روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2) Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2) Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2)   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2) I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 29, 2015 3:55 am

وذَكَرَهُ اللهُ تَعالى باسمِهِ في بِضْعٍ وخمسينَ مَوْضِعاً مِنْ كتابه الكريم، منها قولُه في سورة البقرة: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} سورة البقرة، الآية: 125. وذكر اسمَهُ ـ عليه السلامُ، في سُورَةِ البقرةِ أيضاً فقالَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ}، الآية: 127. وفيها قال: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ}، الآية: 130. وذَكَرَ اسمَهُ في ذاتِ السُورَةِ فقال: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ}، الآية: 132. وفيها قال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى}، الآية: 260. وفي سورة آل عمران {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً}، الآية: 67. وقال في الآيةِ: 68 منها: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} وقال في الآية:  95منها: {فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}. وقال في الآية: 54 من سورة النساء: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}. وقال بعد ذلك في الآية: 125. من ذات السورة: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}. وفي سورة الأنعام قال: {وإذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ}، سورة الأنعام، الآية: 74. وقال فيها: {وكذلك نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، الآية: 75. وقال: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ على قومِه} سورة الأنعام، الآية: 83. وقال في الآية: 69 من سورة هود، وفي الآية: 31 من سورة العنكبوت: {جاءت رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى}. وقال في سورة هود: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}، الآية: 74. وقال بعدها في الآية: 76: {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}، وقال في الآية: 35، من سورة إبراهيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا الْبَلَدَ آمِناً}، وقال في سورة مريم: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ}، الآية: 41. وقال في سورة الأنبياء: {آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ}، الآية: 51. وقال بعد ذلك في الآية 69 منها: {يا نارُ كوني بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ}. وقال في سورة الحج: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}، الآية: 26. وقال في سورة الشعراء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ}، الآية: 69. وقال: {وَنَادَيْنَاهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ}، سورة الصافَّات، الآية: 104. وقال بعد ذلك في الآية 109: {سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}. وقال في الآية: 13 من سورة الشورى: {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ}. وقال في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ}، الآية: 4. وقال في سورة الذاريات: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}، الآية: 24. وأخيراً قال في سورة الأعلى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}، الآية: 19.
قالوا وكان لإِبراهيمَ ـ عليهِ السّلامُ، في طريقِ الحقِّ عَشْرُ مقاماتٍ نالَ بها غايةَ المراماتِ: الأَوَّلُ مَقامُ الطَّلَب: {هذا رَبِّي}، سورة الأنعام، الآيات: 76 ـ 78. الثَّاني مقامُ الدَّعْوة: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، سورة الحج، الآية: 27. الثالث مقامُ الفَضيلةِ: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، سورة البقرة، الآية: 125. الرابع مقامُ الفَقْرِ والفاقَةِ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ}، سورة إبراهيم، الآية: 40. الخامِسُ مقامُ النِّعمةِ: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ}، سورة الشعراء الآية: 79. السّادِس مقامُ المَغفِرَةِ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي}، سورة الشعراء، الآية: 82. السّابعُ مقامُ المحبَّةِ: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى}، سورة البقرة، الآية: 260. الثامِنُ مَقامُ المعْرِفَة: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ}، سورة الشعراء الآية: 84. التَّاسِعُ مَقامُ الهيئَةِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}، سوؤة التوبة، الآية: 114. العاشرُ مَقامُ الوِراثةِ: {وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}، سوؤة الشعراء، الآية: 85. وفي هذا المقامِ حَصَلَ لَهُ الاستِغناءُ عَنِ الواسطةِ والوَسِيلةِ فقالَ: حَسْبِي مِنْ سُؤَالهِ عِلْمُهُ بحالي.
