روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114 I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 22, 2013 8:59 pm

قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيدًا لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

(114)

قَوْلُهُ تَعَالَى: {قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا} لَمَّا عَلِمَ سيِّدُنا عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ صِدْقَ نِيَّتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ لاَ يُرِيدُونَ تَعْجِيزَهُ، وَلا اقْتِراحَ الآيَاتِ عَلَيْهِ، دَعَا اللهُ تَعَالَى بِهَذَا الدُّعَاءِ الكَرِيمِ: فَقَالَ: يَا اللهُ، يَا مَالِكَ أَمْرِنَا وَمُتَوَلِّي تَرْبِيَتِنَا، أَنْزَلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ يَرَاهَا هَؤُلاَءِ المُقْتَرِحُونَ بِأَبْصَارِهِمْ، وَتَتَغَذَّى بَهَا أَبْدَانُهُمْ، وَتَكُونُ عِيدًا خَاصًا بِنَا، مَعْشَرَ المُؤْمِنِينَ، نُعَظِّمُهُ نَحْنُ وَمَنْ يَأْتِي بَعْدَنَا، وَاجْعَلْهَا عَلاَمَةً مِنْ لَدُنْكَ تُرْشِدْ بِهَا القَوْمَ إلى صِحَّةِ دَعْوَتِي، وَصِدْقِ نُبُوَّتِي، وَارْزُقْنَا رِزْقًا هَنِيئًا بِلاَ كُلْفَةٍ، وَلاَ تَعَبٍ، وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْ رَزَقَ.

وأَخرجَ التِرمذي في (نوادر الأصول) وغيرُه عن سَلمانَ الفارسِيِّ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنه ـ أنَّه ـ عليه الصلاةُ والسلامُ لمَّا رأى أنْ قدْ أَبَوْا إلَّا أنْ يَدْعُوَ لهم بِها، قامَ فأَلْقى عنْه الصُوفَ ولَبِسَ الشَعرَ الأسودَ ثمَّ تَوَضَّأ واغْتِسِلَ ودَخَلَ مُصَلَّاهُ فصَلَّى ما شاءَ اللهُ تعالى، فلمَّا قَضَى صلاتَه، قامَ قائمًا مُسْتَقْبِلاً القِبْلَةَ، وصَفَّ قَدَمَيْهِ حتَّى اسْتَويا، فأَلْصَقَ الكَعْبَ بالكَعْبِ، وحاذى الأَصابِعَ بالأَصابِعِ، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمْنى على اليُسْرى فوقَ صَدْرِهِ، وغَضَّ بَصَرَهُ، وطَأْطَأَ رأسَهُ خشوعًا، ثمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بالبُكاءِ، فما زالتْ دُموعُهُ تَسيلُ على خَدَّيْهِ، وتَقْطُرُ مِنْ أَطرافِ لِحْيَتِهِ حتَّى ابْتَلَّتِ الأرضُ حيال وجهه، فلَمَّا رأى ذلك دَعا اللهَ تعالى فقال: "اللهم رَبَّنَا..}. لقد ناداهُ ـ سبحانَه وتعالى ـ مرَّتيْنِ ـ على ما قيلَ ـ مَرَّةً بِوَصْفِ الأُلُوهيَّةِ الجامِعَةِ لِجميعِ الكَمالاتِ، وأُخرى بِوصْفِ الرُّبوبِيَّةِ المُنْبِئَةِ عن التربية إظهارًا لِغايَةِ التَضَرُّعِ ومُبالَغَةً في الاسْتِدْعاءِ.

قولُهُ: {أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَماءِ} الْمَائِدَةُ الْخِوَانُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ وقَد تقدَّمَ لنا تفصيلٌ في المائدة. والْمَائِدَةُ هِيَ الْمُطْعِمَةُ وَالْمُعْطِيَةُ الْآكِلِينَ الطَّعَامَ وَيُسَمَّى الطَّعَامُ أَيْضًا مَائِدَةً تَجَوُّزًا لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الْمَائِدَةِ، كَقَوْلِهِمْ لِلْمَطَرِ سَمَاءٌ. و"مِنَ السَماءِ" أيْ كائنةً مِنَ السَماءِ، والمُرادُ بِها إمَّا المَحَلُّ المَعهودُ وهو المُتَبادِرُ مِنَ اللَّفْظِ وإمَّا جِهَةُ العُلُوِّ، ويُؤَيِّدُ الأوَّلَ ما أَخْرَجَهُ ابْنُ حَميدٍ وابْنُ أَبي حاتِمٍ عنْ عَمَّار بْنِ ياسِرٍ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ أنَّ المائدةَ التي نَزَلَتْ كان عليْها مِنْ ثَمَرِ الجَنَّةِ. وكذا رُوِيَ عَنْ وَهْبٍ بْنِ مُنَبِّهٍ. ويُؤيِّدُ الثاني ما رُويَ عنْ سَلمانَ الفارسِيِّ مِنْ خَبَرٍ طَويلٍ أنَّ المائدةَ لمَّا نَزَلَتْ قالَ شَمْعونُ رأسُ الحَواريّينَ لِعيسى ـ عليه السلامُ ـ يا رُوحَ اللهِ وكَلِمَتَه أَمِنْ طَعامِ الدُنيا هذا أَمْ مِنْ طعامِ الجَنَّةِ؟ فقالَ ـ عليه الصلاة والسلام: أَما آنَ لكم أنْ تَعْتَبِروا بِما تَرَوْنَ مِنَ الآياتِ وتَنْتَهوا عَنْ تَنْقيرِ المَسائلِ ما أَخْوَفَنِي عَليكم أنْ تُعاقَبوا بِسَبَبِ هذِه الآيةِ. فقالَ شَمْعونُ: لا وإلَهِ اسْرائيلَ ما أَرَدْتُ بها سوءً يا ابْنَ الصِدِّيقَةِ. فقالَ عيسى ـ عليه السلامُ: ليس شيءٌ ممّا تَرَوْنَ عليْها مِنْ طعامِ الجَنَّةِ ولا مِنْ طَعامِ الدُنْيا إنَّما هو شيءٌ ابْتَدَعَهُ اللهُ تعالى في الهواءِ بالقُدْرَةِ الغالِبَةِ القاهِرَةِ. فقال له كُنْ فَكان في أَسْرَعِ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، فكُلوا ممّا سَأَلْتُمْ باسْمِ اللهِ واحْمُدوا عليْه ربَّكم يُمِدُّكمْ مِنْه ويَزِدْكُمْ فإنَّهُ بَديعٌ قادرٌ شاكِرٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَكُونُ لَنا عِيدًا} الْمَعْنَى: يَكُونُ يَوْمَ نُزُولِهَا "عِيدًا لِأَوَّلِنا" أَيْ لِأَوَّلِ أُمَّتِنَا وَآخِرِهَا فَقِيلَ: إِنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فَلِذَلِكَ جَعَلُوا الْأَحَدَ عِيدًا.

وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَأْكُلُ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا يَأْكُلُ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ "وَآيَةً مِنْكَ" يَعْنِي دَلَالَةً وَحُجَّةً. "وَارْزُقْنا" أَيْ أَعْطِنَا. "وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" أَيْ خَيْرُ مَنْ أَعْطَى وَرَزَقَ، لِأَنَّكَ الغنيُّ الحميدُ.

قوله تعالى: {اللَّهُمَّ} الْأَصْلُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ يَا اللهُ، وَالْمِيمَانِ بَدَلٌ مِنْ

"يَا" و"رَبَّنا" نِدَاءٌ ثَانٍ، لَا يُجِيزُ سِيبَوَيْهِ غَيْرَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِأَنَّهُ قَدْ أَشْبَهَ الْأَصْوَاتَ مِنْ أَجْلِ مَا لَحِقَهُ.

{تَكُونُ لَنَا عِيدًا} في "تكون" ضمير يعود على "مائدة" هو اسمُها، وفي الخبرِ احتمالان، أظهرُهما: أنه عيد، و"لنا" حالٌ من "عيدًا" لأنَّها صفة له في الأصلُ، والثاني: أو حالٌ من ضمير "تكون" عند مَنْ يُجَوِّزُ إعمالَها في الحال. والوجه الثاني: أنَّ "لنا" هو الخبر، و"عيدًا" حال: إمَّا من ضمير "تكونُ" عند مَنْ يرى ذلك، وإمَّا من الضمير في "لنا" لأنَّه وقعَ خبرًا فتحمَّل ضميرًا، والجملةُ في محلِّ نصبٍ صفةً لمائدة.

وقرأ عبد الله: {تَكُنْ} بالجزم على جواب الأمر في قوله: "أَنْزلْ" قال الزمخشري: وهما نظير {يَرِثُنِي وَيَرِثُ} مريم : 6. يُريدُ قولَه تعالى: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي} بالرفع صفةً، وبالجزم جوابًا، ولكنْ القراءتان هناك متواترتان، والجزمُ هنا في الشاذ.

والعِيد مشتَقٌّ من العَوْد لأنَّه يَعودُ كلَّ سنة، ويومُ العيدِ لأنَّه يعودُ بالفرح والسرور، وعندَ العرب لأنَّه يُعد بالفرح والحزن، وكلُّ ما عاد إليه في وقت فهو عِيد، وَالْعِيدُ وَاحِدُ الْأَعْيَادِ وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ وَيُقَالُ: لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ وَقَدْ عَيَّدُوا أَيْ شَهِدُوا الْعِيدَ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنْ عَادَ يَعُودُ أَيْ رَجَعَ فَهُوَ عِوْدٌ بِالْوَاوِ، فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا مِثْلَ الْمِيزَانِ وَالْمِيقَاتِ وَالْمِيعَادِ فَقِيلَ لِيَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: عِيدًا لِأَنَّهُمَا يَعُودَانِ كُلَّ سَنَةٍ. وَالْعِيدُ كُلُّ يَوْمٍ يُجْمَعُ كَأَنَّهُمْ عَادُوا إِلَيْهِ. وَسُمِّيَ عِيدًا لِلْعَوْدِ فِي الْمَرَحِ وَالْفَرَحِ فَهُوَ يَوْمُ سُرُورِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْجُونِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يُطَالَبُونَ وَلَا يُعَاقَبُونَ وَلَا يُصَادُ الْوَحْشُ وَلَا الطُّيُورُ وَقِيلَ: سُمِّيَ عِيدًا لِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَعُودُ إِلَى قَدْرِ مَنْزِلَتِهِ أَلَا تَرَى إِلَى اخْتِلَافِ مَلَابِسِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ وَمَآكِلِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُضَافُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْحَمُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُرْحَمُ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَوْمٌ شَرِيفٌ تَشْبِيهًا بِالْعِيدِ: وَهُوَ فَحْلٌ كَرِيمٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَيُنْسَبُونَ إِلَيْهِ فَيُقَالُ: إبِلٌ عِيديَّةٌ قال ردَّادٌ الكلابيُّ:

يَطْوي ابنُ سلمى بها من راكبٍ بَعُدًا ......... عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَانِيرُ

حتَّى قالوا لِلطَّيْفِ عِيدٌ قالَ الأعْشَى:

فَواكَبِدِي مِنْ لاعِجِ الحُبِّ والهَوى ...... إذا اعْتادَ قَلْبي من أُمَيْمَةَ عِيدُها

أي: طيفُها، وقال تأبَّطَ شَرًّا:

يا عيدُ ما لكَ مِنْ شوقٍ وإيراقِ ........... وَمَرِّ طَيْفٍ عَلَى الأَهْوَالِ طَرَّاقِ

وقال:

عادَ قلبي من الطويلةِ عيدُ ... . . . . . . . . . . . . . .

الطَّوِيلة: رَوْضَةٌ بالصَّمَّانِ

وقال الراغب: والعيديُ حالةٌ تعاوِدُ الإِنسانَ، والعائدة: كلُّ نفعٍ يَرْجِعُ إلى الإِنسانِ بشيٍء، ومنه "العَوْدُ" للبعيرِ المسنِّ: إمَّا لمعاودته السيرَ والعملَ فهو بمعنى فاعِل، وإمَّا لمعاودةِ السنينَ إيَّاه ومَرِّها عليْه فهو بمَعنى مفعول، قال: امرؤ القيس:

على لاحِبٍ لا يُهْتَدى بمنارِه ............. إذا سافَه العَوْدُ النباطِيُّ جَرْجَرا

وصُغِّرَ على "عُيَيْدٍ".

قولُه: {لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} متعلقٌ بِمَحذوفٍ لأنَّه وَقَعَ صِفَةً لـ "عِيدًا" أوْ بَدَلٌ مِنْ "نا" في "لنا" وقَرَأَ زَيْد بْنُ ثابتٍ والجَحْدَرِيُّ "لأُولانا وأُخْرانا" والتأنيثُ على معنى الأُمَّةِ. وخَصَّصَ أَبو البقاءِ كلَّ وَجْهٍ بِشيْءٍ وذلكَ أَنَّه قال: فأمَّا "لأولنا وآخرنا" فإذا جَعَلتَ "لنا" خَبرًا وحالًا مِنْ فاعِلِ "تَكونُ" فهو صِفةٌ لـ "عيدًا"، وإنْ جَعَلْتَ "لنا" صِفةً لـ "عيدًا" كان "لأوَّلِنا" بَدَلًا مِنَ الضَميرِ المَجرورِ بإعادَةِ الجارِّ".

وإنَّما فعلَ ذلك لأنَّه إذا جَعلَ "لنا" خَبرًا كان "عيدًا" حالًا، وإنْ جَعَلَه حالًا كان "عيدًا" خبرًا، فعلى التقديرين لا يُمكنُه جَعْلُ "لِأوَّلِنا" بدلًا من "لنا" لِئَلَّا يَلزَم الفصلُ بيْن البدلِ والمُبدَلِ مِنه: إمَّا بالحالِ وإمَّا بالخَبَرِ وهو "عيدًا" بخِلافِ ما إذا جُعِل "لنا" صفةً لـ "عيدًا"، هذا الذي يظهر في تخصيصِه ذلك بذلك، ولكن يُقال: قولُه: فإنْ جعلت "لنا" صفةً لـ "عيدًا" كان "لأوَّلِنا" بدلًا مُشْكلٌ أيضًا، لأنَّ الفصلَ فيه موجودٌ، لا سيَّما أَنَّ قولَه لا يُحْمَلُ على ظاهرِهِ لأنَّ "لنا" ليسَ صِفةً بَلْ هو حالٌ مُقدَّمَةٌ، ولكنَّه نَظَرَ إلى الأَصْلِ، وأَنَّ التَقديرِ: عِيدًا لَنا لأَوَّلِنا، فكأنَّه لا فَصْلَ، والظاهِرُ جَوازُ البَدَلِ، والفَصلُ بالخَبَرِ أوْ الحالِ لا يَضُرُّ لأنَّه مِنْ تَمامِهِ فليْسَ بِأَجْنَبيٍّ.

والبَدَلُ مِنْ ضميرِ الحاضرِ سواءً كان مُتكلِّمًا أمْ مخاطبًا لا يَجوزُ عند جمهورِ البَصْريين مِنْ بَدلِ الكلِّ مِنَ الكُلِّ، لو قلتَ: "قمتُ زيدٌ" يَعني نفسَك، و"ضربتُك عَمْرًا" لم يَجُزْ، قالوا: لأنَّ البدلَ إنَّما يُؤتى به للبَيانِ غالبًا، والحاضرُ متميِّزٌ بنفسِهِ فلا فائدةَ في البدلِ مِنْه، وهذا يَقْرُبُ منْ تَعليلِهم في مَنْعِ وَصْفِهِ. وأَجازَ الأخفشُ ذلك مُطلَقًا مُسْتَدِلًّا بظاهرِ هذِه الآيةِ وبقولِ حَميدٍ بْنِ حُرَيْثٍ بْنِ بَحْدَلٍ، ابْنِ أخِ مَيْسونَ بِنْتِ بَحْدَلٍ، أمِّ يَزيد بْنِ مُعاوِيةِ بْنِ أبي سفيان ـ رضيَ الله عنهما:

أنا سيفُ العشيرةِ فاعرِفوني ................... حُمَيْدًا قد تَذَرَّيْتُ السِّناما

فـ "حُمَيْدًا" بدلٌ مِنْ ياءِ اعْرِفوني، وقولِ الآخَرِ:

وشوهاءَ تَغْدو بي إلى صارخِ الوَغَى ........ بمُسْتَلْئِمٍ مثلِ الفَنيقِ المُدَجَّلِ

وقوله:

بكم قريشٍ كُفينا كُلَّ مُعْضِلَةٍ ............. وأَمَّ نهج الهُدى مَنْ كان ضِلِّيلا

وفي الحديث: "أَتَيْنا النَبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَريين).

والبَصْرِيُّونَ يُؤَوِّلون جميعَ ذلك، أمَّا الآية الكريمةِ فعلى ما تقدَّمَ في الوَجْهِ الأوَّلِ، وأمَّا "حُمَيْدًا" فمَنْصوبٌ على الاخْتِصاصِ، وأمَّا "بمُسْتلئم" فمِنْ بابِ التَجْريدِ وهو شيءٌ يَعرِفُه أَهلُ البَيانِ، يَعني أَنَّه جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ ذاتًا مُتَّصِفةً بِكذا، وأمَّا "قريشٍ" فالروايةُ بالرَّفْعِ على أنَّه منادى نُوِّنَ ضَرورةً كقولِ الأَحوصِ:

سلامُ اللهِ يا مطرٌ عليها .................... وليسَ عليك يا مطرُ السَّلامُ

وأمَّا "نفرٌ" فخبرُ مُبْتَدأٍ مُضْمَرٍ أيْ: نَحن، ومَنَعَ ذَلك بعضُهم إلَّا أَنْ

يُفيدَ البَدَلُ تَوكيدًا وإحاطةَ شُمولٍ فيَجوزُ، واسْتَدلَّ بهذِهِ الآيةِ وبِقولِ الآخر:

فما بَرِحَتْ أقدامُنا في مقامِنا .................. ثلاثتِنا حتى أُزيروا المَنائِيَا

بجَرِّ "ثلاثتِنا" بدلًا من "نا"، ولا حُجَّة فيه لأنَّ "ثلاثتِنا" تَوكيدٌ جارٍ مَجْرى "كلّ".

قولُه: {وَآيَةً}: عطفٌ على "عيدًا"، و"منك" صفتُها. وقرَأَ اليَمانيُّ: "وإنَّه" بـ "إنَّ" المشدَّدةِ، والضَميرُ: إمَّا للعيدِ وإمَّا للإِنزالِ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 114
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 2
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 16
» فيض العليم ... سورة المائدة الآية: 32
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 46
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 64

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: