عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 41 السبت مايو 11, 2013 3:36 pm | |
| فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا.
(41) قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ} فكيف: يكون حالُ هؤلاءِ الكفَّارِ والمُشرِكينَ والمُنافقين، يومَ القيامة؛ وهو استفهامٌ للتوبيخِ والتقريعِ.قال سهلٌ: إنَّ اللهَ تعالى وَكَّلَ بِكُلِّ عبدٍ مُسلِمٍ ثلاثَمِئةٍ وسِتينَ مَلَكاً بِعدَدِ عُروقِه، إنْ أرادَ خيْراً أَعانوهُ، وإنْ أرادَ شرًّا عاتَبوهُ عليْهِ، فإنْ عَمِلَ شيئًا مِن ذلك حَفِظوهُ عليْه، حتّى إذا كان يومُ القيامةِ عرَضوهُ عليْه ووافقوهُ على ذلك، حتّى إذا صاروا إلى اللهِ تعالى شَهِدوا عليْه بوفاءِ الطاعةِ واقترافِ الخطيئةِ، قال الله تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} ق : 21.وقال ابنُ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: (إنَّه يُؤتى بِنَبِيِّ كلِّ أُمَّةٍ يَشهَدُ عليْها ولَها "وجئنا بك على هؤلاء" أيْ الأَنبياءِ أوْ جَميعِ الأُمَمِ أوْ المُنافقينَ أوْ المُشركين، وقيل على المؤمنين "شهيداً". ويمكن أن يكون المعنى عامًّا الجميع.أَخرجَ الشَيخانِ، واللفظُ للبُخاريِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ ـ رضي اللهُ عنه ـ قَالَ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)) قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: ((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي)) فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ (النِّسَاءِ) حَتَّى بَلَغْتُ "فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً" قَالَ: ((أَمْسِكْ)). فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. وبُكَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ لِعَظِيمِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ وَشِدَّةِ الْأَمْرِ، إِذْ يُؤْتَى بِالْأَنْبِيَاءِ شُهَدَاءَ عَلَى أُمَمِهِمْ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَيُؤْتَى بِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يومَ القيامةِ شهيدًا. والإشارةُ بقوله: "عَلى هؤُلاءِ" إِلَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، وَإِنَّمَا خُصَّ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ وَظِيفَةَ الْعَذَابِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِمْ، لِعِنَادِهِمْ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُعْجِزَاتِ، وَمَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ. وَالْمَعْنَى فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً" أَمُعَذَّبِينَ أَمْ مُنَعَّمِينَ؟ وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ. وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ أُمَّتِهِ. ذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ عنِ المِنهالِ ابنِ عَمْرٍو حَدَّثَه أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ إِلَّا تُعْرَضُ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أُمَّتُهُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً فَيَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَأَعْمَالِهِمْ فَلِذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى "فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ" يَعْنِي بِنَبِيِّهَا "وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً". التَّقْدِيرُ فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ، كَمَا ذَكَرْنَا.قولُهُ تعالى: {فَكَيْفَ} في محلِّ رفعٍ خبرًا لِمُبْتَدأٍ محذوفٍ أي: فكيف حالُهم أوْ صُنْعُهم؟ والعامل في "إذا" هو هذا المقدر. أوهي في محلِّ نصبٍ بفعلٍ محذوفٍ، أي: فيكف تَكونون أو تَصْنَعون؟ ويَجْري فيها الوجهان: النَّصبُ على التَشبيهِ بالحالِ كما هو مذهبُ سِيبَوَيْهِ، أو على التشبيه بالظرفيَّةِ كما هو مذهبُ الأَخفَشِ، وهو العاملُ في "إذا" أيضاً.قولُه: {مِن كُلِّ} متعلِّقٌ بـ "جئنا". أو بَمَحذوفٍ على أنَّه حالٌ من "شهيد، وذلك على رأيِ مَنْ يُجَوِّزُ تقديمَ حالِ المَجرورِ بالحرفِ عليه، وقد تقدَّمَ تحرُيره. والمشهودُ عليه محذوفٌ أي: بشهيدٍ على أُمَّتِه.قولُه: {وَجِئْنَا بِكَ} جُمْلةٌ في مَحَلِّ جَرٍّ عَطْفاً على "جئنا" الأُولى، أو في محلِّ نصبٍ على الحالِ، و"قد" مرادةٌ مَعَها، والعاملُ فيها "جئنا" الأولى، أي: جئنا من كلِّ أمَّةٍ بشهيدٍ وقد جِئْنا، وفيه نظر. أو أنَّها مُستأنفةٌ فلا مَحَلَّ لها. و{على هؤلاء} متعلِّقٌ بـ "شهيداً" و"على" على بابِها وقيل: هي بمعنى اللّامِ وفيه بُعْدٌ، وأُجيزَ أنْ تَكونَ "على" متعلِّقةً بِمحذوفٍ على أنَّها حالٌ من "شهيداً"، وفيه بُعْدٌ، و"شهيداً" حالٌ من الكافِ في "بك". | |
|