قالَ المُؤرِّخون؛ هاجَرَ إِبراهيمُ ـ عليْهِ السَّلامُ، مِنَ العِراقِ إِلى الشامِ، وبَلَغَ عُمْرُه مِئَةً وخَمْساً وسبعين سَنَةً، وقيلَ مِئتَيْ سَنَة. ودُفِنَ بالأََرْضِ المُقَدَّسَةِ، وقبرُهُ مَقْطوعٌ بِهِ أَنَّهُ في تلكَ المَرْبَعَةِ، ولا يُقْطَعُ بقَبْرِ نبيٍّ ومكانِهِ غير قبرِ نَبيّنا محمّدٍ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، ومكانِ قبرِ إِبراهيمَ عَليْهِ السَّلامُ. وفي الصَّحيحينِ عن أبي هريرةَ ـ رضي اللهُ عنه، قالَ رُسُولُ اللهِ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اخْتَتَنَ إِبراهيمُ ـ عَلَيْهِ السّلامُ، وهوَ ابنُ ثلاثين سَنَةً بالقَدُومِ)). وفي روايةٍ لمسلم وغيره ((ثمانين سنة))، وقيل غير ذلك. والقَدُومُ: اسمُ موضِعٍ. وفي الصّحيحين أيضاً عن ابْنِ عبّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((.. أَلا إِنَّ أَوَّلَ الخلائقِ يُكْسَى يَوْمَ القيامةِ إبراهيمُ ـ صلى الله عليه وسلَّم، ..)) الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم: (2/38). وفيهما أَيضاً: ((ورأَيتُ إِبراهِيمَ وأَنا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ)). وأَخرَجَ الإمامُ مُسْلِمُ والتِرْمِذِيُّ والنسائي وأبو داوود وابنُ شيبة، عن أنسٍ ـ رَضيَ اللهُ عَنْهُ، قال: "جاءَ رَجلٌ إلى النَبِيِّ ـ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: يا خيرَ البريَّةِ. فقالَ رَسولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: ((ذاكَ إبراهيمُ)) ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. وهذا محمولٌ على التَّواضِعِ لقَوْلِهِ ـ صَلَّى الله عليه وسلَّم، فيما أخرجَ الشيخانِ أيضاً عن أبي هريرةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ((أَنا سَيّد وَلَدِ آدم)). الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم: (3/242) وأخرجه جمعٌ كثيرٌ من أئمَّةِ الحديث عن أبي هريرة والسيدة عائشة وغيرهما من الصحابة ـ رَضيَ اللهُ عنهم جميعاً.
وعند البُخارِيّ عَنِ ابْنِ عباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قالَ: "كانَ آخرُ قَوْلِ إِبراهيمَ حين أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللهُ ونعْمَ الوَكيلُ" وفي الصّحيحين مِنْ حديثِ الإِسْراءِ ورُؤْيََتِهِ الأَنْبِياءَ ـ عليهِمُ الصلاةُ والسلامُ، أَنَّه رأَى إِبراهيمَ في السَّماءِ السّادسَةِ، وأَنَّهُ رآهُ مُسْنِداً ظَهْرَهُ إِلى البَيْتِ المَعْمُورِ. وفي المُوَطَّأِ عنْ سَعيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: ((كانَ إِبراهيمُ النبيّ ـ صَلى الله عليهِ وسَلَّمَ، أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَيْفَ، وأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ شارِبَه، وأَوَّلَ النَّاسِ رأَى الشَيْبَ. فقال يا رَبِّ ما هذا؟ فقالَ اللهُ تَعالى: وَقارٌ، فقال: يا ربِّ زِدْني وَقاراً". وفي تاريخ دمَشْق بزيادةِ "وأَوَّلَ مَنْ اسْتَحَدَّ وَقَّلمَ أَظفارَهُ".
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قالَ، قالَ رَسولُ اللهِ ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَقيتُ إِبْراهيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بي فقال: يا محمَّد أَقْرِئ أَمّتَك مني السّلامَ وأَخبرْهم أَنَّ الجنَّة طيِّبَةُ التُّرْبَة، عَذْبَةُ الماءِ، وأَنَّها قِيعانٌ، وأَنَّ غِراسَها سُبحانَ الله، والحَمْدُ لله، ولا إِله إِلاَّ الله، والله أَكبرُ". قالَ التِرْمِذِيُّ: حديثٌ حَسَنٌ.
