روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40 I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 19, 2012 4:32 pm

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا
نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ
بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ

(40)


قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي إِسْرائِيلَ} بَنِي: جمعٌ، مفردُه ابْنٌ. وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبِنَاءِ وَهُوَ
وَضْعُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ وَالِابْنُ فَرْعٌ لِلْأَبِ وَهُوَ مَوْضُوعٌ
عَلَيْهِ. وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.



قوله تعالى: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ
} خطابٌ لطائفةٍ خاصّةٍ مِنَ الكَفَرَةِ
المُعاصرين للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، بعد الخطابِ العامِّ، وإقامَةِ دَلائلِ
التوحيدِ والنُبُوَّةِ والمَعادِ والتَذكيرِ بِصُنوفِ الإنْعامِ، وجَعَلَهُ ـ سبحانه
ـ بعدَ قِصَّةِ آدمَ لأنَّ هؤلاءِ بعد ما أُوتُوا مِنَ البَيانِ الواضِحِ والدّليلِ
اللائحِ، وأُمِروا ونُهُوا وحُرِّضوا على اتِّباعِ النبيِّ الأُمِيِّ الذي يَجدونَه
مَكتوباً عندهم، ظَهَرَ منهم ضِدُّ ذلك، فخَرجوا عن جَنَّةِ الإيمانِ الرَفيعةِ،
وهبطوا إلى أرض الطبيعةِ، وتَعَرَّضت لهم الكلماتُ إلّا أنّهم لم يَتلَقَّوْها
بالقَبولِ ففات منهم ما فات، وأَقبلَ عليهم بالنِداءِ ليُحرِّكهم لِسَماعِ ما
يَرِدُ مِن الأَوامرِ والنواهي.



والذِّكْرُ اسْمٌ
مُشْتَرَكٌ، فَالذِّكْرُ بِالْقَلْبِ ضِدُّ النِّسْيَانِ وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ
ضِدُّ الْإِنْصَاتِ. وَذَكَرْتُ الشَّيْءَ بِلِسَانِي وَقَلْبِي ذِكْرًا.
وَاجْعَلْهُ مِنْكَ عَلَى ذُكْرٍ (بِضَمِّ الذَّالِ) أَيْ لَا تَنْسَهُ قَالَ
الْكِسَائِيُّ: مَا كَانَ بِالضَّمِيرِ فَهُوَ مَضْمُومُ الذَّالِ وَمَا كَانَ
بِاللِّسَانِ فَهُوَ مَكْسُورُ الذَّالِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُمَا لُغَتَانِ
يُقَالُ: ذِكْرٌ وَذُكْرٌ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. وَالذَّكَرُ (بِفَتْحِ
الذَّالِ) خِلَافُ الْأُنْثَى وَالذِّكْرُ أَيْضًا الشَّرَفُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَإِنَّهُ
لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}. الزُخْرُف 44. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ:
وَالْمَعْنَى فِي الْآيَةِ اذْكُرُوا شُكْرَ نِعْمَتِي فَحَذَفَ الشُّكْرَ
اكْتِفَاءً بِذِكْرِ النِّعْمَةِ وَقِيلَ: إِنَّهُ أَرَادَ الذِّكْرَ بِالْقَلْبِ
وَهُوَ الْمَطْلُوبُ أَيْ لَا تَغْفُلُوا عَنْ نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ وَلَا تَنَاسَوْهَا وَهُوَ حَسَنٌ. وَالنِّعْمَةُ هُنَا اسْمُ جِنْسٍ
فَهِيَ مُفْرَدَةٌ بِمَعْنَى الْجَمْعِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ
تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها}. إبراهيم: 34. أَيْ نِعَمَهُ. وَمِنْ
نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ أَنْجَاهُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَجَعَلَ مِنْهُمْ
أَنْبِيَاءَ وَأَنْزَلَ عليهم الكُتُبَ والمَنَّ والسلوى وفَجَّرَ لهم مِنَ
الْحَجَرِ الْمَاءَ إِلَى مَا اسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ التَّوْرَاةِ الَّتِي فِيهَا
صِفَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَعْتُهُ وَرِسَالَتُهُ.
وَالنِّعَمُ عَلَى الْآبَاءِ نِعَمٌ عَلَى الْأَبْنَاءِ لِأَنَّهُمْ يَشْرُفُونَ
بِشَرَفِ آبَائِهِمْ.



قَالَ أَرْبَابُ
الْمَعَانِي: رَبَطَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذِكْرِ



النِّعْمَةِ وَأَسْقَطَهُ عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهُمْ إِلَى ذِكْرِهِ فقال: "فَاذْكُرُونِي
أَذْكُرْكُمْ". البقرة 152. لِيَكُونَ نَظَرُ الْأُمَمِ مِنَ النِّعْمَةِ
إِلَى الْمُنْعِمِ وَنَظَرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنَ الْمُنْعِمِ إِلَى النِّعْمَةِ. وأضاف ـ سبحانه ـ هؤلاء المخاطبين إلى هذا
اللّقَبِ تأكيداً لتحريكهم إلى طاعتِه، فإنَّ في إسرائيلَ ما ليس في اسمِ الكريمِ
يَعقوبَ وقولُك: يا ابن الصالحِ أَطِعِ اللهَ تعالى، أَحَثُّ للمَأمورِ مِن قولِك:
يا ابْنَ زيدٍ ـ مَثلًا ـ أَطِعْ، لأنَّ الطَبائعَ تَميلُ إلى اقْتِفاءِ أَثَرِ
الآباءِ، وإنْ لمْ يَكنْ مَحموداً، فكيفَ إذا كان؟ ويُستَعمَلُ مِثلُ هذا في مَقامِ
التّرْغيبِ والترهيبِ بِناءً على أنَّ الحَسَنَةَ في نَفسِها حَسَنَةً وهي مِن بَيتِ
النُّبُوَّةِ أَحْسَنُ والسَيِّئَةُ في نفسِها سَيِّئَةٌ وهي من بيت ِالنُبوَّةِ
أسوأ.



وإضافةُ النِّعمَةِ إلى
ضميرِهِ ـ تعالى ـ لِتشريفِها، وإيجابِ تخصيصِ شُكرِها به ـ سبحانه ـ، وقد قال بعضُ
المُحَقِّقين: إنّها تُفيدُ الاستغراقَ فهي شاملةٌ للنِّعمِ العامَّةِ والخاصَّةِ
بالمُخاطبين، وقال قَتادةُ: أُريدَ بها ما أَنعَمَ بِه على آبائهم مِمّا قَصَّهُ
سبحانَه في كتابِه عليهم مِن فُنونِ النِّعمَةِ التي أَجَلُّها إدراكُ زَمَنِ أَشْرَفِ
الأَنبياءِ وجَعلِهم مِن جُملَةِ أُمَّةِ الدعوةِ لَه.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} أَمْرٌ وَجَوَابُهُ. فإنّه ـ تعالى ـ أَمَرَهم بالإيمانِ والعملِ
وعَهِدَ إليهم بما نَصَبَ من الحُجَجِ العقليَّةِ والنَقليَّةِ الآمِرَةِ بذلك، ووَعَدَهم
بِحُسْنِ الثَّوابِ على حَسناتهم. وجَعَلَه ـ سبحانه ـ بعد قِصَّةِ آدم، لأنَّ
هؤلاءِ بعدَ ما أُوتُوا مِن البَيانِ الواضحِ والدليلِ اللائح، وأُمِروا ونُهُوا
وحُرِّضوا على اتّباعِ النَبيِّ الأمِيِّ الذي يَجدونَه مكتوباً عندَهم ظَهَرَ
منهم ضِدُّ ذلك، فخرجوا عَنِ جَنّةِ الإيمانِ الرفيعةِ، وهَبَطوا إلى أرضِ الطبيعةِ،
وتَعَرضتْ لهم الكلماتُ إلّا أنّهم لمْ يَتلَقَّوْها بالقَبولِ ففاتَ منهم ما فات،
وأَقبلَ عليهم بالنَّداءِ ليُحرِّكَهم لسَماعِ ما يَرِدُ مِنَ الأوامرِ والنواهي.



وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا
الْعَهْدِ مَا هُوَ فَقَالَ الْحَسَنُ عهده قوله: {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ}.
البقرة: 63. وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ
وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} المائدة: 12. وَقِيلَ هُوَ
قَوْلُهُ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ}. آل عمران: 187. وَمَا طُلِبَ
مِنْ هَؤُلَاءِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ هُوَ مَطْلُوبٌ مِنَّا قال الله
تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}. المائدة: 1. {أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ}. النحل:
91، وهو كثير. وَعَهْدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ أَنْ يُدْخِلَهُمُ
الْجَنَّةَ. ووفاؤهم بِعَهْدِ اللَّهِ أَمَارَةٌ لِوَفَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
لَهُمْ لَا عِلَّةَ لَهُ بَلْ ذَلِكَ تَفَضُّلٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ.



وَقَالَ الزَّجَّاجُ: "أَوْفُوا بِعَهْدِي" الَّذِي عَهِدْتُ إِلَيْكُمْ فِي التَّوْرَاةِ مِنَ اتِّبَاعِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" بِمَا ضَمِنْتُ لَكُمْ عَلَى ذَلِكَ إِنْ أَوْفَيْتُمْ بِهِ
فَلَكُمُ الْجَنَّةُ. وَقِيلَ: "
أَوْفُوا بِعَهْدِي"
فِي أَدَاءِ الْفَرَائِضِ عَلَى السُّنَّةِ وَالْإِخْلَاصِ "
أُوفِ"
بِقَبُولِهَا مِنْكُمْ وَمُجَارَاتِكُمْ عَلَيْهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: "
أَوْفُوا بِعَهْدِي" فِي الْعِبَادَاتِ "أُوفِ بِعَهْدِكُمْ"
أُوصِلُكُمْ إِلَى مَنَازِلِ
الرِّعَايَاتِ. وَقِيلَ "
أَوْفُوا بِعَهْدِي" فِي حِفْظِ
آدَابِ الظَّوَاهِرِ "
أُوفِ
بِعَهْدِكُمْ
" بِتَزْيِينِ سَرَائِرِكُمْ
وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَوَصَايَاهُ
فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الَّذِي فِي التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهِ. هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنَ
الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.



ولا يَخفى أنَّ للوفاءِ عَرْضًا
عريضًا، فأوَّلُ المَراتِبِ الظاهرَةِ منّا الإتيانُ بِكَلِمَتَيْ الشَهادةِ، ومنه
ـ تعالى ـ حقنُ الدِّماءِ والمالِ وآخرُها منَّا الفناءُ حتّى عن الفَناءِ، ومنه ـ
تعالى ـ التَحْلِيةُ بأنوارِ الصِفاتِ والأسماءِ. فما رُويَ مِن الآثارِ على
اختلافِ أُسانيدِها صِحَّةً وضَعْفًا في بيانِ الوفاءِ بالعهديْن فبِالنَّظرِ إلى
المَراتِبِ المُتوسِّطةِ، وهي لَعَمْري كَثيرةٌ، ولك أنْ تقول: أوّلُ: المَراتِبِ
مِنّا تَوحيدُ الأفعالِ، وأَوْسَطُها: توحيدُ الصفات. وآخرُها: تَوحيدُ الذاتِ،
ومنه تعالى ما يُفيضُهُ على السالِكِ في كلِّ مَرْتَبَةٍ ممّا تَقْتَضيهِ تِلكَ
المَرْتَبَةُ مِنَ المَعارِفِ والأخلاق.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} أَيْ خَافُونِ. وَالرُّهْبُ وَالرَّهَبُ وَالرَّهْبَةُ الْخَوْفُ.
وَيَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ بِهِ مَعْنَى التَّهْدِيدِ.



قولُه
تعالى: {
يَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ
} بني: مُنادى مَنصوبٌ وعلامةُ نصبِه
الياءُ لأنّه جمعُ مُذكَّرٍ سالمٌ وحُذِفَتْ نونُه (بنين) للإِضافةِ، وهو شبيهٌ
بجَمْعِ التكسيرِ لتَغَيُّرِ مُفرِدِه، ولذلك عامَله العَرَبُ ببعضِ معاملةِ
التكسير، فَأَلْحقوا في فِعْلِه المُسْنَدِ إليه تاءَ التأنيثِ نحو: قالتْ بَنو
فلانٍ، قال النابغة:



قالَتْ بنو عامِرٍ خالُوا بني أَسَدٍ ..........
يا بؤسَ للجهلِ ضَرَّاراً لأقوامِ



وأعْربوهُ بالحَرَكاتِ أَيضاً
إِلْحاقاً له به، قال الشاعر:



وكان لنا أبو حسنٍ عليٌّ ........................
أباً بَرًّا ونحنَ له بنينُ



برفعِ النونِ. ويُطلَقُ
على الذُّكورِ غالباً فإذا أُضيفَ عَمَّ في العُرْفِ الذُّكورَ والإناثَ، فيكون
بمعنى الأولادِ، وهو المُرادُ هنا، وذُكر أنَّه حقيقةً في الأبناءِ الصُلْبيَّةِ،
واسْتعمالُه في العامِّ مَجازٌ، وهو مَحذوفُ لامِ الفِعلِ. وفي كونِ لامِه ياءً أو
واواً خِلافٌ، فذَهَبَ بعضُهم إلى جعلِه مِنْ البناءِ، لأَنَّ الابْنَ فَرْعُ الأَبِ
ومَبْنِيٌّ عليه، ولِهذا يُنسَبُ المَصنوعُ إلى صانِعِهِ، فيُقالُ للقَصيدةِ مَثَلاً:
بِنْتُ الفِكْرِ، وقدْ أُطلِقَ في شريعةِ مَنْ قبلَنا على بعضِ المَخلوقين أبناءُ
اللهِ ـ تعالى بهذا المعنى ـ، لكنْ لمّا تَصَوَّرَ بعضٌ مِن هؤلاءِ الجَهَلَةِ الأَغبياءِ
مَعنى الوِلادَةِ حُظِرَ ذلك حتّى صارَ التَفَوُّهُ بِه كُفْراً.



و"إسرائيلَ":
خَفْضٌ بالإِضافةِ، ولا يَنْصَرِفُ للعلَمِيَّة والعُجْمة. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ
الْجَوْزِيُّ: وَلَيْسَ فِي الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَهُ اسْمَانِ غَيْرُهُ إِلَّا
نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ لَهُ أَسْمَاءً
كَثِيرَةً. ذَكَرَهُ فِي كتاب "
الْآثَارِ"
لَهُ. قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ فِي الْمَسِيحِ إِنَّهُ اسْمُ عَلَمٍ لِعِيسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ غَيْرُ مُشْتَقٍّ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رُوحًا وَكَلِمَةً،
وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ أَبِيلَ الْأَبِيلِينَ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي
الصِّحَاحِ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ" عَنِ
الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ الفراهيدي: (خَمْسَةٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ذَوُو
اسْمَيْنِ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ نَبِيُّنَا ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
وَعِيسَى وَالْمَسِيحُ، وَإِسْرَائِيلُ وَيَعْقُوبُ، وَيُونُسُ وَذُو النُّونِ،
وَإِلْيَاسُ وَذُو الْكِفْلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ).



قُلْتُ: ذَكَرْنَا أَنَّ
لِعِيسَى أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ وَأَمَّا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ



وَسَلَّمَ فَلَهُ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ بَيَانُهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
وَإِسْرَائِيلُ: اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْصَرِفْ وَفِيهِ سَبْعُ
لُغَاتٍ: إِسْرَائِيلُ وَهِيَ لُغَةُ الْقُرْآنِ وَإِسْرَائِيلُ بِمَدَّةٍ
مَهْمُوزَةٍ مُخْتَلَسَةٍ حَكَاهَا شَنَبُوذَ عن ورش. وإسرائيلُ بِمَدَّةٍ بَعْدَ
الْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَعْمَشِ وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ
وَقَرَأَ الْحَسَنُ والزُهْرِيُّ بغيرِ همزٍ ولا مَدٍّ. وإسرائيلُ بِغَيْرِ يَاءٍ
بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ. وَإِسْرَاءَلُ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ. وَتَمِيمٌ
يَقُولُونَ: إِسْرَائِينُ بِالنُّونِ. وَمَعْنَى إِسْرَائِيلُ: عَبْدُ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِسْرَا" بِالْعِبْرَانِيَّةِ هُوَ عبد و"ائل"
هُوَ اللَّهُ. وَقِيلَ: "إِسْرَا" هُوَ صَفْوَةُ اللَّهِ و"ائل"
هُوَ اللَّهُ. وَقِيلَ: "إِسْرَا" مِنَ الشَّدِّ فَكَأَنَّ إِسْرَائِيلُ
الَّذِي شَدَّهُ اللَّهُ وَأَتْقَنَ خَلْقَهُ ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَقَالَ
السُّهَيْلِيُّ سُمِّيَ إِسْرَائِيلُ لِأَنَّهُ أَسْرَى ذَاتَ لَيْلَةٍ حِينَ
هَاجَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَسُمِّيَ إِسْرَائِيلَ أَيْ أَسْرَى إِلَى
اللَّهِ وَنَحْوَ هَذَا فَيَكُونُ بَعْضُ الِاسْمِ عِبْرَانِيَّا وَبَعْضُهُ
مُوَافِقًا للعربِ واللهُ أعلم.



قوله: {اذكروا نِعْمَتِيَ} اذكروا فعلٌ وفاعلٌ، ونِعمتي مفعولٌ، وقال ابنُ الأَنباريِّ: لا
بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضافٍ تَقديرُه: شُكْرَ نِعْمتي. ويَجوزُ في الياء من "
نِعْمَتِيَ"
الإسكانُ والفتحُ، والقراءُ السبعةُ متَّفقون على الفتحِ.



قولُهُ: {التي أَنْعَمْتُ عليكم} صفتُها والعائدُ محذوفٌ. فإنْ قيل: مِنْ شرطِ حَذْفِ عائدِ
الموصولِ إذا كان مجروراً أن يُجَرَّ الموصولُ بمثلِ ذلك الحرفِ، وأَنْ يَتَّحِدَ
متعلَّقُهما، وهنَا قد فُقِد الشرطان، فإنَّ الأصلَ "التي أنعمتُ بها"،
فالجوابُ أنّه إنّما حُذِفَ بعدَ أَنْ صارَ منصوباً بحَذْفِ حَرْفِ الجَرِّ اتِّساعاً
فبقيَ: أَنعمتُها، وهو نظيرُ: {كالذي خاضوا}. و"
عليكُمْ"
متعلِّقٌ به، وأُتِيَ بـ "
على" دَلالةً على شُمولِ النِّعْمَةِ
لهم.



قوله: {وَأَوْفُواْ بعهدي} هذه جملةٌ أَمْرِيَّةٌ عَطْفٌ على الأَمْرِيَّةِ قبلَها ويقال:
أَوْفَى وَوَفَى وَوَفَّى مشدَّداً ومخففاً، ثلاثُ لغاتٍ بمعنىً، قال الشاعر:



أمَّا ابنُ طَوْقٍ فقد أَوْفَى بذِمَّتِه .........
كما وَفَى بقِلاصِ النَّجْمِ حادِيها



فَجَمَع بين اللغتين.
ويقال: أَوْفَيْتُ وفَيْتُ بالعهدِ وأَوْفَيت الكيلَ لا غيرُ.



وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ "أُوَفِّ"
(بِفَتْحِ الْوَاوِ وَشَدِّ الْفَاءِ) لِلتَّكْثِيرِ. فإنْ كان مُوافِقاً للمُجَرَّدِ
فذاك؛ وإن أُريدَ بِه التَكْثيرُ ـ والقَلْبُ إليه يَميلُ ـ فهو إشارةٌ إلى عَظيمَ
كَرَمِهِ وإحْسانِه، ومَزيدِ امْتِنانِه، حيث أخبرَ وهو الصادقُ، أنّه يُعطي
الكثير في مقابلَةِ القليلِ، وهو صرّحَ بذلك في قوله ـ سبحانه: {مَن جَاء بالحسنة
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}. الأنعام: 160.



وعن بعضِهم أنَّ اللغاتِ
الثلاثَ واردةٌ في القرآن، أمَّا "أَوْفى" فهذه الآيةُ، وأمَّا
"وفَّى" بالتشديدِ فقولُه: {وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفّى} وأمَّا
"وَفَى" بالتخفيفِ فلِم يُصَرَّحْ بِه، وإنّما أُخِذَ مِنْ قوله تعالى:
{وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ الله} وذلك أنَّ أَفْعَلَ التفضيلَ لا يُبْنَى إلّا
مِن الثلاثيِّ كالتعجُّبِ، ويَجيءُ "أَوْفَى" بمعنى ارتفع، قال:



رُبَّمَا أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ ..........................
تَرْفَعَنْ ثوبي شَمالاتُ



قولُه: {وبعهدي أَوْفوا} بعهدي: متعلِّقٌ بـ "أَوْفُوا"
والعَهْدُ مصدرٌ،



ويُحتمَلُ إضافتُه للفاعل أو المَفعولِ. والمعنى: بما عَاهَدْتُكم
عليه من قَبول الطاعة، ونحوُه: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بني آدَمَ} ونحوُه:
{وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ}، و{صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللهَ
عَلَيْهِ}.



قولُه: {أُوْفِ بعهدِكم} أوف: مَجزومٌ على جوابِ الأمرِ، وهل الجازمُ الجملةُ الطَلَبيَّةُ
نفسُها لِما تَضَمَّنَتْهُ مِنْ معنى الشرطِ، أو حرفُ شرطٍ مقَدَّرٌ تقديرُه: "إنْ
تُوفوا بعَهْدي أُوفِ" قولان. وهكذا كلُّ ما جُزِم في جوابِ طَلَبٍ يَجْري
فيه هذا الخلاف. و"
بعَهْدِكم" متعلِّقٌ به، وهو محتمِلٌ للإِضافةِ إلى الفاعلِ أو المفعولِ
كما تقدَّم .



قولُه: {وَإِيَّايَ فارهبون} إيَّايَ: ضميرٌ منصوبٌ منفصلٌ، وقد عُرِفَ ما في "إيّا" من سورةِ الفاتحة.
ونصبُه بفعلٍ محذوفٍ يُفَسِّرُهُ الظاهرُ بعدَه، والتقديرُ: "وإياي ارهبوا
فارهبون" وإنّما قَدَّرْتُه متأخِّراً عنه، لأنَّ تقديرَه متقدِّماً عليه لا
يَحْسُنُ لانفصالِه، وإنْ كان بعضُهم قَدَّره كذلك. والفاءُ في "
فارهبون"
فيها قولان للنحويين، أحدُهما: أنّها جوابُ أَمرٍ مقدَّرٍ تقديرُه: تَنَبَّهوا
فارهبون، وهو نظيرُ قولِهم: "زيداً فاضرب" أي: تنبَّهْ فاضربْ زيداً، ثم
حُذِف: تَنَبَّه فصار: فاضْرِب زيداً، ثم قُدِّم المفعولُ إصلاحاً للَّفْظِ، لئلّا
تَقعَ الفاءُ صَدْراً، وإنّما دَخَلَتِ الفاءُ لتربِطَ هاتين الجملتين. والقولُ
الثاني في هذه الفاءِ: أنّها زائدةٌ.



والرَّهَبُ والرَّهْبُ
والرَّهْبةُ: الخوفُ، مأخوذٌ من الرَّهابة وهي عَظْمٌ في الصَّدْرِ يُؤثِّرُ فيه
الخوف.



وعُدَّ مِن وُجوهِ التأكيدِ
تقديمُ الضميرِ المُنفَصِلِ وتَأخيرُ المُتَّصِلِ



"إيّاي فارهبون"، ثمَّ الخوفُ خوفانِ: خوفُ العِقابِ، وهو نصيبُ أهلِ الظاهرُ،
وخوفُ إجلالٍ وهو نَصيب أهلِ القلوب. وما رُوي عن ابنِ عبّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى
عنهما ـ أنّ المَعنى: ارهبونَ أنْ أُنْزِلَ بِكم ما أَنزلتُ بمن كان قبلَكم مِن
آبائكمْ مِن النَّقَماتِ التي قَدْ عَرَفتم مِن المَسْخِ وغيرِه ظاهرٌ في قِسْمِ أَهلِ
الظاهرِ، وهو المُناسبُ بحالِ هؤلاءِ المُخاطَبين الذين: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مّنَ
الحياة الدنيا وَهُمْ عَنِ الآخرةِ هُمْ غافلون} وحُذِفتْ ياءُ الضميرِ مِن ارْهبون
لأنّها فاصلةٌ (رأسُ أية). وقرأ ابنُ أَبِي إِسْحَاقَ "فَارْهَبُونِي" بِالْيَاءِ
وَكَذَا "فَاتَّقُونِي" عَلَى الْأَصْلِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 211
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 227
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 21
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 13
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية:31

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: