روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 12

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  12 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  12 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 12   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  12 I_icon_minitimeالأحد أبريل 28, 2013 4:51 am

وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ
مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ
فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ
دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ
أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ
دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.
(12)


قولُه
ـ تبارك وتعالى: {
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ
} يُبَيّنُ
اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ حُكْمَ المِيرَاثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ،
وَبَيْنَ الإِخْوَةِ، والْخِطَابُ لِلرِّجَالِ. وَالْوَلَدُ هُنَا بَنُو الصُّلْبِ
وَبَنُو بَنِيهِمْ وَإِنْ نَزَلُوا، ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَاحِدًا فَمَا زَادَ
بِإِجْمَاعٍ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ مَعَ
عَدَمِ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ، وَلَهُ مَعَ وُجُودِهِ الرُّبُعُ.
وَتَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا الرُّبُعَ مَعَ فَقْدِ الْوَلَدِ،
وَالثُّمُنَ مع وجوده. وأجمعوا على أنَّ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ مِنَ الْأَزْوَاجِ
وَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ فِي الرُّبُعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
وَلَدٌ، وَفِي الثُّمُنِ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُنَّ شُرَكَاءُ
فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حُكْمِ
الْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ وَبَيْنَ حُكْمِ الْجَمِيعِ، كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ
الْوَاحِدَةِ مِنَ الْبَنَاتِ وَالْوَاحِدَةِ مِنَ الْأَخَوَاتِ وَبَيَّنَ حكمَ
الجميعِ منهنَّ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَإِنْ
كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
}
الْكَلَالَةُ مَصْدَرٌ، مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ أَيْ أَحَاطَ بِهِ. وَبِهِ
سُمِّيَ الْإِكْلِيلُ، وَهِيَ مَنْزِلَةٌ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ لِإِحَاطَتِهَا
بِالْقَمَرِ إِذَا احْتَلَّ بِهَا. وَمِنْهُ الْإِكْلِيلُ أَيْضًا وَهُوَ التَّاجُ
وَالْعِصَابَةُ الْمُحِيطَةُ بِالرَّأْسِ. فَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَلَيْسَ لَهُ
وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ فَوَرَثَتُهُ كَلَالَةٌ. هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَذَكَرَ يَحْيَى
بْنُ آدَمَ عَنْ شَرِيكٍ وَزُهَيْرٍ وَأَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُهُمْ إِلَّا وَقَدْ تَوَاطَئُوا
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ مَاتَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا
وَالِدٌ. وَهَكَذَا قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ وَأَبُو مَنْصُورٍ
اللُّغَوِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُتَبِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ
الْأَنْبَارِيِّ. فَالْأَبُ وَالِابْنُ طَرَفَانِ لِلرَّجُلِ، فَإِذَا ذَهَبَا
تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ. وَمِنْهُ قِيلَ: رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ إِذَا حُفَّتْ
بِالنُّورِ. وَأَنْشَدُوا:



مَسْكَنُهُ رَوْضَةٌ مُكَلَّلَةٌ ..........................
عَمَّ بِهَا الْأَيْهُقَانِ وَالذُّرَقُ



يَعْنِي
نَبْتَيْنِ
فالأيْهُقانُ:
الجرجيرُ البَريُّ. والذُّرَقُ: بَقلةٌ وحَشيشة. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:



أَصَاحِ تَرَى بَرْقًا أُرِيكَ وَمِيضَهُ ..............
كَلَمْعِ الْيَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ



الحَبيُّ:
السَحابُ المُعترضُ. والمُكلَّلُ: الذي في جوانِبِه البرقُ. فَسَمَّوُا
الْقَرَابَةَ كَلَالَةً، لِأَنَّهُمْ أَطَافُوا بِالْمَيِّتِ مِنْ جَوَانِبِهِ
وَلَيْسُوا مِنْهُ وَلَا هُوَ مِنْهُمْ، وَإِحَاطَتُهُمْ بِهِ أَنَّهُمْ
يَنْتَسِبُونَ مَعَهُ. كَمَا قَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَالِي كَثِيرٌ وَيَرِثُنِي
كَلَالَةٌ مُتَرَاخٍ نَسَبُهُمْ. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:



وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ .......
عَنِ ابْنَيْ مَنَافٍ عبدِ شمسٍ وهاشِمِ



وَقَالَ
آخَرُ:



وَإِنَّ أَبَا الْمَرْءِ أَحْمَى لَهُ ........................
وَمَوْلَى الْكَلَالَةِ لَا يَغْضَبُ



أرادَ
أنَّ الأبَّ أغضبُ له إذا ظُلِم. وموالي الكلالة همُ الإخوةُ والأعمامُ وبَنو الأَعمامِ
وسائر القرابات فهم لا يغضبون للمرءِ كغَضَبِ الأبِ.



وَقِيلَ:
إِنَّ الْكَلَالَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكَلَالِ وَهُوَ الْإِعْيَاءُ، فَكَأَنَّهُ
يَصِيرُ الْمِيرَاثُ إِلَى الْوَارِثِ عَنْ بُعْدٍ وَإِعْيَاءٍ. قَالَ الْأَعْشَى:



فَآلَيْتُ لَا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ ............
وَلَا مِنْ وَجًى حَتَّى تُلَاقِي مُحَمَّدًا



يُقال
وَجَى إذا مشي حافي القدمين، وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ وَالْأَثْرَمُ عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ قَالَ: الْكَلَالَةُ كُلُّ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ أَوْ
أَخٌ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ كَلَالَةٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: ذِكْرُ أَبِي
عُبَيْدَةَ الْأَخَ هُنَا مَعَ الْأَبِ وَالِابْنِ فِي شَرْطِ الْكَلَالَةِ غَلَطٌ
لَا وَجْهَ لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي شَرْطِ الْكَلَالَةِ غَيْرُهُ. وَرُوِيَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ الْكَلَالَةَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ خَاصَّةً.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْكَلَالَةُ الْحَيُّ وَالْمَيِّتُ جَمِيعًا. وَعَنْ
عَطَاءٍ: الْكَلَالَةُ الْمَالُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّ
الْكَلَالَةَ بَنُو الْعَمِّ الْأَبَاعِدِ. وَعَنِ السُّدِّيِّ أَنَّ الْكَلَالَةَ
الْمَيِّتُ. وَعَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تَتَبَيَّنُ
وُجُوهُهَا بِالْإِعْرَابِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَلَالَةُ اسْمًا
لِلْوَرَثَةِ، فَالتَّقْدِيرُ: ذَا وَرَثَةٍ.



ذَكَرَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ آخِرُ
السُّورَةِ وَهُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَارِثًا غَيْرَ
الْإِخْوَةِ. فَأَمَّا هَذِهِ الْآيَةُ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
الْإِخْوَةَ فِيهَا عَنَى بِهَا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {
فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ
ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ
}.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ
أَوِ الْأَبِ لَيْسَ مِيرَاثُهُمْ كَهَذَا، فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ
الْإِخْوَةَ الْمَذْكُورِينَ فِي آخِرِ السُّورَةِ هُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى
لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا
وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
}. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ
لِلْأُمِّ لَيْسَ هَكَذَا، فَدَلَّتِ الْآيَتَانِ أَنَّ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ
جَمِيعًا كَلَالَةٌ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: (الْكَلَالَةُ مَا كَانَ سِوَى
الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ مِنَ الْوَرَثَةِ إِخْوَةٌ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنَ
الْعَصَبَةِ). كَذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ وَابْنُ
عَبَّاسٍ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي بَدَأْنَا بِهِ. قَالَ
الطَّبَرِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّ الْكَلَالَةَ هُمُ الَّذِينَ يَرِثُونَ
الْمَيِّتَ مِنْ عَدَا وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، لِصِحَّةِ خَبَرِ جَابِرٍ: فَقُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةً، أَفَأُوصِي بِمَالِي كله؟ قال:
((لا)).



قَالَ
أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ رَجُلٌ كَلَالَةٌ وَامْرَأَةٌ كَلَالَةٌ. وَلَا
يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ كَالْوَكَالَةِ وَالدَّلَالَةِ
وَالسَّمَاحَةِ وَالشَّجَاعَةِ. وَأَعَادَ ضَمِيرَ مُفْرَدٍ فِي قَوْلِهِ: "
وَلَهُ أَخٌ" وَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا. وَمَضَى ذِكْرُ الرَّجُلِ
وَالْمَرْأَةِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا ذَكَرَتِ اسْمَيْنِ ثُمَّ أَخْبَرَتْ
عَنْهُمَا وَكَانَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءً رُبَّمَا أَضَافَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا
وَرُبَّمَا أَضَافَتْ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا، تَقُولُ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ غُلَامٌ
وَجَارِيَةٌ فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِ وَإِلَيْهَا وَإِلَيْهِمَا وَإِلَيْهِمْ، قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما}
وَيَجُوزُ أَوْلَى بِهِمْ. وَيُقَالُ فِي امْرَأَةٍ: مَرْأَةٌ، وَهُوَ الْأَصْلُ.
وَأَخٌ أَصْلُهُ أَخُو، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَخَوَانِ، فَحُذِفَ مِنْهُ وَغُيِّرَ
عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ ضُمَّ أَوَّلُ أُخْتٍ، لِأَنَّ
الْمَحْذُوفَ مِنْهَا وَاوٌ، وَكُسِرَ أَوَّلُ بِنْتٍ، لِأَنَّ الْمَحْذُوفَ
مِنْهَا يَاءٌ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
فَإِنْ
كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ
} هَذَا التَّشْرِيكُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ
الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَإِنْ كَثُرُوا. وَإِذَا كَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأُمِّ
فَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى. وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ
الْعُلَمَاءِ، وَلَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَوْضِعٌ يَكُونُ فِيهِ الذَّكَرُ
وَالْأُنْثَى سَوَاءً إِلَّا فِي مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ. فَإِذَا مَاتَتِ
امْرَأَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأَخَاهَا لِأُمِّهَا فَلِلزَّوْجِ
النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأَخِ مِنَ الْأُمِّ السُّدُسُ. فَإِنْ
تَرَكَتْ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ ـ وَالْمَسْأَلَةَ بِحَالِهَا ـ فَلِلزَّوْجِ
النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ وَالْأُخْتَيْنِ الثُّلُثُ،
وَقَدْ تَمَّتِ الْفَرِيضَةُ. وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُمْ
حَجَبُوا الْأُمَّ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ.
وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَرَ الْعَوْلَ وَلَوْ جَعَلَ لِلْأُمِّ
الثُّلُثَ لَعَالَتِ الْمَسْأَلَةُ، وَهُوَ لَا يَرَى ذَلِكَ. وَالْعَوْلُ مَذْكُورٌ
فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، (يُقال عالتِ الفريضةُ: إذا ارتفعتْ وزادتْ أَسهُمُها
على أصلِ حِسابها المُوجِبِ عن عددِ وارثيها). فَإِنْ تَرَكَتْ زَوْجَهَا
وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَأَخًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ،
وَلِإِخْوَتِهَا لِأُمِّهَا الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ فَلِأَخِيهَا لِأُمِّهَا
وَأَبِيهَا. وَهَكَذَا مَنْ لَهُ فَرْضٌ مُسَمًّى أُعْطِيَهُ، وَالْبَاقِي
لِلْعَصَبَةِ إِنْ فَضَلَ. فَإِنْ تَرَكَتْ سِتَّةَ إِخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ
فَهَذِهِ الْحِمَارِيَّةُ، وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمُشْتَرَكَةُ. قَالَ قَوْمٌ:
لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ، وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ
السُّدُسُ، وَسَقَطَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَالْأَخِ
وَالْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ. رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى
وَالشَّعْبِيِّ وَشَرِيكٍ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْأُمَّ
وَالْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ أَصْحَابُ فَرَائِضَ مُسَمَّاةٍ ولم يبق للعُصبةِ شيءٌ.



رُوِيَ
هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
وَمَسْرُوقٍ وَشُرَيْحٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ. وَلَا
تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَنْ لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا. فَهَذِهِ
جُمْلَةٌ مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ تَضَمَّنَتْهَا الْآيَةُ، وَاللَّهُ
الْمُوَفِّقُ لِلْهِدَايَةِ. وَكَانَتِ الْوِرَاثَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
بِالرُّجُولِيَّةِ وَالْقُوَّةِ، وَكَانُوا يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ دُونَ
النِّسَاءِ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {لِلرِّجالِ
نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ} كما تقدّم. وكانتِ الوِراثةُ أَيْضًا
فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَبَدْءِ الْإِسْلَامِ بِالْمُحَالَفَةِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) عَلَى مَا يَأْتِي. ثُمَّ صَارَتْ
بَعْدَ الْمُحَالَفَةِ بِالْهِجْرَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وِلايَتِهم من شيءٍ حتَّى يُهاجروا}.
وَسَيَأْتِي. وَهُنَاكَ يَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمِيرَاثِهِمْ،
إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ (النُّورِ) مِيرَاثُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ
وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْمُكَاتَبُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْجُمْهُورُ مِنَ
الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَسِيرَ الْمَعْلُومَ حَيَاتُهُ أَنَّ مِيرَاثَهُ
ثَابِتٌ، لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَحْكَامُ
الْإِسْلَامِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَسِيرِ فِي يَدِ الْعَدُوِّ: لَا يَرِثُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ
مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ فِي سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
غَيْرَ
مُضَارٍّ
} أَيْ يُوصِي بِهَا غَيْرَ
مُضَارٍّ، أَيْ غَيْرَ مُدْخِلٍ الضَّرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ. أَيْ لَا يَنْبَغِي
أَنْ يُوصِيَ بِدَيْنٍ لَيْسَ عَلَيْهِ لِيَضُرَّ بِالْوَرَثَةِ، وَلَا يُقِرَّ
بِدَيْنٍ. فَالْإِضْرَارُ رَاجِعٌ إِلَى الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، أَمَّا
رُجُوعُهُ إِلَى الْوَصِيَّةِ فَبِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ يُوصِيَ
لِوَارِثٍ، فَإِنْ زَادَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ،
لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحُقُوقِهِمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَإِنْ أَوْصَى
لِوَارِثٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِيرَاثًا. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ. وَأَمَّا رُجُوعُهُ إِلَى الدَّيْنِ
فَبِالْإِقْرَارِ فِي حَالَةٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فِيهَا، كَمَا لَوْ أَقَرَّ فِي
مَرَضِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ
عِنْدَنَا. والمعنى غَيْرُ مُضَارٍّ ذِي وَصِيَّةٍ، أَيْ غَيْرَ مُضَارٍّ بِهَا
وَرَثَتَهُ فِي مِيرَاثِهِمْ. وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهُ
بِدَيْنٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ حَالَ الْمَرَضِ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ
في الصِحَّةِ.



فَإِنْ
كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ بِبَيِّنَةٍ وَأَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ
بِدَيْنٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ. قَالُوا: فَإِذَا
استوفاه صاحبُه فَأَصْحَابُ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ يَتَحَاصُّونَ. وَقَالَتْ
طَائِفَةٌ: هُمَا سَوَاءٌ إِذَا كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَرَوَاهُ عن الحسن.



رَوَى
أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ (وَهُوَ مَطْعُونٌ فِيهِ) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الرَّجُلَ أَوِ الْمَرْأَةَ لَيَعْمَلُ بِطَاعَةِ
اللَّهِ سِتِّينَ سنةً ثمَّ يَحضُرُهما الموتُ فيضارّانِ فِي الْوَصِيَّةِ
فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ)). قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ
هَاهُنَا "
مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ
مُضَارّ
ٍ ـ حَتَّى بَلَغَ ـ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِضْرَارُ فِي
الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنَّ مَشْهُورَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ
أَنَّ الْمُوصِيَ لَا يُعَدُّ فِعْلُهُ مُضَارَّةً فِي ثُلُثِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ
حَقُّهُ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ.



قوله
تعالى: {
وصيَّةً
مِنَ اللهِ
} الْمَعْنَى أَنْ يَقَعَ
الضَّرَرُ بِهَا أَوْ بِسَبَبِهَا فأوقع عليها تجوزاً.



قوله:
{
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} يَعْنِي عَلِيمٌ بِأَهْلِ الْمِيرَاثِ حَلِيمٌ عَلَى
أَهْلِ الْجَهْلِ مِنْكُمْ.



قوله
ـ تعالى: {
وَإِن
كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً
} إمّا
أنْ تكونَ "
كان" ناقصةً،
و"
رجلٌ" اسمُها ، والخبرُ إمّا "كلالة" إنْ قيلَ: إنَّها المَيِّتُ، وإن قيل إنَّها
الوارث أو غيرَ ذلك فتُقَدِّر حذفَ مضاف أي: ذا كلالة، و"
يُورثُ" حينئذٍ في محلِّ رفعٍ صفةً لـ "رجل" وهو فعلٌ مبني للمفعولِ، ويَتَعدَّى في الأصلِ
لاثنينِ أُقيمَ الأوَّلُ مَقامَ الفاعلِ وهو ضميرُ الرجلِ، والثاني محذوفٌ تقديرُه:
يُورَثُ هو مالَه. وهل هذا الفعلُ من وَرِث الثلاثي أو أورث الرباعي؟ فيه خلافٌ،
إلّا أنَّ الزمخشريَّ لَمَّا جعلَه مِنَ الثلاثيِّ جعَلَه يتعدَّى إلى الأوَّل مِن
المَفعوليْن بـ "
مِنْ" فإنَّه قال: ويُوْرَثُ مِنْ وَرِثَ، أي: يُورَثُ منه.
يَعني أنَّه في الأصلِ يَتَعدَّى بـ "مِنْ"، وقد تُحْذَفُ، تقول: "وَرِثْتُ
زيداً مالَه" أي: مِنْ زيد، ولَمَّا جَعَلَه مَنْ "أورث" جَعَل
الرجلَ وارثاً لا مَوروثاً فإنَّه قال: "فإنْ قلتَ: فإنْ جَعَلْت "يورَث"
على البناء للمفعول من "أورث" فما وجهُه؟ قلت: الرجلُ حينئذٍ الوارثُ لا
الموروثُ. وقيل: إنَّه مِن "أَورَثَ" الرباعيِّ المَبنيِّ للمفعول. الاحتمال
الثاني: أنْ يَكونَ الخبرُ الجملةَ من "
يُورَث"، وفي نصبِ
"
كلالةً" حينئذٍ أربعةُ أَوْجُهٍ، أحدُها: أنَّها حالٌ مِنَ
الضميرِ في "
يُورَث" إنْ أُريدَ بها المَيِّتُ أو الوارثُ، إلَّا أنَّه
يَحْتاج في جَعْلها بمعنى الوارثِ إلى تقدير مضافٍ أي: يُورَث ذا كَلالةٍ؛ لأنَّ
الكَلالةَ حينئذٍ ليست نفسَ الضميرِ المُسْتَكِنِّ في "
يُورث". قال أبو البقاء على جَعْلِها بمعنى الميت: ولو قُرئ "كلالةٌ"
بالرفع على أنَّها صِفةٌ أو بَدَلٌ مِنَ الضميرِ في "
يُورث" لَجازَ، غيرَ أنّي لم أَعرِفْ أَحَداً قرأ بِه فلا
يُقْرَأْنَ إلّا بما نُقِلَ يعني بكونِها صفةً أنَّها صفةٌ لـ "
رجل".
الثاني: أنَّها مفعولٌ مِن أجلِه إنْ قيل: إنَّها بمعنى القَرَابَةِ أيْ: يورَثُ
لأَجْلِ الكَلالَةِ. الثالث: أنَّه مَفعولٌ ثانٍ لـ "
يورث" إنْ قيلَ إنَّها بمعنى المالِ المَوروث. الرابعُ: أنَّها نعتٌ لمصدرٍ
محذوفٍ إنْ قيلَ: إنَّها بمعنى الوِراثةِ أيْ يُورَثُ وِراثَةَ كَلالَةٍ، وقدَّرَ
مَكيٌّ في هذا الوجهِ حَذْفَ مضافٍ قال: "تقديرُه ذات كلالة". وأَجازَ
بعضُهم على كونِها بمعنى الوِراثة أنْ تكونَ حالاً.



هذا
إذا اعتبرنا "
كان"
ناقصة، أمّا اعتبرناها تامَّةً فيُكْتَفَى بالمرفوعِ أي: وإنْ وُجِدَ رجلٌ، و"
يُورَثُ" في محلِّ رفعٍ صفةً لـ "رجل" و"كلالة"
منصوبةٌ على ما تقدَّم مِن الحالِ أوِ المَفعولِ مِن أجلِه أو المفعولِ بِه أو النَعتِ
لمصدرٍ محذوفٍ على حَسَبِ ما قُرِّرَ مِن معانيها. وَيَخُصُّ هذا وجهًا آخرُ ذَكرَه
مَكيّ: وهو أنْ تكونَ "
كلالةً"
منصوبةٌ على التَفسير، قال: "
كان"
أي: وقع، و"
يُورَثُ"
نعتٌ للرجل، و"
رجل"
رفع بـ "
كان"، و"كلالة" نَصْبٌ
على التفسير، وقيل: هو نصبٌ على الحال، على أنَّ الكَلالةَ هو الميتُ على هذين
الوجهين. وفي جَعْلِها تفسيراً أي تمييزاً نظرٌ لا يَخْفى.



وقرأ
الجمهورُ: "
يُورَثُ"
مبنيًّا للمَفعولِ وقد تقدَّمَ توجيهُه. وقرأ الحسنُ: "يُورِثُ" مبنيًّا
للفاعل، ونُقِل عنه أيضاً وعن أبي رجاء كذلك، إلاَّ أنَّهما شَدَّدا الراءَ،
وتوجيهُ القراءتيْن واضحٌ مِمَّا تقدَّم: وذلك أنَّه إنْ أُريدَ بالكَلالةِ المَيتُ
فيكون المفعولان محذوفين، و"
كلالةً"
نصبٌ على الحالِ أي: وإنْ كان رجلٌ يُورِثُ وارثَه أو أهلَه مالَه في حالِ كونِه كَلالةً،
وإنْ أُريدَ بها القَرابةُ فتَكونُ منصوبةً على المفعولِ من أجلِه، والمفعولان
أيضاً محذوفان على ما تقدَّم تقريرُه، وإنْ أريدَ بها المالُ كانت مفعولاً ثانياً،
والأوّلُ محذوفٌ أي: يورِث أهلَه مالَه، وإنْ أُريدَ بها الوارثُ فبالعكسِ أي
يورِث مالَه أهلَه.



وقولُه:
{
أَو امرأة} عطفٌ على "رجلٌ
وحُذف منها ما أُثبت في المعطوف عليه للدَلالة على ذلك، التقديرُ: أوِ امرأةٌ تُورَثُ
كَلالةً، وإنْ كان لا يَلزَمُ مِنْ تَقييدِ المَعطوفِ عليْه تقييدُ المَعطوفِ ولا
العكس، إلَّا أنَّه هو الظاهر.



وقولُه:
{
وَلَهُ أَخٌ} جملةٌ مِن مبتدأٍ وخبرٍ في محلِّ نَصبٍ على الحالِ،
والواوُ الداخلةُ عليْها واوُ الحالِ، وصاحبُ الحالِ: إمَّا "
رجل" إنْ كان "يورَثُ"
صفةً له، وإمَّا الضميرُ المستتر في "
يورَث".
ووحَّدَ الضميرَ في قوله: "
وله
لأنَّ العطفَ بـ "
أو"
وما وَرَدَ على خلاف ذلك أُوِّلَ عند الجمهور، كقوله: {إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ
فَقَيراً فالله أولى بِهِمَا} النساء: 135. وإنَّما أَتَى بِه مذكَّراً لأنَّه يَجوزُ
إذا تقدَّم متعاطفان بـ "أو" مذكرٌ ومؤنثٌ كنت بالخيار: بيْن أنْ تُراعيَ
المتقدِّمَ أو المتأخِّرَ فتقول: "زيدٌ أو هندٌ قام"، وإن شئتَ: "قامت"،
وأجاب أبو البقاء عن تذكيره بثلاثة أوجه، أحدها: أنّه يعودُ على الرجلِ وهو مذكَّرٌ
مبدوءٌ به. الثاني: أنَّه يَعودُ على أحدِهما، ولفظ "أحد" مفرد مذكر.
والثالث: أنَّه يعود على الميت أو الموروثِ لتقدُّم ما يدل عليه.



والضميرُ
في قوله: {
فَلِكُلِّ
وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
} يعودُ
على الأخِ والأختِ. أو على الرجل وعلى أخيه أو أختِه، إذا أريد بالرجل في قوله: "
وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ" أنَّه وارثٌ لا موروث، كما تقدَّم، لأَنَّك إذا
قلت: السدس له، أو لواحدٍ من الأخ أو الأخت على التخييرِ فقد سَوَّيْتَ بيْن الذكر
والأنثى.



وقرأ
أُبيّ: "أخ أو أخت من الأم". وقرأ سعدٌ بنُ أبي وقَّاص: "مِنْ أُمٍّ"
بغيرِ أداةِ تعريفٍ. وأَجْمَعَ الناسُ على أنَّ المُرادَ بالأخِ والأُختِ مِنَ الأُمِّ
كقراءتِهما، ولأنَّ ما في آخرِ السورةِ يَدلُّ على ذلك وهو كون: للأُختِ النصفُ،
وللأختين الثلثان، وللأخوةِ الذُكورِ والإِناثِ للذَّكَرِ مثلُ حظِّ الأنْثَيَيْن.



قوله:
{
فَإِن كانوا} الواوُ ضميرُ الإِخوةِ مِنَ الأُمِّ المَدلولُ عليهِم
بقولِه: {
أَخٌ
أَوْ أُخْتٌ
}، والمُرادُ الذُكورُ والإِناثُ،
وأتى بضميرِ الذُكورِ في قولِه: "
كانوا"
وقولِه: "
فهم"
تَغليبًا للمُذَكَّرِ على المُؤنَّثِ، و"
ذلك"
إشارةٌ إلى الواحِدِ، أي: أَكثر مِنَ الواحدِ، يَعني: فإنْ كانَ مَنْ يَرِثُ
زائداً على الواحدِ؛ لأنَّه لا يَصِحُّ أَنْ يُقالَ: "هذا أكثرُ مِنْ واحِدٍ"
إلَّا بهذا المعنى لِتَنافي معنى كثيرٍ وواحدٍ، وإلاَّ فالواحدُ لا كَثْرَةَ فيه.



وقوله:
{
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يوصى} قدْ تقدَّمَ إِعرابُ ذلك وهذا مثلُه.


قولُه:
{
غَيْرَ مُضَارٍّ} غيرَ: نَصْبٌ
على الحالِ مِنَ الفاعِلِ في "
يوصَى"
وهو ضَميرٌ يَعودُ على الرَجُلِ في قولِه: "
وَإِن كَانَ رَجُلٌ
هذا إنْ أُريدَ بالرَجُلِ المَوروثُ، وإنْ أُريدَ بِه الوارثُ ـ كما تقدَّمَ ـ فيَعودُ
على المَيِّتِ الموروثِ المَدلولِ عليه بالوارثِ مِنْ طريقِ الالْتِزامِ كما دَلَّ
عليه في قولِه: "
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ" أي: تَرَكَه الموروث، فصار التقديرُ: يُوصَى بها
المَوروثُ، هكذا أُعْرِبَ فجعلَه: الزمخشريُّ وغيرُه حالاً. إلَّا أَنَّ ذلك يؤدِّي
إلى الفَصلِ بيْن هذه الحال وعامِلها بأجنبي منهما، وذلك أنَّ العاملَ فيها "
يوصَى" كما تقرَّر، فقولُه: {أَوْ دَيْنٍ} أَجنبيٌّ لأنَّه معطوفٌ على "وصيَّة" الموصوفة بالعاملِ في الحالِ، ولو كان على ما قالوه
مِن الإِعراب لكانَ التركيب: مِنْ بعد وصيةٍ يُوصَى بها غيرَ مُضارٍّ أو دينٍ.
وهذا الوجهُ مانعٌ في كِلتا القراءتيْن: أَعني بناءَ الفعلِ للفاعِلِ أو المَفعولِ،
وتَزيدُ عليْه قراءةُ البناءِ للمَفعولِ وجْهاً آخرَ، وهو أَنَّ صاحبَ الحالِ غيرُ
مذكورٍ، لأنَّه فاعلٌ في الأصلِ حُذِفَ وأُقيمَ المفعولُ مُقامَه، ألا تَرى أنَّك
لو قلتَ: تُرْسَلُ الرياحُ مبشِّراً بها بِكسرِ الشينِ، يَعني: يرسلُ اللهُ
الرياحَ مبشِّراً بها، فحَذَفْتَ الفاعِلَ وأَقمتَ المَفعولَ مُقامَه، وجئتَ
بالحالِ مِنَ الفاعِلِ لم يَجُزْ. ثمَّ خُرِّجَ على أحدِ وجهيْن: إمَّا بِفِعلٍ يَدُلُّ
عليْه ما قبلَه مِنَ المعنى؛ ويكونُ عامًّا لِمعنى ما يتسلَّط على المالِ بالوَصيَّةِ
أو الدَيْنِ وتقديرُه: يَلزَمُ ذلك مالَه، أو يُوجبه فيه غيرَ مُضارٍّ بورَثَتِه
بذلك الإِلزامِ أو الإِيجاب. وإمَّا بِفعلٍ مَبنيٍّ للفاعِلِ لِدَلالةِ المَبني
للمفعولِ عليْه، أي: يُوصي غيرَ مُضارٍّ، فيصيَرُ نَظيرَ قولِه: {يُسَبَّحُ لَهُ
فِيهَا بالغُدُوِّ والآصالِ رِجَالٌ} النور: 36 ـ37 على قراءةِ منْ فَتَحَ الباءَ.



قولُه:
{
وَصِيَّةً} في نصبِها أَربعةُ أوْجُهٍ؛ أَحدُها: أنَّها مَصدَرٌ
مؤكِّدٌ، أيْ يُوصيكمُ اللهُ بذلك وصيَّةً. الثاني: أنَّها مَصدرٌ في مَوضِعِ
الحالِ، والعاملُ فيها يُوصيكم. والثالثُ: أنَّها منصوبةٌ على الخروج: إمَّا مِنْ
قولِه: "
فَلِكُلِّ
وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السدس
"
أو مِنْ قولِه: "
فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُلُثِ} وهذه عبارةٌ تشبه عبارةَ الكُوفيِّين. والرابعُ: أنَّها
منصوبةٌ باسمِ الفاعِلِ وهو "
مُضارّ
والمُضارَّةُ لا تَقَعُ بالوَصيَّةِ بلْ بالوِرثَةِ، لكنَّه لَمَّا وَصّى اللهُ ـ تعالى
ـ بالوَرَثة جَعَلَ المُضارَّةَ الواقعةَ بهم كأنَّها واقعةٌ بنفسِ الوَصِيَّةِ مبالغةً
في ذلك، ويُؤيِّدُ هذا التَخريجَ قراءةُ الحَسَنِ: "غيرَ مُضارِّ وصيةٍ"
بإضافةِ اسْمِ الفاعلِ إليْها على ما ذَكَرْناه مِن المَجازِ، وصارَ نظيرَ قولِهم:
"يا سارقَ الليلةِ" التقدير: يا سارقاً في الليلة، ولكنَّه أضافَ اسْمَ
الفاعلِ إلى ظَرْفِه مَجازاً واتِّساعاً، فكذلك هذا، أصلُه: غيرَ مُضارٍّ في وصيةٍ
مِن اللهِ، فاتُّسِعَ في هذا إلى أنْ عُدِّيَ بنفسِه مِنْ غيرِ واسطةٍ، قَصْدَ المُبالَغَةِ.
وهذا أَحْسَنُ من تخريجِ أبي البَقاءِ فإنَّه ذَكَرَ في تخريجِ قراءةِ الحَسَنِ
وجهيْن، أحدُهما: أنَّه على حذفِ "أهل" أو "ذي" أي: غيرَ
مضارِّ أهلِ وصيةٍ أوْ ذي وصيَّةٍ. والثاني: على حَذْفِ "وقت" أيْ: وقتَ
وصيَّة، قال: وهو من إضافةِ الصِفةِ إلى الزمان، ويَقرُبُ من ذلك قولُهم: "هو
فارسُ حربٍ" أي: فارسٌ في الحرب، وتقول: "هو فارسُ زمانِه" أيْ: في
زمانِه، كذلك تقديرُ القراءة: "غيرَ مُضارٍّ في وقتِ الوصيَّةِ.



ومفعولُ
"
مُضارّ" محذوفٌ إذا لم تُجْعَلُ "وصيةً" مفعولةً أيْ: غيرَ مُضارٍّ وَرَثتِه بوصيَّةٍ.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 12
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 48
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 3
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 18
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 33
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 66

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: