الثورة في ميزان الربح والخسارة
اليوم تتم ثورة الشام شهرها العشرين وقد قدمت مايقرب من خمسين ألف شهيد وأضعاف هذا العدد بين معتقل ومفقود و عشرات آلاف الجرحى ومئات آلاف المشردين ناهيك عن الدمار الذي لم تسلم منه مدينة سورية أوقرية ، دمار للمساكنوالمعامل والمرافق العامة، وهي خسائر جسيمة جداً لم تعرفها دولة في العالم اللهم إلا تلك التي خاضت الحربين العالميتين. فلماذا تحملت الشام هذه كل هذه الخسائر ؟ وهل هناك من ربح يعادلها ؟ سؤال ربما خطر في بال كثير من الناس سأحاول الإجابة عليه وأرجو أن تكون مقنعة.
إذا رجعنا إلى الوراء سنة وبضعة أشهر واستعرضنا ما مرت به بلدنا ومنطقتنا خلال خمسين عاماً تقريباً أي منذ ما بعد الاستقلال ببضع سنين ، نجد أنَّ سورية قد تعرضت إلى انحراف كبير عن الأهدف وطمس للهُويَّةِ ومحو للذاكرة حتى غدت الشام دار الخلافة الإسلامية والفتوحات ، الشام التي ميزها رسول الله صلى اله عليه وسلم عن سائر بلاد المسلمين ، الشام التي يأرز إليها الدين آخر الزمان كما تأرز الحية إلى جحرها ، الشام التي فداها أجدادنا صحابة رسول الله بدمائهم فاحتضنت أجسادهم الطاهرة . أصبحت مرتعاً للكفر والإلحاد والفسق والفجور والانحلال الخلقي . وأصبح التدين فيها تهمة والصلاة جريمة والحجاب عار في أحيان كثيرة . وكان من نتيجة تسلط هذه العصابة اللئيمة التي لا دين لها ولا قيم أن خسرت جميع حرويها مع الصهاينة واقتطعت منها أراض واسعة ، كما أدى فساد العصابة المغتصبة للسلطة إلى تجويع شعبها وإفقاره إضافة إلى ما عاناه من ذل الهزيمة، فإذا وضعنا كل هذا في كفة وما قدمته من ضحايا في كفة لا شك أن كفة استادة الهوية والذات والحرية والكرامة ستكون الراجحة ، وسيكون الشعب هو الرابح الكبر عندما ينتصر على عصبة القتل والفساد والإجرام بإذن الله تعالى وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون.