عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 257 الخميس أكتوبر 04, 2012 5:35 pm | |
| اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257) قولُه سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يَهْدِي مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ، فَيُخْرِجُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ وَالشَّكِّ وَالرَّيْبِ إِلَى نور الحق الواضح الْجَلِيِّ الْمُبِينِ السَّهْلِ الْمُنِيرِ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ إِنَّمَا وليهم الشيطان يزين لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ وَيُخْرِجُونَهُمْ، وَيَحِيدُونَ بِهِمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ إِلَى الْكُفْرِ وَالْإِفْكِ، والْوَلِيُّ النَّاصِرُ يَنْصُرُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وكلمة "وليّ" مِن "وَلِيَ" أي: جاءَ الشيءُ بعدَ الشيءِ متوالياً من غير انقطاع؛ فهو الأقربُ له، وكلمةُ « وليّ » تشمل الـ "مولى" والـ "والي"، فـ {وَلِيُّ الذين آمَنُواْ} أي هو الذي يتولى شئونهم وأمورهم، وتطلق "مولى" على السيد وعلى خادمه، ولذلك يقول الشاعر: مولاك يا مولاي طالب حاجة ... أي عبدك يا سيدي طالب حاجة، فإذا كان العبد في حاجة إلى شيءٍ فإنَّ أوّلَ من ينصره هو سيِّدُه، وإذا نادى السيِّدُ، فإنّ أوَّلَ مجيب له هو خادمه. و{الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ}أي مُحبُّهم ومُجيبُهم ومُعينُهم، وهو ولِيُّهم بما أوضَحَ لهم من الأَدِلَّة على الإيمان، ؟ هل تركنا لنبحث عن الأدلة أو أنه لفتنا إلى الأدلة؟ وتلك هي ولايةٌ من ولاياتِ اللهِ. فقبل أن نؤمنَ أوجدَ لنا الأدِلَّةَ، وعندما آمنا وَالانَا بالمعونة، وإن حاربْنا خصومَنا كان معنا، وبعد ذلك تستمر الولايةُ إلى أنْ يجزيَنا الجزاءَ الأوفى في الآخرة، هل هناك حُب أكثر من هذا وهل ثَمَّةَ ولايةٌ أنفع وأعظم؟. وفسَّرَ الحسنُ الإخراج هنا بالمنع فالمعنى يَمنعهم عن أنْ يَدخُلوا في شيءٍ من الظلمات قَالَ: {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ}. محمد: 11. قَالَ قَتَادَةُ: الظُّلُمَاتُ الضَّلَالَةُ، وَالنُّورُ الْهُدَى، وَبِمَعْنَاهُ قَالَ الضَّحَّاكُ والربيع. وقال مجاهد وعبدة ابن أَبِي لُبَابَةَ: قَوْلُهُ: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ آمَنُوا بِعِيسَى فَلَمَّا جَاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرُوا بِهِ، فَذَلِكَ إِخْرَاجُهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَكَأَنَّ هَذَا الْمُعْتَقِدَ أَحْرَزَ نُورًا فِي الْمُعْتَقَدِ خَرَجَ مِنْهُ إِلَى الظُّلُمَاتِ، وَلَفْظُ الْآيَةِ مُسْتَغْنٍ عَنْ هَذَا التَّخْصِيصِ، بَلْ هُوَ مُتَرَتِّبٌ فِي كُلِّ أُمَّةٍ كَافِرَةٍ آمَنَ بَعْضُهَا كَالْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ فَاللَّهُ وَلِيُّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ وُجُودِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّاعِي الْمُرْسَلِ فَشَيْطَانُهُ مُغْوِيهِ، كَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنَ الْإِيمَانِ إِذْ هُوَ مَعَهُ مُعَدٌّ وَأَهْلٌ لِلدُّخُولِ فِيهِ، وَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالدُّخُولِ فِي النَّارِ لِكُفْرِهِمْ، عَدْلًا مِنْهُ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ. وقال العَلّامَةُ الألوسيُّ رحمَه اللهُ في تفسيره: والأَوْلى أنْ يُحمَل الظلماتُ على المعنى الذي يَعُمُّ سائرَ أنواعِها ويُحمَلَ النورُ أيضاً على ما يَعُمُّ سائرَ أنواعِه، ويُجعَلَ في مُقابلةِ كلِّ ظُلمةٍ مَخْرجٌ منها ونورٌ مُخْرَجٌ إليه حتّى إنّه ـ سبحانه ـ لَيُخرِجُ مَن شاء مِنْ ظُلمةِ الدليلِ إلى نورِ العيان، ومن ظلمة الوحشةِ إلى نورِ الوَصْلَةِ، ومِن ظُلمةِ عالَمِ الأشباحِ إلى نورِ عالَمِ الأَرواح إلى غير ذلك. وَلِهَذَا وَحَّدَ تَعَالَى لَفْظَ "النُّورِ" وَجَمَعَ "الظُّلُمَاتِ" لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَالْكُفْرَ أَجْنَاسٌ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ كَمَا قَالَ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فتقرق بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تتقون}، الأنعام: 153. وقال تعالى: {وَجَعَلَ الظلمات والنور}، الأنعام: 1. وقال تعالى: {عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال}، ق: 17. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي فِي لَفْظِهَا إِشْعَارٌ بِتَفَرُّدِ الْحَقِّ، وَانْتِشَارِ الْبَاطِلِ وتّشَعُّبِه. أو هو إشارة إلى القلة المُقبِلَةِ على الله والكثرة المعرضة. يقول جَلَّ شأنُه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الأنعام: 116. قولُه تعالى: {والذين كفروا أَوْلِيَآؤُهُمُ} الذين مبتدأٌ أوّلُ، وأولياؤهم مبتدأٌ ثانٍ، والطاغوتُ: خبرُه، والجملةُ خبرُ الأول. وقرأ الحسن "الطواغيت" بالجمعِ، وإنْ كان أصلُه مصدراً لأنّه لمَّا أُطلِقَ على المعبودِ مِنْ دونِ اللهِ اختلفَت أنواعُه، ويؤيِّد ذلك عَوْدُ الضمير مَجْمُوعاً من قولِهِ: "يُخْرِجونهم".وقولُه: {يُخْرِجُونَهُمْ} هذه الجملةُ وما قبلَها من قولِهِ: "يُخْرِجُهم" الأحْسنُ فيها ألاَّ يكونَ لها محلٌّ من الإِعراب، لأنّهما خَرَجا مخرجَ التفسيرِ للولاية، ويجوزُ أن يكونَ "يُخْرِجُهم" خبراً ثانياً لقولِهِ: "الله" وأنْ يكونَ حالاً من الضمير في "وليُّ"، وكذلك "يُخْرجونهم" والعامِلُ في الحالِ ما في معنى الطاغوت، و"من" و"إلى" متعلقان بفعلي الإِخراج. | |
|