روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 65

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  65 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  65 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 65   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية:  65 I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 19, 2013 6:34 pm

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ. (65)
قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُواواتَّقوا} وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ
أي المُتَمَسِّكين بالكِتابِ وهُمُ اليَهودُ والنَّصارى آمَنُوا بمحمدٍ ـ صلى الله
عليه وسلَّمَ ـ الإيمان الذي طلَبَهُ اللهُ منهم، وصدَّقوه فيما جاءَ بِه، كما أُمِروا بذلك في كُتُبِ اللهِ المُنزَّلةِ عليهم. "واتَّقوا" اللهَ ـ تعالى ـ بأنْ صانوا أَنْفُسَهم عن كلِّ ما لا يَرضاهُ من قولٍ وعملٍ، ولقد سبق بيان التقوى في غير موضعٍ.
قولُه: {لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ} يَعني: لَمَحَوْنا عنهم ذُنوبَهم الَّتي ارتكبوها قبلَ الإسلامِ وإنْ كانت في غايةِ العَظَمَةِ ولم نُؤاخِذْهم بها، فإنَّها وإنْ كَثُرتْ قليلةٌ بالنِسْبةَ إلى كَرَمِ اللهِ ـ تعالى ـ لأنَّ الإسلامَ يَجُبُّ ما قبلَه. وإنَّما وَعَدَهم الغُفرانَ بشرطِ التقوى. ودليلُ الخِطابِ يَقتَضي أنَّه لا يَغْفِرُ لِمَن لا يَتَّقِ منهم.
قولُه: {وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} يَعني لأدخلهم الجنَّةَ يوم القيامة مع المسلمين. فقد عامل الله ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خلقَه مُعامَلَةَ أَكرمِ الَأكرمين؛ حيثُ وَعَدَهم المغفرةَ، وتَكفيرَ ما ارْتَكبوا في حالِ الكُفْرِ إنهم آمنوا وحسُنَ إسلامُهم، بالرغم من قولِهمُ القبيحَ في حقِّ ذاتهِ العليَّة؛ وهو كما قال الله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} الأنفال: 38. وذلك أنَّه لمَّا تابَ ورَجعَ فإنَّما يَرجِعُ عن جميعِ ما كان منه ويَندَمُ، فهو كقولِهِ ـ تعالى: { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} الفرقان: 70؛ واللهُ أعلم. وجعلَ أبو حيان التوحيدي تكفيرَ السيئآتِ في مقابَلَةِ الإيمان، ودخولَ جَناتِ النَعيم في مُقابلةِ التَّقوى، وفَسَّرَ التقوى بامتِثالِ الأَوامِرِ واجْتِنابِ النَواهي، وكرَّرَ اللامِ في "لأكفرنَّ عنهم" و"لأدخلنَّهم" لِتأكيدِ الوَعْدِ، وفيهِ تَنبيهٌ على كَمالِ عِظَمِ ذُنوبِهم وكثرَةِ مَعاصيهم، وفي إضافةِ الجَنَّاتِ إلى النَعيمِ تَنبيهٌ على ما يَستَحِقُّونَه مِنَ العذابِ لو لم يُؤمِنوا ويَتَّقوا.
أَخرجَ ابْنُ أَبي حاتِمٍ ووغيرُه عن مالكٍ بْنِ دينارٍ أنَّه قال: "جنَّاتُ النعيمِ" بيْنَ جنَّاتِ الفِرْدوسِ وجَنَّاتِ عَدْنٍ، وفيها جَوارٍ خُلِقْنَ مِنْ وَرْدِ الجَنَّةِ، قيل: فمَنْ يَسْكُنُها؟ قال: الذين هموا بالمعاصي فلمَّا ذَكَروا عَظَمَةَ الله ـ تعالى شأنه ـ راقبوه". ولا يَخْفى أنَّ مثلّ هذا لا يُقالُ مِنْ قِبَلِ الرَأْيِ. والذي يقَتضيه الظاهرُ أنْ يُقالَ لِسائرِ الجَنَّاتِ: جنَّاتُ النعيمِ وإنِ اخْتَلَفَتْ مَراتِبُ النَّعيمِ فيها.
وقال الفخرُ الرازي: واعْلم أنَّه ـ سبحانَه ـ لمَّا بالَغَ في ذَمِّهم وفي تهجينِ طريقتِهم، عَقَّبَ ذلك ببيانِ أَنَّهم لو آمنوا واتَّقوا لَوَجَدوا سعادات الآخرة والدنيا. أمّا سعاداتُ الآخرةِ فهي محوصورة في نوعين: أحدهما: رفعُ العقاب. وثانيهما: إيصال الثواب.
أمَّا رفعُ العِقابِ فهو المُرادُ بقولِه: "لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ" وأمَّا إيصالُ التوابِ فهو المُرادُ بقولِهِ: "وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم".
وأمَّا سعادات الدُنيا فقد ذَكَرَها في قولِه بعدَ ذلك: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} المائدة: 66.
وقوله تعالى : {ولوْ أَنَّ} لو: تقدَّمَ الكلامُ فيها مختصرًا، وفيما يأتي
بعضُ التفصيلِ في ذلك، فـ "لو" تكونُ امتناعيَّةً وتكونُ شرطيَّةً وتكونُ مصدريَّةً وتكونُ للتمني. وهي هنا الامْتِناعيَّةُ أي حَرْفٌ يَدُلُّ على تَعليق ِفعلٍ بفعلٍ، فيما مضى. فيَلزَمُ، مِنْ تقديرِ حُصولِ شرطِها، حصولُ جوابِها. ويَلزَمُ كونُ شَرطِها مَحكومًا بامتِناعِه إذْ لو قُدِّرَ حُصولُهُ لَكانَ الجوابُ كذلك، فتَصيرُ حرفَ وُجوبٍ لِوُجوبٍ، وتَخرُجُ عن كونِها للتعليقِ، في الماضي. وأَمَّا جوابُها فلا يَلزَمُ كونُه مُمتَنِعًا، على كلِّ تقديرٍ، لأنَّه قد يَكونُ ثابتًا معَ امْتِناعِ الشَرْطِ، كمَا تَقَدَّمَ. ولكنَّ الأَكثرَ أنْ يَكونَ مُمتَنِعًا.
فقد اتَّضَحَ بذلك أنَّ "لو" تدُلُّ على أَمريْن: أَحدُهُما امتناعُ شرطِها، والآخَرُ كونُه مُستَلْزِمًا لِجَوابِها. ولا تَدُلُّ على امْتِناعِ الجَوابِ، في نفسِ الأمْرِ، ولا ثُبوتِه. فإذا قلتَ: لو قامَ زيدٌ لقامَ عَمْرٌو، فقِيامُ زيدٍ مَحكومٌ بانتِفائهِ فيما مَضى، وبِكونِه مُسْتَلْزِمًا ثبوتَه لِثبوتِ قيامِ عَمْرٍو.
وقد عبَّرَ ابْنُ مالكٍ، رَحِمَهُ اللهُ، عن معنى "لو" بثلاثِ عِبارات، حَسَنَةٍ، وافِيَةٍ بالمُرادِ. الأُولى: قولُه في التَسهيلِ: "لو" حرفُ شرطٍ يَقتَضي نفيَ ما يَلْزَمُ لِثُبوتِهِ ثُبوتُ غيرِهِ. والثانيةُ: قولُهُ في بعضِ نُسَخِ التَسْهيلِ: "لو" حرفُ شَرْطٍ يَقتَضي امْتَناعَ ما يَليهِ واسْتِلزامَه لِتالِيه. والثالثةُ: قولُهُ في شرحِ الكافِيَّةِ: لو حَرفٌ يَدُلُّ على امْتِناعِ تالٍ، يَلْزَمُ لِثُبوتِه ثبوتُ تاليه.
وقال سِيبَوَيْهِ: "لو" لِمَا كان سَيَقعُ لِوُقوعِ غيرِه. يَعني أنَّها تَقتَضي فعلًا ماضيًا، كان يُتَوَقَّعُ ثُبوتُه، لِثُبوتِ غيرِهِ، والمُتوقَّعُ غيرُ واقِعٍ. فكأنَّه قال: "لو" حرفٌ يَقتَضي فعلًا، امْتَنَعَ لامْتِناعِ ما كانَ يَثْبُتُ لِثُبوتِه. وهو نحوٌ ممّا قالَه غيرُه.
وقولُهم: "لو": حرفٌ يَدُلُّ على امْتِناعِ الثاني، لامْتِناعِ الأوَّلِ يَستقيمُ على وجهيْن، الأوَّلُ: أنْ يَكونَ المُرادُ أنَّ جَوابَ "لو" مُمْتَنِعٌ، لامْتِناعِ الشَرْطِ، غيرَ ثابتٍ لِثبوتِ غيرِه، بناءً منهم على مفهومِ الشَرْطِ، في حُكْمِ اللُّغةِ، لا في حُكْمِ العَقْلِ. والثاني أنْ يَكونَ المُرادُ أنَّ جوابَ لوْ ممتنِعٌ، لامْتِناعِ شرطِه، وقد يَكونُ ثابتًا لِثُبوتِ غيرِه، لأنَّها إذا كانت تَقتَضي نَفْيَ تاليها، واسْتِلْزامَه لِتاليه، فقد دَلَّتْ على امْتِناعِ الثاني، لامْتِناعِ الأَوَّلِ، لأنَّه مَتى انْتَفى شيءٌ انْتَفى مُساويهِ في اللُّزومِ، مَعَ احتمالِ أنْ يَكونَ ثابتًا، لِثُبوتِ أَمرٍ آخَرَ. فإذا قلتَ: لو كانتِ الشمسُ طالعةٌ كان الضوءُ مَوجودًا، فلا بُدَّ مِنِ انْتِفاءِ القَدْرِ المُساوي مِنْه للشَرْطِ. فَصَحَّ إذًا أنْ يُقالَ: "لو" حرفٌ، يَدُلُّ على امْتِناعِ الثاني لامْتِناعِ الأوَّلِ. وهذا الوجهُ الثاني هو الذي قررَّهُ في شرحِ الأَلْفِيَّةِ. وقالَ بعضُ النَّحْويّين: "لو: لَها أَرْبَعةُ أَحوالٍ:
الأوَّلُ: أَنْ تَكونَ حرفَ امْتِناعٍ لامْتِناعٍ. وذلك إذا دخلت على مُوجبيْن، نحو: لو قامَ زيدٌ لَقامَ عَمْرٌو. فدَلَّتْ على امْتِناعِ قيامِ عَمْرٍو، لامْتِناعِ قيامِ زَيْدٍ.
والثاني: أنْ تَكونَ حرفَ وُجوبٍ لِوُجوبٍ. وذلك إذا دَخَلَتْ على مَنْفِيَّيْنِ، نحوَ: لو لم يَقُمْ زيدٌ لَمْ يَقُمْ عَمْرٌو. فدَلَّتْ على امتناع عدم قيام عمرو، لامتناع عدم قيام زيد. ويلزم، من امتناع عدم قيامهما، وجود
قيامهما.
والثالث: أنْ تَكونَ حرفَ وُجوبٍ لامْتِناعٍ. وذلك إذا دَخَلَتْ على مُوجِبٍ، وبعدَه مَنْفِيٌّ، نحو: لو قام زَيْدٌ لِمْ يَقُمْ عَمْرٌو. فدَلَّتْ على امتناع قيام عمرة، لامتناع قيام زيد.
والرابعُ: أَنْ تَكونَ حرفَ امْتِناعٍ لِوُجوبٍ. وذلك إذا دَخَلَتْ على مَنْفِيٍّ، بعدَهُ مُوجِبٌ، نحوَ: لو لم يَقُمْ زيدٌ قامَ عَمْرٌو. فدَلَّتْ على امتناعِ قيامِ عَمْرٍو، لامتناعِ عدمِ قيامِ زيدٍ. ويتعلَّقُ بـ "لو" الامْتِناعيَّةِ مسائلُ، لا بُدَّ مِن الإشارةِ إليها:
الأولى: أَنَّها مثلُ إنْ الشَرْطيَّةِ، في الاختصاصِ بالفِعْلِ. فلا يَليها إلَّا فعلٌ، أو مَعمولُ فعلٍ مُضْمَرٍ، يُفَسِّرُهُ ظاهرٌ بعدَهُ، كقولِ عُمَر ـ رضي اللهُ عنه: لو غيرُك قالَها، يا أبا عُبيدةَ. وقال ابْنُ عُصفورٍ: لا يَليها فعلٌ مُضْمَرٌ، إلَّا في الضرورةِ، كقولِ الشاعر الغَطَمَّشِ مِنْ بَني شُقرةَ بْنِ كَعْبٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدٍ بْنِ ضَبَّةَ:
أخِلاَّءِ لوْ غَيْرُ الْحِمامِ أصَابَكُمْ ........ عَتَبْتُ وَلكِنْ ما عَلى الدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقبله:
أقُولُ وقَدْ فاضَتْ لِعَيْنِيَ عَبْرَةٌ ......... أرَى الأرْضَ تَبْقَى وَاْلأَخِلاَّءَ تَذْهَبُ
أوْ نادِرُ كلامٍ، كقول حاتِمٍ:
لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتْني.
وهو مثلٌ يُضرَبُ للكريمِ يَظلُمُه دَنئٌ فلا يَقْدِرُ على احتِمالِ ظُلْمِهِ،
وذلك أَنَّ حاتِمًا الطائيَّ مَرَّ بِبلادِ عَنَزَةَ في بعضِ الأَشْهُرِ الحُرُمِ فناداهُ أَسيرٌ لَهم يا أبا سَفَّانَةَ أَكَلَني الإسارُ والقَمْلُ فقال: ويْحَكَ أَسَأْتَ إذ نَوَّهْتَ باسْمي في غيرِ بلادِ قومي، فَساوَمَ القومَ بِهِ ثمَّ قَالَ: أَطْلِقُوهُ واجْعَلوا يَدي في القيدِ مكانَه ففعلوا، فجاءتْه امرَأةٌ ببعيرٍ ليَفْصِدَهُ فقامَ فنَحَرَهُ فلَطَمَتْ وَجْهَهُ فَقَالَ: لو غَيْرُ ذاتِ سِوَارٍ لَطَمَتْني يَعني أَنِّي لا أَقْتَصُّ مِنَ النِّساءِ فعُرِفَ ففَدَى نَفْسَهُ فِداءً عَظيمًا.
والظاهرُ أنَّ ذلك لا يَختَصُّ بالضَرورةِ، والنادِرِ. بلْ يكونُ في فصيحِ الكلام، كقولِه تعالى{قُلْ لو أنتم تَملكون خزائنَ رَحمةِ رَبّي}. حَذَفَ الفعلَ، فانفصلَ الضميرُ وانْفَرَدَتْ "لو" بمُباشَرَةِ أَنْ، كقولِهِ تعالى: {ولو أنَّهم صَبَروا}. وهو كثير.
واخْتُلِفَ في مَوْضِعِ "أن" بعدَ "لو". فذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إلى أَنَّها في مَوْضِعِ رَفْعٍ بالابْتِداءِ. وشَبَّهَ شذوذَ ذلك بانتصابِ "غُدْوَة" بَعدَ "لَدُن". وذَهَبَ الكُوفيُّونَ، والمُبَرِّدُ، والزَجَّاجُ، وكثيرٌ مِنَ النَحْوِيّين، إلى أَنَّها فاعلٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، تقديرُه: ولو ثَبَتَ أَنَّهم. وهو أَقْيَسُ، إبقاءً للاخْتِصاصِ.
ومذهبُ سِيبَوَيْهِ، والبَصْرِيِّين، أنَّ الخبرَ مَحذوفٌ. أو أنَّها لا تحتاج إلى خبرٍ، لانْتِظامِ المُخْبَرِ عنْه والخَبرِ بعد "أن". وذَكرَ ابْنُ مالكٍ أنَّ "لو" قد يَليها مُبتُدُأٌ وخبرٌ. كقولِ الشاعر عديٍّ بنِ زيدٍ:
لو بغيرِ الماءِ حَلْقي شَرِقٌ .............. كنتُ كالغَصَّان، بالماءِ اعْتِصاري
قيل: وهو مذهبُ الكُوفيّين. ومَنَعَ ذلك غيرُهم، وتأَوَّلوا ما وَرَدَ منه.
فتأوَّلَ ابْنُ خَروفٍ البيتَ، على إضمارِ "كان" الشأنيَّةِ، وتأوَّلَه الفارسِيُّ على أنَّ حَلْقي فاعلُ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ، يُفسِّرُه "شَرِقٌ"، و"شَرِقٌ" خَبَرُ مُبتَدَأٍ مَحذوفٍ، أيْ: هو شَرِقٌ. وفيه تَكَلُّفٌ.
الثانية: ذَكَرَ الزمخشريُّ أنَّ خبرَ "أن" الواقعةِ بعدَ "لو" يَلْزَمُ كونُه فعْلًا. قال الشيخُ أبو حيَّانَ: وهو وَهْمٌ، وخَطَأٌ فاحشٌ؛ قالَ اللهُ تعالى: {ولو أَنَّ ما في الأرضِ، مِنْ شَجَرَةٍ، أقلامٌ}. وقال العوَّامُ بْنُ شَوْذَبَ الشَيباني:
ولو انَّها عُصفورةٌ لَحَسِبْتَها ................... مُسَوّمَةٌ تَدْعو عُبيدًا وأَزْنَما
يَقصِدُ أنَّه حَسِبَ العُصفورةَ خَيْلًا مُسَوَّمَةً لِشِدَّةِ جُبْنِهِ.
وقال ابْنُ مالكٍ: وقد حَمَلَ الزَمَخْشرِيَّ ادِّعاؤه إضمارَ ثَبْتٍ بيْن "لو" و"أن" على التزامِ كونِ الخَبَرِ فِعْلًا، ومَنَعَهُ أَنْ يَكونَ اسْمًا، ولو كانَ بمَعْنى فعلٍ، نحوَ: "لو" أنَّ زَيدًا حاضرٌ. وما مَنَعَهُ شائعٌ، ذائعٌ في كلامَ العَرَبِ، كقولِه تعالى: {ولو أنَّ ما في الأرضِ، مِنْ شَجَرَةٍ، أَقلامٌ}، وكقولِ لبيدٍ يرثي عمَّه عامرَ بْنَ مالكٍ المُلَقَّبَ بِمُلاعِبِ الأَسِنَّةِ:
لو أنَّ حيًّا مُدْرِكُ الفلاحِ .......................... أَدْرَكَهُ مُلاعِبُ الرِّماحِ
والذي يَنبغي أنْ يُحمَلَ عليه كلامُ الزَمَخْشَرِيِّ أَنَّه مَنَعَ كونَ خَبَرِها اسْمًا مُشتقًّا، والتَزمَ الفعلُ حينئذٍ، إمكانَ صَوْغِه، قضاءً لِحَقٍّ طَلَبَها للفعلِ. وأمَّا إذا كان الاسْمُ جامِدًا فيَجوزُ، لِتَعَذُّرِ صَوْغِ الفِعلِ منْه، كما فَصَلَ ابْنُ الحاجِبِ؛ أَلا ترى قولَه في المُفَصَّلِ: ولو قلَت: لو أنَّ زيدًا حاضرٌ لأَكْرَمْتُه، لمْ يَجُزْ. ولم يَتَعرَّضْ لِغيرِ المُشْتَقِّ. وإذا حُمِلَ على هذا لَمْ يُرَدَّ عليْه قولُه تعالى: {ولو أنَّ ما في الأرض، من شجرة، أقلام}، ولا نحوُ "ولو أنَّها عصفورةٌ". وإنَّما يُرَدُّ عليْهِ: "لو أنَّ حيًّا مُدْرِكُ الفَلاحِ". وللمُجيبِ عنْه أنْ يَقولَ: إنَّ هذا البيتَ، ونحوَه، مِنَ النادرِ، فلا يُرَدُّ عليه.
