؛ فيما أخرج البُخاريُّ عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ـ رضي اللهُ عنه، قَالَ: ((للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلاً، وَبِهِ مَهْلَكَةٌ، وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ نَوْمَةً، فَاسْتَيْقَظَ، وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ، فَنَامَ نَوْمَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ)). اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشَيْخان: (1/845). وكذلك يَفْرَحُ اللهُ بِتَوْبَةِ عِبادِهِ، لِذلكَ يُوضِحُ سُبحانَهُ وتَعالى بِأَنَّه إنْ تابَ هؤلاءِ الكُفَّارُ مِنْ عِدائهم لِدينِ اللهِ ورِسولِهِ، وأَقاموا الصلاةَ وآتَوا الزَكاةَ فَلْيُخَلِّ المسلمونَ سَبيلَهم ولْيَتْرُكوهم أَحْراراً.
وأَخرجَ ابْنُ ماجَةَ، ومحمَّدُ بْنُ نَصْرٍ المَرْوزِيُّ في كتابِ الصَّلاةِ، والبَزَّارُ، وأَبو يَعْلى، وابْنُ جَريرٍ الطبريُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَردوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمانِ مِنْ طَريقِ الرَبيعِ بْنِ أَنَسٍ بْنِ مالكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: ((مَنْ فارَقَ الدُنيا على الإِخلاصِ للهِ وعِبادَتِهِ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَقامَ الصلاةَ، وآتى الزَكاةَ، فارَقَها واللهُ عَنْهُ رَاضٍ))، قالَ أَنَسٌ: وهوَ دينُ اللهِ الذي جاءَتْ بِهِ الرُسُلُ، وبَلَّغوهُ عَنْ رَبِّهم مِنْ قَبْل هُوجِ الأَحاديثِ واخْتِلافِ الأَهْواءِ. وقالَ أَنَس: وتَصديقُ ذلكَ في كِتابِ اللهِ تَعالى في آخِرِ مَا أُنْزِلَ: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" وقال: تَوبَتُهم خَلْعُ الأَوْثانِ وعِبادَةُ رَبِّهم.
وَقد سُمِّيتْ هَذِهِ الآيَةُ بآيَةِ السَّيفِ فقد جَاءَ الأَمْرُ فِيهَا بِالقِتَالِ، بعد أنْ كَانَ مُؤَجْلاً.
قولُهُ تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} إذا: ظَرْفِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بمَعنى الجَوابِ، وليسَ بالجوابِ نَفْسِهِ؛ لأنَّ الفاءَ لا يَعْمَلُ ما بعدَها فيما قَبْلَها. و "الأَشْهُرُ" يجوز أن تكون الألف واللام للعهد، والمرادُ بهذه الأشهرِ الأَشْهُرُ المتقدمة في قوله: {فَسِيحُواْ فِي الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} والعربُ إذا ذكرت نكرةً، ثم أرادت ذِكْرها ثانياً، أتت بمضمرِه أو بلفظه معرَّفاً بأل، ولا يجوز أن نَصِفَه حينئذٍ بصفةٍ تُشْعر بالمغايرة، فلو قيل: رأيت رجلاً فأكرَمْتُ الرجلَ الطويل. لم تُرِد بالثاني الأولَ، وإن وَصَفْتَه بما لا يقتضي المغايرة جاز كقولك: فأكرمت الرجل المذكور، ومنه هذه الآيةُ فإن الأشهر قد وُصِفَتْ بالحُرُم، وهي صفةٌ مفهومة من فحوى الكلام فلم تقتض المغايرة. ويجوز أن يُرادَ بها غيرُ الأشهرِ المتقدمة فلا تكون أل للعهد، والوجهان مقولان في التفسير. وجملة الشَرْطِ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قولُهُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} حيثُ: ظَرْفُ مَكانٍ مَبْنِيٍّ على الضَمِّ في محلِّ نصبٍ على الظرفيّةِ، مُتَعَلِّقٌ ب "اقْتُلوا"، والواوُ في "وجدتموهم" للإشْباعِ.
قوله: {كُلَّ مَرْصَدٍ} هو منصوبٌ على الظرفِ المكاني. قال الزجاج: نحو: ذهبت مذهباً. وقد ردَّ الفارسيُّ عليه هذا القولَ من حيث إنه ظرف مكان مختص، والمكانُ المختصُّ لا يَصِلُ إليه الفعلُ بنفسه بل بواسطة "في"، نحو: صَلَّيْتُ في الطريق، وفي البيت، ولا يَصِلُ بنفسه إلاَّ في ألفاظٍ محصورةٍ بعضُها ينقاسُ وبعضها يُسمع، وجعل هذا نظيرَ بيْتِ ساعِدة بنِ جُؤْيَةَ الهُذَليّ حيث قال يَصِفُ رُمحاً:
لَدْنٌ بِهَزِّ الكفِّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ ............ فيه كما عَسَل الطريقَ الثعلبُ
وهو أَنَّه جعَلَهُ مما حُذِفَ فيهِ الحرفُ اتِّساعاً لا على الظَرْفِ؛ لأنَّهُ ظَرْفُ مَكانٍ مُخْتَصٍّ. فَنَصَبَ الطَريقَ على الظَرْفِ لأَنَّ عَسَلانَ الثَعْلَبِ وهُو مِشْيَتِهُ وَقَعَ في الطَريقِ. وقالَ عَمْرُو بْنُ كُلثوم:
صَدَدْتِ الكأسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو ............ وكان الكأسُ مَجْراها اليَمينا
فنَصَبَ اليمينَ على الظَرْفِ كأَنَّه قالَ مَجْراها عَلى اليَمينِ.
قال الشَيْخُ أَبو حَيَّانَ الأَنْدَلُسِيِّ: إنَّهُ يَنْتَصِبُ على الظَرْفِ؛ لأَنَّ معنى "واقْعُدوا" لا يُرادُ بِهِ حَقيقةُ القُعودِ، وإنَّما يُراد: ارْصُدوهم، وإذا كان كذلك فقد اتَّفَقَ العاملُ والظَرْفُ في المادَّةِ، ومتى اتَّفقا في المادَّةِ لَفْظاً أَوْ مَعْنىً وَصَلَ إلَيْهِ بِنَفْسِهِ. تَقولُ: جَلَسْتُ مجْلِسَ القاضِي، وقَعَدتُ مجْلِسَ القاضِي، والآيةُ مِنْ هَذا القَبيلِ.
ويجوزُ أنْ يكونَ مَنْصوبٌاً على إسقاطِ حرْفِ الجِرِّ وهو "على" أَيْ: على كلِّ مَرْصَد، وهذا قولُ الأَخفَشِ، وجَعَلَهُ مِثْلَ قولِ عُرْوَةَ بْنِ حِزامٍ:
تَحِنُّ فَتُبْدِي ما بها مِنْ صَبابةٍ ........ وأُخْفي الذي لولا الأسى لقَضَاني
وهذا لا ينقاسُ بلْ يُقتَصَرُ فيهِ عَلى السَّماعِ كَقوْلِهِ تَعالى: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم} أيْ: عَلى صِراطِكَ، واتَّفَقَ الكُلُّ على أنَّهُ عَلى تَقديرِ "على". وقالَ بَعضُهم: هُوَ على تقديرِ الباءِ أَيْ بِكُلِّ مَرْصَدٍ، وحينئذٍ تكون الباءُ بمعنى "في" فيَنبغي أَنْ تُقَدَّرَ "في" لأنَّ المعنى عليها، وجَعَلَهُ نَظيرَ قولِ الشاعِرِ:
نُغالي اللحمَ للأضيافِ نَيْئاً ................. ونَرْخُصُهُ إذا نَضِجَ القدورُ
أي نختار الذبيحة للضيف من أجودِ ماشيتِنا، ونقدّمها له بسماحة وطيبِ نَفْسٍ.
والمَرْصَدُ بوزنِ "مَفْعَل" مِنْ رَصَدَهُ يَرْصُدُه، أَيْ: رَقَبَهُ يَرْقُبُهُ وهُوَ يَصْلُحُ للزَمانِ والمَكانِ والمَصْدَرِ، قالَ عامرُ بْنُ الطُفَيْلِ:
ولقد عَلِمْتَ وما إِخالك ناسِياً ................ أنَّ المنيَّةَ للفتى بالمَرْصَدِ
والمِرْصاد: المكانُ المختص بالترصُّد، والمَرْصَدُ يَقَعُ على الراصِدِ سواءً كانَ مُفرَداً أَمْ مُثَنىً أَمْ مجْموعاً، وكَذلكَ يَقعُ على المَرْصودِ، وقولُهُ تعالى سُورة الجن: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}، الآية: 27. يَحْتَمِلُ كُلَّ ذَلكَ، وكَأَنَّهُ في الأَصْلِ مَصْدَرٌ، فلِذلكَ الْتُزِمَ فِيهِ الإِفْرادُ والتَذْكيرُ.
وجملةُ الشَرْطِ: "فإنْ تابوا" مَعْطوفَةٌ على جملَةِ الشَرْطِ قَبْلَها، فليسَ لهما محَلٌّ مِنَ الإعْرابِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 5
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 3
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 20
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 36
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 50
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 67

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: