أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(109)
قولُهُ ـ تَعالى شَأْنُه: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ} في هذه الآيةِ الكريمةِ بَيانٌ بأَنَّ تَفْضيلَ ذَلِكَ المَسْجِدِ في أَنَّهُ حقيقٌ بالصلاةِ فيهِ تَفْضيلٌ مَسْلوبُ المُشارَكَةِ، لأنَّ مَسْجِدَ الضِرارِ لَيْسَ حَقيقاً بالصَلاةِ فيِهِ بَعْدَ النَهْيِ، لأنَّ صَلاةَ النَبيِّ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لَوْ وَقَعَتْ لأَكْسَبَتْ مَقْصِدَ واضِعيهِ رَواجاً بَينَ الأُمَّةِ وهُوَ غَرَضُهم التَفريقَ بينَ جماعاتِ المُسلمينَ كَما تَقَدَّمَ.
وهذا تَفْريعٌ على قولِهِ سبحانه في الآية التي قبلَها: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} لِزِيادَةِ بَيانِ أَحَقِيَّةِ المَسْجِدِ المُؤَسَّسِ على التَقْوى بالصَّلاةِ فِيهِ، فلاَ يَسْتَوِي فِي عَقِيدَتِهِ، وَلاَ فِي عَمَلِهِ، مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوًى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ، مع سواه ممن أسِّسَ على غير ذلك.
وأُسُّ الشيْءِ، وأَساسُهُ: القاعِدَةُ التي بُنيَ عَليْها، ويُقالُ: كان ذلك على أُسِّ الدَهْرِ، كقولهم: على وَجْهِ الدَهْرِ، ويُقالُ: أَسَّ "مُضعَّفاً" أي: جَعَلَ لَهُ أَساساً، وآسَسَ بِزِنَةِ "فاعَل". وقيل هو جمعُ أُسٍّ؛ والكَثيرُ مِنْهُ "آسَاسٌ". قالَ شِبْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ مَوْلى بَني هاشِمٍ:
أَصْبَحَ المُلْكُ ثابتَ الآساسِ ................ في البهاليل مِنْ بَني العَبَّاسِ
والبيتُ مِنْ قَصيدَةٍ لَهُ تَسَبَّبَتْ في مصرع ثملنين رجلاً من بني أميَّة، أَنْشَدَها السفَّاحَ يَسْتَعْديهِ عَليهم، وقد وفدوا عليه يَقْدُمُهُمُ الغَمْرُ ابْنُ يَزيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ فأمر أَبو العبَّاسِ السَّفَّاحُ فضربت رقابُهم جميعاُ، ومُدَّ سماطُ الطعامِ فوق جُثَثِهم وجلس وأتباعه يتناولون الطعامَ وما زالَ لبعضهم أنينٌ، على ما رويَ، وتمامُها:
أصبح الملكُ ثابتَ الأساس .................. بالبهاليل من بَني العبًاس
طَلبوا وِتْر هاشمٍ فَلَقُوها ................... بعد مَيْل من الزَمان وباس
لا تُقِيلن عبدَ شمس عِثاراً .................... اقطعُوا كل نخلة وغِراس
ولقد غاظَني وغاظَ سَوائِي ................. قُرْبُهم من مَنابر وكَراسي
واذكُروا مَصْرع الحُسين وزيداً ................ وقَتيلاً بجانب المهرَاس
وقتيلاً بجَوْف حَرَّان أضحَى ............ تَحْجُل الطيرُ حوله في الكِناس
نِعم شبْلُ الهِراشِ مَوْلاك شِبْل ............... لو نجا مِنْ حَبائلِ الإفلاس
ونُسِبَتْ لِسُدَيفَ بْنِ مَيْمونَ مَوْلى السَّفَّاحِ، وقيلَ هو مولىً لآلِ أبي لهبٍ، ونَسَبَها الزبيديُّ في تاج العروس إلى الحافِظِ ابْنِ حَجَرٍ العسقلانيِّ ـ رحمه اللهُ، فأَبْعدَ، وذلك لِبُعْدِ ابْنِ حَجَرٍ وهو العالمُ العامِلُ الحافظُ لحديث رسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمُ، والخادمُ لهُ من هذه المعاني وتَرَفُّعِهِ عَنْ أَنْ يَكيدَ لِمُسْلِمٍ أوْ يُحَرِّضَ على قَتْلِهِ.
قولُهُ: {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} فإنَّ مَنْ بنىُ مَسْجِدَ قُباء الذي أُسَّسَ على التَقْوَى وجمعِ كلمة المسلمينَ لا يَسْتَوي مَعْ مَنْ بَنَى مَسْجِداً الضِّرَارِ وَالكُفْر وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ. وأَخْرَجَ أبو الشيخِ عن الحسَنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: لمّا أَسَّسَ رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، المَسْجِدَ الذي أَسَّسَهُ عَلى التَقْوى، كانَ كُلَّما رَفَعَ لَبِنَةً قالَ ((اللَّهُمَّ إنَّ الخيرَ خَيرَ الآخِرِةِ)) ثمَّ يُناوِلَُها أَخاهُ فيَقولُ ما قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ، حَتى تَنْتَهي اللَّبِنَةُ مُنْتَهاها، ثمَّ يَرْفَعُ الأُخْرى فيَقولُ: ((اللّهُمَّ اغْفرْ للأَنْصارِ والمُهاجِرَةِ، ثمَّ يُناوِلُها أَخاهُ فيَقولُ ما قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، حتى تَنْتَهي اللَّبِنَةُ مُنْتَهاها.
فَإنَّ مسجدَ الضِرارِ حَالُهُ كَحَالِ مَنْ يَبْنِي بُنْيَانَهُ عَلَى طَرَفِ حُفْرَةٍ فِي أَرْضٍ رِخْوَةٍ فِي جَانِبِ جَهَنَّمَ. و "شَفَا جُرُفٍ" عَلَى حَرْفِ بِئْرٍ لَمْ تُبْنَ بِالحِجَارَةِ. و "بُنْيان" مصدَرُ بَنى كالغُفْرانِ والشُكْرانِ، وأُطْلِقَ على المَفعولِ كالخَلْق بمعنى المخلوقِ. وقيل بأنَّه جمعٌ وواحدُهُ بُنْيانَةٌ، كما قالَ كَعْبُ ابْنُ زَهَير:
كبُنْيانةِ القاريِّ مَوْضِعُ رَحْلِها ............ وآثارُ نَسْعَيْها مِنَ الدَّقِّ أَبْلَقُ
يَعْنُونَ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَقَمْحٍ وقَمْحَةٍ. والجُرُفُ: البِئْر التي لم تُطْوَ. وقيل: هو الهُوَّةُ وما يَجْرُفُه السًّيْلُ مِنَ الأَوْدِيَةِ. وقيل: هُوَ المَكانُ الذي يَأْكُلُهُ الماءُ فيَجْرُفُهُ، أَيْ يَذْهَبُ بِهِ. ورَجُلٌ جِرَافٌ، أَيْ: كثيرُ النِكاحِ كأَنَّهُ يَجْرُفُ في ذَلِكَ العَمَلِ. و "هَارٍ" هَائِرٍ مُتَصَدِّعٍ أَوْ مُتَهَدِّمٍ.
قولُهُ: {فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} فَانْهَارَ بِهِ فَسَقَطَ البُنْيَانُ بِالبَانِي. انْهَارَتْ بِهِ، وَبِبُنْيَانِهِ، فِي نَارِ جَهَنَّمَ. أَخْرَجَ مُسَدِّدٌ في مُسْنَدِهِ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عنْ جابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رضي اللهُ عنه، قال: لَقَدْ رَأَيْتُ الدُخانَ يَخْرُجً مِنْ مَسْجِدِ الضِرارِ حيْثُ انْهارَ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
قولُه: {وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وَاللهُ لاَ يَهْدِي إَلَى الحَقِّ وَالعَدْلِ، القَوْمَ الظَّالِمِينَ المُتَجَاوِزِينَ طَاعَةَ اللهِ. فَالإِيمَانُ ثَابِتٌ رَاسِخٌ قَوِيٌّ، وَأَهْلُهُ سُعَدَاء بِرِضْوَانِ رَبِّهِمْ، وَالبَاطِلُ مُضْمَحِلٌّ وَاهٍ سَرِيعُ الانْهِيَارِ، وَأَهْلُهُ أَشْقِيَاءُ مُتَرَدَّدُونَ حَائِرُونَ.
قولُهُ تَعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ على تقوىً من اللهِ خيرٌ} الفاءُ مُؤخَّرَةٌ عَنْ همزَةِ الاسْتِفْهامِ لأَحَقِيَّةِ حَرْفِ الاسْتِفْهامِ بالتَصْديرِ. والاسْتِفْهامُ هنا تَقْريريٌّ. و "مَنْ" موصولٌ بمعنى الذي، في مَوْضِعِ رَفْعٍ بالابِتِداءِ. و "على تَقوى" الجارُّ مُتُعَلِّقٌ بِ "أَسَّسَ" فهو مَفْعولُهُ في المعنى. وإمَّا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بمَحْذوفٍ على أَنَّهُ حالٌ مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في "أَسَّسَ" أَيْ: قاصداً بُبُنْيانِه التَقوى. والجارُّ "من اللهِ" في محلِّ جرٍّ إمّا صِفَةً للتَقوى، وإمَّا بإضافتها إليه، أوْ "مِنْ" زائدةٌ ولَفْظُ الجَلالَةِ مُضافٌ إليه. و "خَيْرٌ" خبرُ المبتدأ. والتَفْضيلُ هُنا باعْتِبارِ مُعْتَقَدِهِم.
قولُهُ: {أَمْ من أسس بنيانَه على شفا جُرُفٍ هارٍ} أم: مُتَّصِلَةٌ، عاطِفَةٌ، و "مَنْ" الثانية عَطْفٌ عَلى "مَنْ" الأُولى، و "أَسَّس بُنْيانه" إعْرابُها كَسابِقَتِها. و "على شَفَا جُرُفٍ" كقولِهِ: "على تَقوى" في وجهيه. و "شَّفا" تَقَدَّمَ معناه في سورةِ آلِ عُمران. و "هَارٍ" نَعْتٌ لجُرُفٍ. والمشهورُ أَنَّهُ مَقْلوبٌ بِتَقْديمِ لامِهِ على عَيْنِهِ، وذلك أَنَّ أَصْلَهُ: هاوِرٌ، "بالواوِ" أو هايِرٌ "بالياءِ" لأنَّه سُمِعَ فيهِ الحَرْفان. قالوا: هارَ يَهُورُ فانْهارَ، وهارَ يَهير. وتَهَوَّرَ البِناءُ وتَهَيَّر، فقُدِّمَتْ اللامُ (وهيَ الراء) على العين (وهي الواوُ أَوِ الياء) فصارَ ك (غازٍ) و (رامٍ)، فأُعِلَّ بالنَّقْصِ كإعْلالِهِما، فَوَزْنُهُ بَعْدَ القَلْبِ (فالِع)، ثمَّ تَزِِنُه بَعْدَ الحذفِ بِ (فالٍ). هذا قولٌ، وفيه قولٌ ثانٍ: أَنَّهُ حُذِفَتْ بالواوِ عَيْنُهُ اعْتِباطاً أَيْ لِغَيْرِ مُوجَبٍ، وعَلى هذا فيَجْري بِوُجوهِ الإِعرابِ عَلى لامِهِ، فيُقالُ: هَذا هارٌ، ورَأَيْتُ هاراً، ومَرَرْتُ بهارٍ، وَوَزْنُهُ أَيْضاً (فال). وفيه قولٌ ثالثٌ: بأنَّه لا قَلْبَ فيهْ ولا حَذْفَ، وأَنَّ أَصْلَهُ هَوِرَ، أَوْ هَيِرَ بِزِنَةِ (كَتِف)، فَتَحَرَّكَ حَرْفُ العِلَّةِ وانْفَتَحَ ما قَبْله فقُلِبَ أَلِفاً فصارَ مِثْلَ قولهم: كَبْشٌ صافٌ، أَيْ: صَوِفٌ، أَوْ يومٌ راحٌ، أيْ: رَوِح. وعلى هذا فتحرَّك بِوُجوهِ الإِعْرابِ أَيْضاً كالذي قبلَهُ كَما تَقولُ: هذا بابٌ، ورأيتُ باباً، ومَرَرْتُ ببابٍ. وهذا أَعْدَلُ الوُجوهِ لاسْتِراحَتِهِ مِنِ ادِّعاءِ القَلْبِ والحَذْفِ اللَّذَيْنِ هما عَلى خِلافِ الأَصْلِ، لولا أَنَّهُ غيرُ مَشْهورٍ عِنْدَ أَهْلِ التَصْريفِ. ومَعنى "هار"، أيْ: ساقِطٌ مُتَداعٍ مُنْهارٌ.
قولُهُ: "فانهار" فعلٌ ماضٍ وفاعلُهُ: إمَّا ضميرُ البُنْيانِ، وعليه فالهاءُ في "بِهِ" ضَميرُ المُؤسِّسَ الباني، أَيْ: فَسَقَطَ بُنيانُ الباني على شَفا جُرُفٍ هارٍ. وإمَّا ضَميرُ الجُرُفِ، أَيْ فَسَقَطَ الشَّفا، أَوْ سَقَطَ الجُرُفُ. والهاءُ في "به" للبُنْيانِ. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ للباني المُؤسِّسِ. والأَوْلى أَنْ يَكونَ الفاعِلُ ضَميرَ الجُرُفِ، لأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنِ انْهيارِهِ انهيارُ الشَّفَا والبُنْيانِ جميعاً، ولا يَلْزَمُ مِنِ انْهيارِهما، أَوْ انهيارِ أَحَدِهما انْهيارُهُ. والباءُ في "به" يجوزُ أَنْ تَكونَ المُعَدِّيةَ، وأَنْ تَكونَ التي للمُصاحَبَةِ. وقَدْ تَقَدَّمَ لَكَ خِلافٌ أَوَّلَ هذا الموضوعِ: أَنَّ المُعَدِّيَةَ عِنْدَ بَعْضِهم تَسْتَلْزِمُ المُصاحَبَةَ. وإذا قِيلَ إنها للمُصاحَبَةِ هُنا فَتَتَعَلَّقُ بمَحْذوفٍ لأنها حالٌ، أَيْ: فانهارَ مُصاحِباً لَهُ.
وقولُهُ: {واللهُ لا يهدي القومَ الظالمين} جملةٌ مستأنَفة.
قرأ العامَّةُ: {أَسَّسَ بنيانَه} أَسَّسَ: بالبِناءِ للفاعلِ، و "بنيانَه" بالنَصْبِ على المفعوليَّةِ، والفاعلُ ضميرُ "مَنْ". وقرَأَ نافع، وابْنُ عامِرٍ: "أُسِّسَ بنيانُه" أُسِّسَ: مَبْنِيّاً للمَفْعولِ، و "بنيانُه" بالرَّفْعِ لِقيامِهِ مُقامَ الفاعل.
وقرأَ عِمارةُ ابْنُ عائذٍ الأَوَّل "أسِّس" مَبْنِياً للمَفعولِ، و الثاني "أُسٍّسَ" مَبْنِيّاً للفاعل، و "بنيانُه" مَرْفوعٌ على الأوَّلى ومَنْصوبٌ على الثانية لِما تَقَدَّمَ.
وقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ونَصْرُ بْنُ عاصِم، "أُسُسُ بُنْيانِه"، وقَرَآ أيضاً هما وأَبو حَيَوَةَ "أَساسُ بُنْيانِهِ" جمَعَ أُسّ، ورُوِيَ عَنْ نَصْرِ بْنِ عاصِم أَيْضاً "أَسُّ" بهمزةٍ مَفْتوحَةٍ وسِينٍ مُشَدَّدَةٍ مَضْمومَةٍ.
وقرَئَ "إساسُ" بالكَسْرِ، وهيَ جموعٌ أُضِيفَتْ إلى البُنْيانِ. وقرئَ "أَساس" بفتحِ الهَمْزَةِ، و "أُسّ" بِضِمِّها وتشديدِ السِينِ، وهما مُفْرَدان أُضيفا إلى البُنيان. ونَقَلَ فيهِ أيضاً "أَسَسُ" بالتَخْفيفِ ورَفْعِ السينِ، و "بُنيانِه" بالجرِّ، فَ "أَسَسٌ" مَصْدَرُ أَسَّ يَؤُسُّ أَسَسَاً وأَسّاً، فهذِهِ عَشْرُ قِراءاتٍ.
وقرأ العامّةُ: {على تقوى من الله} وقرأَ عِيسى بْنُ عُمَرَ "تقوىً" مُنَوَّنَةً. وحَكى هَذِهِ القِراءَةَ سِيبَوَيْهِ، ولم يَرْتَضِها الناسُ لأَنَّ أَلِفَها للتَأْنيثِ فلا وَجْهَ لِتَنْوينِها، وقد خرَّجها الناسُ على أَنْ تَكونَ أَلِفُها للإِلحاق، فقالَ ابْنُ جِني: قياسُها أَنْ تَكونَ أَلِفُها للإلحاقِ ك (أَرْطى و أفعى وأنثى).
وقرأ العامّةُ: {جُرُفٍ} بِرِفْعِ الراءِ، وقرأ أَبو بكرِ، وحمزَةُ عن عاصم "جُرْفٍ" بإسْكانها؛ مِثْلَ الشُغُلِ والشُغْلِ، والرُسُلِ والرُسْلِ، وعُنُق وعُنْق وطُنُب وطُنْب.