روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88   فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88 I_icon_minitimeالأحد أغسطس 09, 2015 7:37 am

وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ
(88)
قولُهُ ـ تبارك وتعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بَعْدَ أَنْ أَعَدَّ نبيُّ اللهِ مُوسَى ـ عليه السلامُ، قَوْمَهُ لِلْخُرُوجِ بِهِمْ مِنْ مِصْرَ بقَدْرِ مَا اسْتَطَاعَ، وَغَرَسَ فِي قُلُوبِهِمْ الإيمَانَ، وَالثِّقَةَ بِاللهِ، وَحُبَّ العِزَّةِ وَالكَرَامَةِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، تَوَجَّهَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ أَنْ يُتِمَّ أَمْرَهُ، وَدَعَا عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، لِمَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الكُفْرِ وَالعُتُوِّ وَالضَّلاَلِ. وَلٍرَفَضُهم اتِّبَاعَ الحَقِّ وَالهُدَى، فَقَالَ مُسْتَفْتِحاً الدُّعاءَ بالنداءِ لمُنَاسَبَتِهِ لمقامِ الدُعاءِ: رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنْ أَثَاثِ الدُّنْيا، وَمَتَاعِهَا وَزُخْرُفِها، وَمِنَ الأَمْوَالِ الجَزِيلَةِ. ونادى اللهَ تعالى بوصف الربوبيَّة تَذَلُّلاً وإظهاراً للعبوديَّةِ. وقدْ كانَتْ هذِهِ مُقَدِّمَةً لخُروجِ موسى ومَنْ مَعَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. ولإظهارِ كَرامَتِهِ ـ عَلَيهِ السَّلامُ، على رَبِّه فقد اسْتَجابَ لَهُ دُعاءَهُ، وأَنْفَذَ بِرِسالَتِهِ سُبْحانَه مُرادَهُ تَعالى إِنْقاذِ بَني إِسْرائيلَ مِنَ الاسْتِعْبادِ.
والزينةُ: ما يَتَزَيَّنُ بِهِ النّاسُ، وما يَحْسُنُ في أَنْظارِهم مِنْ طَرائفِ الدُنْيا، كالحُلِيِّ والجَواهِرِ والمَباني الضَخْمَةِ. تلك التي تَتَشَهّاها النفسُ كما قالَ تَعالى في سورة آلِ عمران: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية: 14. وقال في سُورَةِ الكَهْفِ: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية: 46. وقال في سورة النحل: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} الآية: 6.
والأَموالُ: ما بِهِ قوامُ المعاشِ، فالزِينَةُ تُلْهيهمْ عَنِ اتِّباعِ المواعِظِ، وتُعْظِمُ شأْنَهم في أَنْظارِ قومِهم، والأَمْوالُ يُسَخِّرونَ بها الرَعِيَّةَ لِطاعَتِهم، وقد كان للفراعنَةِ مِنْ سَعَةِ الرِزْقِ ورفاهِيَةِ العَيْشِ ما سارَ ذِكْرُهُ في الآفاقِ. وظَهَرَتْ مُثُلٌ مِنْهُ في أَهْرامِهم.
قولُهُ: {رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} وهذا كَقولِهِ ـ جَلَّ ثناؤهُ في سورة طه: {.. ما مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} الآية: 131. وكقولِهِ تَعالى في سُورَةِ الجِنَِّ: {.. لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} الآيتان: 16 و 17. وهو تمَهيدٌ مِنْهُ ـ عليْهِ السَّلامُ، لِدُعائهِ، ويَدُلُّ على أَنَّ ما سَأَلَهُ مِنَ اللهِ هوَ لِزَجْرِ فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ مُراعاةً لمصْلَحَةِ الدِينِ وليسَ انْتِقاماً لِنَفْسِهِ أَوْ لِقَوْمِهِ، وإنَّما لخَضْدِ شَوْكَتِهم وتَذْليلِ تَجَبُّرِهم لَِيَرْجِعوا عَنْ ضَلالهم ويَسْهُلَ قَبولُهُمُ الإيمانَ. لِمَا أَنَّ النِعْمَةَ مُغْرِيَةٌ بالطُغْيانِ لأَهْلِ الجَهَالَةِ. فَقد كَانَتْ عَاقِبَتُها إِسْرَافَاً منهُمْ فِي الضَّلاَلِ، وَافْتِتَانِ الجَهَلَةِ بِمَا أَعْطَيَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ فظَنُّوا أَنَّهُ إِنَّمَا أَعْطاهُمْ هذا العطاءَ حُبّاً بهُمْ ورضاً عنهم. ولكنَّ اللهَ عَلِمَ مِنْ قُلوبهم ما لمْ يَعْلَمْهُ مُوسى وقَضى عَلَيْهم بالاسْتِئْصالِ.
وقد أُعيدَ النِداءُ بَيْنَ الجُمْلَةِ المُعَلِّلَةِ والجُمْلَةِ المُعَلَّلَةِ لِتَأْكيدِ التَذَلُّلِ والتَعَرُّضِ للإجابَةِ ولإظهارِ التَبَرُّؤِ مِنْ قَصْدِ الاعْتِراضِ.
قولُهُ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} هذِهِ الجُمْلَةُ هي المقصودُ مِنْ هذا الكلامِ، والنِداءُ يَقومُ مَقامَ وَصْلِ الجُمْلَةِ بما قَبْلَها بمَنْزِلَةِ حَرْفِ العَطْفِ. والطَمْسُ: المَحْوُ والإزالَةُ وَالمَحْقُ. وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، في قولِهِ تعالى: "رَبَّنا اطْمِسْ عَلى أَمْوالهم" يَقولُ: "دَمِّرْ عَلَيْهِمْ، وَأَهْلِكْ أَمْوَالَهُمْ".
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ـ رضي اللهُ عنه: "رَبَّنَا اطْمِسَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ" قَالَ: صَارَتْ حِجَارَةً.
وأَخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتم وأبو الشيخ، عنْ مُحَمَّدِ بْنَ كَعْبٍ القرظيِّ أنَّه قَرَأَ سُورَةَ يُونُسَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: "وَقالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" إِلَى قَوْلِهِ: "اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ" الآيَةَ إِلَى آخِرِهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، أَيُّ شَيْءٍ الطَّمْسُ؟ قَالَ: عَادَتْ أَمْوَالَهُمْ كُلَّهَا حِجَارَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِغُلامٍ لَهُ: ائْتِنِي بِالكِيسٍ، فَجَاءَ بِكِيسٍ، فَإِذَا فِيهِ حُمُّصٌ وَبَيْضٌ قَدْ قُطِّعَ، قَدْ حُوِّلَ حِجَارَةً".
وأَخْرَجَ عبدُ الرَزَّاقِ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رضيَ اللهُ عنه، قالَ: "رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ" ذُكِرَ لَنَا أَنَّ زُرُوعَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ تَحَوَّلَتْ حِجَارَةً". وأخرج ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رضي اللهُ عنه، مثل ذلك. وأَخْرَجَ أَبو الشَيْخِ عَنْ أَبي العالِيَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، مثلَ ذلك. وأَخْرَجَ أَبو الشَيْخِ عَنْ محمَّدِ بنِ كعبٍ القُرَظِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، مثلَه. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ عَنْ مجاهدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ: "اطْمِسْ عَلى أَمْوالهم" قالَ: أَهْلَكَها.
قالَ الجَمل: وهذا الطَمْسُ هُوَ أَحَدُ الآياتِ التِسْعِ التي أُوتِيها موسى ـ عَلَيْهِ السَلام.
قولُهُ: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} مُشْتَقٌّ مِنَ الشَدِّ، وهوَ العُسْرُ. ومِنْهُ الشِدَّةُ: المصيبة والتَحَرُّجُ، ولو أُريدَ غيرُ ذلكَ لَقيلَ: واطْبَعْ، أَوِ اخْتُمْ، أوَ نحوُهما، فيكونُ شَدَّ بمَعْنى أَدْخَلَ الشَدَّ أَوِ اسْتَعْمَلَهُ، مِثلُ: جَدَّ في كلامِهِ، أَيْ: اسْتَعْمَلَ الجَدَّ. وحرف "على" مُسْتَعارٌ لمعنى الظَرْفِيَّةِ اسْتِعارَةً تَبَعِيَّةً لإفادَةِ تمَكُّنِ الشِدَّةِ. والمعنى: أَدْخِلِ الشِدَةَ في قلوبهم.
والقُلوبُ: النُفوسُ والعُقولُ. والمعنى: أَنَّه يَدْعُو عَلَيْهم بالأَنْكادِ والأَحْزانِ التي تجعلُ قلوبَهم في حرجٍ وضيقٍ، أيْ: اجْعَلْهُم في عَنَاءٍ وبَلْبَلَةِ بَالٍ ما داموا في الكُفْرِ. وهذا حِرْصٌ مِنْهُ ـ عليْهِ السَّلامُ عَلى وسائلِ هِدايَتِهم رجاءَ أَنَّهم إذا زالتْ عَنْهمُ النِعَمُ وضاقَتْ صُدورُهم بِكُروبِ الحياةِ تَفَكَّروا في سَبَبِ ذَلِكَ، فعَجَّلوا بالتوبَةِ إلى اللهِ والإنابةِ كَمَا هُوَ مُعْتادُ النُفُوسِ الغافِلَةِ، قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الأِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ} سورةُ الزُمَرِ، الآية: 8. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ وأَبو الشيخِ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: "وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ" يَقُولُ: "أَهْلِكْهُمْ كُفَّارًا".
قولُهُ: {فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} لِيَسْتَحِقُّوا عَذَابَكَ الشَّدِيدَ. أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قَوْلَهُ: "فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ" فَاسْتَجَابَ اللهُ لَهُ، وَحَالَ بَيْنَهُ، (يَعْنِي: فِرْعَوْنَ) وَبَيْنَ الإِيمَانِ". قالَ الإِمامُ ابْنُ كَثيرٍ: وهذه الدعوةُ كانت منْ موسى ـ عليه السلامُ، غَضَبَاً للهِ تعالى ولِدينِه على فِرْعَوْنَ ومَلَئِهِ، الذين تبيَّنَ لَهُ أَنَّه لا خيرَ فيهم، كما دَعا نوحٌ ـ عليه السلامُ، على قومِهِ فقال: {رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً} ولهذا استجابَ اللهُ تعالى لموسى ـ عليهِ السَّلامُ،  هذِهِ الدِعْوَةَ فيهم.
قولُهُ تَعالى: {وَقَالَ مُوسَى ربَّنا إنَّك آتيتَ فرعونَ وملأهُ زينةً وأموالاً في الحياةِ الدُنيا} الواوُ: اسْتِئْنافِيَّةٌ، و "قالَ موسى" فعلٌ ماضٍ وفاعلُهُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ. و "رَبَّنَا" رَبَّ: مُنادى مُضافٌ، و "نا" مضافٌ إليه، وجملَةُ النِداءِ في محلِّ النَصْبِ بالقولِ ل "قال". و "إنَّكَ" ناصِبٌ ناسخٌ والكافُ اسمُهُ، و "آتَيْتَ" فِعْلٌ ماضٍ وتاءُ الفاعلِ فاعلُهُ، و "فِرْعَوْنَ" مفعولٌ أَوَّلُ لَهُ؛ لأنَّ آتى هُنا بمعنى: أَعطى. و "مَلأَهُ" مَعْطُوفٌ على "فِرْعَوْنَ"، و "زِينَةً" مَفْعولُهُ الثاني، و "أَمْوَالاً" مَعطوفٌ عَلَيْهِ، و "فِي الْحَيَاةِ" جارٌّ ومجرورٌ به مُتَعَلِّقٌ ب "آتَيْتَ" و "الدُّنْيَا" صفةُ "الحياة"، وجملَةُ "آتَيْتَ" في محلِّ رَفْعِ خبرِ "إنّ"، وجملةُ "إنّ" في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ جَوابَاً للنداءِ.
قولُه: {رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} ربَّنا: تقدَّم إعرابُها، و "لِيُضِلُّوا" اللامُ: هي هنا العاقبةُ حَرْفُ جَرٍّ، و "يُضِلُّوا" فعلٌ مُضارِعٌ مَنْصوبٌ ب "أَنْ" مُضْمَرَة جوازًا بَعْدَ لامِ العاقِبَةِ، والواو الدالَّةُ على الجماعةِ فاعلُهُ، و "عَنْ سَبِيلِكَ" مُتَعَلِّقٌ بِهِ والجملَةُ الفِعْلِيَّةُ في تأويلِ مَصْدرٍ مجرورٍ باللامِ، تَقْديرُهُ: لإضْلالهم عَنْ سَبيلِكَ، والجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ ب "آتَيْتَ". وقد تَرَدَّدَ المُفَسِّرونَ في محَلِّ هذه اللامِ والذي عليه أَهْلُ التَدْقيقِ مِنْ نحاةِ البَصْرَةِ: كالخليلِ، وسِيبَوَيْهِ، والأَخْفَشِ، وأَصْحابِهم، أَنَّها لامُ الصيرورة والعاقِبَةِ. كالتي في قولِهِ تَعالى في سورةِ القَصَصِ: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} الآية: 8. وكالتي في قولِ العتاهية:
لَه مَلكٌ يُنَادِي كُلَّ يَوْمٍ ................. لِدُوا للموت وابنُوا للخراب
أي ليصيروا إلى الموتِ، وكالتي في "للموت" و "لخرابِ الدورِ" من قولِ سابقٍ البَرْبَرِيِّ:
فللموتِ تَغْذو الوالداتُ سِخالَها ..... كما لخرابِ الدُّوْرِ تُبْنَى المساكنُ
وكالتي في "للمنايا" و "للخراب" من قول الآخر:
وللمنايا تُرَبِّى كلُّ مُرْضِعَةٍ .............. وللخرابِ يَجِدُّ الناسُ عِمْرانا
فاللامُ المَوضْوعَةُ للتَعْليلِ مُسْتَعارَةٌ لمعنى التَرْتيبِ والتَعْقيبِ الموضوعِ لَهُ فاءُ التَعْقيبِ على طريقِةِ الاسْتِعارَةِ التَبَعِيَّةِ في مُتَعَلَّقِ مَعنى الحَرْفِ فَشَبَّهَ تَرتُّبَ الشَيْءِ عَلى شَيْءٍ آخَرَ ليس عِلَّةً فيهِ بِتَرَتُّبِ المَعلولِ على العِلَّةِ للمُبالَغَةِ في قُوَّةِ التَرَتُّبِ حَتى صارَ كأَنَّهُ مَقْصودٌ لمَنْ ظَهَرَ عِنْدَهُ أَثَرُهُ، فالمَعْنى: إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ ومَلأَهُ زِينةً وأَمْوالاً فَضَلوا بِذَلِكَ وأَضَلّوا. وللمُفَسِّرينَ في هذه اللامِ وجوهٌ خمسةٌ وهي:
أولاً: أَنْ يَكونَ للتَعْليلِ، ونُسِبَ هذا القولُ إلى الفَرّاءِ، وفَسَّرَ الطَبَرِيُّ به. والمعنى: أَنَّكَ آتَيْتَهم ما آتيتَهم على سَبيلِ الاسْتِدراجِ فكانَ الإِيتاءُ لهَذِهِ العِلَّةِ.
ثانياً: أَنَّ الكلامَ عَلى حَذْفِ حَرْفٍ، والتَقْديرُ: لِئَلاَّ يَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ، أَيْ فَضَلُّوا. حَكَاهُ الفَخْرُ الرازي.
ثالثاً: أَنَّ اللامَ لامُ الدُعاءِ. كأنه قال: ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضُلاَّلاً، وقد رُويَ هذا عَنِ الحَسَنِ البَصْريِّ. واقْتَصَرَ عَلَيْهِ صاحبُ الزمخشريُّ في "الكَشَّافِ". وبه قال ابْنُ الأَنْباري. وهوَ أَبْعَدُ الوُجوهِ وأَثْقَلُها.
رابعاً: أَنْ يَكونَ على حَذْفِ همزَةِ الاسْتِفْهام. والتَقديرُ: لِيُضِلُّوا عَنْ سَبيلَِكَ آتَيْناهُم زِينَةً وأَمْوالاً، وذلَكَ تقريراً للشَّناعَةِ عَلَيْهم، قالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. ويكونُ الاسْتِفهامُ مُسْتَعْمَلاً في التَعَجُبِ، قالَهُ الفَخْرُ الرازيُّ.
