[size=26.6667]وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ[/size]
[size=26.6667](165)[/size]
[size=26.6667]قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأنُه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ} أَيْ جَعَلَكُمْ خَلَفًا لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ. فأورثكم أرضَهم لِتَخْلُفوهم فيها وتَعْمُروها بعدَهم.[/size]
[size=26.6667]قولُه: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجاتٍ} درجات: فِي الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْقُوَّةِ وَالْبَسْطَةِ وَالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ. أي: فاوَتَ ـ سبحانَه ـ بَيْنَكم في الأرزاقِ والأَخْلاقِ والمَحاسِنِ والمَساوئِ والمَناظِرِ والأَشْكالِ والأَلْوانِ وغيرِ ذلك. [/size]
[size=26.6667]قولُهُ: {لِيَبْلُوَكُمْ فيما آتاكم} لِيَخْتَبِرَكم، فالِابْتِلَاءُ الِاخْتِبَارُ، أَيْ لِيُظْهِرَ مِنْكُمْ مَا يَكُونُ غَايَتَهُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ. وَلَمْ يَزَلْ بِعِلْمِهِ غَنِيًّا، لِيْختَبِرَكم في الذي أَنعَم به عليكم، يَخْتَبِرُ الغَنِيَّ في غِناهُ ويَسْأَلُهُ عَنْ شُكْرِهِ، وشُكرُ الغِنى بالمالِ أَداءُ الزَّكاةُ المفروضةِ، وتقديمُ الصَدَقاتِ والقَروضِ الحَسَنَةِ، وتَجهيزُ المُجاهدين، ومساعدةُ المحتاجين، وغيرُ ذلك مما هو معروفٌ مِنْ سُبُلِ الخَيْرِ، والشُكْرُ على نِعْمَةِ الأوْلادِ تَهذيبُهم، وحُسْنُ تربيتِهم وتأديبُهم على حُبِّ اللهِ ورسولِهِ، والعملِ بكتابِهِ وسُنَّةِ نَبِيِّه ـ صلى الله عليه وسلَّمَ، وتَنشِئَتُهم على مَكَارِمِ الأَخْلاقِ، والشُكْرُ على نعمة الصِّحَّةِ اسْتِعْمالُها في الطاعاتِ والجِهادِ في سَبيلِه، والسعي على العيال وكسب المال بنية إنفاقه فيما يرضي الله ـ سبحانه وتعالى ـ والعمل البنَّاء الذي يَخدُمُ المجتمعَ، والكَفُّ عَنِ الأذى، والشكرُ على الجاه مساعدةُ الضُعَفاءِ وقَضاءِ حوائجِهمْ، وحَلِّ مُشْكلاتِهم ونُصْرَةِ المَظلومِ منهم، ونعمة العلم تعليم الناس وعدم البخل به على طالبيه، ولتسخيره في خدمة الأمّة. وهكذا فشكر كلُّ نعمة من جنسها. ويختَبِرُ الفَقيرَ في فَقْرِهِ ويَسْأَلُهُ عَنْ صَبْرِهِ. وفي الحديث الشريفِ: ((إنَّ الدُنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ. وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكم فيها، فناظِرٌ كيف تَعْمَلون، فاتَّقوا الدُنيا واتَّقوا النِّساءَ، فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بني إسْرائيلَ كانتْ في النِّساءِ)) رواهُ مُسلِمٌ عَن أَبي سَعيدٍ الخِدْرِي ـ رضي اللهُ عنه. [/size]
[size=26.6667]قَولُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} سَرِيعُ الْعِقابِ: لِمَنْ عَصَاهُ. غَفُورٌ رَحِيمٌ: لِمَنْ أَطَاعَهُ. وَقَالَ: "سَرِيعُ الْعِقابِ" مَعَ وَصْفِهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالْإِمْهَالِ، وَمَعَ أَنَّ عِقَابَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ كُلَّ آتٍ قَرِيبٌ، فَهُوَ سَرِيعٌ عَلَى هَذَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ }سورة النحل، الآية: 77. وَقَالَ: {إنّهم يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَراهُ قَرِيباً} سورة المَعارج الآيتان: 6و7. وَيَكُونُ أَيْضًا سَرِيعَ الْعِقَابِ لِمَنِ اسْتَحَقَّهُ في دارِ الدُنيا. [/size]
[size=26.6667]قولُه تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} أَكَّدَ قولَهَ "لَغفور" باللامِ دلالةً على سَعَةِ رَحْمَتِه، ولم يُؤكِّدْ سُرْعَةَ العِقابِ بِذلكَ هُنا وإنْ كان قَدْ أَكَّدَ ذلك في سُورَةِ الأَعْرافِ، لأنَّ هُناكَ المَقامَ مَقامُ تَخْويفٍ وتَهديدٍ، وبعدَ ذِكْرِ قِصَّةِ المُعْتَدين في السَّبْتِ وغيرِهِ، فَناسَبَ تَأْكيدُ العقابِ هُناك، وأَتى بِصِفَتَي الغُفرانِ والرَّحْمَةِ، ولَمْ يَأْتِ في جانِبِ العِقابِ إلاَّ بِصِفَةٍ واحدةٍ دَلالةً على حِلْمِهِ وَسَعَة مَغْفِرَتِهِ ورَحْمَتِهِ.[/size]
[size=26.6667]قَوْلُهُ تَعَالَى: {جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ } خَلائِفَ: "جَمْعُ خَلِيفَةٍ، كَكَرَائِمَ جَمْعُ كَرِيمَةٍ. وَكُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ مَنْ مَضَى فَهُوَ خَلِيفَةٌ له. قَالَ الشَّمَّاخُ:[/size]
[size=26.6667]تُصِيبُهُمْ وَتُخْطِئُنِي الْمَنَايَا ........................... وَأَخْلُفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ[/size]
[size=26.6667]قولُه: {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ} دَرَجاتٍ: نَصْبٌ بِنزعِ الْخَافِضِ، أَيْ إِلَى دَرَجَاتٍ. [/size]
[size=26.6667]قولُه: {لِيَبْلُوَكُمْ} نُصِبَ بِلَامِ كَيْ، للتعليل. [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=26.6667]تَمَّتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ بِحَمْدِ اللهِ، وتليها سورة الأعراف بإذن الله، وَالصَلاةُ والسلامُ عَلَى سيدنا مُحَمَّدٍ رسولِ الله، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ومَنْ والاهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.[/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=14.6667]
[/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=29.3333] [/size][size=26.6667] [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=26.6667] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]
[size=29.3333] [/size]