من هو معاوية بن ابي سفيان
هو أخو أُمَّ حَبيبَةَ ـ رضي اللهُ عَنْها، زَوْجِ النبيِّ – صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، مِنْ أَشْرافِ العَرَبِ وسَاداتِهم، وَحُكَمائهم وحُلَمائهم، فاتِحٌ عَظيمٌ، وقائدٌ سياسيٌّ مُحَنَّكٌ، فَصيحُ اللِّسانِ، شُجاعٌ كريمٌ، شَهْمٌ حَليمٌ، مِنْ أعْظَمِ خلفاءِ المُسْلِمينَ. قالَ عَنْه الإمامُ النوويُّ ـ رضي الله عنه: وأَمَّا مُعاويةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فهُوَ مِنَ العُدولِ الفُضَلاءِ، والصَّحَابَةِ النُّجَباءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. (شَرْحُ النَّووي عَلى صَحِيحِ مُسْلم).
مِنْ فَضَائلِ معاويةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في القرآنِ الكريم:
قالَ اللهُ تَعالى: {ثُمَّ أنزلَ سَكينَتَهُ على رسولِه وعلى المؤمنين، وأنزَلَ جُنوداً لم تَرَوها، وعذَّبَ الّذين كفروا، وذلك جَزاءُ الكافرين}. الآيةّ: 26 من سورةِ التوبة. ومُعَاويةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِنَ الذينَ شَهِدوا غَزْوَةَ حُنينٍ المَقصودَةِ فِي الآية، إذًا فهوَ مِنَ المؤمنين الذين أَنْزَلَ اللهُ سَكينَتَهُ عَليهم مَعَ النبيِّ ـ صَلَّى الله عليه وسلم.
وقال جلَّ وعَلا: {لا يَستَوي مِنكم مَن أَنفقَ مِن قَبلِ الفتحِ وقاتَل، أُولئكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الذينَ أنفقوا مِن بَعدُ وقاتَلوا، وكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسنى، واللهُ بما تَعملون خَبيرٌ) الآية: 10، من سورةِ الحديد. ومُعاويةُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، لا يَخْلو أَنْ يكونَ عَلى حالَين: إمَّا أَنْ يَكونَ قَدْ أَسْلَمَ قبلَ فتحِ مَكَّةَ ـ كَما رَجّحه الحافظُ ابْنُ حَجَرٍ وصحَّحَهُ، وإمَّا أن يكونَ منَ الذين أَسْلَمُوا بعد ذلك، وقد أَنْفَقَ وَقاتلَ فِي حُنينٍ والطائفِ مَعَ رَسولِ اللهِ ـ صَلَى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فهوَ إذًا ممَّنْ وَعَدَهم الله الحُسْنى بِنَصِّ الآيَةِ، والحُسْنى: الجنّةُ كما قالَ المفسِرون.
وقالَ تَعالى أيضًا مِنْ سُورَةِِ التوبة: (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ والمُهاجِرينَ والأنْصارِ الَّذينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ العُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلوبُ فَريقٍ مِنهم ثُمَّ تابَ عَلَيْهِم، إنَّهُ بِهِم رَؤوفٌ رَحيمٌ) [الآية: 117] وساعَةُ العُسْرَةِ هِيَ غَزوَةُ تَبُوكٍ، وَقَدْ شَهِدَها مُعاوية ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
هذا وقد وَردت أحاديثُ نَبَوَيَّةٌ كثيرةٌ فِي فَضْلِ مُعاويَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِنْها ما رَوَاهُ التِرْمِذيُّ، عَنْ عبدِ الرحمنِ بْنِ أَبي عُميرةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ وهو مِنْ أَصحاب رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاويَةِ: (اللهم اجْعَلْهُ هَاديًا مَهدِيًا وَاهْدِ بِهِ) المسند الجامع (29/15) أخرجه أحمد: 4/216(18055)، والتِّرمِذي في سُننه: (3842).
وعَنْ أَبي إِدريس الخولاني، قال: لَمَّا عَزَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ حِمْصَ، وَلَّى مُعَاوِيَةَ، فقالَ الناسُّ: عَزَلَ عُمَيْرًا ووَلَّى مُعاويةَ!؟ فَقَالَ عُمَيْرٌ: لا تذكروا معاويةَ إِلَا بِخَيْرٍ، فإنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقول: اللهمَّ اهْدِ بِهِ) صَحيحُ سُنَنِ الترْمِذِيِّ.
وروى البُخَاريُّ أَيْضًا بِسَنَدِهِ: (قيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُما، هَلْ لَكَ في أَميرِ المؤمنينَ مُعاوِيَةَ، فإنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ؟ قال: إِنَّهُ فَقيهٌ) وفي رواية: إِنَّهُ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ. صحيحُ البخاري: (7/ 103 ح 3764 – 3765.
وروى مُسْلمٌ في صَحيحِهِ: (رقم 2501 أو 16/62 مَع شرح النووي) مِنْ حَديثِ ابْنِ عباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما: أَنَّ أَبَا سُفْيانَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قال: يَا نَبِيَّ اللهِ، ثلاثٌ أَعطِنِيهِنّ. قال: نَعَم. قال: عندي أَحسَنُ العرَبِِ وأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبيبةَ بِنْتُ أَبي سُفْيانَ؛ أُزَوّجُكُها. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ، قال: نَعَمْ. قالَ: وتُؤَمّرُني حتى أقاتلَ الكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ المُسْلِمينَ؟ قالَ: نَعَمْ.رواه الطيالسيُّ: (4/465)، وَأَحْمَدُ: (1/291 و 335)، والآجُريُّ (1937)، والبيهقيُّ في دلائلِ النُبوَّةِ (6/243) وغيرُهم بِسَنَدٍ جَيِدٍ.
وَقد دَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَيُمَكِّنَ لَهُ فِي الْبِلَادِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا وَأَرْدَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ فَقَالَ: «مَا يَلِينِي مِنْكَ؟» قَالَ: بَطْنِي , قَالَ: «اللَّهُمَّ امْلَأْهُ حِلْمًا وَعِلْمًا» . وَأَعْلَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّكَ سَتَلْقَانِي فِي الْجَنَّةِ. الشريعة للآجري: (5/2431).
وروى عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم، قال: “اذْهَبْ فادْعُ لي مُعاويَةَ”، قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكانَ كاتِبَه.
فهوَ أَخُو أُمِّ المُؤْمِنينَ؛ زَوْجِ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم؛ أُمِّ حَبيبةَ رَمْلةُ بِنْتُ أَبي سُفْيانَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهم أجمعين