"ناسك الشخروب" لقبه خلعه الكاتب توفيق عواد على نعيمة في تقرير صحفي عنه نشر في صحيفة البرق سنة 1932.
أما الناسك فهو المتعبد، وإليك تعريف الشخروب في وصف نعيمة نفسه :
الشخروب
يقع الشخروب على بعد خمسة كيلومترات الى الشرق من بسكنتا ويرتفع عنها ثلاثمئة متر. وهو بتكوينه
يشكل شبه مثلث تحصره من الغرب والشرق ساقيتان تلتقيان الى الجنوب في واديه، ومن الشمال سلسلة من الصخور الشاهقة تتخللها بعض الفجوات
تكثر في الشخروب الصخور من شتى الأحجام والأشكال، وكلها كلسي، رمادي اللون، صلب الفؤاد
منها الضخم المنبطح على الأرض حتى إن ظهره ليتسع لبناية كبيرة. ومنها المتدثر بالتراب فلا يطل منه
عليك غير قسم قد لا يجاوز حجم الرأس. ولكنك إذا حاولت اقتلاعه، وجدته يمتد تحت الأرض الى مسافات
بعيدة. ومنها المنتصب كالمارد بقامة يبلغ ارتفاعها مئة قدم وأكثر، كتلك الصخور التي تشكل حدود
الشرخوب الشمالية، والتي فتتت العناصر شيئاً من قواعدها فبرز البعض منها في شكل طنف بامكانك ان تحتمي تحته من الشمس والمطر
ماذا يجديك قولي إن الشخروب بقعة صغيرة في سفح صنين تكثر فيها الصخور والأشجار والأشواك
والعصافير،
وأنت لم تعاشر، مثلما عاشرت، تلك الصخور والأشجار والأشواك والعصافير؟ لا عرفت، مثلما عرفت،
انها تزخر جميعها بالحياة والحركة ليل نهار؟ ولا أنت تفيأت شجرة من شجرات الشخروب وسكرت بما يدور من وشوشات ما بين اوراقها والنسيم
وأخيراً ماذا يجديك قولي ان صنين يبدو كما لو كان على مرمى حجر من الشخروب؟ فلا عيناك تشبعتا مثل
عيني بمناظر أخاديده وأفاريزه ومنحدراته، وبرقصة الأنوار والظلال العجيبة على جبهته، وبجلال النسور تحلق
في اجوائه. ولا رجلاك تسلقنا مثل رجلي اضاليعه حتى قمته. ولا أنت أصغيت، مثلما أصغيت، إلى زمجرة
أعاصيره وهيمنات نسماته. ولا جلست، مثلما جلست، على الثلج في أعاليه والشمس من فوقك تكاد تشويك شياً. ولا وقفت على قمته وشعرت كانك واقف على قمة الدنيا
فالشخروب كان، وما برح «الجرد» الذي إليه نلجأ في الصيف لنستغل من ترابه ومائه وهوائه ما استطعنا
من العافية وضروريات العيش. وقد شاء لي ربّان حياتي ان استغل منه ما هو أثمن حتى من العافية ومقومات العيش
ميخائيل نعيمه
(سبعون – الجزء الأول، ص 45)
المصدر
http://www.dhifaaf.com/vb/showthread.php?t=16618