مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
(106)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} اسْتِئْنافٌ ابْتِدائيٌّ، ورَدٌّ لِعَجُزِ الْكَلَامِ عَلَى صَدْرِهِ. فإِنَّهُ تَعَالى كانَ قَدْ حَذَّرَ عِبَادَهُ المُؤْمِنينَ فيمَا سَبَقَ مِنْ آيِ هَذِهِ السُّورةِ المُبَارَكَةِ مِنْ نَقْضِ عَهْدِ اللهِ، وَأَنْ لَا يُغُرُّوا بِمَا لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ السَّعَةِ وَالرُّبُوِّ، ثمَّ حَذَّرَهم مِنْ زَلَلِ الْقَدَمِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَبَشَّرَهم عَلى وَفَائِهم بِعَهْدِهِمْ للهِ ورَسُولِهِ، وثَباتِهم عَلَى دِينِهِ، بِحَيَاةٍ طَيِّبَةٍ، وَبالجَزَاءِ الأَوْفَى عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَاتِ، مِنَ التَّمَسُّكِ بِأَهْدَابِ الدِّينِ الحَنيفِ وَالِاهْتِدَاءِ بِالْقُرْآنِ الكَريمِ، وَعدَمِ الاغْتِرارِ بشُبَهُ الْمُشْرِكِينَ وَافْتِراءاتِهُمْ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ. ثُمَّ عَقَّبَ هُنَا عَلَى ذَلِكَ بِالْوَعِيدِ الشَّديدِ عَلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِيمَانِ. وَمُنَاسَبَةُ الانْتِقَالِ إِلَى هَذَا الاسْتِئْنَافِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُحَاوِلُونَ فِتْنَةَ ضُعفاءِ المُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهمْ، والرَّاغِبِينَ فِي الْإِسْلَامِ، فَلِذَلِكَ رَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية: 102، السَّابِقَة. وَكَانُوا يَقُولُونَ: {إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} الآيَة: 103، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ في الآيةِ: 103، بِقَوْلِهِ: {لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ}. وَكَانَ جَبْرٌ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ الَّذِي عَنَوْهُ بِقَوْلِهِمْ: {إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} قَدْ أَسْلَمَ ثُمَّ فَتَنَهُ الْمُشْرِكُونَ فَكَفَرَ. كَما أَنَّهم رَاوَدُوا نَفَرًا آخرين مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الِارْتِدَادِ، مِنْهُمْ: بِلَالٌ، وَخِبَابُ بْنُ الْأَرَتِّ، وَياسِرُ أَبُو عَمَّارٍ وَسُمَيَّةُ زوجُ ياسِرٍ وأُمُّ عَمَّارٍ، رَضِيَ اللهُ عنْهُم، فَثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَفَتَنُوا عَمَّارًا فَأَظْهَرَ لَهُمُ الْكُفْرَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ. وَفَتَنُوا نَفَرًا آخَرِينَ فَكَفَرُوا، وَذُكِرَ مِنْهُمُ الْحَارِثُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو قَيْسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَالْعَاصِيُّ بْنُ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ} الآية: 10.
قولُهُ: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} أَيْ: إِلَّا مَنْ هُدِّدَ بِإِنْزالِ الأَذَى الشَّديدِ بِهِ إِنْ لَّمْ يَشْتُمَ مُحَمَّدًا ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ يَكْفُر بِهِ وبِدينِهِ، فَتَلَفَّظَ بِلِسَانِهِ بِمَا يُريدونَ مِنْهُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ، بَيْنَما قَلْبُهُ مَلِيءٌ بالإِيمانِ، عامِرٌ بِحُبِّ اللهِ ورَسُولِهِ، مُطْمَئِنٌ إِلَى صِحَّةِ مُعتَقَدِهِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أَمَّا مَنْ نطقَ بكلمةِ كفرٍ باللهِ ورَسُولِهِ وكتابِهِ، عَنْ قَنَاعَةٍ في العقلِ، وانْشِراحٍ في الصَّدْرِ، وطُمَأْنينةٍ في القَلْبِ وارتياحٍ في النَّفْسِ إِلى ما يَقُولُ فَهُوَ المَقْصُودُ بالآيةِ، المُستهدفُ بالتعنيفِ، النازِلِ بهِ غَضَبُ اللهِ تَعَالى.
قولُهُ: {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} هؤلاءِ الذينَ اطْمَأَنَّتْ بالكفرِ قلوبُهُم، وانْشَرَحَتْ لَهُ صُدورُهم، همُ المُسْتَحِقُّونَ لغضَبِ اللهِ تعالى، وما ينتظرُهُمْ منْ عذابٍ عظيمٍ في الآخرَةِ.
وفي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ الكَريمَةِ أَحَادِيثُ كَثيرَةٌ تَنَاقَلَها الرُّواةُ، ومِنْ ذَلِكَ ما قَالَهُ الْكَلْبِيُّ مِنْ أَنَّها نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي سَرْحٍ، ومَقِيسِ بْنِ صُبَابَة، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ خَطَلٍ، وَقَيْسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهم. وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُما ـ وَغَيْرُهُ مِنَ أَهْلِ التَفْسيرِ بِأَنَّ قولَهُ تَعَالَى "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ" هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، لِأَنَّهُ قَارَبَ بَعْضَ مَا نَدَبُوهُ إِلَيْهِ، فقد أَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ وَأَخَذُوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ سُمَيَّةَ وَصُهَيْبًا وَبِلَالًا وَخَبَّابًا وَسَالِمًا فَعَذَّبُوهُمْ، وَرُبِطَتْ سُمَيَّةُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ وَوُجِئَ قُبُلُهَا بِحَرْبَةٍ، وَقِيلَ لَهَا إِنَّكِ أَسْلَمْتِ مِنْ أَجْلِ الرِّجَالِ، فَقُتِلَتْ وَقُتِلَ زَوْجُهَا يَاسِرٌ، وَهُمَا أَوَّلُ قَتِيلَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا عَمَّارٌ فَأَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟)) قَالَ: مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ)).
وَرَوَى مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: أَوَّلُ شَهِيدَةٍ فِي الْإِسْلَامِ أُمُّ عَمَّارٍ، قَتَلَها أَبُو جَهْلٍ، وَأَوَّلُ شَهِيدٍ مِنَ الرِّجَالِ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ لأَصْحَابه: ((تَفَرقُوا عَنِّي فَمَنْ كَانَتْ بِهِ قُوَّةٌ فَلْيَتَأَخَّرَ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ، وَمَن لَّمْ تَكُنْ بِهِ قُوَّةٌ فَلْيَذْهَبْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، فَإِذا سَمِعْتُمْ بِي قَدِ اسْتَقَرَّتْ بِي الأَرْضُ فالْحَقُوا بِي)). فَأَصْبَحَ بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ، وَخَبَّابٌ، وعَمَّارٌ، وَجَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ أَسْلَمَتْ، أَصْبحُوا بِمَكَّةَ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَأَبُو جَهْلٍ فَعَرَضُوا عَلى بِلَالٍ أَنْ يَكْفُرَ فَأَبَى، فَجَعَلُوا يَضَعُونَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ فِي الشَّمْسِ ثُمَّ يُلْبِسُونَهَا إِيَّاهُ، فَإِذا أَلْبَسُوهَا إِيَّاهُ قَالَ: أَحَدٌ أَحَدٌ. وَأَمَّا خَبَّابٌ فَيَجْعَلوا يَجُرُّونَهُ فِي الشَّوْكِ. وَأَمَّا عَمَّارٌ فَقَالَ لَهُم كَلِمَةً أَعْجَبَتْهُمْ تَقِيَّةً. وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَوَتَّدَ لَهَا أَبُو جَهْلٍ أَرْبَعَةَ أَوْتادٍ، ثُمَّ مَدَّدَهَا فَأَدْخَلَ الحَرْبَةَ فِي قُبُلِهَا حَتَّى قَتَلَهَا، ثُمَّ خَلُّوا عَنْ بِلَالٍ، وخَبَّابٍ، وعَمَّارٍ، فَلَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَاشْتَدَّ عَلَّى عَمَّارٍ الَّذِي كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَيْفَ كَانَ قَلْبُكَ حِينَ قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ: أَكَانَ مُنْشَرِحًا بِالَّذِي قُلْتَ أَمْ لَا)). قَالَ: لَا. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللهُ "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئنٌ بِالْإِيمَانِ".
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرزَّاقِ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُبوَّةِ مِنْ طَرِيقِ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: أَخَذَ الْمُشْركُونَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى سَبَّ النَّبِيَّ وَذَكَرَ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ، ثُمَّ تَرَكُوهُ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، قَالَ: مَا وَرَاءَك شَيْءٌ؟ قَالَ: شَرٌّ، مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ، وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ. قَالَ: ((كَيفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟)). قَالَ: مُطْمَئِنًّا بالإيمانِ. قَالَ: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ)). فَنَزَلَتْ "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ".
وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَن مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، لَقِيَ عَمَّارًا ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وَهُوَ يَبْكِي، فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَنْ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: ((أَخَذَكَ الْكُفَّارُ فَغَطُّوكَ فِي المَاءِ، فَقُلْتَ: كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ عَادُوا فَقُلْ ذَلِكَ لَهُمْ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ـ رَضِيَ
اللهُ عنهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" قَالَ: ذَلِكَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ. وَفِي قَوْلِهِ: "وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكفْرِ صَدْرًا" قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي سَرْحٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبي مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسْرٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ الحَكَمِ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَمَّارٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنِ أَبي سَرْحٍ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَلَحِقَ بِالمُشْركينَ، وَوَشَى بِعَمَّارٍ وَخَبَّابٍ عِنْدَ ابْنِ الْحَضْرَمِيِّ، أَوْ ابْنِ عَبْدِ الدَّارِ، فَأَخَذُوهُما وعَذَّبوهُما حَتَّى كَفَرَا، فَنَزَلَتْ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ".
وَأَخْرَجَ مُسَدِّدٌ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ أَبي المُتَوَكِّلِ النَّاجِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، إِلَى بِئْرٍ للْمُشْرِكين يَسْتَقِي مِنْهَا وَحَوْلَهَا ثَلَاثُ صُفُوفٍ يَحْرُسُونَهَا، فاسْتَقَى فِي قُرْبَةٍ، ثمَّ أَقْبَلَ فَأَخَذُوهُ فَأَرَادُوهُ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّم بِكَلِمَة الْكُفْرِ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ".
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ" نَزَلَتْ فِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَخَذَهُ بَنُو الْمُغيرَةِ، فَغَطُّوهُ فِي بِئْرٍ، وَقَالُوا: اكْفُرْ بِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّبَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَلْبُهُ كَارِهٌ. فَنَزَلَتْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ" فِي عَيَّاشِ بْنِ أَبي رَبيعَةَ.
قولُهُ تَعَالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} مَنْ: اسْمُ شَرْطٍ مبنيٌّ على السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ، والخَبَرُ جُمْلَةُ الجَوَابِ أَوِ الشَّرْطِ أَوْ هُمَا معًا، و "كَفَرَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يعودُ "مَنْ". و "بِاللهِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "كَفَرَ" أَيضًا. و "بَعْدِ" مَجْرورٌ بحرفِ الجرِّ، مُضافٌ. و "إِيمَانِهِ" مجرورٌ بالإِضافةِ إِلَيْهِ ومُضافٌ. الهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ. وَجَوابُ الشَرْطِ مَحْذُوفٌ، والتَقديرُ: فَعَلَيْهِ غَضَبٌ مِنَ اللهَ، وَجُمْلَةُ "مَنْ" الشَرْطِيَّةُ مُسْتَأَنْفَةٌ لا مَحَلَّ لها منَ الإعراب. قالَ الزَمَخْشَرِيُّ: وَيَجوزُ أَنْ يَكونَ بَدَلًا مِنَ {الذين لاَ يُؤْمِنُونَ}، أَيْ: إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ مَنْ كَفَرَ باللهِ تعالى، فَيَكونُ قوْلُهُ: {وأولئك هُمُ الكاذبون} جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً بَيْنَ البَدَلِ وَالمُبْدَلِ مِنْهُ. أَوْ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ "الكاذبون". أَوْ مِنْ "أُولِئَكَ"، واسْتَضْعَفَ الشَّيْخُ أَبو حيَّان الأَنْدَلُسِيِّ الأَوْجُهَ الثَّلاثَةَ فَقَالَ: لأَنَّ الأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَفْتَرِي الكَذِبَ إِلَّا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ، وَالوُجُودُ يَقْضي أَنَّ المُفْتَريَ مَنْ لا يُؤْمِنُ، سَواءً كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ، أَمْ لَا، بَلْ الأَكْثَرُ الثاني وَهُوَ المُفْتَري. قال: وَأَمَّا الثاني فَيَؤُوْلُ المَعْنَى إِلَى ذَلِكَ؛ إِذِ التَقْديرُ: وَأُولَئِكَ: أَيْ: الذينَ لا يُؤْمِنُونَ هُمْ مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ، والذينَ لا يُؤْمِنُونَ هُمُ المُفْتَرُونَ. وَأَمَّا الثالثُ فَكَذَلِكَ؛ إِذِ التَقْديرُ: إِنَّ المُشَارَ إِلَيْهِمْ هُمْ مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ، مُخْبِرًا عَنْهُمْ بِأَنَّهُمُ الكاذِبونَ. وثمَّةَ وَجْهٌ آخرُ قالَهُ الزَمَخْشَرِيُّ: وهو أَنْ يَنْتَصِبَ عَلى الذَمِّ. ويَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ عَلَى خَبَرِ ابْتِداءٍ مُضْمَرٍ عَلَى الذَمِّ أَيْضًا. ويجوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ عَلى الابْتِداءِ، والخَبَرُ مَحْذُوفٌ، والتقديرُ: فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ، لِدَلالَةِ مَا بَعْدَ "مَنْ" الثانِيَةِ عَلَيْهِ. ويَجوزُ أَنَّها مُبْتَدَأٌ أَيْضًا، وَخَبَرُها وَخَبَرُ "مَنْ" الثانِيَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ "فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ"، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: إِذْ هُوَ وَاحِدٌ بالمَعْنَى؛ لأَنَّ الإِخْبَارَ فِي قَوْلِهِ "مَنْ كَفَرَ باللهِ" إِنَّما قَصَدَ بِهِ الصَّنْفَ الشَّارِحَ بالكُفْرِ. قالَ أَبو حَيَّان: وَهَذَا وَإِنْ كَان َكَمَا ذَكَرَ، إِلَّا أَنَّهُمَا جُمْلَتَانِ شَرْطِيَّتَانِ، وَقَدْ فُصِلَ بَيْنَهُمَا بِأَداةِ الاسْتِدراكِ، فَلا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُما عَلَى انْفِرادِها مِنْ جَوابٍ لا يَشْتَرِكانِ فِيهِ، فَتَقْديرُ الحَذْفِ أَجْرَى عَلَى صِنَاعَةِ الإِعْرابِ، وَقَدْ ضَعَّفُوا مَذْهَبَ الأَخْفَشِ فِي ادِّعائِهِ أَنَّ قَوْلَهُ في سُورَةِ الواقعةِ: {فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ} الآيةَ: 91، وَقَوْلُهُ في الآيةِ: 89، منها: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} جَوابُ "أَمَّا"، و "إنْ" هذا، وَهُما أَداتَا شَرْطٍ وَلِيَتْ إِحْدَاهُما الأُخْرَى. ويجوزُ أَنْ تَكونَ "مَنْ" شَرْطِيَّةً وَتقديرُ جَوابُها: فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ؛ لِدَلالَةِ مَا بَعْدَ "مَنْ" الثانِيَةِ عَلَيْهِ.
قولُهُ: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} إِلَّا: أَدَاةُ اسْتِثْناءٍ. و "مَنْ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الاسْتِثْناءِ مِنَ الجَوابِ المَحْذوفِ. أَوْ مِنْ خَبَرِ المُبْتَدَأِ المُقَدَّرِ، والتقديرُ: فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِه، وَلِذَلِكَ قَدَّرَ الزَمَخْشَرِيُّ جَزَاءَ الشَرْطِ قَبْلَ الاسْتِثْناءِ، وَهُوَ اسْتِثْناءٌ مُتَّصِلٌ؛ لأَنَّ الكُفْرَ يَكونُ بِالقَوْلِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقادٍ كالمُكْرَه، وَقَدْ يَكونُ ـ والعِياذُ بِاللهِ، بِاعْتِقادٍ، فَاسْتَثْنَى الصِّنْفَ الأَوَّلَ. أَوْ أَنَّهُ استثناءٌ مُقَدَّمٌ مِنْ قَوْلِهِ "فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ الله"، وَهَذَا يَكونُ فِيهِ مُنْقَطِعًا؛ لأَنَّ المُكْرَهَ لَمْ يَشْرَحْ بالكُفْرِ صَدْرًا. وَقالَ أَبو البَقاءِ العُكْبَرِيُّ: وقِيلَ: لَيْسَ بِمُقَدَّمٍ فَهُوَ كَقَوْلِ لَبْيدٍ:
أَلَا كُلُّ شِيءٍ مَا خَلَا اللهَ باطِلُ ................ وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ
فظاهرُ كلامِهِ يَدُلُّ عَلى أَنَّ بَيْتَ لَبيدٍ لا تَقْديمَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فإِنَّهُ ظاهِرٌ فِي التَقْديمِ جِدًّا. و "أُكْرِهَ" فِعْلٌ ماضٍ مُغَيَّرُ الصِيغَةِ، (مَبْنِيٌّ للمَجْهولِ) مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، ونائبُ فاعِلِهِ ضَميرٌ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلى "مَنْ". والجُمْلَةُ صِلَةُ "مَنْ" المَوْصُولَةِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "وَقَلْبُهُ" الواوُ: للحالِ، و "قَلْبُهُ" مَرفوعٌ بالابْتِدَاءِ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإِضافةِ إِليْهِ. وَ "مُطْمَئِنٌّ" خَبَرُهُ مرفوعٌ. و "بِالْإِيمَانِ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالخَبَرِ "مُطْمَئِنٌّ"، و "الْإِيمَانِ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجرِّ. والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحَالِ مِنْ نائبِ فَاعِلِ "أُكْرِهَ". أَيْ: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ فِي هَذِهِ الحَالةِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} وَلَكِنْ: الواوُ: للاسْتِئْنَافِ، و "لَكِنْ" حَرْفٌ للاسْتِدْرَاكٍ. والاسْتِدْراكُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ" قَدْ يَسْبِقُ الوَهْمُ إِلَى الاسْتِثْنَاءِ مُطْلَقًا فَاسْتُدْرِكَ هَذَا. وقَوْلُهُ "وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ" لا يَنْفِي ذَلِكَ الوَهْمَ. وَ "مَنْ" اسْمُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ، والخَبَرُ جُمْلَةُ الجَوابِ، أَوِ الشَرْطِ، أَوْ هُمُا مَعًا. ويَجُوزُ أَنْ يَكونَ اسْمَ شَرْطٍ عَلَى أَنْ يُقَدَّرَ مُبْتَدَأٌ لأَنَّهُ لا يَقَعُ بَعْدَ الاسْتِدْراكِ شَرْطٌ، أَيْ: لكِنْ "هم" مَنْ شَرَحَ، وَجَوابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: "فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ". فَـ "مَنْ" إِمَّا شَرْطِيِّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَلَكِنْ مَتَى جُعِلَتْ شَرْطِيَّةً فَلا بُدُّ مِنْ إِضْمارِ مُبْتَدَأٍ قَبْلَها؛ لأَنَّهُ لا يَلِيها الجُمَلُ الشَّرْطِيَّةُ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبو حيَّان، ثُمَّ قالَ: وِمِثْلُهُ قولُ طرفةَ بْنِ العبدِ:
ولسْتُ بحلَّالِ التِلاعِ مخافةً ........... ولكنْ مَتَى يَسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ
أَيْ: وَلَكِنْ أَنَا مَتَى يَسْتَرْفِدِ، وَإِنَّما لَمْ تَقَعِ الشَرْطِيَّةُ بَعْدَ "لكن" لأَنَّ الاسْتِدْراكَ لا يَقَعُ في الشُّروطِ. هَكَذَا قِيلَ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ. وَ "شَرَحَ" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنيٌّ عَلَى الفَتْحِ الظاهِرِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تَقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى اسْمِ الشَّرْطِ "مَنْ". والجُملةُ صلةُ "مَنْ" المَوْصُولَةِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ. وَجُمْلَةُ "مَنْ شَرَحَ" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ مَعْطوفَةٌ عَلَى الجملةِ الاسْتِئْنافِيَّةِ. وَ "بِالْكُفْرِ" الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَ "الكُفْرِ" اسمٌ مَجْرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "صَدْرًا" مَفْعُولُ بِهِ مَنْصُوبٌ.
قولُهُ: {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ} الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوابِ "مَنْ" الشَرْطِيَّةِ. و "عَلَيْهِمْ" عَلَى: حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّمٍ. والهاءُ: ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والمِيمُ عَلامَةُ الجَمْعِ المُذكَّرِ. و "غَضَبٌ" مَرفوعٌ بالابْتِداءِ مُؤَخَّرٌ. و "مِنَ" حرْفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِصِفَةٍ لِـ "غَضَبٌ"، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ. والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هذهِ في مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "مِنَ" الشَرْطِيَّةِ، عَلَى كَوْنِها جَوَابًا لَهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ "مَنْ" مَوْصُولَةً. وَجُمْلَةُ "مَنْ" الشَرْطِيَّةُ جُمْلَةٌ اسْتِدْراكِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةً لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، و "لهم" حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّمٍ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ. و "عَذَابٌ" مَرفوعٌ بالابْتِداءِ مُؤَخَّرٌ، و "عَظِيمٌ" صِفَةٌ لـ "عَذَابٌ" مرفوعةٌ مثله. والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هذهِ في مَحَلِّ الجَزْمِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ الجَوَابِ.