قطب الأعمال الروسي في بريطانيا و سفينته “تنقل السلاح” إلى سوريا
Posted on 26 يونيو 2012 by المترجمون السوريون الأحرار
قطب أعمال روسي ينوي حضور أولمبياد لندن 2012، متورّط في جدل دولي حول سفينة ’توّرد السلاح’ إلى النظام السوري.
يمتلك د. ليسين، المولع بالرماية، مزرعةً لصيد طيور الطَيهْوج في اسكتلنده. وهو يبرز اليوم كمالك لشركة شحن بحري يُعتقَد أنها قامت قبل أسبوعين بنقل شحنة كاملة من السلاح من سانت بطرسبرغ إلى سوريا.
الصورة: AFP وكالة الصحافة الفرنسية – فرانس برس.
بواسطة روبرت مندك Robert Mendick و رولاند أوليفانت Roland Oliphant من موسكو
الساعة 9:00 مساء حسب التوقيت الصيفي البريطاني، 09 حزيران 2012
كواحد من أهم المسؤولين الأولمبيين في روسيا، وبثروة شخصية تقدّر بعشرة مليارات جنيه إسترليني، ينوي فلاديمير ليسين Vladimir Lisin القدوم إلى لندن هذا الصيف لكي يلعب دوراً خاصاً للغاية. فقطب الأعمال هذا يعرض جائزة مقدارها مليون دولار أمريكي (أي ما يعادل 650,000 جنيه إسترليني) كمكافئة لكل رياضي روسي ينجح في الفوز بميدالية ذهبية في دورة ألعاب عام 2012.
لكن على النقيض من سخائه في لندن، يجد ليسين نفسه متورطاً في فضيحة متنامية حول شحنة الأسلحة الروسية إلى سوريا، هناك حيث يشن الرئيس بشار الأسد حرباً وحشية على شعبه.
يمتلك د. ليسين، المولع بالرماية، مزرعةً لصيد طيور الطَيهْوج في اسكتلنده. وهو يبرز اليوم كمالك لشركة شحن بحري يُعتقَد أنها قامت قبل أسبوعين بنقل شحنة كاملة من السلاح من سانت بطرسبرغ إلى سوريا.
تتعلق الادعاءات بالشحنة التي أوصلتها Professor Katsman، وهو اسم سفينة نقل الحاويات التي رست في طرطوس، ثاني أكبر موانئ سوريا، في 26 أيار/مايو، بعد يوم واحد من المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من مئة شخص في الحولة.
شكّل الأطفال غالبية الضحايا في هذه المجزرة، حيث جرى إعدامهم على عجل في واحدة من الفظائع التي استقطبت اشمئزازاً دولياً. في يوم الأربعاء الماضي، قُتل ثمانون مدنياً آخرين بشكل ممنهج في قرية القبير على يد المليشيات الموالية للنظام. أما بالأمس، فيزعم نشطاء المعارضة أن الدبابات السورية قامت بقصف أحد أحياء مدينة درعا الجنوبية، المكان الذي شهِد في آذار من العام الماضي بواكير الاضطرابات الشعبية، وهو ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 17 شخصاً.
دفعت الفظائع المرتكبة أخيراً الحكومات الغربية إلى إطلاق حملة جديدة تطالب بفرض عقوبات أشد صرامة على النظام السوري، الذي لا يزال يحكم قبضةً يعود الفضل فيها جزئياً إلى إمدادات السلاح الروسي.
وفي حين عبّرت الولايات المتحدة عن “قلقها البالغ” من رسوّ سفينة Professor Katsman، صرّح أحد كبار النواب المحافظين أن على الحكومة البريطانية الآن “التشكيك في أخلاقيات” الدكتور ليسين كمبعوث روسي رسمي سوف يتمتع “بحسن الضيافة البريطانية” خلال أولمبياد لندن 2012.
السفينة Professor Katsman مسجلة لصالح شركة الشمال الغربي للشحنNorth West Shipping Company، والتي تعود ملكيتها إلى شركة لوجستيات الشحن العالمي (Universal Cargo Logistics (UCL، واحدة من أصل عدة شركات في إمبراطورية د. ليسين.
قطب الأعمال الروسي هذا هو ثاني أغنى رجل في روسيا، وقد بنى ثروته التي تقدر ب 10.2 مليار جنيه إسترليني، من صناعة الحديد الصلب.
أقرّت شركة UCL أن سفينة الشحن التابعة لها قد رست في سوريا، لكنها تنفي في المقابل أي علم لها بمحتويات الشحنة. حيث صرحت الشركة أن الحمولة جرى وضعها في حاويات مختومة مرّت على مسؤولي الجمارك الروسيين. وتوضّح وثائق الشحن أن المحتويات جرى تسجيلها على أنها “بضائع عامة ومعدات كهربائية”.
وبما انه ليست هنالك أية عقوبات مفروضة على سوريا من قبل الأمم المتحدة في الوقت الراهن– أقلّه لأن روسيا حالت دون تحقيق مثل هذا الأمر- فإن شركة UCL تدّعي أنها لم تقترف خطأّ حين نقلت للشحنة.
إلا أن هذه الشحنة تلقي الضوء على دور روسيا في مساعدة نظام الأسد وتحريضه على جرائمه؛ هذا النظام الذي لم يزل أحد أفضل زبائن استيراد أسلحتها في منطقة الشرق الأوسط. ومن المعتقد أن الشحنة كانت تحتوي على أسلحة تم تزويدها من قبل شركة Rosoboronexport، مصدّر الأسلحة التابع للدولة الروسيّة. وقد أدى إخفاق الشركة في إنكار الادعاءات إلى تصاعد حدة الانتقادات ضد روسيا، بأنها تدعم الرئيس الأسد على نحو استباقي وخلال أكثر مراحله دمويةً.
لن يكون هذا لاهتمام محل ترحيب من قبل الدكتور ليسين، الذي تمكن، إلى حد بعيد، من البقاء في الظل على عكس نظرائه من أقطاب الأعمال الروس مثل رومان أبراموفيتش Roman Abramovich. فهو، على الرغم من ثرائه الفاحش، قلّما يوافق على إجراء لقاءات صحفية.
وعلى الرغم من احتجابه السابق عن الأضواء، سيقدِم الدكتور ليسين، 56 عاما، على المجيء إلى لندن كلاعب رئيسي في مساعي روسيا لاستعادة مكانتها كقوة رياضية عظمى.
فبعد الأداء المخيب للآمال في كل من بكين 2008 ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية في فانكوفر عام 2010، تم استدعاء الدكتور ليسين، رئيس اتحاد الرماية الروسي الحالي، لإنعاش حظوظ هذا البلد. وعليه تم تعيينه نائباً لرئيس اللجنة الأولمبية الروسية (ROC) ورئيساً للاتحاد الوطني للرياضات الصيفية.
سيحصل كل رياضي روسي يفوز بميدالية ذهبية، على مكافأة مقدارها مليون دولار أمريكي، مقدمة من الدكتور ليسين، الذي سيكون عضواً في وفد روسيا الرسمي إلى أولمبياد لندن 2012.
“إنه رئيس اتحاد الرياضات الصيفية. إنه أغنى شخص في روسيا”، كما صرح أحمد بيلالوف Akhmed Bilalov، نائب الرئيس الآخر في اللجنة الأولمبية الروسية ROC، وأضاف ” ليس كثيراً عليه أن يعطي كل شخص مليون دولار أمريكي.”
هذا وقد صرحت مصادر لجريدة الصنداي تلغراف The Sunday Telegraph، أن الدكتور ليسين يقوم حالياً بتقصّي لندن بحثاً عن مكانٍ راقٍ حتى يتسنّى فيه لمسؤولي اتحاد الرياضات الصيفية الترفيه عن ضيوفهم.
كما يُتداول أن أرجح الأماكن عبارة عن قصر يتألف من أربع طوابق يقع بالقرب من شارع البيكاديللي، كان قد تم الاستحواذ عليه من قبل مشترٍ روسي مجهول الهوية مقابل 75 مليون جنيه إسترليني.
يُعتقد أن الدكتور ليسين كثير التردد على المملكة المتحدة. ففي سنة 2005، أقدم على شراء قلعة أبرتشيل Aberuchill Castle، وهي عقار يقوم على أرض تبلغ مساحتها 3,300 فدان في منطقة بيرثشاير Perthshire، مقابل 6,8 مليون جنيه إسترليني. ونظراً لكونه مولعاً بالرماية، فقد روي أنه أغرم بصيد الغزلان وطيور الطّيهْوج المتوفرة ضمن عقاره الواقع على ضفاف بحيرة إيرن Earn الاسكتلندية.
كما ارتبط اسمه أيضا بصفقة قدّرت ب 140 مليون جنيه إسترليني، تم بموجبها شراء قلعة في أوكسفوردشاير Oxfordshire – فيما اعتبرت أنها أكبر صفقة بيع لعقار في المملكة المتحدة – إلا أن مصادرَ عادت لاحقا لتنفي علاقته بالأمر.
لقد ارتقى الدكتور ليسين سلّم النجاح بطريقة استثنائيةً. فالرجل كان لحّاماً معدنياً قبل دراسته لهندسة المعادن في إحدى جامعات سيبيريا. ثم تطوّرت حياته المهنية – وهو الأب لثلاثة أطفال – حتى أصبح يدير أعمالا في مجال حديد الصلب في كازاخستان قبل أن تتم ترقيته عضوا في مجلس إدارة شركة نوفوليبتسك للصلب (Novolipetsk Steel). وقد جمع ثروته المقدّرة بالمليارات من أعمال الحديد الصلب التي تشكل أساس ثرائه، قبل انتقاله إلى مجالات عمل أخرى.
كانت قناة العربية التلفزيونية المعارضة لنظام الأسد، وهي قناة إخبارية سعودية المِلكية تدعمها العائلة المَلَكية السعودية،، أول من تحدث عن احتمال نقل أساحة على متن سفينة Professor Katsman . هذا في الوقت الذي صرح فيه دبلوماسيون غربيون لوكالة رويترز للأنباء أن الادعاءات “ذات مصداقية”، بينما صرحت وكالة أنباء بلومبرغ Bloomberg أن “شخصاً لديه اطّلاع مباشر على المسألة” أكد أن السفينة كانت “مليئة بالأسلحة”.
“حقوق الإنسان أولاً” (Human Rights First)، وهي منظمة حقوق إنسان مقرها نيويورك، بدأت بتعقب السفينة، فتبيّنت أول أثر لها قبالة ساحل اليونان في 23 أيار/مايو، ثم تبعتها وصولا إلى قبرص في 24 أيار/مايو. وقد صرحت المنظمة أن السفينة بدت وقد أطفأت جهاز الإشارة الخاص بها في 26 أيار/مايو بينما كانت تبحر باتجاه سوريا. لاحقاّ تم تأكيد رسوّ السفينة في طرطوس بعد ظهر ذلك اليوم.
إلا أن منظمة Human Rights First اعترفت أنها لم تكن قادرة على “تأكيد أن السفينة كانت محملة بالأسلحة”. لكنها تشير في المقابل أنه في حال خلو السفينة من الأسلحة، لكانت السلطات الروسية نشرت قائمة الشحن الخاصة بالسفينة منذ البداية منعاً للالتباس.
وأردفت المنظمة في الأسبوع الماضي قائلة أنه “تم توثيق وجود أسلحة روسية في المواقع التي ارتكبت فيها الفظائع في سوريا”، كما أضافت “إذا استمر التزويد بالأسلحة الروسية واستخدامها لارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا، فإن ذلك سيجعل من شركة Rosoboronexport والسلطات الروسية متواطئة بشكل مباشر في تمكين هذه الجرائم.”
لقد رفضت Rosoboronexport، التي من المقرر ان تستعرض منتجاتها في معرض فارنبورو الجوي الدولي Farnborough International Airshow الشهر المقبل، رفضت التعليق على هذه الادعاءات. وتعتبر هذه الشركة المزود الرئيسي لسوريا بالأسلحة، حيث تتحمّل مسؤولية حوالي 80 بالمئة من واردات الأسلحة التقليدية إلى سوريا في السنوات الخمس الماضية.
لم يتسنّ الوصول إلى الدكتور ليسين للتعليق على الأمر، إلا أن شركة لوجستيات الشحن العالميUniversal Cargo Logistics (UCL)، وهي الشركة الأم لشركة الشمال الغربي للشحن / North West Shipping Company، كانت قد أصدرت تصريحاً مفاده “أن البضائع تم تحميلها على متن السفينة من ميناء سانت بطرسبرغ في حاويات مغلقة ومختومة.”
” قبل تحميلها على متن السفينة، مرّت الحمولة عبر كل الإجراءات القانونية المطلوبة بما في ذلك اجراءات التخليص الجمركي. وفي هذه الحالة، فإن مسؤولية مرور الشحنة عبر تلك الإجراءات تقع على عاتق مالكها لا على عاتق الناقل أو مالك السفينة.”
“إن شركة الشمال الغربي للشحن North West Shipping Company ليست مالكة الشحنة، وعليه فإن أحداً من موظفي الشركة ليس على معرفة دقيقة بطبيعة محتويات الحاويات المختومة.”
“كما أن وصف محتويات الشحنة في وثائق الشحن على أنها – بضائع عامة و معدات كهربائية – لا تمكّن الشركة الناقلة من معرفة الخصائص المحددة للحمولة.”
“يجدر التذكير بأن شركة لوجستيات الشحن العالمي (UCL) القابضة تتقيد بالقانونَين الروسي والدولي بشكل صارم، بما في ذلك أنظمة نقل البضائع المحمولة بحراً.”
أصرّ مصدر مقرب من الدكتور ليسين أن هذا الأخير غير منوط بأي دور إداري في شركات الشحن التي يملكها. وبالتالي فمن غير المرجح تماما معرفته بحيثيّات شحنة ما دون غيرها، وأضاف “إذا كنت تملك شركة، تملك بدورها شركةً ثانية، وهذه الأخرى تملك شركة ثالثة، وهذه الشركة (الثالثة) تملك قارباً، فليس من العدل حقيقةً الاستفسار عن شحنة معيّنة.”
ليلة أمس أبلغ المتحدث الرسمي للدكتور ليسين أن جميع الشحنات المستقبلية إلى سوريا سيتم التأكد منها لضمان عدم نقل مواد “تستخدم لإيذاء المدنيين”.
وفي بيان أدلى به المتحدث الرسمي سابق الذكر، قال ” تدير شركة UCL القابضة أكثر من 450 سفينة، حيث لا يتدخل المساهمون في أنشطتها التشغيلية.”
“لكنه متيقّنٌ من أن إدارة الشركة لم تخالف، ولا ولن تخالف القوانين الدولية في المستقبل، كما ستعمل على اتّباع كافة الإجراءات اللازمة لدى نقل البضائع.”
“نحن على ثقة من أن إدارة الشركة سوف تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان عدم الإسهام في نقل مواد تستخدم لإيذاء المدنيين.”
إلا أن الادعاءات القائلة بأن شركة الدكتور ليسين تعمل وفقاً للقوانين بشكل كامل في ظل غياب عقوبات مفروضة من قبل الأمم المتحدة – وبالتالي فإن أية صادرات أسلحة محتملة تعتبر مبررة- قد أغضب الخصوم في كل من الولايات المتحدة و المملكة المتحدة.
هذا وقد صرحت سوزان رايس Susan Rice، مبعوثة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي قائلة “بالنسبة إلى تقارير رسوّ سفينة محملة بالأسلحة الروسية، فمن الواضح أن هذا يشكّل مصدرَ قلق بالغ، في ظل استمرار الحكومة السورية باستخدام القوة الفتّاكة ضد المدنيين.”
“من الجلي، أن ليس في هذا خرق للقوانين الدولية من الناحية الفنية طالما أن ليس هناك حظر على استيراد السلاح، لكنه لأمر مستهجن أن يستمر تدفق لأسلحة على نظام يستخدم هذا القدر المفرط من العنف الرهيب وغير المتكافئ ضد شعبه.”
جون بارون John Baron، أحد النواب المحافظين في لجنة الشؤون الخارجية، أخبر جريدة الصنداي تلغراف أنه، “يجب على الحكومة أن تسأل نفسها عن مدى أخلاقية توفير حسن الضيافة البريطانية لشخص يساعد على تصدير السلاح لنظام الأسد في سوريا.”
يقترح مركز دراسات روسيا The Russia Studies Centre، وهو عبارة عن مركز أبحاث للشؤون الخارجية تابع لمجمع هنري جاكسون The Henry Jackson Society، أن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التحقيق في شأن الشحنة وذلك على أساس امتلاك شركة UCL لمكتب لها في أمستردام.
حيث يقول مايكل وايس Michael Weiss، الرئيس المشترك لمركز دراسات روسيا، “إن روسيا تستخدم شركات الشحن للقيام بأعمالها القذرة نيابة عنها. وذلك يستوجب على الأقل ان يحقق الاتحاد الأوروبي في الأمر والنظر فيما إذا كانت شركة ليسين قد انتهكت العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي على سوريا.”
المصدر
The Russian oligarch in Britain and ship ‘taking arms’ to Syria
The Telegraph