فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 42
وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا} أيْ: وقال يوسُفُ ـ عليهِ السَّلامُ، للذي عَلِمَ أَنَّه ناجٍ مِنْهُما وهو السَّاقي، فالظَّنُّ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا فِي الْقَرِيبِ مِنَ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَا يَشُكُّ فِي صِحَّةِ تَعْبِيرِهِ الرُّؤْيَا. ولذلك أُوثِرَتْ صيغةُ الماضي عَلى صِيغَةِ المضارعِ وأُكِّدتْ ب "أَنَّ" مَبَالَغةٌ في الدلالة على تَحَقُّقِ النَّجاةِ، حَسْبَمَا يُفيدُهُ قولُهُ تعالى في الآيةِ التي قبلها: {قُضِىَ الأمرُ الذي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} وهو السِّرُّ في إِيثارَ مَا عليهِ النَّظمُ الكريمُ عَلَى أَنْ يُقالَ: للذي ظَنَّهُ ناجِيًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ" قَالَ إِنَّمَا عبارَة الرُّؤْيَا بِالظَّنِّ فَيُحِقُّ اللهُ مَا يَشَاءُ وَيبْطِلُ مَا يَشَاءُ.
واخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالظَّنِّ، أَهُوَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوِ النَّاجِي. فَعَلَى الْأَوَّلِ كَانَ الْمَعْنَى وَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ظَنَّ يوسُفُ كَوْنَهُ نَاجِيًا، وَعَلَيهِ فإنَّ هَذَا الظَّنَّ محمولٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، هَذَا إِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ التَّعْبِيرَ بِنَاءً عَلَى الْوَحْيِ. وَوُرُودُ لَفْظِ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْيَقِينِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. من ذلك قَولُهُ تعالى في سورة الْبَقَرَةِ: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}، الآية: 46، وَقَولُه في الآية: 20، من سورة الْحَاقَّةِ: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ}. أوْ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الظَّنُّ عَلَى حَقِيقَةِ الظَّنِّ، وَذَلك إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ذَكَرَ ذَلِكَ التَّعْبِيرَ لَا بِنَاءً عَلَى الْوَحْيِ، بَلْ عَلَى الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَالْحُسْبَانَ. أمَّا إذا كانَ الْقَائلَ هو الناجي: فيكونُ هَذَا الظَّنُّ صِفَةَ النَّاجِي، لأَنَّ الرَّجُلَيْنِ السَّائِلَيْنِ مَا كَانَا مُؤْمِنَيْنِ بِنُبُوَّةِ يُوسُفَ وَرِسَالَتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا كَانَا حَسَنَيِ الِاعْتِقَادِ فِيهِ، فَكَانَ قَوْلُهُ لَا يُفِيدُ فِي حَقِّهِمَا إِلَّا مُجَرَّدَ الظَّنِّ.
قولُهُ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} أَيْ: قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي حَكَمَ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَبْسِ وَيَرْجِعُ إِلَى خِدْمَةِ الْمَلِكِ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ أَيْ عِنْدِ الْمَلِكِ. وَالْمَعْنَى: اذْكُرْني عِنْدَهُ وقلْ لَهُ: إنَّ في السِّجْنِ غُلامًا مَحْبوسًا ظُلْمًا، فهُوَ مَظْلُومٌ مِنْ جِهَةِ إِخْوَتِهِ لَمَّا أَخْرَجُوهُ وَبَاعُوهُ، ثُمَّ إِنَّهُ مَظْلُومٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا حُبِسَ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الذِّكْرِ. وَأَرَادَ بِذِكْرِهِ ذِكْرُ قَضِيَّتِهِ وَمَظْلَمَتِهِ. أَيِ اذْكُرْنِي لِرَبِّكَ، أَيْ سَيِّدِكَ. وَأَرَادَ بِرَبِّهِ مَلِكَ مِصْرَ. أَخرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابِطٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: "وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْد رَبك" قَالَ: عِنْدَ مَلِكِ الأَرْضِ. وَأخرجَ ابْنُ جَريرٍ عَن قَتَادَةَ ـ رَضِي الله عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "اذْكُرْنِي عِنْد رَبك" يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جريرٍ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيِّ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا انْتَهى بِهِ إِلَى بَابِ السِّجْنِ قَالَ لَهُ: أَوْصِنِي بِحاجَتِكِ. قَالَ: حَاجَتي أَنْ تَذْكُرْني عِنْدَ رَبِّكَ يَنْوِي الرَّبَّ الَّذِي مَلَكَ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وأَخرَجَ عبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعانيُّ، وَابْنُ جَريرٍ الطبَريُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْلَا أَنَّهُ ـ يَعْنِي يُوسُف، قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ. وَأخرجَ ابْنْ أَبي الدُّنْيَا فِي كتابِ الْعُقُوبَاتِ، وَابْنُ جَريرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَو لَمْ يَقُلْ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا: مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ حَيْثُ يَبْتَغِي الْفَرَجَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى. وَأَخرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَحِمَ اللهُ يُوسُفَ لَو لَمْ يَقُلْ: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلَّمَ، قَالَ: لَوْلَا أَنَّ يُوسُفَ اسْتَشْفَعَ عَلى رَبِّهِ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ وَلَكِنْ إِنَّمَا عُوقِبَ باسْتِشْفاعِهِ عَلَى رَبِّهِ. وَأَخْرَجَ الإمامُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَابْنُ جريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: رَحِمَ اللهُ يُوسُفَ، لَوْلَا كَلمَتُهُ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طولَ مَا لَبِثَ، قَوْلُهُ: "اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّك" ثمَّ بَكَى الْحَسَنُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَالَ: نَحْنُ إِذا نَزَلَ بِنَا أَمْرٌ فَزِعْنَا إِلَى النَّاسِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَعبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِد الزّهْدِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَأَبُو الشَّيْخ، عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى يُوسُف: مَنِ اسْتَنْقَذَكِ مِنَ الْقَتْلِ حِينَ هَمَّ إخْوَتُكَ أَنْ يَقْتُلُوك؟ قَالَ: أَنْتَ يَا رَبُّ. قَالَ: فَمَنِ اسْتَنْقَذَكَ مِنَ الْجُبِّ إِذْ أَلْقَوْكَ فِيهِ؟ قَالَ: أَنْتَ يَا رَبُّ. قَالَ: فَمَنِ اسْتَنْقَذَكَ مِنِ الْمَرْأَة إِذْ هَمَمْتَ بِهَا؟ قَالَ: أَنْتَ يَا رَبُّ. قَالَ: فَمَا لَكَ نَسيتَني وَذكرتَ آدَمِيًّا؟ قَالَ: جَزَعًا وَكَلِمَةً تَكَلَّمَ بِهَا لِساني. قَالَ: فَوَعِزَّتِي لأُخَلِّدَنَّكَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ. فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ. وَأَخرجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الْحَسَنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لمَّا قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، للسَّاقي: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قِيلَ لَهُ يَا يُوسُفُ اتَّخَذْتَ مِنْ دُوني وَكيلًا؟ لأُطِيلَنَّ حَبْسَكَ. فَبَكى يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: يَا رَبِّ تَشَاغَلَ قَلْبِي مِنْ كَثْرَةِ الْبَلْوى فَقُلْتُ كَلِمَةً.
وَأَخرْجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْد رَبك" قَالَ يُوسُفُ للَّذي نَجَا مِنْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ: اذْكُرْنِي للْمَلِكِ. فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى رَأَى الْمَلِكُ الرُّؤْيَا، وَذَلِكَ أَنَّ يُوسُفُ أَنْساهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبَّهِ وَأَمَرَهُ بِذكْرِ الْمَلِكِ، وابْتِغاءِ الْفَرَجِ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ عُقُوبَةً لِقَوْلِهِ: "اذْكُرْنِي عِنْد رَبك".
قولُهُ: {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} الْأَوَّلُ: أَنَّ النِسيانَ رَاجِعٌ إِلَى يُوسُفَ ـ عليهِ السلامُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ أَنْسَى يُوسُفَ أَنْ يَذْكُرَ رَبَّهُ، فيَسْتَغيثَ بِهِ، وأَوْقَعَ في قَلْبِهِ الاسْتِغاثَةَ بالمَلِكِ، وَعَلَيهِ فإِنَّ تَمَسُّكَهُ بِغَيْرِ اللهِ كَانَ مُسْتَدْرَكًا عَلَيْهِ، وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ مَصْلَحَتَهُ كَانَتْ فِي أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَأَنْ لَا يَعْرِضَ حَاجَتَهُ عَلَى أَحَدٍ سِوَى الله، وَأَنْ يَقْتَدِيَ بِجَدِّهِ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ حِينَ وُضِعَ فِي الْمَنْجَنِيقِ لِيُرْمَى إِلَى النَّارِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: هَلْ لك مِنْ حَاجَةٍ، فَقَالَ أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا، فَلَمَّا رَجَعَ يُوسُفُ إِلَى الْمَخْلُوقِ لَا جَرَمَ وَصَفَ الله ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ أَنْسَاهُ ذَلِكَ التَّفْوِيضَ، وَذَلِكَ التَّوْحِيدَ، وَدَعَاهُ إِلَى عَرْضِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ، ثُمَّ لَمَّا وَصَفَهُ بِذَلِكَ ذَكَرَ أَنَّهُ بَقِيَ لِذَلِكَ السَّبَبِ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ عَنِ الِانْقِطَاعِ إِلَى رَبِّهِ إِلَى هَذَا الْمَخْلُوقِ عُوقِبَ بِأَنْ لَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ رُجُوعَ يُوسُفَ إِلَى الْمَخْلُوقِ صَارَ سَبَبًا لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ صَارَ سَبَبًا لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِ حَتَّى أَنْسَاهُ ذِكْرَ رَبِّهِ، الثَّانِي: أَنَّهُ صَارَ سَبَبًا لِبَقَاءِ الْمِحْنَةِ عَلَيْهِ مُدَّةً طَوِيلَةً. أَوْ أَنَّ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كان قد قَالَ فِي إِبْطَالِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ: {أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} الآية: 39، السابقة، ثمَّ إِنَّهُ أَثْبَتَ ههنا رَبًّا غَيْرَهُ حَيْثُ قَالَ: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، وَمَعَاذَ الله أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ رَبًّا بِمَعْنَى كَوْنِهِ إِلَهًا، بَلْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ كَمَا يُقَالُ: رَبُّ الدَّارِ، وَرَبُّ الثَّوْبِ عَلَى أَنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الرَّبِّ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ يُنَاقِضُ نَفْيَ الْأَرْبَابِ. وثمَّةَ وَجْهٌ ثَالِثٌ: وهو أَنَّهُ قَالَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ مَا كان لَنَا أَنْ نُشْرِكَ باللهِ مِنْ شَيْءٍ، وَذَلِكَ نَفْيٌ لِلشِّرْكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَتَفْوِيضُ الْأُمُورِ بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَهَهُنَا الرُّجُوعُ إِلَى غَيْرِ الله تَعَالَى كَالْمُنَاقِضِ لِذَلِكَ التَّوْحِيدِ. ثمَّ إنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالنَّاسِ فِي دَفْعِ الظُّلْمِ جَائِزَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ، إِلَّا أَنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ فَهَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لِعَامَّةِ الْخَلْقِ إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى بِالصِّدِّيقِينَ أَنْ يَقْطَعُوا نَظَرَهُمْ عَنِ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَنْ لَا يَشْتَغِلُوا إِلَّا بِمُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ. وهَبْ أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِغَيْرِ الله وَطَلَبَ مِنْ ذَلِكَ السَّاقِي أَنْ يَشْرَحَ حَالَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَلِكِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُخَلِّيَ ذَلِكَ الْكَلَامَ مِنْ ذِكْرِ الله مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إِنْ شَاءَ الله أَوْ قَدَّرَ الله فَلَمَّا أَخْلَاهُ عَنْ هَذَا الذِّكْرِ وَقَعَ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ. ويمكنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ قَوْلَهُ: "فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ" رَاجِعٌ إِلَى النَّاجِي منهما، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الشيطانَ أَنْسى ذَلِكَ الْفَتَى أَنْ يَذْكُرَ يُوسُفَ لِلْمَلِكِ حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ بِهَذَا السَّبَبِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِمَا رُوِيَ عَنْهُ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ، قَالَ: ((رَحِمَ الله يُوسُفَ لَوْ لَمْ يَقُلِ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ)). وقد تقدَّمَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ عَنْ أَبي الْمَليحِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ دُعَاءُ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي السِّجْنِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ خَلْقُ وَجْهي عنْدَكَ فَإِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِوَجْهِ يَعْقُوبَ أَنْ تَجْعَلَ لَي فَرَجًا ومَخْرَجًا ويُسْرًا وتَرْزُقَني مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الزُّهْدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ مُؤَذِّنِ الطَّائِفِ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا يُوسُفُ اشْتَدَّ عَلَيْكَ الْحَبْسُ قَالَ نَعْمْ. قَالَ: قُلِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ مَا أَهَمَّني وكَرَبَني مِن أَمْرِ دُنْيايَ وَأَمْرِ آخِرَتي فَرَجًا ومَخْرجًا وارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ واغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَثَبَّتْ رَجائي واقْطَعْهُ مِنْ سِواكَ حَتَّى لَا أَرْجُو أَحَدًا غَيْرَكَ. ويُمْكِنُ للشَّيْطَانِ إِلْقَاءُ الْوَسْوَسَةِ، وَأَمَّا النِّسْيَانُ فَلَا، لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَةِ الْعِلْمِ عَنِ الْقَلْبِ، وَالشَّيْطَانُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَكَانَ قَدْ أَزَالَ مَعْرِفَةَ اللهِ تَعَالَى عَنْ قُلُوبِ بَنِي آدَمَ. مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بِوَسْوَسَتِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى سَائِرِ الْأَعْمَالِ. وَاشْتِغَالُ الْإِنْسَانِ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ يَمْنَعُهُ عَنِ اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ الْعِلْمِ وَتِلْكَ الْمَعْرِفَةِ.
قولُهُ: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} لَبِثَ: أي: مَكَثَ، أو بَقِيَ يوسُفُ ـ عليه السلامُ، في السِّجْنِ. والبِضْعُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْعَدَدِ، مِنْ قولِكَ: بَضَعْتُ بِمَعْنَى قَطَعْتُ. وَلَا يُذْكَرُ الْبِضْعُ إِلَّا مَعَ عَشَرَةٍ أَوْ عِشْرِينَ إِلَى التِّسْعِينَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى التِّسْعَةِ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ((كَمِ الْبِضْعُ)) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((مَا دُونَ الْعَشَرَةِ)). وَأَخرجَ ابْنُ جريرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: الْبِضْعُ دُونَ الْعَشْرَةِ. وأَكْثَرُ المُفسِّرينَ عَلى أَنَّ المُرادَ ههنا بِبِضْعِ سِنِينَ، سَبْعُ سِنِينَ. قَالُوا: إِنَّ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ كَانَ قَدْ بَقِيَ فِي السِّجْنِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: لَمَّا تَضَرَّعَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ قَدِ اقْتَرَبَ وَقْتُ خُرُوجِهِ فَلَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ لَبِثَ فِي السِّجْنِ بَعْدَهُ سَبْعَ سِنِينَ. وَأَخرجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كلمةً وَاحِدَةً حُبِسَ بِهَا سَبْعَ سِنِينَ. قَالَ أَبُو بكرٍ: وَحُبِسَ قَبْلَ ذَلِك خَمْسَ سِنِينَ وَأَخرجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ طَاووسَ وَالضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ" قَالَا: أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَأخرج عبدُ الرَّزَّاقِ وَأَحمَدُ فِي الزّهْد وَابْنُ جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَصَابَ أَيُّوبَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، الْبلَاءُ سَبْعَ سِنِينَ وَتُرِكَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ وعَذَّبَ (بُخْتُ نَصَّرَ) خونَ فِي السِّبَاعِ سَبْعَ سِنِينَ. وَأَخرجَ ابْنُ أبي حَاتِم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: "فَلبث فِي السجْن بضع سِنِينَ" اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَة. وَأخرج عبدُ الرَّزَّاق، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ" قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّهُ لَبِثَ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ. وَأَخرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ. وَأَخرجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، مثلَه.
قولُهُ تعالى: {وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا} الواوُ: عاطفَة. و "قال" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جَوازًا تَقْديرُهُ "هو" يَعودُ عَلى يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السلامُ، والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} الآية: 37 السابقة. و "لِلَّذِي" اللامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قَالَ"، و "الذي" اسْمٌ مَوْصولٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ. و "ظَنَّ" فِعْلٌ ماضٍ ناقصٌ من النواسخ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعله ضميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلَى الاسمِ المَوصولِ، ويجوز أن يعود على يُوسُفَ ـ عليْهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ صِلَةُ المَوْصولِ لا محلَّ لها من الإعرابِ. و "أَنَّهُ" حرفٌ ناصبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعل والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نصبِ اسمها، و "نَاجٍ" خَبَرُها مرفوعٌ بها وعلامَةُ رَفعهِ ضَمَّةٌ مقدَّرةٌ عَلى الياءِ المَحْذوفَةِ للتَنوين، لأنَّهُ اسْمٌ مَنْقوصٌ. و "مِنْهُمَا" حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بحالٍ مِنَ الضَميرِ المُسْتَتِرِ في "نَاجٍ" والتقديرُ: حَالَ كونِ الناجي من جُمْلَةِ الاثنين، ويَجوزُ أَنْ يَتعلَّقَ بصِفَةٍ لِ "ناجٍ"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ بحرف الجرِّ وهوَ مُضافٌ والميمُ علامةُ المُذكَّرِ، وألفُ التثنيةِ ضميرٌ مٌتَّصلٌ بِهِ في مَحلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إليهِ، وجُمْلَةُ "أَنَّ" في تَأْويلِ مَصْدَرٍ سَادٍّ مَسَدَّ مَفْعولَيْ "ظَنَّ" والتقديرُ: وقال للذي ظَنَّ نَجاتَهُ حَالَةَ كونِهِ مِنْهُما.
قولُهُ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} اذْكُرْنِي: فِعْلُ أمرٍ مبنيٌّ على السكونِ، والنونُ للوقايةِ، وياءُ المتكلِّمِ، ضميرٌ متَّصلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في محلِّ نَصْبِ مَفْعولِهِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه وجوبًا تقديرُهُ "أنت" يعودُ على "الناجي". و "عِنْدَ" مَنْصوبٌ عَلَى الظَّرْفيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِ "اذكرني"، وهو مضافٌ، و "رَبِّكَ" مضافٌ إليهِ مجرورٌ وهو مضافٌ، وكافُ الخِطابِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه. والجُملةُ الفِعْلِيِّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقول "قَالَ".
قولُهُ: {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} الفاء: عاطِفَةٌ. و "أَنْساهُ" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى لفَتْحِ المُقَدِّرِ عَلى آخِرِهِ لتعذُّرِ ظهورِها على الأَلِفِ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصلٌ به عائدٌ على الساقي مِنهما، وقيلَ على يوسُفَ، وهو ضعيف، وهو في محلِّ نصبِ مَفعولِهِ الأوَّل، و "الشيطانُ" مَرْفوعٌ على الفاعليَّةِ. و "ذِكْرَ" مَفْعولٌ به منصوبٌ ثانٍ، وهو مضافٌ و "رَبِّه" مضافٌ إليه مجرورٌ وهو مُضافٌ، والهاءُ ضميرٌ متَّصِلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "قَالَ"
قولُهُ: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} الفاءُ: عاطفَةٌ. و "لَبِثَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلى يُوسُفَ ـ عليه السلامُ. و "فِي السِّجْنِ" جارٌّ متعلق بِـ "لَبِثَ" ومجرورٌ به، والجملةُ معطوفة على جُمْلَةِ "أنساه". و "بِضْعَ" مَنصْوبٌ عَلى الظَّرْفِيَّةِ الزَمانِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بـِ "لَبِثَ" و هو مُضَافٌ، و "سِنِينَ" مَضافٌ إلَيْهِ مجرورٌ وعَلامَةُ جَرِّهِ الياءً لأنَّهُ مُلْحَقٌ بِجَمْعِ المُذَكَّرِ.