وفى تاريخِ دِمَشْقَ: وُلِدَ إِبْراهيمُ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ في قَريَةٍ يُقالُ لها بَرْزَةُ، ويقالُ أَنَّهُ وُلِدَ بِبابِلَ مِنْ أَرْضِ العِراقِ، وأَقامَ بِبرزَةَ، لأَنَّهُ صلَّى فيها لمّا جاءَ مُعيناً للوطٍ ـ عَليْهِ السَلامُ. وفي التاريخِ المَذْكورِ: أَنَّ آزَرَ أَبَا إِبْراهيم كانَ مِنْ أَهْلِ حَرّانَ، وأَنَّ أُمَّ إِبْراهيمَ اسمُها بُونا، وقيلَ نُونا، وأَنَّ نُمْرُوذَ حَبَسَهُ سَبْعَ سِنينَ ثمَّ أَلْقاهُ في النارِ. وأَنَّهُ كانَ يُدْعَى أَبَا الضِّيفانِ، وتِجارَتُهُ كانَتْ في البُرِّ، وأَنَّ النارَ لم تَنَلْ مِنْهُ إِلاَّ وَثاقَهُ لِتَنْطَلِقَ يَداهُ. ولمَّا قالَ اللهُ تَعالى: {يا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} بَرَدَتِ النّارُ في ذَلكَ الوَقتِ على أَهْلِ المَشْرِق والمَغْرِب، وأَنَّ جِبْرِيلَ مَرَّ بِهِ حين أُلْقي في الهَواءِ فقال: "يا إِبراهيمُ أَلَكَ حاجَة؟ فقال: أَمَّا إِلَيْك فَلاَ". وعنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ البِغَالَ كانَتْ تَتَناسَلُ وأَنَّها كانَتْ أَسْرَعَ الدّوابِّ في نَقْلِ الحَطَبِ لِنَارِ إِبراهيمَ فدَعا عَلَيْها فقَطَعَ اللهُ نَسْلَها. وعَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ في قولِهِ تَعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} قالَ: ابْتَلاهُ بالكَوْكَبِ فوَجَدُهُ صابِراً، وابْتَلاهُ بالقَمَرِ فوَجَدَهُ صابِراً، وابْتَلاهُ بالشَّمْسِ فوَجَدَهُ صابِراً، ثمَّ ابْتَلاهُ بالنَّارِ فَوَجَدَهُ صابِراً، ثمَّ ابْتَلاهُ بَذَبْحِ وَلَدِهِ فوَجَدَهُ صابراً.
وعَنْ مُجاهِدٍ أَنَّ إِبراهيم وإِسْماعيلَ حَجَّا مَاشِيَيْنِ. وعَنْه في قولِهِ تَعالى: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} إِكْرامُهُم أَنَّهُ خَدَمَهم بنَفْسِهِ. وفي حديثٍ مَرْفوعٍ أَنَّهُ كانَ مِنْ أَغْيَرِ النَّاسِ. وكانَ سَبَبَ وفاةِ إِبراهيم أَنَّهُ أَتاهُ مَلَكٌ في صورةِ شَيْخٍ كَبيرٍ يُضَيِّفُهُ، وكانَ يَأْكُلُ ويُسيلُ طعامُه على لحْيَتِهِ وصَدْرِهِ، فقالَ إِبراهيمُ: يا عَبْدَ اللهِ: ما هذا؟ قالَ: بَلَغْتُ الكِبَرَ الذي يَكونُ صاحبُهُ هَكَذا، قالَ وكَمْ أَتَى عَلَيْك؟ قال مئتا سَنَةٍ، ولإِبْراهيمَ يَوْمَئِذٍ مئتا سَنةٍ، فَكَرِهَ الحياةً لِئَلاَّ يَصيرَ إِلى هَذِهِ الحالِ، فماتَ بِلا مَرَضٍ. وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ تُوفِّىَ إِبراهيمُ وداوودُ وسُلَيْمانُ صَلواتُ اللهِ عَلَيهم فَجْأَةً، وكذلِكَ مَوْتُ الصّالحين. وهوَ تخفيفٌ على المُؤْمِنِ المُراقِبِ.
قولُهُ: {وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ} في جمعِ الأَمْوالِ ومَدِّ الآمالِ إلى أَخْذِها مِنْ حَرامٍ وحَلالٍ ونَقْصِ الميزانِ والمِكْيالِ فَعَمَّهمُ اللهُ بالنَكالَ، والمُؤتَفِكاتُ: أَيْ في إعْراضِهم عَنْ صِيانَةِ أَعْراضِهم في اتِّباعِ لَذائذِ أَغراضِهم، فأَثْمَرَ لهم فِعْلُهم بَعْدَ الخَسْفِ عُمومَ انْقِراضِهم.
