عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: الدر النظيم .... سورة البقرة ، الآية : 59 الأحد فبراير 26, 2012 8:56 am | |
| فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) { فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ } : لا بُدَّ في هذا الكلام من تأويلٍ ، إذ الذَمُّ إنما يتوجَّهُ عليهم إذا بَدَّلوا القولَ الذي قيل لهم ، لا إذَا بَدَّلوا قولاً غيره ، فقيل : تقديرُه : فبدَّل الذين ظلموا بالذي قيل لهم قولاً غيرَ الذي قِيل لهم فـ ” بَدَّلَ ” يتعدَّى لمفعولٍ واحدٍ بنفسِه وإلى آخر بالباءِ ، والمجرورُ بها هو المتروكُ والمنصوبُ هو الموجودُ كقولِ أبي النجم : وبُدِّلَتْ والدهرُ ذو تَبَدُّلِ ……………. هَيْفاً دَبُوراً بالصَّبا والشَّمْأَلِ فالمقطوعُ عنها الصَّبا والحاصلُ لها الهَيْفُ ، ويجوز أن يكونَ بَدَّل مَحْمولاً على المعنى والتقدير: فقال الذين ظلموا قولاً غيرَ الذي قيلَ لهم ، لأنَّ تبديلَ القولِ بقولٍ فنصْبُ ” غير ” في هذين القولَيْن على النعت لـ ” قولاً ” وقيل تقديرُه : فَبَدَّل الذينَ ظلموا قولاً بغيرٍ الذي ، فَحَذَفَ حرفَ الجرّ ” الباء ” فانتصَبَ بنزع الخافض ، ومعنى التبديلِ التغييرُ كأنه قيل : فغيَّروا قولاً بغيره ، أي جاؤوا بقولٍ آخرَ مكانَ القولِ الذي أُمِروا به ، كما يُرْوى في القصة أنَّهم قالوا بَدَلَ ” حِطَّة ” حِنْطة في شُعَيْرة . والإِبدالُ والاستبدالُ والتبديلُ جَعْلُ الشيءِ مكانَ آخَرَ ، وقد يُقال التبديل : التغييرُ وإنْ لم يَأْتِ بِبَدَلِهِ ، وقد تقدَّم الفرقُ بينَ بَدَّل وأَبْدَلَ ، وهو أنَّ بَدَّلَ بمعنى غيَّر مِنْ غير إزالةِ العَيْن ، وأَبْدَلَ تقتضي إزالة العين ، إلا أنه قُرئ: { عسى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا } القلم: 32 {فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا } الكهف: 81 بالوجهين ، وهذا يَقْتضي اتِّحادَهما معنىً لا اختلافَهما ، والبديلُ ، والبدل بمعنى واحدٍ ، وبَدَّله غيرُه . ويُقال : بِدْل وبَدَل كشِبْه وشَبَه ومِثْل ومَثَل ونِكْل ونَكَل ، ولم يُسْمع في فِعْل وفَعَل غيرُ هذه الأحرفِ . {مِّنَ السماء} يجوزُ فيه وجهان ، أحدُهما : أن يكونَ متعلِّقاً بأَنْزلنا ، و” مِنْ ” لابتداءِ الغايةِ ، أيْ : من جهةِ السماء ، وهذا الوجهُ هو الظاهرُ . والثاني أن يكونَ صفةً لـ “رِجْزاً” فيتعلَّقَ بمحذوفٍ و”مِنْ” أيضاً لابتداءِ الغايةِ . وقوله تعالى: { عَلَى الذين ظَلَمُواْ } فأعادَهم بذِكْرِهم أولاً ، ولم يَقُلْ “عليهم” تنبيهاً على أنَّ ظُلْمَهُم سببٌ في عقابِهم . وجاء في سورة الأعراف {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ} الأعراف : 133 فجاء هنا بلفظ الإِرسالِ ، وذلك أنّه تعالى عَدَّد عليهم في هذه السورة نِعَماً جَسيمةً كثيرةً فكانَ توجيهُ الذمِّ عليهم وتوبيخُهم بكُفرانِها أَبَلَغَ ، حيث إنه لم يُعَدِّدْ عليهم هناك ما عَدَّد هنا ، ولفظُ الإِنزالِ للعذابِ أبلغُ من لفظِ الإِرسالِ . والرِّجْزُ : العَذَابُ ، وفيه لغةٌ أخرى وهي ضَمُّ الراءِ ، وقُرِئ بهما وقيل : المضمومُ اسمُ صَنَمٍ ، ومنه : { والرجز فاهجر} المدثر:5 وذلك لأنَه سببُ العذابِ . وقيل: الرِّجْزُ والرِّجْسُ بالزاي والسين بمعنَىً ، والصحيحُ أن الرِّجْزَ : القَذَرُ ، والرَّجَزُ داءٌ يُصيبُ الإِبلِ فترتعشُ منه ، ومنه بَحْر الرَّجَز في الشعر . قوله : ” بما كانوا يفسُقُون ” متعلِّق بـ { أَنزَلْنَا } والباءُ للسببية و” ما ” يجوزُ أن تكونَ مصدريةً ، وهو الظاهرُ أي : بسببِ فِسْقِهم ، ويجوز أن تكونَ موصولةً اسميّةً ، والعائدُ محذوفٌ ، والأصلُ يَفْسُقُونَه ، وقرأ ابن وثَّاب { يَفْسِقُونَ } بكسر السين ، وهما لغتان .
| |
|