عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 254 الإثنين أكتوبر 01, 2012 1:28 pm | |
| يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) ظاهرُ الآيةِ الوُجوبُ، وقد حَمَلَهُ جَماعةٌ على صَدَقَةِ الفِطْرِ لذلك ولِما في آخرِ الآيةِ مِنَ الوَعيدِ الشديدِ، وقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هَذِهِ الْآيَةُ تَجْمَعُ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَالتَّطَوُّعَ. وهو صَحِيحٌ، وَلَكِنْ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ فِي ذِكْرِ الْقِتَالِ وَأَنَّ اللَّهَ يَدْفَعُ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي صُدُورِ الْكَافِرِينَ يَتَرَجَّحُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا النَّدْبَ إِنَّمَا هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: {وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. أَيْ فَكَافِحُوهُمْ بِالْقِتَالِ بِالْأَنْفُسِ وَإِنْفَاقِ الْأَمْوَالِ. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ إِنْفَاقُ الْأَمْوَالِ مَرَّةً وَاجِبًا وَمَرَّةً نَدْبًا بِحَسَبِ تَعَيُّنِ الْجِهَادِ وَعَدَمِ تَعَيُّنِهِ. وَأَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالْإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَذَّرَهُمْ مِنَ الْإِمْسَاكِ إلى أن يجئ يَوْمٌ لَا يُمْكِنُ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا اسْتِدْرَاكُ نَفَقَةٍ، كَمَا قَالَ: {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ}. المنافقون: 10. وَالْخُلَّةُ: خَالِصُ الْمَوَدَّةِ، مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَخَلُّلِ الْأَسْرَارِ بَيْنَ الصَّدِيقَيْنِ. كما قيل: الحبيب لوُصولِ كلِّ واحدٍ منهُما إلى حَبَّةِ قلبِ الآخر. قال الشاعر:قد تخللتَ مَسْلَكَ الروح منّي .............. وبذا سُمِّيَ الخليلُ خليلاًوَالْخِلَالَةُ وَالْخَلَالَةُ وَالْخُلَالَةُ: الصَّدَاقَةُ وَالْمَوَدَّةُ، قَالَ النابغة الجعدي:وَكَيْفَ تُوَاصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ...................... خِلَالَتُهُ كَأَبِي مَرْحَبَوَأَبُو مَرْحَبٍ كُنْيَةُ الظِّلِّ، وَيُقَالُ: هُوَ كُنْيَةُ عُرْقُوبٍ الَّذِي قِيلَ فِيهِ: مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ. وَالْخُلَّةُ (بِالضَّمِّ أَيْضًا): مَا خَلَا مِنَ النَّبْتِ، يُقَالُ: الْخُلَّةُ خُبْزُ الْإِبِلِ وَالْحَمْضُ فَاكِهَتُهَا. وَالْخَلَّةُ (بِالْفَتْحِ): الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ. وبهذا النَّظَرِ قيل: إنّ قولَه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} وهو افتقارُه إلى اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ في كلِّ حالٍ، كما أَخْبَرَ ـ سُبحانَه ـ عن موسى بقوله: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} وبهذا الفقرِ أَشْرَفُ غِنًى.وَالْخَلَّةُ: ابْنُ مَخَاضٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ. يُقَالُ: أَتَاهُمْ بِقُرْصٍ كَأَنَّهُ فِرْسِنُ (عظمٌ قليلُ اللَّحمِ) خَلَّةٍ. وَالْأُنْثَى خَلَّةٌ أَيْضًا. وَيُقَالُ لِلْمَيِّتِ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ خَلَّتَهُ، أَيِ الثُّلْمَةَ الَّتِي تَرَكَ. وَالْخَلَّةُ: الْخَمْرَةُ الْحَامِضَةُ. وَالْخِلَّةُ (بِالْكَسْرِ): وَاحِدَةُ خِلَلِ السُّيُوفِ، وَهِيَ بَطَائِنُ كَانَتْ تُغْشَى بِهَا أَجْفَانُ السُّيُوفِ مَنْقُوشَةٌ بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ، وَالْخِلَّةُ أَيْضًا: مَا يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ. فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَلَّا خُلَّةَ فِي الْآخِرَةِ وَلَا شَفَاعَةَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ. وَحَقِيقَتُهَا رَحْمَةٌ مِنْهُ تَعَالَى شَرَّفَ بِهَا الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَشْفَعَ.والخَلَلُ انفِراجُ الشيئين، يُقال: خَلَلْتُه: أي أصبتُ خَلَلَهُ، فاستُعير منه الخَليلُ، إمّا لِتَخَلُّلِ كلِّ واحدٍ منهما قلبَ الآخرِ أو لأنه تخلل أحوال الآخر، وعرف سرائره.قوله تعالى: {أَنْفِقُواْ} مفعولُه محذوفٌ، تقديرُه: شيئاً ممَّا رزقناكم فعلى هذا {ممَّا رزقناكم} متعلِّقٌ بمحذوفٍ في الأصلِ لوُقوعِه صِفَةً لذلك المفعولِ، وإنْ لم تقدِّرْ مفعولاً محذوفاً فتكونُ متعلقةً بنفسِ الفعلِ. و"ما" يجوزُ أَنْ تكونَ بمعنى الذي، والعائدُ محذوفٌ أي: رزقناكُموه، وأن تكونَ مصدريةً فلا حاجةَ إلى عائدٍ، ولكن الرزقَ المرادَ به المصدرُ لا يُنفقُ، فالمُرادُ به اسمُ المفعول، وأن تكونَ نكرةً موصوفةً. قوله: {مِّن قَبْلِ} متعلِّقٌ أيضاً بأنفِقوا، وجاز تعلُّقُ حرفيْن بلفظٍ واحدٍ بفعلٍ واحدٍ لاختلافِهما معنىً؛ فإنَّ الأُولى للتبعيضِ والثانيةَ لابتداءِ الغايةِ، و"أَنْ يأتي" في محلِّ جرٍّ بإضافةِ "قبل" إليه أي: من قبلِ إتْيانِه.وقولُه: {لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ} إلى آخره: الجملةُ المنفيَّةُ صفةٌ لـ "يوم" فمحلُّها الرفعُ. وقُرأ نافعُ وابنُ عامرٍ والكوفيُّونَ "بَيْعٌ" وما بعدَه مرفوعاً منوناً، وقرأ بالفتح أبو عَمْرٍو وابنُ كَثيرٍ، وتوجيهُ ذلك، مذكورٌ في قوله: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} البقرة: 197. فليُنْظر ثَمَّةَ.والخُلَّة: الصداقةُ كأنّها تَتَخَلَّلُ الأعضاءَ، أي: تدخُلُ خِلالَها، أي وَسْطَها. والخُلَّة: الصديقُ نفسُه، قال امرؤ القيس: وكان لها في سالفِ الدهرِ خُلَّةً ........ يُسارِقُ بالطَّرْفِ الخِباءَ المُسَتَّراوكأنه من إطلاقِ المصدرِ على العينِ مبالغةً، أو على حذفِ مضافٍ، أي: كان لها ذو خُلَّة. والخليلُ: الصديقُ لمداخَلَتِه إياك، ويَصْلُح أَنْ يكونَ بمعنى فاعلٍ أو مفعولٍ، وجَمْعُه {خُلاَّن}، وفُعْلان جمعُ فَعيلٍ نُقِل في الصفات، وإنّما يَكْثرُ في الجوامِدِ نحو: "رُغفانٍ. وقوله: {هم الظالمون} يجوزُ أن يكونَ "هم" فصلاً أو مبتدأً وما بعده خبرٌ، والجملةُ خبرُ الأولِ. | |
|