اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80)
قولُهُ ـ تغالى شأنُه: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} هُوَ إِخْبارٌ مِنْهُ سُبْحانَهُ، باسْتِواءِ الأَمرَيْنِ: الاسْتِغْفارُ لهم وتَركُهُ، في اسْتِحالَةِ المَغْفِرَةِ لهم، وجاءَ بصيغةِ الأَمْرِ للمُبالَغَةِ في بَيانِ اسْتِوائِهِما، كأنَّهُ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، أُمِرَ بِأَنْ يَسْتَغْفِرَ تارَةً ويَتْرُكَ أُخرى لِيْظْهَرَ لَهُ جَلِيَّةُ الأَمْرِ وقد تَقَدَّمَ نظيرُهُ في الآيةِ: 53 من هذه السورةِ بقولِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ}. ونَظيرُهُ أيضاً قولُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ:
أَسِيْئي بِنا أَوْ أَحْسِني لا مَلومةٌ ............... لدينا ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ
فكأَنَّهُ يَقولُ: امْتَحِني لُطْفَ محَلَّكِ عِنْدي، فعامِليني بالإساءَةِ والإحْسانِ، وانْظُري هَلْ تَجْدينَ مِنّي تَفاوُتاً في الحالين. هذا وقدْ خَرَجَ هَذا الكلامُ مخرَجَ الأَمْرِ ومعناهُ الخَبرُ، والتَقديرُ: اسْتِغْفارُكَ لهم وعَدَمُهُ سواء. وإنَّما جاءَ في صُورَةِ الأَمْرِ للمُبالَغَةِ في بيانِ اسْتِوائِهِما. قد جازَ إقامَةُ الخَبرِ والطَلَبِ أَحَدِهما مَقامَ الآخَرِ إذا دَلَّ الكَلامُ عَلَيْهِ فيُعْدَلُ عَنِ الأَصْلِ لإفادَةِ المبالَغَةِ.
قولُهُ: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ـ صلى الله عليه وسلّم، بِأَنَّ هَؤُلاَءِ المُنَافِقِينَ لَيْسُوا أَهْلاً لِلاسْتِغْفَارِ، وَأَنَّهُ لَوِ اسْتَغْفَرَ لَهُم النَّبِيُّ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ، يُريدُ بِهِ التَساوي بَينَ الأَمْرَيْنِ في عَدَمِ الإفادةِ، فبيَّنَ لَهُ أَنَّ المُرادَ بِهِ التَكْثيرُ، دُونَ التَحْديدِ. فقدْ جَرَتْ عادةُ العَرَبِ في أَساليبِهم على اسْتِعْمالِ هذا العَدَدِ للتَكْثيرِ لا للتَحْديدِ. وقال القاضي البيَْضاوي ـ رحمَهُ اللهُ، في تَفْسيرِهِ: وقدْ شاعَ اسْتِعْمالُ السَبْعةِ، والسَبْعينَ، والسِبْعِ مِئَةٍ في التَكْثيرِ؛ لاشْتِمالِ السَبْعَةِ على جُمْلَةِ أَقْسامِ العَدَدِ، فكأنَّهُ بِأَسْرِهِ. وقيلَ: هيَ أَكْملُ الأَعْدادِ لجمعها معانيَها ولأنَّ السِتَّةَ أَوْلُ عَددٍ تامَ لِتَعادُلِ أَجْزائِها الصَحيحَةِ إذْ نَصْفُها ثلاثةٌ وثُلُثُها اثْنانِ وسُدُسُها واحِدٌ وجملَتُها سِتَةٌ وهيَ مَعَ الوَاحِدِ سَبْعَةٌ فكانَتْ كاملةً إذْ لا مَرْتَبَةَ بَعْدَ التَمامِ إلاَّ الكَمالُ ثمَّ السَبْعونَ غايةُ الكمالِ إذِ الآحادُ غايتُها العَشَراتُ والسبعُ مئةٍ غايةُ الغايات.
قولُهُ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} وَسبَبُ ذَلِكَ إِصْرَارُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَجُحُودِهِمْ بِوَاحْدَانِيًّةِ اللهِ تعالى، وَوَحْيهِ لِرَسُولِهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَلِشَكِّهِمْ فِي أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى، وَغَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وما بينَهما.
وقولُهُ: {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} تَذْييلٌ مُؤَكِّدٌ لما قبلَهُ، أي: والله لا يَهدي إلى طَريقِ الخيرِ أُولئكَ الذين فَسَقوا عَنْ أَمْرِهِ، وخَرجوا عَنْ طاعَتِه، ولم يَسْتَمِعوا إلى نُصْحِ الناصحين، وإرْشادِ المُرْشِدين، وآثروا الغوايَةَ على الهِدايةِ.
وَيُرْوَى أَنَّهُ حِينَ مَرِضَ رَئِيسُ المُنَافِقِينَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، انْطَلَقَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي يُحْتَضَرُ فَأُحِبُّ أَنْ تَشْهَدَهُ وَتُصَلِّي عَلَيْهِ. فَانْطَلَقَ مَعَهُ حَتَّى شَهِدَهُ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: ((إِنَّ اللهَ قَالَ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ولأَسْتَغْفِرَنَّ لَهُمْ سَبْعِينَ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِينَ)). وقال: ((ولو علمت أني إنَّ زِدْتُ على السبعين، غُفِر لَهُ، لَزِدْتُ))، وأَخْرَجَ الأئمَّةُ: البُخَارِيُّ، ومسلمٌ، والتِرْمِذِيُّ، وأَحمدٌ، والنَسائيُّ، والنَحّاسُ، والبزّارُ، وابْنُ حِبَّانَ، وابْنُ مردويْهِ، وابْنُ أبي حاتمٍ، وأبو نُعيْمٍ في الحلْيَةِ، عن ابنِ عُمَرَ، وعَنِ ابْنِ عبّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُم، قال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: (لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ دُعِيَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، للصَّلاةِ عَلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ يُرِيدُ الصَّلاةَ تَحَوَّلْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي صَدْرِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعَلَى عَدُوِّ اللهِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أُبَيٍّ الْقَائِلِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا؟، يَعُدُّ أَيَّامَهُ، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَبَسَّمُ حَتَّى إِذَا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: ((أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ قَدْ قِيلَ لِي: "اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ" لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ)) قَالَ: ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَمَشَى مَعَهُ فَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى فُرِغَ مِنْهُ، قَالَ: فَعُجِبَ لِي وَجُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَوَاللهِ مَا كَانَ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ هَاتَانِ الآيَتَانِ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ فَمَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَهُ عَلَى مُنَافِقٍ وَلا قَامَ عَلَى قَبْرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ. وهذا نصُّ التِرْمِذِيِّ في سننِهِ: (10/363).
وأَخرَجَ الطَبرانيُّ في الأوسطِ عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ ابْنَ عبدِ اللهِ ابْنِ أُبيٍّ قالَ لَهُ أَبوهُ: أَيْ بُنيّ، اطْلُبْ ثوْباً مِنْ ثيابِ رَسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فكَفِّنّي فيهِ ومُرْهُ فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ. فأَتاهُ، فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَرَفْتَ شَرَفَ عَبْدِ اللهِ، وهُو يَطْلُبُ إليكَ ثوباً مِنْ ثيابِكَ تُكَفِّنُهُ فيهِ وتُصَلِّي عليْهِ، قال: فأَعْطاهُ ثوباً مِنْ ثيابِهِ، وأَرادَ أَنْ يُصَلِّي عليْهِ فقالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَمَا تَعْرِفُ عَبْدَ اللهِ ونِفاقَهُ، تُصَلّي عليْهِ وقدْ نَهاكَ اللهُ أَنْ تُصَلّي عَلَيْهِ؟ فقال: ((أَيْنَ)) فقال: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم" قالَ: ((فإني سَأَزيدُ على سَبْعينَ)) فأنْزَلَ اللهُ: {ولا تُصَلِّ على أَحَدٍ مِنْهم ماتَ أَبَداً ولا تَقُمْ على قَبرِهِ} قال: وأَنْزَلَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ: {سَواءٌ عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} الآيَةَ. وذلك لأنَّه ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فَهِمَ مِنَ السَبْعينَ العَدَدَ المَخْصوصَ.
واخْتُلِفَ في إِعْطاءِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، قميصَهُ لِعبدِ اللهِ؛ فَقيلَ: إنَّما أَعْطاهُ لأنَّ عبدَ اللهِ ابْنَ أُبيٍّ كانَ قدْ أَعْطى العَبَّاسَ عَمَّ النبيِّ ـ صَلى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، قميصَهُ يومَ بَدْرٍ. وذلك أَنَّ العَبّاسَ لمّا أُسِرَ يَومَ بَدْرٍ وسُلِبَ ثوبُهُ، رَآهُ النَبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، على هذه الحالِ فأَشْفَقَ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ لَهُ قَميصاً، فما وَجَدَ لَهُ قَميصاً يُقادِرُهُ إلاَّ قَميصَ عبدِ اللهِ ابْنِ أُبيٍّ، لِتَقارِبِهِما في طُولِ القامَةِ؛ فأَرادَ النَبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، بإعْطاءِ القَميصِ، أَنْ يَرْفَعَ اليَدَ عَنْهُ في الدُنْيا، حتى لا يَلْقاهُ في الآخِرَةِ ولَهُ عَلَيْهِ يَدٌ يُكافِئُهُ بها. وقيلَ: إنَّما أَعْطاهُ القَميصَ إِكْراماً لابْنِهِ وإسعافاً لَهُ في طُلْبَتِهِ وتَطْييباً لِقَلْبِه. والأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لما أخْرَجَهُ البُخارِيُّ عَنْ جابرِ بْنِ عبدِ اللهِ ـ رضي اللهُ عنه، قالَ: لمَّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ أُتيَ بِأسارى وأُتي بالعبّاسِ ولم يَكُنْ عَليْهِ ثوبٌ؛ فَطَلَبَ النبيُّ ـ صلّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ لَهُ قميصاً فوَجَدوا قَميصَ عبدِ اللهِ ابْنِ أُبيٍّ يُقْدَرُ عليْهِ، فَكَساهُ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، إيَّاهُ؛ فلِذَلكَ نَزَعَ النبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قميصَهُ الذي أُلْبِسَهُ. وفي الحديثِ أَنَّهُ ـ صلّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، قالَ: ((إنَّ قَميصي لا يُغْني عَنْهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً وإني لأَرْجو أَنْ يُسْلِمَ بِفِعْليَ هَذا أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ قومي)) يُريدُ مِنْ مُنافِقي العَرَبِ. والصَحيحُ أَنَّهُ قالَ: ((رِجالٌ مِنْ قومِهِ)). وجاءَ في مَغازي ابْنِ إسْحاق، وفي بعضِ كُتُبِ التَفْسيرِ: فَأَسْلَمَ وتابَ لهذِهِ الفِعْلَةِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَلْفُ رَجُلٍ مِنَ الخَزْرَجِ.
ومما جاءَ في سَبَبِ نُزولِ هذه الآية المباركةِ على ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنهُما، أَنَّهُ لمّا نَزَلَ قولُهُ سُبْحانَه: {سَخِرَ الله مِنْهُمْ ..} الآية: 79 السابقة. سأَلَ اللامِزونَ رسولَ الله ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ يَسْتَغْفِرَ لهم، فهَمَّ أَنْ يَفْعَلَ، فَنَزَلَتْ، فلم يَفعلْ.
ورُوِيَ أَنَّ عبْدَ اللهِ ابْنَ عبدِ الله ابْنِ أُبيٍّ ـ وكانَ مِنَ المُخْلِصين لله ورسولِه، سَأَلَ رَسولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، في مَرَضِ أَبيهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، ففَعَلَ ـ عليهِ الصَلاةُ والسَلامُ، فَنَزَلَتْ، فقالَ محافظةً على ما هُوَ الأَصْلُ مِنْ أَنَّ مَراتِبَ الأَعْدادِ حُدودٌ مُعَيَّنَةٌ يُخالَفُ حُكْمُ كُلٍّ منها حُكمَ ما فوقَها: ((إنَّ اللهَ قَدْ رَخَّصَ لي فَسَأَزيدُ على السَبْعين)). فنَزَلَ قولُه تعالى في سورة (المنافقون): {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} الآية: 6.
قولُهُ تعالى: {اسْتَغْفِرْ لهم أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لهم} أو: ههُنا لَيْسَتْ للتَخْييرِ، لأنَّ التَخْييرَ، لا يَصِحُّ مَعَ قولِهِ: "فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ".
وقولُهُ: {سَبْعِينَ مَرَّةً} سَبْعينَ: نائبُ مَفْعولٍ مُطْلَقٍ، و "مرة" تمييزٌ مَنْصوبٌ على المَصْدَرِ كَقولِكَ: أَعْطيْتُهُ عِشرينَ لَيرةً. فهُوَ تَمْييزٌ لِعدَدِها.
وقولُهُ: {ذَلكَ بأنَّهم كَفروا} الباءُ هنا حرفُ جرٍّ للسببيَّةِ، والمَصْدَرُ المُؤَوَّلُ من "أَنَّهم كفروا" مجرورٌ بالباءِ مُتَعَلِّقٌ بالخَبر، وهذه الجُملَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.