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ قَومُ شُعَيبٍ، وَقد أَصَابَتْهُمُ الرَّجْفَةُ، وَعَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ بالنّارِ، وشُعَيْبُ بْنُ يَصْهُر، قالَ عَطاءٌ وغيرُهُ: هُوَ شُعيْبُ بْنُ مِيكِيلِ بْنِ يَشْجُرَ بْنِ مَدْيَنَ ابْنِ إِبْراهِيمَ الخَليلِ. وكانَ يُقالُ لِشُعيْبٍ خَطِيبَ الأَنْبياءِ، وكانَ رَسُولاً إِلى أَهلِ مَدْيَنَ أَصحابُ الأَيْكَةِ، وكانَ كثيرَ الصَّلاةِ والعِبادَةِ، وكانَ عَذابُ قَوْمِهِ بالنَّارِ، وكانَت عَصَى مُوسى تَذْكِرَةً مِنْهُ إِلَيْهِ. وقَدْ ذَكَرَهُ اللهُ تَعالى في مَواضِعَ مِنَ التَّنْزيلِ، ودَعاهُ بِأََرْبَعَةَ عَشَرَ اسْماً هي: مُرْسَلٌ، قالَ تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ}، سورةُ الشُعراء، الآية: 176. أَخٌ، قالَ تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً}، سورة الأعراف، الآية: 85. رسُولٌ، في قولِه: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}، سورةُ الشعراء، الآية: 107. أَبٌ وشَيخٌ كبيرٌ، في قولِه: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}، سورة القصص، الآية: 23. صادِقٌ، في قولِهِ: {إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، سورة الشعراء، الآية: 187. صالِحٌ، في قولِه: {سَتَجِدُني إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}، سورة الشعراء، الآية: 27. خائفٌ على قومِه، في قولِه: {وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ}، سورة هود، الآية: 84. حلِيمٌ ورَشِيدٌ في قولِه: {إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}، سورة هود، الآية: 87. مُتَوَكِّلٌ ومُنِيبٌ، في قولِه: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، سورة هود، الآية: 88.
وذَكَرَهُ باسمِهِ في سورةِ الأَعْرافِ فقال: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} الآية: 85. وفي الآية: 87 قال: {يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ}، وقولُهُ بعدها في الآية 88. من ذات السورة: {لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ} وقولُه بعد ذلك: {قال الملأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ}، الآية: 90. وفي الآية: 91. قال: {يا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ}، وقال في سورة هود: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً} الآية: 94. ولم يَكُنْ في الأَنبياءِ بعدَ نَبِيِّنا محمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، أَفصحَ ولا أَبْلَغَ مِنْ شُعَيْب.  فقد قال فيه رَسُولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ،: ((رَحِمَ اللهُ أَخِي شُعيْباً، ذاك خَطِيبُ الأَنْبياءِ، كانَ يُحْسِنُ مُراجَعَةَ قَوْمِهِ)). أخرجه ابنُ أبي حاتم، والحاكم في المستدرك على الصحيحين.
قولُهُ: {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} هِيَ قُرى قَوْمِ لُوطٍ، المُؤْتَفِكَاتِ، أَيْ: المُنْقَلِبَاتِ، والمادةُ تَدُلُّ على التَحوُّلِ والتَصَرُّفِ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى في سورة الذاريات: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ  أُفِكَ} الآية: 9. أيْ: يُصْرَف.  فالائْتِفاكُ مجازٌ عَنِ انْقِلابِ حالِها مِنَ الخَيرِ إلى الشَرِّ على طَريقِ الاسْتِعارَةِ كَقولِ ابْنِ الرُومي:
وما الخسفُ أَنْ تَلقى أَسافِلَ بَلْدَةٍ ........ أَعاليها بَلْ أَنْ تَسودَ الأَراذِلُ
فقد أَهَلَكَهُمُ اللهُ بِأَنْ جَعَلَ عَالِيَ دِيَارِهِمْ سَافِلَهَا. فائتَفَكَتْ بهم، أيْ: انْقَلَبَتْ، فصارَ عاليها سافلَها، وأُمْطِروا حجارةً مِنْ سِجِّيلٍ وهي مجموعةُ قُرى صَغيرةٍ كانتْ مَساكِنَ قومِ لُوطٍ، وهي: سَدومُ، وعَمورةُ، وأَدَمَةُ، وصَبويم، وكانتْ مُتجاورَةً، فخَسَفَ اللهُ بها فصارَ عاليها سافلَها. وكانت في جِهاتِ الأُرْدُنِّ حولَ البَحْرِ المَيِّتِ، ولوطٌ اسْمٌ أَعجميٌّ يجوزُ صرْفُه مثلُ نوحٍ، وهو أَوَّلُ مَنْ سُمّيَ بهذا الاسم، ولُوطٌ هو ابْنُ هارونَ بْنِ تارَحٍ، فهو ابْنُ أَخِ إِبراهيمَ الخليلِ ـ عليه السَّلامُ.
وقد ذكرهُ اللهُ تعالى باسمِهِ في عَشَرَةِ مَواضِعَ مِنَ القُرآنِ الكريم فقال في سورة الأنعام: {وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا}، الآية: 86. وذكره في الآية: 80 من سورة الأعرافِ وفي الآية: 54 من سورة النمل، والآية: 28 من سورة العنكبوت فقال: {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ}. وقال في سورة هود: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}، الآية: 70. وقال في الآية: 74. بعدها: {يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}. وقال: في الآية: 77. التي بعدها والآية: 33 من سورة العنكبوت: {جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ}، وفي الآية: 81 من سورة هودٍ قال:{يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ}، وقال في سورة الشعراء: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} الآية: 160، وفي الآية 161 منها قال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ}، وقال في سورة القمر: {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} الآية: 34.
وقد خرَجَ لوطٌ مِنْ أَرْضِ العِراقِ مَعَ عَمِّهِ إِبراهيم تابِعاً لَهُ على دِينِهِ مُهاجِراً إِلى الشَّامِ، ومعَهُما سارةُ امْرأةُ إِبراهيم، وخرجَ معَها آزَرُ أَبو إِبراهيم مخالِفاً لإِبْراهِيم في دينِهِ، مُقِيماً على كُفْرِهِ، حتَّى وَصَلوا حَرَّانَ، فماتَ آزَرُ ومضى إِبراهيم ولُوطٌ وسارةُ إِلى الشَّام، ثمّ مَضَوْا إِلى مِصرَ ثمّ رَجَعوا إِلى الشَّام، فنَزَلَ إِبراهيم فِلَسْطين، ونَزَلَ لوطٌ الأُرْدُنَّ، فأَرسَلَهُ اللهُ تَعالى إِلى أَهْلِ سَدُومَ وما بَيْنَهما، وكانوا كُفَّاراً يَأْتونَ الفَواحِشَ، ومنها إِتْيانُ الذُكْرانِ ما سَبَقَهم بها مِنْ أَحَدٍ مِنَ العالَمِين، ويَتضارَطُون في مجالِسِهم، وقيلَ: استَغْنَتْ رِجالُهم بِالرِجالِ، ونِساؤهم بِالنساء. فلمَّا طالَ تمادِيهم في غَيِّهم ولم يَنْزَجِروا، دعَا عليهِمْ لُوطٌ فقال: {رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} سورة العنكبوت، الآية: 30. فأَجابَ اللهُ دُعاءَهُ وبَعَثَ جِبريلَ وميكائيلَ وإِسرافيلَ ـ عليهِمُ السّلامُ، لإِهلاكهم وبِشارَةِ إِبْراهيم بالوَلَدِ، فأَقْبَلوا في صُورَةِ رِجالٍ مُرْدٍ حِسانٍ، فنَزَلوا على إِبراهيم ضيفاناً وبَشَّروهُ بإِسحاقَ ويَعْقوبَ. ولمّا جاءَ آلَ لُوطٍ العذابُ في السَّحَرِ اقْتَلَعَ جبريلُ قَرَياتِ لُوطٍ الأَرْبَعَ، في كُلّ قريةٍ مئةُ أَلفٍ، ورَفَعَهُنَّ على جَناحِهِ بَينَ السَّماءِ والأَرْضِ حتى سمِعَ أَهلُ الدّنيا نُباحَ كِلابِهم وصِياحَ دِيَكَتِهِمَ، ثمّ قَلَبَهُنَّ فجعلَ عالِيَها سافِلَها، وذلك قولُهُ تعالى في سورة هود: {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ}. الآيتان: 82 و 83. وهَلَكَتْ امْرأَةُ لُوطٍ مَعَ الهالِكين.
قولُهُ: {أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الأَقْوَامَ الهالكة سالفةَ الذكر. رُسُلُهُمْ بِالحَقِّ الوَاضِحِ مِنَ اللهِ، أي: كلَّ واحدةٍ مِنْهُنَّ أَتاها رَسولٌ "بالبيات" بالمعجزات الواضحات،
قولُهُ: {فَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ} فَلَمْ يُؤْمِنُوا لَهُمْ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى عِنَادِهِمْ وَكُفْرِهِمْ، فَدَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَظْلِمهُمْ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ العَذَابِ، وَإِنَّمَا جَازَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ جَزَاءً وِفَاقاً، فليسَ مِنْ عادتِهِ سبحانَه، ما يُشابِهُ ظُلْمَ الناسِ للناسِ، كالعِقابِ بِلا جُرْمٍ. وظَلَموا أَنْفُسَهم بالعِنادِ، والمُكابَرَةِ، والتَكْذيبِ للرُسُلِ، وصَمِّ الآذانِ عَنِ الحَقِّ، فأَخَذَهُمُ اللهُ بِذلِكَ. وقد نُظِمَ الكَلامُ على أُسْلوبٍ بَديعٍ فابْتُدِئَ فيهِ بِنَفْيِ أَنْ يَكونَ اللهُ ظَلَمَهم اِهْتِماماً بِذَلِكَ لِفَرْطِ التَسْجيلِ عليهِم بِسُوءِ صُنْعِهم حتى جَعلَ ذَلكَ كأنَّه هُوَ المُفَرَّعُ وجَعلَ المُفرَّعَ بحَسَبِ المعنى في صُورةِ الاسْتِدراكِ, ونَفيِ الظُلْمِ عَنِ اللهِ تَعالى بِأَبْلَغِ وَجْهٍ، وهُوَ النَفْيُ المُقْتَرِنُ بِلامِ الجُحودِ، بعدَ فِعلِ الكَونِ المَنْفِيِّ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} وَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. حيثُ عَرَّضوها لغضبِ اللهِ تعالى وعقابِهِ بالكُفْرِ والتَكْذيبِ.
وأَثْبَتَ ظُلْمَهم أَنْفُسَهم بأَبْلَغِ وَجْهٍ أيضاً، فأَسْنَدَ إليهم بِصيغَةِ الكونِ الماضِي، الدالِّ على تَمَكُّنِ الظُلْمِ مِنْهم مُنْذُ زَمانٍ مَضَى، وصِيغَ الظُلْمُ الكائنُ في ذلكَ الزَمانِ بِصيغَةِ المُضارِعِ للدَلالَةِ على التَجَدُّدِ والتَكَرُّرِ، أَيْ: على تَكريرِ ظُلمِهم أَنْفُسَهم في الأزمِنَةِ الماضِيَةِ.
قولُهُ تَعالى: {قَوْمِ نُوحٍ} قومِ: بَدَلٌ مِنَ المَوْصولِ قبلَهُ، وهو يَحْتَمِلُ أَنْ يَكونَ بَدَلَ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ إنْ كانَ المُرادُ ب "الذينَ" ما ذُكِرَ بعدَهُ خاصَّةً، ويحتمِلُ أَنْ يَكونَ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ إنْ أُريدَ بِهِ أَعَمَّ مِنْ ذلك.
وقولُهُ: {أَتَتْهم رُسُلُهم} يجوزُ أَنْ يَعودَ هذا الضميرُ على مَنْ تَقَدَّمَ، وخَصَّهُ بعضُهم بالمؤتَفِكاتِ. وهذه الجملةُ مُفَسِّرَةٌ للنَبَأِ المُتَقَدِّمِ.
قولُه: {ليظلمهم} اللامُ حَرْفُ جرٍّ للجحودِ، و "يَظلِمَ" مضارعٌ منصوبٌ ب "أَنْ" مقدرةً والمصدرُ المسبوكُ من "أَنْ" وما بعدها مجرورٌ باللامِ مُتَعَلِّقٌ بخبرِ كانَ تقديره: "مُريداً".
وقولُه: {ولكن كانوا أنفسَهم يظلمون} أَنْفُسَهم" مفعولٌ بهِ مقدَّمٌ، وهذه الجملة معطوفةٌ على جملةِ "ما كانَ اللهُ ليظلمهم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 70 (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 4
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 21
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 37
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 51
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 68

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: