عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 53 الجمعة مايو 17, 2013 6:01 am | |
| أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا.
(53) قولُهُ تبارك وتعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مّنَ المُلْكِ} شُروعٌ في تَفصيلِ بعضٍ آخَرَ مِن قبائحِهم، والمُرادُ إنكارُ أنْ يَكونَ لهم نصيبٌ مِنَ المُلكِ، وجَحْدٌ لِما تدَّعيه اليهودُ مِنْ أنَّ المُلْكَ يَعودُ إليْهم في آخرِ الزَمان. وقيل بأنَّ المُرادَ بالمُلكِ ههنا النُبُوَّةُ، أيْ ليس لهم نَصيبٌ مِنَ النُبوَّةِ حتَّى يَلزَمَ الناسَ اتِّباعُهم وإطاعتُهم، والأوَّلُ أَظهَرُ لِقولِه تعالى شأنه: {فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ الناس} أيْ أحداً من الناسِ أو الفُقراءَ أوْ مُحَمَّداً ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ وأَتباعَه، كما رُوِيَ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنهما. وقولُه: {نَقِيراً} أيْ شيئاً قليلاً، وأصلُهُ ما أَشَرْنا إليْه آنِفاً. وهي نُقْطَةٌ دَاخِلَ نَوَاةِ التَّمْرِ لاَ وَزْنَ لَهَا. وأخرجَ ابْنُ جريرٍ مِن طَريقِ أبي العاليَةِ عن ابْنِ عبَاسٍ ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنَّه قال: هذا النقيرُ فوضعَ طَرَفَ الإبْهامِ على باطنِ السبابَةِ ثمَّ نَقَرَها. وحاصلُ المَعنى: إنَّهم لا نَصيبَ لَهم مِنَ المُلكِ لِعدَمِ اسْتِحقاقِهم لَه بلْ لِاسْتِحقاقِهم حِرْمانَه بِسببَ أنَّهم لو أُوتُوا نصيبًا منه لَما أَعْطَوا الناسَ أَقلَّ قليلٍ منهُ، ومِن حقِّ مَنْ أُوتِيَ المُلْكَ الإيتاءُ وهم ليْسوا كذلك.قولُه تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ} أم: هذه منقطعةٌ لفواتِ شرطِ الاتِّصالِ، وقد تقدَّم ذلك أولَ البقرة، فتتقدَّرُ بـ "بل" والهمزِة التي يُراد بها الإنكارُ، وكذلك هي في قولِه: {أَمْ يَحْسُدُونَ الناس} النساء: 54. وقوله: {فإذَنْ} حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ونونُها أصليةٌ، وحُذَّاق النحويين على كَتْب نونِها نوناً، وأجازَ الفرَّاءُ أنْ تُكْتَبَ ألفًا. وما قاله الفراءُ هو قياسُ الخَطِ؛ لأنَّه مبْني على الوقفِ، والوقفُ على نونِها بالألِفِ، وهي حرفٌ ينصِبُ المضارعَ بشروطٍ تقدَّمتْ، ولكنْ إذا وَقَعَتْ بعد عاطفٍ فالأحسنُ الإهمالُ. والفاءُ في "فَإِذَن" للسببيَّةِ والجزائيَّةِ لِشرْطٍ محذوفٍ هو أنْ حَصَلَ لهمْ نَصيبٌ، لا لو كان لهمْ نصيبٌ كما قدَّرَه الزمخشريُّ لأنَّ الفاءَ لا تَقَعُ في جوابِ لو سِيَّما مَعَ إذن والمُضارِعِ، ويَجوزُ أنْ تَكونَ الفاءُ عاطفةً والهمزةُ لإنكارِ المَجموعِ مِنَ المَعطوفِ والمَعطوفِ عليْهِ، بمعنى أنَّه لا يَنْبَغي أنْ يكونَ هذا الذي وَقَعَ وهو أنَّهم قد أُوتُوا نَصيبًا مِنَ المُلكِ حيثُ كانت لهم أموالٌ وبساتينُ وقصورٌ مَشيدَةٌ كالمُلوكِ ويَعْقُبُه منهمُ البُخلُ بأَقَلِّ قليلٍ، وفائدةُ "إِذَنْ" زِيادةُ الإنْكارِ والتوبيخِ. وقد قرأ ابْنُ مسعودٍ وابْنُ عبّاسٍ ـ رضيَ اللهُ عنْهُما ـ هنا بإعمالِها فحذفا النونَ من قولِه "لا يؤتون" وقال أبو البقاء: (ولم يَعْمل هنا مِنْ أجلِ حرفِ العطفِ وهو الفاء، ويَجوزُ في غيرِ القرآنِ أنْ يَعمَلَ معَ الفاءِ وليس المبطِلُ "لا" لأنَّ "لا" يتخطَّاها العاملُ). فظاهرُ هذ العبارةِ أوَّلاً أنَّ المانعَ حرفُ العطف، وليس كذلك بَلْ المانعُ التلاوةُ، ولذلك قال أخيراً "ويجوزُ في غيرِ القرآن" وقد تقدَّم قراءةُ عبدِ اللهِ وعبدِ الله. | |
|