روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 27, 2012 5:53 am

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
(285)





قولُه تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ} ولم يقلْ آمَنتَ، تعظيماً لقَدْرِهِ ـ صلى
الله عليه وسلم ـ كما تقولُ لِعظيمِ شأنٍ مِنَ النَّاسِ: قال الشيخُ، وقال الرئيسُ
وأنتَ تريدُ: قلتَ. وهذه شهادةُ الحَقِّ ـ سبحانَه ـ لِنَبيِّه ـ صلى الله عليه
وعلى آله وصحبه وسلم ـ بالإيمان، وهو أتمُّ لَهُ منْ إخبارِهِ عن نفسِه بشهادتِه.
فإيمانُ الخَلْقِ كُلُّهم بالبُرهانِ وإيمانُه بالعِيان. وقد آمنَ الخلقُ بالوسائطِ
وآمن هو ـ عليه الصلاةُ والسلام ـ بغيرِ واسطةٍ. وشتّان بين إيمان وإيمان. الكلُّ
آمنوا استدلالاً، وأنت يا محمّدُ آمنتَ وصالاً.



ولَمْ يُذْكَرْ هاهُنا اليومُ الآخرُ فيما يجب الإيمانُ
به لأمورٍ: أحدُها أنَّه نَبَّه عليه بذِكْرِه في غيرِها، والثاني: أنَّ الإيمانَ
بِكُتُبِهِ ورُسُلِه مُقْتَضٍ للإيمانِ باليومِ الآخِرِ وهو أظهَرُ عندَ المُؤمنين
مِن أنْ يُحتاجَ إلى ذِكرهِ مفَصَّلاً، ألا ترى أنَّه قال: {
آمَنَ الرَّسُولُ
بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
} فاقتَصَرَ على ذلك ولم يَصِفْهُ بما وَصَفَ بِهِ
المؤمنين بقوله: {
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} تنبيهًا على أنّ ذلك من الوضوح بحيث يُسْتَغنى
عن ذِكرِه. وهذا الجواب على قراءةِ مَنْ وقف على قولِه: {
مِنْ رَبِّهِ}.


ثمَّ إنَّ في قولِه: {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} دَلالةٌ على إيمانِهم باليومِ الآخِرِ،
وقال بعضُهم: إنَّما أُفرِدَ إيمانُ اللنَبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: {
آمَنَ الرَّسُولُ} ثم قال: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} تنبيهاً على شَرَفِ إيمانِه ـ عليه الصلاة
والسلام ـ، وأنَّه سابقٌ لإيمانِهم، وأنْ لا واسطةَ بينَه ـ عليه الصلاة والسلام ـ،
وبيْن الإيمان كما بيْن إيمانِ المؤمنين وبيْن الإيمان بِه واسطة، وقرأً ابنُ عبّاسٍ:
"وكتابه"، قال: وهو أبلغ، لقوله: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ
وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}، ولأنَّ الكِتابَ للجنس، ولأنّه
ليس مرُوِيًّا عَنِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ
كَانَتْ فِي قِصَّةِ الْمِعْرَاجِ، وهو ما جاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَمِيعُ الْقُرْآنِ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ
عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا
هَذِهِ الْآيَةَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ
الَّذِي سَمِعَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
فِي قِصَّةِ الْمِعْرَاجِ، لِأَنَّ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ كَانَتْ بِمَكَّةَ
وَهَذِهِ السُّورَةُ كُلُّهَا مَدَنِيَّةٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ
لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ قَالَ: (لَمَّا صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وبلغ في السموات فِي مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ حَتَّى
جَاوَزَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنِّي لَمْ أُجَاوِزْ
هَذَا الْمَوْضِعَ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْمُجَاوَزَةِ أَحَدٌ هَذَا الْمَوْضِعَ
غَيْرُكَ فَجَاوَزَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَتَّى بَلَغَ
الْمَوْضِعَ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ بِأَنْ سَلِّمْ
عَلَى رَبِّكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ،
فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ لِأُمَّتِهِ
حَظٌّ فِي السَّلَامِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ،
فَقَالَ جِبْرِيلُ وأهلُ السمواتِ كُلُّهُمْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَأَشْهَدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "
آمَنَ الرَّسُولُ" عَلَى مَعْنَى الشُّكْرِ أَيْ
صَدَّقَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يُشَارِكَ أُمَّتَهُ فِي الْكَرَامَةِ
وَالْفَضِيلَةِ فَقَالَ: "
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ
وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
" يَعْنِي يَقُولُونَ آمَنَّا
بِجَمِيعِ الرُّسُلِ وَلَا نَكْفُرُ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ
كَمَا فَرَّقَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ كَيْفَ
قَبُولُهُمْ بِآيِ الَّذِي أَنْزَلْتُهَا؟ وَهُوَ قَوْلُهُ: "
إِنْ تُبْدُوا مَا
فِي أَنْفُسِكُمْ
"
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
قالُوا سَمِعْنا
وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ
" والمصير يَعْنِي الْمَرْجِعَ.
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذَلِكَ: "
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً
إِلَّا وُسْعَها
"
يَعْنِي طَاقَتَهَا وَيُقَالُ: إِلَّا دُونَ طَاقَتِهَا. "
لَها مَا كَسَبَتْ" مِنَ الْخَيْرِ. "وَعَلَيْها مَا
اكْتَسَبَتْ
" مِنَ
الشَّرِّ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عِنْدَ ذَلِكَ: سَلْ تُعْطَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
رَبَّنا لَا تُؤاخِذْنا إِنْ
نَسِينا
" يَعْنِي إِنْ جَهِلْنَا "أَوْ أَخْطَأْنا" يَعْنِي إِنْ تَعَمَّدْنَا،
وَيُقَالُ: إِنْ عَمِلْنَا بِالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ:
قَدْ أُعْطِيتَ ذَلِكَ قَدْ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِكَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ.
فَسَلْ شَيْئًا آخَرَ فَقَالَ: "
رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا
إِصْرا
ً" يَعْنِي ثِقَلًا "كَما حَمَلْتَهُ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا
" وَهُوَ أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الطَّيِّبَاتِ بِظُلْمِهِمْ،
وَكَانُوا إِذَا أَذْنَبُوا بِاللَّيْلِ وَجَدُوا ذَلِكَ مَكْتُوبًا عَلَى
بَابِهِمْ، وَكَانَتِ الصَّلَوَاتُ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ، فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْ
هَذِهِ الْأُمَّةِ وَحَطَّ عَنْهُمْ بعد ما فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. ثُمَّ
قَالَ: "
رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا مَا لَا طاقَةَ لَنا بِهِ" يَقُولُ: لَا تُثْقِلْنَا مِنَ
الْعَمَلِ مَا لَا نُطِيقُ فَتُعَذِّبَنَا، وَيُقَالُ: مَا تَشُقُّ عَلَيْنَا،
لِأَنَّهُمْ لَوْ أُمِرُوا بِخَمْسِينَ صَلَاةً لَكَانُوا يُطِيقُونَ ذَلِكَ
وَلَكِنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَلَا يُطِيقُونَ الْإِدَامَةَ عَلَيْهِ "
وَاعْفُ عَنَّا" مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ "وَاغْفِرْ لَنا" وَتَجَاوَزْ عَنَّا، وَيُقَالُ:
"
وَاعْفُ عَنَّا" مِنَ الْمَسْخِ "وَاغْفِرْ لَنا" مِنَ الْخَسْفِ "وَارْحَمْنا" مِنَ الْقَذْفِ، لِأَنَّ الْأُمَمَ
الْمَاضِيَةَ بَعْضُهُمْ أَصَابَهُ الْمَسْخُ وَبَعْضُهُمْ أَصَابَهُ الْخَسْفُ
وَبَعْضُهُمُ الْقَذْفُ ثُمَّ قَالَ: "
أَنْتَ مَوْلانا" يَعْنِي وَلِيُّنَا وَحَافِظُنَا "فَانْصُرْنا عَلَى
الْقَوْمِ الْكافِرِينَ
"
فَاسْتُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ـ أَنَّهُ قَالَ: ((نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ)) وَيُقَالُ
إِنَّ الْغُزَاةَ: إِذَا خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ
وَضَرَبُوا بِالطَّبْلِ وَقَعَ الرُّعْبُ وَالْهَيْبَةُ فِي قُلُوبِ الْكُفَّارِ
مَسِيرَةَ شَهْرٍ فِي شَهْرٍ، عَلِمُوا بِخُرُوجِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا، ثُمَّ
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَعَ أَوْحَى
اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ، لِيُعْلِمَ أُمَّتَهُ بِذَلِكَ. وَلِهَذِهِ الْآيَةِ
تَفْسِيرٌ آخَرُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ
السُّورَةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَبَيَّنَ أَحْكَامَ الْحَجِّ وَحُكْمَ
الْحَيْضِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَأَقَاصِيصَ الْأَنْبِيَاءِ وَبَيَّنَ
حُكْمَ الرِّبَا، ذَكَرَ تَعْظِيمَهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: "
لِلَّهِ مَا فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ
" ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ـ ثُمَّ ذَكَرَ تَصْدِيقَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَقَالَ: "
آمَنَ الرَّسُولُ
بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
" أَيْ صَدَّقَ الرَّسُولُ بِجَمِيعِ هَذِهِ
الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَرَى ذِكْرُهَا وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ
صَدَّقُوا باللهِ وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه.



قولُه تعالى: {والمؤمنون} يجوزُ فيه وجهان، أحدُهما: أنَّه مرفوعٌ
بالفاعلِيَّةِ عطفاً على "
الرسول" فيكونُ الوقفُ هنا، ويَدُّلُّ على صحَّةِ هذا ما
قَرَأَ به أميرُ المؤمنين عليٌّ ابنُ أبي طالبٍ ـ رضي الله عنه: "
وآمن المؤمنون
فَأَظْهَر الفعلَ، ويكون قولُه: "
كلُّ آمَن" جملةً
من مبتدأٍ وخبرٍ يَدُلُّ على أنَّ جميعَ مَنْ تقدَّمَ ذِكرُه آمَنَ بما ذُكِرَ.
والثاني: أنْ يكونَ "
المؤمنون" مبتدأً، و"كلٌّ" مبتدأٌ ثانٍ،
و"
آمن" خبرٌ عَنْ "كل" وهذا المبتَدأُ
وخبرُه خبرُ الأولِ، وعلى هذا فلا بُدَّ من رابطٍ بين هذه الجملةِ وبين ما أُخبِرَ
بها عنه، وهو محذوفٌ تقديرُه: "كلُّ منهم" وهو كقولهم: "السَّمْنُ
منوانِ بدرهم" تقديرُه: منوانِ منه.



فإن قيل: هل يجوزُ أَنْ يكون "المؤمنون" مبتدأ، و"كلٌ" تأكيدٌ له، و"آمن" خبرُ هذا المبتدأ، فالجوابُ أنَّ ذلك
لا يجوزُ لأنّهم نَصُّوا على أنَّ "كُلاَّ" وأخواتِها لا تَقَعُ تأكيداً
للمعارف إلّا مضافةً لفظاً لضميرِ الأول، ولذلك رَدُّوا قولَ مَنْ قال: "إنَّ
كُلاَّ" في قراءة من قرأ: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ} غافر: 48. تأكيدٌ لاسْمِ
إنَّ.



وقرأ الأخَوَان هنا "وكتابِه" بالإِفراد
والباقون بالجمعِ. وفي سورة التحريمِ قرأ أبو عَمْرٍو وحَفْصٌ عن عاصِمٍ بالجمعِ
والباقون بالإِفراد. فتَلَخَّصَ مِنْ ذلك أنَّ الأخويْن يقرآن بالإِفرادِ في المَوْضِعيْن،
وأنَّ أبا عَمْرٍو وحَفْصًا يَقرآنِ بالجَمعِ في المَوْضِعيْن، وأنَّ نافعاً وابنَ
كثيرٍ وابنَ عامِرٍ وأبا بَكْرٍ عن عاصِمٍ قرؤوا بالجمعِ هنا وبالإِفرادِ في
التحريم.



فأمَّا الإِفرادُ فإنَّه يُرادُ به الجِنْسُ لا كتابٌ
واحدٌ بعينِه، وعن ابنِ عباس: (الكتاب أكثر من الكتب) ويكون الواحدُ أكثرَ من الجَمعِ
إذا أُريد بالواحدِ الجنسُ.



قال الفارسي: هذا الإِفرادُ ليس كإفراد المصادر وإنْ
أريدَ بها الكثيرُ كقوله تعالى: {وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً} الفرقان: 24. ولكنّه
كما تُفْرَدُ الأسماءُ التي يُرَاد بها الكثرةُ نحو: كَثُرَ الدينارُ والدرهمُ،
ومجيئها بالألف واللامِ أكثرُ من مجيئها مضافةً، ومن الإِضافةِ: {وَإِن تَعُدُّواْ
نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا} إبراهيم: 34 وفي الحديث: ((مَنَعَتِ العراقُ
درهمَها وقَفِيزها)) يُراد به الكثيرُ، كما يُراد بما فيه لامُ التعريفُ.



وقيل: المرادُ بالكتابِ هنا القرآن فيكونُ المرادُ
الإِفرادَ الحقيقي. وأمَّا الجمعُ فلإِرادةِ كلِّ كتابٍ، إذْ لا فرْقَ بين كتابٍ وكتابٍ،
وأيضاً فإنَّ فيه مناسبةً لِما قبلَه وما بعدَه من الجمعِ.



ومَنْ قَرَأ بالتوحيدِ في "التحريم" فإنّما
أراد به الإِنجيلَ كإرادة القرآنِ هنا، ويَجوزُ أنْ يُرادَ به أيضاً الجنسُ. وقد
حَمَل على لفظ "
كُلّ" في قوله: "آمن" فَأَفْرَدَ الضميرَ وعلى معناه فجمعَ في قوله: "وقالوا سَمِعْنَا". قال الزمخشري: ووحَّدَ ضميرَ "كلّ" في "آمَنَ" على معنى: كُلُّ واحدٍ منهم آمَنَ،
وكان يجوزُ أن يُجْمَعَ كقولِه تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} النمل: 87.



وقرأ يَحْيى بنُ يَعْمُر ـ ورُويتْ عن نافعٍ ـ "وكُتْبِهِ
ورُسْلِهِ" بإسكانِ العينِ فيهما. ورُوي عن الحسن وأبي عَمْرٍو تَسكينُ سِينِ
"رُسْله".



قوله: {لاَ نُفَرِّقُ} هذه الجملةُ منصوبةٌ بقولٍ محذوفٍ تقديرُهُ:
يقولون لا نُفرِّق، ويَجوزُ أنْ يكونَ التقديرُ: يقول، يَعني يَجوزُ أَنْ يراعى
لفظُ "
كلّ" تارةً
ومعناها أخرى في ذلك القولِ المقدرِ، فَمَنْ قَدَّر "
يقولون" راعى معناها،
وَمَنْ قدَّر "يقول" راعى لفظَها، وهذا القَولُ المُضْمَرُ في محلِّ نصْبٍ
على الحالِ ويَجوزُ أَنْ يكونَ في محَلِّ رفعٍ لأنَّه خبرٌ بعد خبرٌ.



والعامَّةُ على "لا نفرِّقُ" بنون الجمعِ. وقرأ ابنُ جُبيْرٍ وابنُ
يَعْمُرٍ وأبو زَرْعَةَ ويَعقوبُ، ورُويت عن أبي عَمْرٍو أيضاً: "لا
يُفَرِّقُ" بياء الغيْبةِ حمْلاً على لفظِ "
كل".


وروى هارونُ أنّ
في مُصحَفِ عبدِ اللهِ "لا يُفَرِّقون" بالجَمْعِ حَمْلًا على معنى "
كلٌّ"، وعلى هاتيْن القراءتيْن فلا حاجةَ
إلى إضمارِ قولٍ، بل الجملةُ المنفيَّةُ بنفسِها: إمَّا في محلِّ نصبٍ على الحالِ،
وإمَّا في محلِّ رفعٍ خبراً ثانياً كما تقدَّم في ذلك القولِ المضمرِ.



قوله: {بَيْنَ أَحَدٍ} متعلِقٌ بالتفريقِ، وأُضيف "بين" إلى "أَحَدٍ" وهو مفرد، وإنْ كان يقتَضي إضافَتَه
إلى متعدد نحو: "بين الزيدين" أو "بين زيد وعمرو"، ولا يجوزُ بين
زيد ويَسْكُت: إمَّا لأنَّ "أحداً" في معنى العموم وهو "
أحد" الذي لا يُسْتعمل إلّا في الجَحْدِ
ويُرادُ به العُمومُ، فكأنّه قِيلَ: لا نفرِّقُ بين الجميعِ من الرسل. كقوله : {فَمَا
مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} الحاقة: 47، ولذلكَ دَخَل عليه "
بيْن" وقال الواحدي: و"بين" تقتضي شيئيْن فَصاعداً، وإنّما جاز
ذلك مع "
أحدٍ" وهو
واحدٌ في اللفظِ، لأنَّ "أحداً" يجوزُ أَنْ يُؤَدَّى عن الجميعِ، قال
الله تعالى: {فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} وفي الحديث: ((ما
أُحِلَّتْ الغنائمُ لأحدٍ سُودِ الرؤوسِ غيرِكم)) يَعني فوصَفَه بالجمع، لأنَّ المُرادَ
به جمعٌ. قال: "وإنَّما جازَ ذلكَ لأنّ "أحداً" ليس كرجل يَجوزُ أنْ
يُثَنَّى ويُجْمع، وقولُك: "ما يَفعَلُ هذا أحدٌ" تُريدُ ما يَفعلُهُ
النَّاسُ كلُّهم، فلمّا كان "أحد" يؤدَّى عن الجميع جاز أَنْ يُسْتعمل
معه لفظُ "بَيْن" وإنْ كان لا يجوز أَنْ تقولَ: "لا نفرِّقُ بين
رجلٍ منهم". وقد رَدَّ بعضُهم هذا التأويلَ فقال: وقيل إنَّ "أحداً"
بمعنى جميع، والتقديرُ: بين جميعِ رسلهِ ويَبْعُدُ عندي هذا التقديرُ ، لأنه لا
ينافي كونَهم مفرِّقين بين بعضِ الرسلِ، والمقصودُ بالنفيِ هو هذا؛ لأنَّ اليهودَ
والنَّصارى ما كانوا يُفَرِّقون بين كلَّ الرسلِ بل البعضُ. وهو محمد ـ صلى الله
عليه وسلَّمَ ـ فَثَبَتَ أنَّ التأويلَ
الذي ذَكروه باطلٌ، بل معنى الآية: لا نُفرِّق بين أحدٍ من رسلِهِ وبيْن غيرهِ في
النُّبُوَّةِ، وهذا وإنْ كان في نفسِه صحيحاً إلَّا أنَّ القائلين بكونِ "أحد"
بمعنى جميع، إنّما يُريدون في العمومِ المُصَحِّح لإِضافة "بين" إليه،
ولذلِك يُنَظِّرونَه بقولِه تعالى: {فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ} وبقوله:



إذا أمورُ الناسِ دِيكَتْ دُوْكاً ....................
لا يَرْهَبُون أحداً رَأَوْكا



فقال: "رَأَوْكَ" اعتباراً بمعنى الجميعِ
المفهومِ من "أحد.



وأمَّا لأنَّ ثَمَّ معطوفاً محذوفاً لدَلالةِ المعنى
عليه، والتقديرُ: "لا نفرِّقُ بين أحدٍ من رسلهِ وبين أحدٍ، وعلى هذا فـ
"
أحد" هنا ليس الملازمَ للجَحْدِ ولا هَمزتُه
أصليةٌ بَل هو "أحد" الذي بمعنى واحد وهمزتُه بدلٌ من الواو، وحَذْفُ
المعطوفِ كثيرٌ جداً نحو:
{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} النحل: 81 أي:
والبرد، وقوله:



فما كانَ بين الخيرِ لو جاءَ سالماً ............ أبو
حُجُرٍ إلاَّ ليالٍ قلائِلُ



أي: بينَ الخيرِ وبيني.


و{مِنْ رسله} في محلِّ جرٍ لأنَه صفةٌ لـ "أحد"، والتقدير: لأحدِ رسولِه. و"قالوا" عطفٌ على "آمَنَ"، وقد تقدَّم أنّه حَمَل على معنى "كُلّ".


قوله: {غُفْرَانَكَ} منصوبٌ: إمَّا على المَصدريَّةِ بإضمارِ
فعلِه، يقال: "غفرانَك لا كُفْرانَك" أي: نَسْتغفرك ولا نَكْفُرُك،
فقدَّره جُمْلَةً خبريَّةً، وهذا ليس مذهبَ سِيبَوَيْهِ، إنَّما مَذهبُه تقديرُ
ذلك بجملةٍ طلبيَّةٍ كأنَّه قيل: "اغفْر غفرانَك". والظاهر أنَّ هذا من
المَصادرِ اللازمِ إضمارُ عاملِها لِنِيابتِها عنه.



والمصيرُ: اسمُ مصدرٍ مِنْ صارَ يصير أي: رَجَعَ، وقد
تقدَّم لك في قوله: {المحيض} البقرة: 222 ] أنَّ في المَفْعِل من الفعلِ المُعْتَلِّ
العينِ بالياءِ ثلاثةَ مَذاهبَ وهي: جريانُه مَجْرَى الصحيح، فيُبْنى اسمُ المَصْدَرِ
منه على مَفْعَل بالفتح، والزمانُ والمكانُ بالكَسْرِ نحو: ضَرَبَ يَضْرِبَ
مَضْرِباً، أو يُكْسَرُ مُطْلَقاً، أو يُقْتَصَرُ فيه على السَّماعِ فلا يَتَعَدَّى
وهو أعدلُهَا، ويُطلَق المصيرُ على المعنى، ويُجْمَعُ على مُصْران كرغيفَ ورُغْفان،
ويُجْمَع مُصْران على مَصارين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 285
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية : 217
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية:232
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 20
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 44
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 261

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: