وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(121)
قولُهُ ـ تباركت أسماؤه: {وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً} ولا يُنْفِقُ هؤُلاَءِ المجاهدون قَليلاً وَلاَ كَثِيراً فِي سَبِيلِ اللهِ، إلاَّ وَجَدوا ثوابَهُ مُضاعفاً عِنْدَ اللهِ تَعالى. وقَدَّمَ النَفَقَةَ الصَغيرةَ على الكَبيرةِ لِتَوجيهِ الاهْتِمامِ إليْها، والمعنى المُرادُ: إذا كُتِبَتِ الصَغيرةُ فالكَبيرةُ أَحْرى.
فقد أَخْرَجَ الأئمَّةُ: مُسْلِمٌ، وأحمدُ، والنَسائيُّ، والتِرمذِيُّ، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبي مَسْعودٍ الأَنْصارِيِّ البَدْرِيِّ: عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: جاءَ رَجُلٌ بِنَاقةٍ مخطومَةِ فقالَ: هذِهِ في سَبيلِ اللهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَكَ بها يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُ مِئةِ ناقةٍ كلُّّها مَخْطومةٌ)). واللفظ لمسلم في صحيحُه، في الإمارةِ، بابُ فضلِ الصَدَقَةِ في سبيلِ اللهِ: رقم: (1892). والخُطامُ هو حَبْلٌ أو سيرٌ مِنْ جِلْدٍ يُوضَعُ في خَطْمِ النَّاقِةِ (أيْ أَنْفِها) لِقِيادَتِها بِهِ، أَوْ سِواهُ ممَّا يَصْلُحُ لِذلكَ.
قولُه: {وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ} وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً فِي سَيْرِهِمْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ، إِلاَّ كَتَبَ لَهُمْ، وَسُجِّلَ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِمْ، وقَطعُ الوادي اجتيازُهُ. والوادي: كُلُّ مُنْفَرَجٍ مِنْ جِبالٍ وآكامٍ يَكونُ مَنْفَذاً للسَيْلِ. وهُوَ في الأَصْلِ فاعِلٌ مِنْ "وَدَى" إذا سَالَ، ومِنْهُ الوَدْيُ. وقدْ شَاعَ في اسْتِعْمالِ العَرَبِ بمَعْنى الأَرْضِ. وجُمِعَ عَلى أَوْدِيَةٍ، ولَيْسَ بِقِياسٍ، كأَنَّ قِياسَهُ الأََوادي، ك "أَواصِلٍ"، جمعِ واصِلٍ، والأَصْلُ: وَوَاصِلٌ، قُلِبَتِ الواوُ الأُولى همزةً. قالَ النَحّاسُ: ولا أَعْرِفُ فاعِلاً وأَفْعلِةً سِواهُ، وقَدِ اسْتُدْرِكَ هذا عَلَيْهِ فزَادوا: نادٍ وأَنْدِيَة. وأَنْشَدوا لزُهَير:
وفيهم مقاماتٌ حِسانٌ وجوهُهمْ .......... وأنديةٌ ينتابها القولُ والفعلُ
والنادي: المجلسُ. وقالَ الفَرَّاءُ: إنَّه يُجْمَعُ على أَوْداءٍ كَصاحِبٍ وأَصْحابٍ وأَنْشَدَ لجَريرٍ:
عَرَفْتُ ببُرْقَةِ الأَوْداءِ رَسْماً ............. مُحيلاً طالَ عهدُكَ مِنْ رسومِ
وزادَ الرّاغِبُ في "فاعلٍ" و "أَفْعِلَةٍ" ناجٍ وأَنْجِيَةٍ، فقد كَمُلَتْ ثلاثةُ ألفاظٍ في "فاعلٍ و "أَفْعِلة"، ويُقالُ: وَدَاهُ، أيْ: أَهْلَكَهُ كَأَنَّهم تَصَوَّروا مِنْهُ إِسالَةَ الدَمِ، وسُمِّيت الدِّيَةُ دِيَةً لأنَّها في مُقابَلَةِ إِسالَةِ الدَمِ، ومِنْهُ الوَدْيُ: وهُوَ ماءُ الفَحْلِ عِنْدَ المُداعَبَةِ، وماءٌ يَخْرُجُ عَقِبَ البولِ لا يكادُ المرءُ يُحِسُ بِهِ، والمَذْيُ: سائلٌ يَعْقُبُ المنيَّ بَعْدَ القَذْفِ، والوَدِيُّ بِكَسْرِ الدَالِ والتَشْديدِ في الياءِ: صِغارُ النَّحْلِ.
قولُهُ: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ عَلَيهِ جَزَاءً أَحْسَنَ مِنْ جَزَائِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الجَلِيلَةِ فِي غَيْرِ الجِهَادِ، فَالنَّفَقَةُ الصَّغِيرَةُ فِي الجِهَادِ كَالنَّفَقَةِ الكَبِيرَةِ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ المَبَرَّاتِ. وتُقْسَمُ أَعْمالُ العبادِ إلى قسمين: الأوَّلُ: ما يقعُ منه بغيرِ قصدٍ، كأَنْ يَعْمَلَ عملاً صالحاً في الخيرِ، فيَقْتَدي بِهِ غَيرُهُ في هذا الخير، فتكونُ أعمالُهم مِنْ آثارِ عَمَلِهِ، وكأنْ يَتَزَوَّجَ لِيُعِفَّ نفسَهُ، فَيْعِطيهِ اللهُ الذريَّةَ الصالحةَ فيَنْتَفِعُ بهم وبِدُعائهم لَهُ. والثاني: أنْ يقعَ العملُ بِقَصْدٍ منه، كَمَنْ عَلَّمَ غَيرَهُ عَلْماً نافعاً فتَعليمُهُ له ومُباشَرَتُهُ لَهُ مِنْ أَجَلِّ الأَعْمالِ، فإنَّ ما حَصَلَ مِنَ العِلْمِ والخَيرِ المُتَرَتِّبِ عليه، هو مِنْ آثارِ عَمَلِه، وإنْ كانَ يَأْخُذُ عَلى عَمَلِهِ أَجْراً وعِوَضاً، فإنَّ اللهَ يُدْخِلُ بالسَهْمِ الواحِدِ الجَنَّةَ ثَلاثةً: صانِعَهُ وراميهِ والمُمِدَّ بِهِ. كما أَخْرَجَ أَبو داوودَ، والنَّسائيُّ، وغيرُهما من حديثِ أبي هريرةَ وغيرِهِ من الصحابة ـ رضي اللهُ عنهم. وصَحَّحَهُ الحاكِمُ، وابْنُ خُزَيْمَةَ.
وفيهِ أَنَّ الأَحْسَنَ مِنْ صِفَةِ فِعْلِهم، الذي منه الواجِبُ ومنه المَنْدوبُ ومنه المُباحُ، ولكلِّ أَجْرُهُ، فأجرُ الواجِبِ أعلى مِنْ أجرِ المندوبِ، إذاً فإنَّ اللهُ تعالى يَجْزِيهم على أَعمالهم التي يعملونها في حالِ الجهاد بأَجْرِ الأَحْسَنِ. ويجوزُ أَنْ يكون الأَحْسَنُ صِفَةً للجَزاءِ، وإذاً فهو يَجزيهم جَزاءً هُوَ أَحْسَنُ مِنْ أَعْمالهم وأَجَلُّ وأَفْضَلُ. فقد أَخْرَجَ الشَيْخانِ وغيرُهما عنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعِدِيِّ ـ رضي اللهُ عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلّى اللهُ عليْه وسلَّمَ، قال: ((رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ في سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، أَوْ الغَدْوَةُ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا)) متَّفقٌ عليه.
وعَنْ أَبي هُريرةَ ـ رضي اللهُ عنه، عنِ النبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: ((تَضَمَّنَ اللهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لا يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ لا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ)) لَفْظُ مُسْلِمٍ وللبُخاري بمعناهُ.
وعَنْ أَبي سِعيدٍ الخِدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: أَتى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فقال: أَيُّ النّاسِ أَفْضَلُ؟ قال: ((مُؤْمِنٌ يُجاهِدُ بِنَْفسِهِ ومالِهِ في سَبيلِ اللهِ))، قالَ: ثمَّ مَنْ؟ قال: ((ثُمَّ رَجُلٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِعابِ يَعْبُدُ اللهَ)) وفي روايةٍ: ((يِتَّقي اللهَ ويَدَعُ الناسَ مِنْ شَرِّهِ)) أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِرْمِذِيُّ والنَسائيُّ. وعن أبي هريرةَ ـ رضي اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، قال: ((مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ إِيمَانًا بِاللهِ وَتَصْدِيقًا بِمَوْعُودِهِ، كَانَ شِبَعُهُ وَرِيُّهُ وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). السُنُنُ الكُبرى للبَيْهَقِيِّ وفي ذيْلِهِ الجَوْهَرُ النَقِيُّ: (10/16). ورَوَاهُ أيضاً الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وعَنْ أَبي عَبْسِ بْنِ جبرِ بْنِ عمرِو الخزرجيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمِ، قال: ((ما اغْبرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبيلِ اللهِ، فتَمَسَّهُ النَّارُ)). أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ، والتِرْمِذِيُّ، والنَسائيُّ، بِزِيادَةٍ في أَوَّلِهِ، وقد ذُكِرَ في (فَضْلِ صَلاةِ الجُمُعَةِ) جامع الأصول في أحاديث الرسول (9/486).
قولُهُ تعالى: {ولا ينفقون نفقةً} عطفٌ على جمْلَةِ {لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ}، من الآيةِ السابقة.
قولُهُ: {ولا يقطعونَ وادياً} تَوْسيطُ "لا" هنا للتَنصيصِ على استِبْدادِ كلٍّ منهُما بالكَتْبِ والجَزاءِ، وليس لِتَأْكيدِ النَفْيِ. وحقيقةُ القَطْعِ: تَفْريقُ أَجْزاءِ الجِسْمِ. وأَطْلِقَ على الاجْتِيازِ مجازاً على وَجْهِ الاسْتِعارَةِ.
وقوله: {إِلاَّ كُتِبَ} هذه الجملةُ في محلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِنْ {ظَمَأ} وما عُطِف عَلَيْهِ، أيْ: لا يُصيبُهم ظَمأٌ إلاَّ مَكْتوباً. وجازتِ الحالُ مِنَ النَكِرَةِ هنا لِسَبْقِها بالنَفْيِ، وأَفْرِدَ الضَميرُ في "به" وإنْ تَقَدَّمَهُ أَشْياءُ، إجْراءً لَهُ مُجْرَى اسْمِ الإِشارَةِ، أَيْ: كُتِبَ لهم بِذَلِكَ عَمَلٌ صالحٌ.
والمُضْمَرُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعودَ على العَمَلِ الصّالحِ المُتَقَدِّمِ، ويحتملُ أَنْ يَعودَ على أَحَدِ المَصْدَرَيْنِ المَفهومَيْنِ في "ينفقون" و "يقطعون"، أيْ: إلاَّ كُتِبَ لهُم بالإِنْفاقِ أَوْ القَطْعِ.
وقوله: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانوا يعملون} لامُ التَعْليلِ مُتَعَلِّقٌ بِ "كُتِبَ". وفي هذِه الجُمْلَةِ مِنَ البَلاغَةِ والفَصَاحَةِ ما لا يَخْفَى على مُتَأَمِّلِهِ. و " أَحْسَنَ" نصبٌ على المَصْدَرِيَّةِ لإضافَتِهِ إلى مَصْدَرٍ محْذوفٍ. أوْ على أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنْ ضَميرِ "يجزيهم". أوْ على أنَّه صِفَةٌ للجَزاءِ، أَيْ: لِيَجْزِيَهم جَزاءً أَحْسَنَ مِنَ أَعْمالهم وأَفْضَلَ. واعْتَرَضَهُ الشيخُ أَبو حيَّان الأندلُسيُّ بأَنَّهُ إذا كانَ الأَحْسَن صِفَةَ الجزاءِ كيفَ يُضافُ إلى الأَعْمالِ وَلَيْسَ بَعْضاً مِنْها، وكَيْفَ يَفْضُلُ عَلَيْهِم بِدونِ "مِنْ"، ولا وَجْهَ لِدَفْعِهِ بَأَنَّ أَصْلَهُ ممَّا كانُوا .. الخ فَحَذْفُ "مِنْ" مَعَ بَقاءِ المَعْنى عَلى حالِهِ كَما قِيلَ لأنَّه لا مُحَصِّلَ لَهُ. ويجوزُ أنْ يُنْصَبَ "أَحْسَنَ" على نَزْعِ الخافِضِ، أَيْ: عَنْ أَحْسَنِ ما كانوا يَعْمَلون، أَوْ بِأَحْسَنِ ما كانوا يَعملون، كما في قولِهِ تعالى في سورة النور: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} الآية: 38، ويجوزُ أنْ يكون "أحسن" مَفْعولاً ثانياً، و "ما" مَوْصولٌ مُضافٌ إليْهِ. وفي ذكر {كَانُوا} والإتيان بخبرِها مُضارِعاً إفادَةُ أَنَّ مِثْلَ هذا العَمَلِ كانَ دَيْدَنُهم.