عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 240 الإثنين سبتمبر 24, 2012 5:53 pm | |
|
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(240)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً} عَوْدٌ إلى بيانِ بقيَّةِ الأحكامِ المُفصَّلَةِ فيما سَبَقَ، أي يَموتون، يُسمّى المُشارِفُ إلى الوفاةِ مُتَوفًّى تَسْمِيَةَ الشيء باسمِ ما يؤولُ إليه، وقَرينةُ المَجازِ امْتِناعُ الوصيَّةِ بعدَ الوفاةِ، وذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَانَتْ تَجْلِسُ فِي بَيْتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَوْلًا، وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْمَنْزِلِ، فَإِنْ خَرَجَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَرَثَةِ جُنَاحٌ فِي قَطْعِ النَّفَقَةِ عَنْهَا، ثُمَّ نُسِخَ الْحَوْلُ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ، وَنُسِخَتِ النَّفَقَةُ بِالرُّبُعِ وَالثُّمُنِ فِي سُورَةِ "النِّسَاءِ". قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ وَالرَّبِيعُ. وَفِي السُّكْنَى خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي"الْبَقَرَةِ": {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ـ إِلَى قَوْلِهِ ـ غَيْرَ إِخْراجٍ} قَدْ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلَمْ تَكْتُبْهَا أَوَ تَدَعُهَا؟ قَالَ. يا بنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُحْكَمَةٌ لَا نَسْخَ فِيهَا، وَالْعِدَّةُ كَانَتْ قَدْ ثَبَتَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ وَصِيَّةً مِنْهُ سُكْنَى سَبْعَةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ شَاءَتِ الْمَرْأَةُ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ زَالَ حُكْمُهُ بِالنَّسْخِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إِلَّا مَا قَوَّلَهُ الطَّبَرِيُّ مُجَاهِدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ عَلَى الطَّبَرِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْحَوْلَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ عِدَّتَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ" وَصِيَّةً" أَيْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجِ بِلُزُومِ الْبُيُوتِ سنة ثم نسخ.
ومَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، فقد خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً} قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تُعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبَةً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً ـ إِلَى قَوْلِهِ ـ مِنْ مَعْرُوفٍ} قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وهو قول الله تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} إِلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عِنْدَ رَأْسِ الْحَوْلِ)). الْحَدِيثَ. وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِمُلَازَمَةِ الْبُيُوتِ حَوْلًا ثُمَّ نُسِخَ بِالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ، هَذَا ـ مَعَ وُضُوحِهِ فِي السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمَنْقُولَةِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ ـ إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْآيَةِ. فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ}. مَنْسُوخٌ كُلُّهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ نَسَخَ الْوَصِيَّةَ بِالسُّكْنَى لِلزَّوْجَاتِ فِي الْحَوْلِ، إِلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً مَهْجُورَةً جَاءَتْ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا، وَلَا قَالَ بِهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ، فَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وقد نَزَلَتْ هذه الآيةُ فى رجلٍ من الطائفِ يُقال له حَكيمُ بنُ الحارِثِ، هاجر إلى المَدينةِ ولَه أولادٌ ومعه أبواه وامرأتُه، ومات فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ.
قولُه: {وصيَّةً لأزواجهم} أَيْ فَلْيُوصُوا وَصِيَّةً. ثُمَّ الْمَيِّتُ لَا يُوصِي، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ إِذَا قَرُبُوا مِنَ الْوَفَاةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَوْصَى اللَّهُ وَصِيَّةً.
قولُه: {مَتاعاً إلى الحول} أَيْ مَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا: أَوْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ ذَلِكَ مَتَاعًا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالْمَتَاعُ هَاهُنَا نَفَقَةُ سَنَتِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْراجٍ} مَعْنَاهُ لَيْسَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ وَوَارِثِي الْمَنْزِلِ إِخْرَاجُهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ خَرَجْنَ}. مَعْنَاهُ بِاخْتِيَارِهِنَّ قَبْلَ الْحَوْلِ. {فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} أَيْ لَا حَرَجَ عَلَى أَحَدٍ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُقَامُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا حَوْلًا. وَقِيلَ: أَيْ لَا جُنَاحَ فِي قَطْعِ النَّفَقَةِ عَنْهُنَّ، أَوْ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي التَّشَوُّفِ إِلَى الْأَزْوَاجِ، إِذْ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُنَّ مُرَاقَبَتُكُمْ أَيُّهَا الْوَرَثَةُ، ثُمَّ عَلَيْهَا أَلَّا تَتَزَوَّجَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْحَوْلِ، أَوْ لَا جُنَاحَ فِي تَزْوِيجِهِنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ قَالَ: {مِنْ مَعْرُوفٍ} وَهُوَ مَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} صِفَةٌ تَقْتَضِي الْوَعِيدَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَالَفَ الْحَدَّ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ، فَأَخْرَجَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ لَا تُرِيدُ الْخُرُوجَ. {حكيم} أَيْ مُحْكِمٌ لِمَا يُرِيدُ مِنْ أُمُورِ عِبَادِهِ.
قوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ} فيه ثمانيةُ أوجُهٍ، أحدُها: أنّه مُبتدأٌ و{وصيَّةً} مبتدأٌ ثانٍ ، وسَوَّغَ الابتداءَ بها كونُها موصوفةً تقديراً، إذ التقديرُ: "وصيةٌ من الله" أو "منهم" على حَسَبِ الخلافِ فيها: أهي واجبةٌ مِن اللهِ أو مندوبةٌ لِلأزواج؟ و{لأزواجِهم} خبرُ المبتدأ الثاني فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، والمبتدأُ الثاني وخبرُهُ خبرُ الأولِ. وفي هذه الجملةِ ضميرُ الأولِ. وهذه نظيرُ قولِهِم: "السمنُ مَنَوانِ بدرهمٍ" تقديرُهُ: مَنَوانِ منه، وجَعَلَ ابنُ عطية المسوِّغَ للابتداء بها كونَها في موضِعِ تخصيصٍ. قال: كما حَسُنَ أَنْ يرتفعَ: "سلامٌ عليك" و"خيرٌ بين يديك" لأنّها موضعُ دعاءٍ. والثاني: أنْ تَكونَ "وصية" مبتدأٌ، و"لأزواجِهم" صفتَها، والخبرُ محذوفٌ، تقديرُهُ: فعليهم وصيةٌ لأزواجِهم، والجملةُ خبرُ الأول. والثالث: أنّها مرفوعةٌ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: كُتِبَ عليهم وصيةٌ و"لأزواجهم" صفةٌ، والجملةُ خبرُ الأولِ أيضاً. ويؤيِّد هذا قراءةُ عبدِ الله: "كُتِبَ عليهم وصيةٌ" وهذا من تفسيرِ المَعنى لا الإِعرابِ، إذ ليس هذا من المواضعِ التي يُضْمَرُ فيها الفعْلُ. الرابع: أن "الذينَ" مبتدأٌ على حَذْفِ مضافٍ من الأولِ تقديرُهُ: ووصيةُ الذين. والخامسُ: أنَّه كذلك إلا أنّه على حَذْفِ مُضافٍ من الثاني: تقديرُهُ: "والذين يُتَوَفَّوْنَ أهلُ وصيةٍ" ذكر هذين الوجهين الزمخشري. ولا ضرورةَ تدعو إلى ذلك.
وهذه الأوجُهُ الخمسةُ فيمنَ رَفَعَ "وصية"، وهم ابنُ كثيرٍ ونافعُ والكسائيُّ وأبو بكرٍ عن عاصمٍ، والباقونَ يَنْصِبُونها، وارتفاعُ "الذين" على قراءتهم فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنّه فاعلُ فعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: وَلْيُوصِ الذين، ويكون نصبُ "وصية" على المصدر. والثاني: أنّه مَرفوعٌ بفعلٍ مبنيٍّ للمَفعولِ يَتعدَّى لاثنين، تقديرُه: وأُلْزِم الذين يُتَوَفَّوْنَ، ويكونُ نصبُ "وصية" على أنّها مفعولٌ ثانٍ لألْزِمَ، ذكره الزمخشري. وهو والذي قبلَه ضعيفان؛ لأنّه ليس من مواضعِ إضمارِ الفِعلِ. والثالثُ: أنَّه مبتدأٌ وخبرُهُ محذوفٌ، وهو الناصبُ لـ "وصيةً" تقديرُهُ: والذين يُتَوَفَّوْنَ يُوصُون وصيةً، وقَدَّرَهُ ابنُ عطية: "لِيوصوا"، و"وصيةً" منصوبةٌ على المصدرِ أيضاً. وفي حرفِ عبد الله: "الوصيةُ" رفعاً بالابتداءِ والخبرُ الجارُّ بعدها، أو مضمرٌ أي: فعليهم الوصيةُ: والجارُّ بعدَها حالٌ أو خبرٌ ثانٍ أو بيان.
قوله: {مَّتَاعاً} في نصبِهِ سبعةُ أوجهٍ، أحدُها : أنَّه منصوبٌ بلفظِ "وصية" لأنّها مصدرٌ منوّنٌ، ولا يَضُرُّ تأنيثُها بالتاءِ لبنائِها عليها، فهي كقولِهِ:
فلولا رجاءُ النصر مِنْكَ ورهبةٌ ............ عقابَك قد كانوا لنا كالموارِدِ
والأصلُ: وصيةٌ بمتاعٍ، ثم حُذِفَ حرفُ الجَرِّ اتساعاً، فَنُصِبَ ما بعدَه ،
وهذا إذا لم تَجْعَلِ "الوصية" منصوبةً على المصدرِ، لأنَّ المصدرَ
المؤكِّد لا يعملُ، وإنّما يَجيءُ ذلك حالَ رفعِها أو نصبِها على المفعولِ.
والثاني: أنّه منصوبٌ بفعلٍ: إمَّا من لفظِهِ أي: مَتِّعوهنَّ مَتاعاً أي: تمتيعاً، أو من غيرِ لفظهِ أي: جَعَل اللَّهُ لهنَّ متاعاً. والثالث: أنَّه صِفةٌ لوصيةٍ، والرابع: أنّه بدلٌ منها. الخامس: أنّه منصوبٌ بما نصبَها أي: يُوصُون متاعاً، فهو مصدرٌ أيضاً على غيرِ الصَدرِ كـ "قَعَدْتُ جُلوساً"، هذا فيمن نَصَبَ "وصية". السادس: أنّه حالٌ من المُوصين: أيْ مُمَتَّعين أو ذوي مَتاعٍ. السابع: أنّه حالٌ من أزواجهم، أي: ممتعاتٍ أو ذواتِ متاع، وهي حالٌ مقدَّرة إنْ كانتِ الوصيّةُ من الأزواج.
وقرأ أُبَيّ: "متاعٌ لأزواجِهِم" بدلَ "وصيةٌ"، ورُوي عنه "فمتاعٌ"، ودخولُ الفاءِ في خبرِ الموصولِ لشبهِهِ بالشرطِ، وينتصِبُ "متاعاً" في هاتين الروايتين على المصدرِ بهذا المصدر، فإنّه بمعنى التمتيع، نحو: "يعجبني ضربٌ لك زيداً ضرباً شديداً" ونظيرُه: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً} الإسراء: 63. و"إلى الحَوْلِ" متعلِّقٌ بـ "مَتاع" أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له.
قوله: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} في نصبِهِ ستةُ أوجهٍ، أحدُها: أنّه نعتٌ لـ "متاعاً". الثاني: أنّه بدلٌ منه. الثالث: أنّه حالٌ من الزوجات أي: غيرَ مخرجاتٍ. الرابع: أنه حالٌ من الموصين، أي: غيرَ مُخْرَجين. الخامس: أنّه منصوبٌ على المصدرِ تقديرُهُ: لا إخراجاً. السادس: أنّه على حذفِ حرفِ الجرِّ، تقديرُهُ: مِنْ غيرِ إخراجٍ، وفيه نظر.
قوله: {فِي مَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ} هذان الجارَّان يتعلَّقان بما
تعلَّق به خبرُ "لا" وهو "عليكم" من الاستقرارِ، والتقديرُ: لا جُنَاح مستقرٌّ عليكم فيما فَعَلْنَ في أنفسِهِنَّ. و"ما" موصولةٌ اسميَّةٌ والعائدُ محذوفٌ تقديرُهُ: فَعَلْنَهُ. و"مِنْ معروف" متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنّه حالٌ من ذلك العائِد المحذوفِ تقديرُهُ. فيما فَعَلْنَه كائناً من معروف.
وجاء في هذه الآية "من معروفٍ" نكرةً مجرورةٌ بـ "مِنْ"، وفي الآيةِ قبلها "بالمعروفِ" مُعَرَّفاً مجروراً بالباء لأنَّ هذه لامُ العهدِ، كقولك: "رأيتُ رجلاً فأكرمْتُ الرجلَ".
| |
|