خامِساً: تَأْويلُ مَعْنى الضَلالِ بِأَنَّه الهَلاكُ، وهي وُجُوهٌ ضَعيفةٌ.
قولُهُ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ}. رَبَّنَا: تقدَّمَ إعرابُها، وقد كرِّرَ للتَأْكيدِ. و "اطْمِس" فعل طلبٍ للدُعاءِ، وفاعلُهُ ضَميرُ خطابٍ يَعودُ عَلى الله تعالى. و "عَلَى أَمْوَالِهِم" مُتَعَلِّقٌ بِهِ، والجُمْلَةُ في محَلِّ النَصْبِ بالقوْلِ ل "قال" على أَنَّها جوابُ النِداءِ. و "وَاشْدُدْ على قلوبهم" الواوُ عاطفةٌ ولجملةُ معطوفةٌ على سابِقِتِها ولها مثلُ إعرابها.
قولُهُ: {فَلا يُؤْمِنُوا} الفاء: عاطفة سببية "لا" نافيةٌ، و "يُؤْمِنُوا" فعلٌ مَنْصوبٌ بِ "أَنْ" مُضْمَرَة وُجُوبًا بَعْدَ فاءِ السَبَبِيَّةِ، الواقِعَةِ في جوابِ الدُعاءِ، والجملةُ في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَعْطوفٍ على مَصْدَرٍ مُتَصَيَّدٍ مِنَ الجُمْلَةِ التي قَبْلَها، ويَصِحُّ أَنْ يَكونَ قولُهُ: "فَلا يُؤْمِنُوا" مَعْطوفًا عَلَى "لِيُضِلُّوا" وما بَيْنَهُما دُعاءٌ مُعْتَرِضٌ، والواوُ الدالَّةُ على الجماعةِ فاعِلُه، ويجوزُ فيه لجزمُ على أَنَّ "لا" للدُعاءِ، كقولِكَ: "لا تُعَذِّبْني يا رَبُّ. وهو قريبٌ مِنْ مَعنى "ليُضلوا" في كونِهِ دُعاءً، هذا في جانِبِ شِبْهِ النَهْيِ، وذَاك في جانِبِ شِبْهِ الأَمْرِ، ومنه قولُ الأعشى:
فلا يَنْبَسِطْ من بين عينِك ما انْزَوى ........ ولا تَلْقَني إلاَّ وأَنْفُكَ راغِمُ
وعلى القولِ بِأَنَّهُ مَعْطوفٌ على "ليَضِلُّوا" يَكونُ ما بَيْنَهُما اعْتِراضاً. و "حَتَّى" حَرْفُ جَرٍّ وغايَةٍ، و "يَرَوُا" فعلٌ مُضارِعٌ مَنْصوبٌ ب "أن" مُضْمَرة وُجوبًا بَعْدَ "حَتَّى" بمَعنى إلى. وفاعلُهُ واوُ الجماعة. و "الْعَذَابَ" مَفْعولٌ بِهِ. "الأَلِيمَ" صِفَتُه، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه صِلَةُ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، و "أَنْ" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مجْرورٍ ب "حَتَّى" بمَعنى إلى تَقْديرُهُ: إلى رُؤْيَتِهِمُ العَذابَ الأَليمَ، الجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِ "يؤمنوا".
قرَأَ الجمهورُ: {لِيَضِلُّوا} بفتح الياء، الكوفيون "لِيُضِلُّوا" بضمها فإنه يَبْعُد أن يَدْعُوَ عليهم بِأَنْ يُضِلُّوا غيرهم، وقرأ الشَعْبيُّ بِكَسْرِها، فوالى بين ثلاثِ كَسَراتٍ إِحْداها في ياءٍ. وقرأ أبو الفَضْلِ الرِياشِيِّ "أإنَّكَ أَتَيْتَ" على الاسْتِفْهام. وقال الجِبائيُّ: إنَّ "لا" مقدرةٌ بين اللام والفعلِ وتقديرُهُ: لِئَلاَّ يَضِلُّوا، ورَأْيُ البَصْرِيِّينَ في مثلِ هذا تَقْديرُ "كراهَةَ" أَيْ: كَراهَةَ أَنْ يَضِلُّوا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 88
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 21
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 37
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 53
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 69
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 85

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: