الثورة المصرية في ميزان الربح والخسارة
يوم قامت الثورة في مصر شدت لها قلوبنا وعقولنا وتعلقت بها أحلامنا وآمالنا، ولهجت بالدعاء لها أفئدتنا قبل ألسنتنا، لأسباب كثيرة نجملها بالآتي:
أولاً: كنا نرى في نظام مبارك امتداداً لنظام السادات الذي أنهى الصراع العربي الإسرائيلي وما تزال مقدساتنا في فلسطين ترزح تحت الإحتلال الاستيطاني البغيض، فأملنا أن تكسر الثورة تلك القيود التي كبلها بها صلح كامب ديفد.
ثانياً: كان نظام مبارك أحد الأنظمة الديكتاتورية التي تكتم أنفاس الشعب العربي، وإن كان أقلها صلفاً وعنفاً، فرجونا لإخوتنا في مصر أن ينعموا بحكم ديموقراطي، ويتخلصوا من سطوة الأجهزة المخابراتية، فينعموا بحريتهم.
ثالثاً: كان النظام البائد من أنظة الفساد العربية التي تسلطت على خيرات الشعب بالنهب والسلب والتبديد، فرجونا أن تقطع هذه الأيدي وأن يسلم للمواطن المصري تعبه وعرق جبينه.
رابعاً: مصر هي الشقيقة الكبرى للدول العربية ودعمها لحركات الربيع العربي مهم جداً لنصرة بقية الشعوب التي تنهض من سباتها لتتخلص من هذه الأنظمة المتعفنة المتسلطة على حريتها ومقدراتها.
خامساً: لقد كان نظام مبارك واضح التبعية لأمريكا والغرب وهم بلا شكٍّ أعداء تقليديون للعروبة والإسلام، فأملنا أن تنتهي هذه التبعية.
وإذا وضعنا هذه البنود في ميزان الربح والخسارة وجدنا أن البند الأول المتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي لم يتحقق فيه شيء بل بالعكس لقد كان مبارك يتدخل ليحد من صلف العدو وغلوائه مستنداً إلى ما له من رصيد في الغرب، فعلم إسرائيل ما يزال خفاقاً في سماء أكبر دولة عربية.
وأما البندين الثاني والثالث فليس لنا (في الحقيقة) علم بمدى التقدم الذي حصل في هذا المجال.
وأما رابعاً فقد خيبت الحكومة المصرية الجديدة أملنا بل رأيناها ـ نحن في الشام ـ بعكس ما أملناه منها فقد مدت يدها لكل أعداء الثورة السورية والشعب السوري فكانت الدول المشاركة في تدمير سوريا وإبادة الشعب السوري في مقدمة الدول التي زارها رئيس مصر الجديد مغازلاً موادًا من روسيا إلى الصين إلى إيران.
وأما في البند الخامس فقد أضاف النظام دولة إلى الدول التي يدين لها بالتبعية والولاء، دولة هي الأخطر حالياً على الأمة العربية وهي إيران ففتح لها الأبواب التي كانت موصدة في وجهها من عشرات السنين ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم حتى بتنا نترحم على النباش الأول كما يقول العامة.