عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: الدر النظيم .... سورة البقرة الآية :( 41) الأربعاء يناير 25, 2012 9:45 am | |
| وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) { بِما أَنزَلْتُ }. .” ما ” يجوز أن تكونَ بمعنى الذي ، والعائدُ محذوفٌ ، أي : الذي أَنْزَلْتُه ، ويجوز أن تكونَ مصدريةً ، والمصدرُ واقعٌ موقعَ المفعولِ أي بالمنزَّلِ . و” مصدّقاً ” نصبٌ على الحالِ ، وصاحبُها العائدُ المحذوفُ . وقيل: صاحبُها ” ما ” والعاملُ فيها ” آمنوا ” . قوله: { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } ” أولَ ” خبرُ ” كان ” والجمعُ : أوائل ، ولا فعل له . وقيل : أوألَ مِن آلَ بمعنى رَجَعَ ، وإنما لم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف الجمع وهو تفضيلٍ ، وأَفْعَلُ التفضيلِ إذا أُضيفَ إلى نكرةٍ كان مفرداً مذكراً مطلقاً . ثم النكرةُ المضافُ إليها أَفْعل : إمَّا أن تكونَ جامدةً أو مشتقةً ، فإنْ كانَتْ جامدةً طابقَتْ ما قبلها نحو: الزيدان أفضلُ رجلَيْن ، الزيدون أفضلُ رجال ، الهنداتُ أفضلُ نسوةٍ . وإن كانَتْ مشتقةً فالجمهورُ أيضاً على وجوبِ المطابقةِ نحو : الزيدُون أفضلُ ذاهبين وأكرمُ قادمين ، وأجازَ بعضُهم المطابقةَ وعدَمَها، لقول الشاعر : وإذا هُمُ طَعِمُوا فَالأَمُ طاعِمٍ ……………… وإذا هُمُ جاعوا فَشَرُّ جِياعِ والهاءُ في ” به ” تعودُ على ” ما أَنْزَلْتُ ” وهو الظاهرُ ، وقيل : على الرسولِ عليه السلام لأنّ التنزيلَ يَسْتَدْعِي مُنَزَّلاً إليه . قوله: { بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } متعلِّقٌ بالاشتراءِ قبلَه ، وضُمِّنَ الاشتراءُ معنى الاستبدالِ ، فلذلك دَخَلَتِ الباءُ على الآياتِ . و” ثَمناً ” مفعولٌ به ، و” قليلاً ” صفتُه . و{ وَإِيَّايَ فاتقون } كقوله { وَإِيَّايَ فارهبون } وقال هنا: فاتقون ، وهناك فارهبون لأنَّ تَرْكَ المأمورِ به هناك معصيةٌ وهي تَرْكُ ذِكْر النعمةِ والإِيفاءِ بالعَهْدِ ، وهنا تَرْكُ الإِيمانُ بالمُنَزَّلِ والاشتراءُ به ثمناً قليلاً كفرٌ فناسبَ ذِكْرَ الرَّهَب هناك لأنه أخفُّ يجوزُ العَفْوُ عنه لكونِه معصيةً، وذَكَر التقوى هنا لأنه كُفْرٌ لا يجوز العفو عنه، لأنَّ التقوى اتِّخاذُ الوقايةِ لِما هو كائنٌ لا بُدَّ منه. { وَءامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدّقًا لّمَا مَعَكُمْ } عطف على ما قبله ، وظاهره أنه أمر لبني إسرائيل ، وقيل : نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه علماء اليهود ورؤسائهم فهو أمر لهم ، وأفرد سبحانه الإيمان بعد اندراجه في { أَوْفُواْ بِعَهْدِي } بمجموع الأمر به والحث عليه المستفاد من قوله تعالى: { مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ } للإشارة إلى أنه المقصود، والعمدة للوفاء بالعهود، والمراد (بما أنزلت) القرآن وفي التعبير عنه بذلك تعظيم لشأنه والمراد بما معكم التوراة ، ومعنى تصديقه لها أنه نازل حسبما نُعِت فيها ، أو مطابق لها في أصل الدين والملة ، وتقييد المنزل بكونه مصدقاً لما معهم لتأكيد وجوب الامتثال فإن إيمانهم بما معهم يقتضي الإيمان بما يصدقه قطعاً . {وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي لا تسارعوا إلى الكفر به فإن وظيفتكم أن تكون أوّلَ من آمن به لما تعرفون من حقيقة الأمر ، وقد كنتم من قبل تقولون إنّا نكون أولّ من يتبعه . والخطاب للموجودين في زمانه صلى الله عليه وسلم بل للعلماء منهم ، وقد يكون المراد منه لا تكونوا أول كافر بما معكم . والاشتراء مجاز عن الاستبدال لاختصاصه بالأعيان . ومن الناس من جعل الآيات كناية عن الأوامر والنواهي التي وقفوا عليها في أمر النبي صلى الله عليه وسلم من التوراة والكتب الإلهية أو ما علموه من نعته الجليل وخلقه العظيم عليه الصلاة والسلام ، وقد كانوا يأخذون كل عام شيئاً معلوماً من زروع أتباعهم وضروعهم ونقودهم فخافوا إن بينوا ذلك لهم وتابعوه صلى الله عليه وسلم أن يفوتهم ذلك فضلوا وأضلوا، وقيل : كان سلوكهم يدرّ عليهم الأموال ليكتموا ويحرفوا ، وقد استدل بعض أهل العلم بالآية على منع جواز أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى والعلم ، ولكن صح أنهم قالوا: يا رسول الله أنأخذ على التعليم أجراً؟ فقال : (( إن خير ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله تعالى )) وقد نصّ بعض العلماء على جواز ذلك وبعضُهم كرّهه ولم يرفي الآية دليلاً على ما ادعاه الآخرون . { وإيّايَ فاتّقون } بالإيمان واتّباع الحق والإعراض عن الاشتراء بآيات الله تعالى الثمن القليل والعَرَض الزائل .
| |
|