وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا
(23)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} قَدِمَ الرَّجُلُ إِلَى الْأَمْرِ: قَصَدَهُ. وَانْظُرْ "تَأْويلُ مُشْكِلِ الْقُرآنِ" لِابْنِ قُتيبةَ: (صَ: 138)، وَ "تَهْذيبُ اللُّغَةِ" لِلْأَزهَرِيِّ: (9/48).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: لَمْ يَكُنِ اللهُ تَعَالَى غَائِبًا عَنْ أَعْمَالِهِمْ؛ وَلَكِنْ يُريدُ: وَعَمَدْنَا. "تَنْويرُ الْمِقْبَاسِ": (ص: 352). وَقالَهُ مجاهِدٌ في تَفْسيرِهِ: (2/449) وَأَخْرَجَهُ عنْهُ وَعَنِ السُّدِّيِّ، وَسُفْيَانٍ الثَّوْرِيِّ، ابْنُ أَبي حَاتِمٍ في تَفْسيرِهِ: (8/2678)، وَقالَهُ الْفَرَّاءُ، فِي "مَعَانِي الْقُرْآنِ": (2/266). وَاَبُو إِسْحاقٍ الزَّجَّاجُ فِي "مَعَاني الْقُرْآنِ وإِعْرابُهُ" لَهُ: (4/64). وَابْنُ قُتَيْبَةَ فِي "غَريبُ الْقُرْآنِ": (312). وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بِنُ مُوسَى الْهوَّارِيُّ فِي تَفْسيرِهِ: (3/257). وَابْنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ فِي تَفْسيرِهِ: (19/3). وَنَسَبَهُ الإِمامُ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: (2/457)، للكَلْبِيِّ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمانَ في: (ص: 44) مِنْ تفسيرِهِ: يَعْني: وَجِئْنَا، وَيُقَالُ: وَعَمَدْنَا. وَقَدْ أَرَادَ بِلَفْظِ الْمَجِيءِ: الْقَصْدَ، واللهُ أَعْلَمُ.
وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ"، قَالَ: قَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ مِمَّن لَّا يَتَقَبَّلُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا.
وَأَخْرَجَ سَمُوَيْهِ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبي حُذَيْفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيُجَاءَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَوْمٍ مَعَهُمْ حَسَنَاتٌ مِثَالُ جِبَالِ تِهَامَةَ، حَتَّى إِذَا جِيءَ بِهِمْ، جَعَلَ اللهُ ـ تَعَالَى، أَعْمَالَهُمْ هَبَاءً، ثُمَّ قَذَفَهُمْ فِي النَّارِ))، قَالَ سَالِمٌ: بِأَبي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، جَلِّ لَنَا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ. حَتَّى نَعْرِفَهُمْ، فَوَالَّذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَأَتَخَوَّفُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، قَالَ: ((كَانُوا يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَأْخُذُونَ سِنَةً مِنَ اللَّيْلِ، وَلَكِنْ كَانُوا إِذا عَرَضَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَامِ وَثَبُوا عَلَيْهِ، فَأَدْحَضَ اللهُ ـ تَعَالَى، أَعْمَالَهُمْ)). قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: هَذَا وَاللهِ النِّفاقُ، فَأَخَذَ مُعَلَّى ابْنِ زِيادٍ بِلِحْيَةِ مَالِكٍ، وَقَالَ: صَدَقْتَ وَاللهِ يَا أَبَا يَحْيَى. "مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ" لِأَبي نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: (9/415)، وَ "حِلْيَةُ الْأَوْلِياءِ وَطَبَقَاتُ الْأَصْفِياءِ" لَهُ: (1/177)، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ. وَرَوَاهُ أَيْضًا الْمُفَضَّلُ بْنُ فُضَالَةَ.
ويبدو أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كانوا إِذَا سَمِعُوا آيَاتِ الْوَعِيدِ قالوا فِي أَنْفُسِهِمْ: لَئِنْ كَانَ الْبَعْثُ حَقًّا لَنَجِدَنَّ أَعْمَالًا عَمِلْنَاهَا مِنَ الْبِرِّ تَكُونُ سَبَبًا لِنَجَاتِنَا. فَقَدْ كَانَتِ العَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَعُدُّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ مَجْلَبَةً لِخَيْرَيِ الدُّنْيَا لِأَنَّهَا تُرْضِي اللَّهَ ـ تَعَالَى، فَيُجَازِيهِمْ بِها فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُم كَانُوا لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ المَوتِ للحِسابِ والثَّوابِ أَوِ العِقابِ، فَمَنْ عَمِلَ الخَيرَ في الدُّنيا جُزِيَ بِهِ في الدُّنيا نِعَمًا تَغْشاهُ، ونِقَمًا يُجَنَّبُها، وضِمْنَ هَذا الإِطارِ كانَ جَوابُ السَّيِّدةِ خَدِيجَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنها لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ جاءَها يَشْكُوا إِلَيْها ما حَدَثَ لَهُ فِي غَارِ حِراءٍ أوَّلَ أَمْرِهِ حينَ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْريلُ بالْوَحْيِ، لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ أسلمتْ بَعْدُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عِلْمٌ بالرِّسالةِ، فقد َقَالَتْ لَهُ: "وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا. إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ". وَذَلِكَ حِينَ قالَ لها: "لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي". فَعَلِمَ اللَّهُ مَا فِي نُفُوسِ الْمُشْركينَ فَأَخْبَرَ بِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ سَتَكُونُ كَالْعَدَمِ يَوْمَ القيامَةِ إِذا لَمْ يُؤْمنوا باللهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى، وبرسولِهِ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، وبما نَزَلَ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ.
قَوْلُهُ: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} هَبَاءً: الْهَبَاءُ، وَ "الْهَبْوَةُ": التُّرَابُ النَّاعِمُ الدَّقيقُ. وَمِنْهُ: وَهَبَا التُّرابُ يَهْبُو إِذَا ارْتَفَعَ، وَأَهْبَيْتُهُ إِهْبَاءً: رَفَعْتُهُ.
وَالهَباءُ أَيْضًا: الْغُبَارِ الدَّاخِلُ مَعَ ضَوْءِ الشَّمْسِ مِنْ كُوَّةِ الجِدارِ، فَتَرَاهُ مُنْتَظِمًا مَعَ الضَّوْءِ، فَإِذَا حَرَّكْتُه تَفَرَّقَ. فَقَد َأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِم، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ وَكَرَّمَ وَجْهَهُ، فِي قَوْله ـ تَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: الْهَبَاءُ: شُعَاعُ الشَّمْسِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْكُوَّةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنٌ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: الشُّعَاعُ فِي كُوَّةِ أَحَدِهِمْ، لَوْ ذَهَبْتَ تَقْبِضُ عَلَيْهِ لَمْ تَسْتَطِعْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: شُعَاعُ الشَّمْسِ مِنَ الْكُوَّةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: "هَبَاءً مَنْثُورًا": شُعَاع الشَّمْس الَّذِي فِي الْكُوَّةِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَامِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّهُما قَالَا فِي الْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ: شُعَاعُ الشَّمْسِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: الْهَبَاءُ: رِيحُ الْغُبَارِ يَسْطَعُ ثُمَّ يَذْهَبُ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فَجَعَلَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ كَذَلِكَ.
وَقِيلَ: هوَ مَا تَطَايَرَ مِنْ شَرَرِ النَّارِ إِذَا أُضْرِمَتْ. واحِدَتُهُ هَبَاءَةٌ. فَقدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّهُ قَالَ: الْهَبَاءُ: الَّذِي يَطيرُ مِنَ النَّارِ إِذا اضطَّرَمَتْ يَطيرُ مِنْهَا الشَّرَرُ، فَإِذا وَقَعَ لِمْ يَكُنْ شَيْئًا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: هُوَ مَا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ مِنْ حُطامِ هَذَا الشَّجَرِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: الْغُبَارُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ عُبَيْدَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: الْهَبَاءُ: الرَّمادُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّهُ قَالَ فِي
قَوْلِهِ ـ تباركَ وَتَعَالَى: "هَبَاءً مَنْثُورًا" قَالَ: الْمَاءُ الْمُهْرَاقُ.
وَ "مَنْثُورًا": مُفَرَّقًا، مِنْ نَثَرَ الشَّيْءَ: إِذا فَرَّقَهُ. وَالنَّثْرَةُ: نُجومٌ مُتَفَرِّقَةٌ. وَالنَّثْرُ في الْأَدَبِ الْعَرَبيِّ: غَيْرُ الْمَنْظُومِ، مُقِابَلَةً لَهُ بِالشِّعْرِ الْمَنْظُومِ عَلَى قَوَالِبَ وإِيقاعاتٍ مَعْرُوفَةٍ فِي عِلْمِ الْعَرُوضِ بِـ "بُحُورِ الشِّعْرِ".
قولُهُ تَعَالَى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا} الوَاوُ: اسْتِئْنَافِيَّةٌ. وَ "قَدِمْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ "نا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَ "نَا" التَّعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ. وَ "إِلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قَدِّمْنا". وَ "مَا" اسْمٌ مَوْصولٌ بِمَعنى "الَّذي" مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرْفِ الْجَرِّ. وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الْإِعْرابِ.
قولُهُ: {عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} عَمِلُوا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الضَّمِّ لِاتِّصالِهِ بواوِ الجَماعَةِ، وَواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ، وَ "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ الاسْمِ المَوْصولِ: "مَا"، أَوْ مِنَ الْعائدِ الْمَحْذوفِ، وَ "عَمَلٍ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَالْجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصولِ، لا مَحَلَّ لها مِنَ الْإِعْرابِ، والْعائدُ مَحْذوفٌ والتَّقْديرُ: عَمْلُوهُ.
قَوْلُهُ: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} فَجَعَلْنَاهُ: الفاءُ: حَرْفُ للعَطْفِ والتَّرْتيبِ، وَ "جَعَلْنا" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ "نا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَ "نَا" التَّعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ. وَالهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ مَفْعُولَهُ الْأَوَّلَ. وَ "هَبَاءً" مَفْعُولُهُ الثَّاني مَنْصوبٌ بِهِ. وَ "مَنْثُورًا" صِفَةٌ لِـ "هَبَاءً" مَنْصوبٌ مِثْلُهُ، وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "قَدِمْنَا" على كونِها جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً فَلَيْسَ لَهَا مَحَلَّ مِنَ الإِعْراب.