من "كيلو" إلى "نصر الله" خطأٌ في التوجُّه أم ضِلَّةٌ في الطريق؟!
مرةً أخرى يخطئ الزميل ميشيل كيلو الطريق ويتوجه غير وجهة الشعب ، فمتى كان الشعب السوري البطل يستجدي أعداءه ؟!
بالأمس أراد أن يتوجّه بنا إلى عدوِّنا التاريخي ، روسيا ، صاحبة التاريخ الحافل بحرب الإسلام والمسلمين ، فقد تحالفت مع الدولة الصفويّة ضد المسلمين ، ثم ذبّحت خمسةَ عشر مليوناً من المسلمين في شبه جزيرة القرم وهجرت الباقين وشتت شملهم إبان ثورتها البلشفية وهدمت المساجد وأرغمت المسلمين على الكفر والإلحاد .
وما زالت تحتل بلاد إخوتنا الشيشان ، وتكتم أنفاسهم ، وتوغل في دمائهم ، واستغفلت الشعب فأكلت خيراته سنين طويلة بوساطة حكام أغبياء أو عملاء لها ، باعوها نتاج الشعب وعرقه بأسلحة ومعدات منسّقة في مستودعاتها لا فائدة فيها ولا جدوى من اقتنائها ، وساعدت يهود إسرائيل بتشجيع يهودها على الهجرة إلى فلسطين المحتلة ، بعد أن كانت من أول الدول التي صوتت على قرار تقسيم فلسطين وقيام دولة إسرائيل ، ثم ساعدت الدولةَ الصفوية الجديدة في إيران ، التي تحمل أعظم الكره للعرب والمسلمين وأبشع العقائد والعصبيات العنصرية ، ساعدتها على صناعة السلاح وبناء المفاعلات النووية لتفرض سيطرتها على من حولها من شعوب العرب والمسلمين .
وأخيراً وقفت إلى جانب النظام الطائفي السوري الذي اغتصب السلطة وحكم سوريا بالحديد والنار أكثر من أربعين سنة ، وأمدته بالسلاح وبالخبرة ثم بالرجال ليوغل في دم شعبه أكثر.
وهاهو اليوم الزميل العزيز الذي قضى سنين طويلة في أقبية سجون هذا النظام الديكتاتوري المقيت ، يمدّ يدَه من جديدٍ إلى عدوٍ آخر من أعداء هذا الشعب، عدو يعتقد بولاية الفقيه ويرتبط بإيران ويشارك بفاعلية في كلِّ جرائم القتل والتدمير واغتصاب الحرائر اللائي تبرعن له بحليّهن وفتحن له
بيوتهن وقاسمنْه لقمة عيش أطفالهن يوم قام بمسرحية حرب تموز ليمنح إسرائيل
حدوداً آمنة بحراسة جنود الأمم المتحدة كما فعل غيره من العملاء في المنطقة.
لا يا زميل " ميشيل " إن حسن نصر الله وحزبه هم مطلوبون للعدالة في سوريا بما ارتكبوا من جرائم ضد شعبنا ، وليس وسيطاً نزيها ، فقد كان جزءاً من المشكلة ولن يكون جزءاً من الحل أبداً .
أم أنّك تَعني ما فهمناه من رسالتك ، بأن تضحّون بأشخاص ليبقى النظامُ ؟ .
أما وقد أزاحت الثور السورية المباركة كل الحواجز وهتكت كلّ الحجب فلا بأس أن تكون الحقائق عارية ، وأن تسمى الأشياء بمسمّياتها ، فإن الشعب العربي السوري المسلم لن يرضى أن يُحكم من أقليّة بعد اليوم ، تحت رايات العروبة الزائفة وشعاراتها التي حملناها وعملنا عليها ستين سنة أو يزيد في سبيل وحدة وطنية سقطت مع أول قطرة دم طاهر سفكت برصاص الطائفية البغيضة ، فلن نخدع بعد اليوم ، ولن نعود إلى حملها أبداً بعد كل هذه التضحيات التي قدمها شعبنا ، وهو مستعد لتقديم المزيد ، وكان كلُّ ذنبه أن طالب بشيء من الحرية والكرامة التي يستحقها كلُّ إنسان على وجه الأرض ، وإذا بالطائفيين في كل مكان يتنادون ليتألبوا عليه ليقتلوه ويكتموا أنفاسه .
لقد كسر المارد قمقماً هم من دفعه إلى كسره بحقدهم وغبائهم بعد أن حبس فيه بالمكر والخديعة أربعين عاماً ونيفاً ، الأمر الذي سيندمون عليه كثيراً ويدفعون ثمنه غالياً ، ولن تستطيع قوّةٌ في الأرض أن تُعيدَه إليه بإذنه تعالى وعونه ، ولسوف ترى نفسك أيها الأخ الكريم حرَّ الإرادة والعقيدة في دولة العروبة والإسلام في سوريا بإذن الله ، كما كان الأمر لقرون طويلة ، فنحن أهل { لا إكراه في الدين قد تبيّن الرُشدُ من الغي } ونحن من يعرف قول ربّه {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ونعمل بقوله سبحانه على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام {الخلق كلُّهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله} ونبيّنا من قال:{الناس سواسية كأسنان المشط ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى} وسيدنا عمر من قال للقبطي: اضرب ابن الأكرمين الذي ضربك ، ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ، ونحن من شهد لهم كلّ منصف في العالم بالرحمة والإنصاف والعدل ، وكيف لا ونبينا من قال الله فيه: {وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين} ونحن حملة هذه الرسالة .
أما هؤلاء الذين تمد يدك إليهم اليوم فهم أصحاب العقيدة التي تقضي بقتل العرب ـ لا سيما قريش منهم ـ بما في ذلك النصارى وكلّ مخالف لهم انتقاماً لنارهم التي أطفأها نور الإسلام ، وإلى الأبد إن شاء الله ، واسأل التاريخ عنهم ـ إن شئت ـ كيف حول إسماعيل الصفويُّ ، صاحب محاكم التفتيش في الشرق ، الشعب الإيراني المسلم الذي كان منه أئمّة في اللغة والدين ، فحوله بالقوة إلى عقيدة الزيغ والضلال .
أرجو منك أيها الزميل العزيز ، والمناضل الذي تحمّل السجن والعذاب سنين طويلة أن تقرأ التاريخ جيداً حتى لا تضيّع البوصِلة فتتجاوزك الثورة التي كنت أحدَ مشاعلها الوضاءة .