الثالثة: "لو" الامتِناعيَّةُ تَصْرِفُ المُضارِعَ إلى المُضِيِّ، كقولِ كُثَيِّرِ عَزَّةَ:
لو يَسْمَعون كما سمعتُ، حديثَها ............ خَرُّوا، لِعَزَّةَ، رُكَّعًا، وسُجُودا
وكُثَيِّرٌ هذا من غُلاةِ الرافضة، وقد استأذن يومًا على الخليفة العادل عمرَ بْنِ عبدِ العزيزِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْه ـ فقال أَليسَ هو القائلُ:
رُكبانَ مَكَّةَ والذين رأيتُهم ................ يَبْكونَ مِن خوفِ المَعادِ قُعودا
لو يَسمعون كَما سَمِعْتُ حديثَها ................ خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعًا وسُجُودا
والمَيْتُ يُنْشَرُ أَنْ تَمَسَّ عِظامَه ............. مَسًّا، ويَخْلُدُ أنْ يَراكِ خُلودا
اللهُ يَعلَمُ لو أَرَدْتُ زِيادةً .................. في حُبِّ عَزَّةَ ما وَجَدْتُ مَزيدا
أَبْعَدَهُ اللهُ فواللهِ لا يَدخُلُ عَليَّ أَبَدًا.
فـ "لو" في ذلك عَكْسُ إنَّ الشَرطِيَّةَ، لأنَّها تَصْرِفُ الماضي إلى الاسْتِقْبالِ.
واخْتُلِفَ في عَدِّ "لو" مِنْ حُروفِ الشرْطِ. فقال الزَمخشَريُّ، وابْنُ مالكٍ: "لو" حرفُ شرطٍ. وأبى قومٌ تَسميَتَها حَرْفَ شَرْطٍ، لأنَّ حقيقةَ الشرطِ إنَّما تَكونُ في الاسْتِقْبالِ، و"لو" إنَّما هي للتَعليقِ في المُضِيِّ،
فليستْ مِنْ أدواتِ الشرطِ.
الرابعةُ: لا يَكونُ جوابُ "لو" إلَّا فِعلًا ماضيًا، مُثْبَتًا، أوْ مَنْفِيًّا بـ "ما"، أوْ مُضارِعًا مَجزومًا بـ "لم". والأكثَرُ في الماضي المُثْبَتِ اقْتِرانُهُ باللَّامِ. وقد يُحذَفُ كقولِه تعالى: {لو نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا}. وقَلَّ دُخولُها على المَنْفِيِّ بـ "ما" كقولِ الشاعر:
كذَبْتَ، وبيتِ اللهِ، لو كنتَ صادقًا ....... لَما سَبَقَتْني، بالبُكاءِ، الحَمائِمُ
وإنْ وَرَدَ ما ظاهرُه خِلافُ ذلك جُعِلَ الجَوابُ مَحذوفًا، كقولِه تعالى {ولو أنَّهم آمنوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ}. فالجَوابُ مَحذوفٌ، واللَّامُ جَوابُ قَسَمٍ مَحذوفٍ، أَغْنى عَنْ جوابِ "لو"، خلافًا للزَجَّاجِ. فإنَّه جَعَلَ لَمَثُوبَةً جَوابَ "لو"، قالَ: كأنَّه قيلَ: لَأُثِيبُوا.
القسم الثاني: "لو" الشَرْطِيَّةِ التي بمَعنى "إنْ". فهذه مثلُ "إنْ" الشَرطيَّةِ، يَليها المُستقبَلُ، وتَصْرِفُ الماضي إلى الاسْتِقْبالِ. كقولِهِ تعالى: {وما أَنْتَ بِمُؤمِنٍ لَنا، ولو كُنَّا صادقين}، وكقولِه تعالى: {ولْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكوا مِنْ خَلْفِهم ذُرِّيَّةً ضِعافًا خافوا عليهم}، وقولِ الأخطل:
قوم، إذا حاربوا شدُّوا مآزِرَهم ............ دونَ النِساءِ، ولو باتَتْ بأَطْهارِ
وقولِ الآخَرِ:
لا يُلْفِكَ الرّاجُوكَ إلَّا مُظْهِرًا .............. خُلُقَ الكِرامِ، ولو تَكونُ عَديما
وكونُ "لو" بمَعنى "إن" ذَكَرَهُ كثيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّين. وقالَ ابْنُ الحَاجِّ، في نقدِه على ابْنِ عُصْفورٍ: هذا خَطَأٌ، والقاطعُ بذلك أنَّكَ لا تَقولُ: لو
يقومُ زيدٌ فعَمْرٌو مُنْطَلِقٌ، كما تقولُ: إلَّا يَقُمْ زَيْدٌ فعَمْرٌو مُنْطَلِقٌ، وتَأَوَّلَ قولَه: "ولو باتَتْ بأَطْهارِ". وقالَ بَدْرُ الدينِ بْنُ مالكٍ في شَرْحِ الأَلْفِيَّةِ: وعِنْدي أَنَّ "لو" لا تَكونُ لِغَيْرِ الشَرْطَ في الماضي، وما تَمَسَّكوا بِه، مِنْ نَحْوِ قولِه تعالى: {ولْيَخْشَ الذين لو تَرَكوا مِنْ خَلْفِهم ذُرِّيَّةً ضِعافًا خافوا عليهم}، وقولِ الشاعرِ توبةَ بنِ الحُميِّر:
ولو أنَّ ليلى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ ............. عَلَيَّ، ودُوني جُنْدُلٌ، وصَفائِحُ
لَسَلَّمْتُ تَسْليمَ البَشاشَةِ، أَو زَقا .... إليْها صَدًى، مِنْ جانِبِ القَبْرِ، صائحُ
لا حُجَّة فيه، لِصِحَّة حَمْلِه على المُضِيِّ. وإذا دَخَلَتْ "لو" على المُستقبَلِ فهل تجزِمُ أو لا؟ زَعمَ قومٌ أنَّ الجزَمَ بِها لُغَةٌ مُطَّرِدَةٌ. وذَهَبَ قومٌ، منهمُ ابْنُ الشَجَريِّ، إلى أنَّه يَجوزُ الجَزْمُ بها في الشِعْرِ. واسْتَدَلُّوا، بقولِ امرأةٌ من بني الحرثِ بنِ كعبٍ ترثي قتيلًا:
لو يَشأْ طارَ، بِه، ذُو مَيْعَةٍ ............... لاحِقُ الآطالِ، نَهْدٌ، ذو خُصَلْ
وبقولِ لَقيطٍ بْنِ زُرارَةَ:
تامَتْ فؤادَك، لو يَحْزُنْكَ ما صَنَعَتْ ..... إحدى نساءِ بَني ذُهْلِ بْنِ شَيبانا
تامتْ فؤادَك: أيْ تَيَّمَتْهُ. وتأوَّلَ ابْنُ مالكٍ، في شرحِ الكافيةِ هذين البيتين، وقال: لا حُجَّةَ فيهما.
القسم الثالث: "لو" المَصدريَّة. وعلامَتُها أنْ يَصلُحَ في مَوْضِعِها "أَنْ"، كقولِه تعالى: {يَوَدُّ أحدُهم لَوْ يُعَمَّر}، ولا تَحتاجُ إلى جوابٍ. ولم يَذْكرِ الجُمهورُ أنَّ لو تَكونُ مَصدريَّةً. وذَكَرَ ذلك الفَرَّاءُ، وأَبو عَليٍّ،
والتَبْريزيُّ، وأَبو البَقاءِ، وتَبِعَهم ابْنُ مالك. ومَنْ أَنْكَرَها تأوَّلَ الآيةَ ونَحوَها، على حذفِ مفعولِ يَوَدُّ، وجَوابَ "لو". أيْ: يَوَدُّ أَحَدُهم طولَ العُمْرِ، لو يُعَمَّر ألفَ سنةٍ لَسُرَّ بذلك.
ولا تقعُ لو المَصدريَّةُ غالِبًا، إلَّا بعدَ مُفْهَمِ تَمَنٍّ، نحوَ: يَوَدُّ. وقَلَّ وُقوعُها بعدَ غيرِ ذلك، كقولِ قَتيلةَ بِنْتِ النَّضْرِ:
ما كان ضَرَّكَ لو مَنَنْتَ، ورُبَّما .......... مَنَّ الفَتى، وهو المَغيظُ، المُحْنَقُ
القسم الرابع: "لو" التي للتَمَنِّي نحو: لو تأينا فتُحَدِثُنا، كما تقولُ: لَيْتَك تأتينا فتُحَدِّثُنا. ومِنْ ذلك: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء: 102. و"لو" هذه كـ "ليت"، في نَصْبِ الفِعْلِ بعدَها مَقرونًا بالفاء. واختُلَفَ فيها على ثلاثةِ أَقوالٍ:
الأوَّلُ: أَنَّها قسمٌ برأسِه، فلا تُجابُ كَجوابِ الامْتِناعيَّة. نَصَّ عليه ابْنُ الضائعِ، وابْنُ هِشامٍ الخَضْراويّ.
الثاني أَنَّها الامتناعيَّةُ، أُشْرِبتْ معنى التَمَنِّي. قال بعضُهم: وهو الصحيحُ، لأنَّها قد جاءَ جوابُها باللَّامِ، بعدَ جوابِها بالفاءِ، في قولِ المُهَلْهِلُ بْنُ ربيعةَ:
فلو نُبِشَ المَقابِرُ، عن كُليْبٍ .................... فتُخْبِرَ بالذنائبِ أيَّ زِيرِ
بيومِ الشَعْثَمَيْنِ لَقَرَّ عينًا ................... وكيف لِقاءُ مَنْ تحتَ القُبورِ؟
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي ............... فقد أَبْكِي على الليلِ القَصيرِ
والذنائبُ: موضِعٌ بنجدٍ
الثالثُ: أنَّها المَصدريَّةُ أَغْنَتْ عَنِ التَمَنِّي، لِكونِها لا تَقعُ غالبًا إلَّا بعدَ مُفْهَمٍ تَمَنٍّ. وهو قولُ ابْنِ مالكٍ. ونَصَّ على أنَّ "لو"، في قولِهِ تعالى: {فلو أنَّ لَنا كَرَّةً} مَصدريَّةٌ. واعْتَذَرَ عَنِ الجَمْعِ بينَها وبيْنَ أنْ المَصدَرِيَّةَ، بوجهين: أَحَدُهُما أنَّ التقديرَ: لو ثَبَتَ "أن". والثاني: أَنَّ ذلك مِنْ بابِ التوكيدِ.
وذَكَرَ بعضُهم لـ "لو" قِسْمًا آخَرَ. وهو أنْ تَكونَ للتَقليلِ. كقولِكَ: أَعْطِ المَساكينَ ولو واحدًا. وصَلِّ ولو الفَريضَةَ. قال: ومِنْهُ قولُه تَعالى: {ولو على أَنْفُسِكم}. وهذا، عندَ التَحقيقِ، ليس بخارجٍ عمَّا تقدَّمَ. واللهُ أعلم.
 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 65
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 8
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 24
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 40
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 54
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 70

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: