فيض العليم ... سورة الحجر، الآية: 61

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الحجر، الآية: 61


فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61)


قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ} تَفْرِيعٌ عَلَى حِكَايَةِ قِصَّةِ المُرْسَلينَ، أَيْ: فلَمَّا جاءَ لُوطًا المُرسَلونَ، كَمَا قالَ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِهِ هَذِهِ القِصَّةَ مِنْ سُورَةِ هُودٍ: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} الآيَة: 77، فقد يُذْكَرُ آلُ الرَّجُلِ وإِنَّما المُرادُ هُوَ؛ وَعُبِّرَ بِـ (آلَ لُوطٍ) ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ أَهْلِهِ فَجَاءُوا آلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِالْخِطَابِ وَالْمَجِيءِ هُوَ لُوطٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذلكَ في قَوْلُهُ تَعَالى مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ: {مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} الآية: 248؛ والمَعْنَى: ممَّا تَرَكَ موسى وهارونَ. وهوَ عَطْفٌ عَلَى كلامٍ مَحْذوفٍ يُفْهَمُ مِنَ السِّياقَ تَقْديرُهُ: وَبَعْدَ أَنْ بَشَّرَ المَلائكةُ الكرامُ سيِّدَنا إِبراهيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِغُلامٍ عَلِيمٍ، خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرُوهُ بِوِجْهَتِهم وقَصْدِهمْ، اتَّجَهُوا إِلَى سَدُومَ مَدِينَةِ نَبِيِّ اللهِ لُوطٍ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ بيتَهُ فِي صُورَةِ شُبَّانٍ صِبَاحِ الوُجُوهِ، ضَاقَ بِهم ذَرْعًا خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ فَسَادِ قَوْمِهِ المُنْحَرِفينَ، الذينَ يُمارِسُونَ الفاحِشَةَ مَعَ الرِّجالِ والغِلْمانِ خَاصَّةً، لا سِيَّما وأَنَّهُ رأَى أَنَّ هؤلاءِ الشُّبَّانَ الغُرَبَاءَ عَلَى جانِبٍ عَظِيمٍ مِنْ جَمَالِ الخَلْقِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمِ مجيئَهم هَذا إِلَى قَرْيَتِهِ، لأَنَّهم سَيَسْتَثِيرونَ شَهْوةَ قَوْمِهِ، وسَيُحاولونَ الاعْتِداءَ عَلَيْهِمْ، ومُمَارَسَةَ الفاحِشَةِ مَعْهُمْ.
قولُهُ: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ} الفاءُ: عاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، والتَقديرُ: فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ إِبْراهيمَ، وانْطَلَقُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلى قَرْيَةِ لُوطٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا قَرْيَتَهُ، وجاءُوا إِلَيْهِ. و "لمَّا" حَرْفُ شَرْطٍ غَيْرُ جازِمٍ، و "جَاءَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ. و "آلَ" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، وهو مُضافٌ، و "لوطٍ" مَجْرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ. و "الْمُرْسَلُونَ" فاعِلُهُ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأَنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ. والجُمْلَةُ فِعْلُ شَرْطِ "لمَّا" لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.