روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27   فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27 I_icon_minitimeالأحد يوليو 05, 2015 10:49 am

وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(27)
قولُهُ ـ تباركت أسماؤه: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} بَيَّنَ سُبْحانَهُ في الآيَةِ قَبْلَها جَزاءَ المُؤمِنينَ الذين أَحْسَنُوا بِأَنَّ لهم الحُسْنى وزِيادَةٌ، وأنَّ أجورهم مضاعفةٌ وأَنّهُ لا يُصيبُهم ما يُصيبُ غيرَهم مِنْ رَهَقٍ وقَتَرٍ وذِلَّةٍ، ثمّا عاد هُنا في هذه الآيةِ لِيُبَيِّنَ ما للمُجْرِمُينَ الذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَكَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وإذا كان كرمُهُ ـ جَلَّ جلالُهُ قد قضى بمضاعفة أجورِ المحسنين ومَنَّ عليهم بالزيادة فضلاً وتكرُّماً، فإنَّ عدلَهُ ـ جلَّ ثناؤه، قضى بأنَّ عقوبة الكَفرةِ والمجرمين الذين أساؤوا في الحياةِ الدنيا، بالعقوبة على السيِّئَةَ بمثلها دون زيادةٍ، وهذا بعد أنْ أَمْهَلَهم ليتوبوا في حياتِهِمُ الدُنيا إلى أَنِ انقضتْ آجالُهم، لكنَّهم أَصَرّوا على كُفْرِهم ومَعاصيهم، فَإِنَّهُ تَعَالَى سَيَجْزِيهِمْ فِي الآخِرَةِ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا مِنْ عِقَابٍ، دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ مُضَاعَفَةٍ. وقد جاء السَبْكُ في هذه الآيةِ مغايراً لسبك الآيةِ التي قبلَها فلم يَقُلْ: وللذين كَسَبُوا السَّيِّئاتِ السَّوْأى، لمُراعاةِ ما بَينَ الفَريقَينِ مِنْ التَبايُنِ، وإيرادُ الكَسْبِ مُؤذِنٌ بأنَّ ذَلِكَ العقابُ إِنَّما هُوَ لِسوءِ صَنيعِهم، وبِسَبَبِ جِنايَتِهم عَلى أَنْفُسِهم.
قولُه: {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ} فحَرِيٌّ بمَنْ كَفَرَ بِرَبِّهِ وعَصاهُ بَدَلَ أنْ يَشْكُرَهُ على سابِغِ نِعَمِهِ، ولم يَتَّعِظ ْبوعْظِ النَبيينَ والهداةُ المُصْلِحين، وقدْ وَقَفَ بَينَ يَدَيْ ربِّه ومولاهُ يَنْتَظِرُ حَسابَهُ، ويَتَوَقَّعُ سوءَ مصيرِهِ وعِقابَه، أَنْ تَعْتَرِيهِ الذِلَّةُ مِنْ مَعَاصِيهِ، وَيَعْلُو وجهَهُ الخَوْفُ مِنْ سوءِ مصيرِهِ، فلَنْ يَجِدَ، فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، مَنْ يَعْصِمُهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ، ولا مَنْ يشفعُ له عندَهُ ولن يجِدَ ما يفتدي به نفسَه. وقد جاءتِ الذلَّةُ نَكِرَةً منوَّنَةً تفخيماً لها وتعظيماً وتشنيعاً لحالِ أصحابها. وأُسْنِدَ الرَهَقُ إلى أَنْفُسِهم دُونَ وُجوهِهم إيذاناً بأَنَّه محيطٌ بهم غاشٍ لهم يَعُمُّهم جميعاً، وقد نَفَى العاصِمَ مُبالَغَةً في نَفْيِ العِصْمَةِ.   
قولُهُ: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} فَقَدْ أَثْبَتَ سُبْحانَهُ لهؤلاءِ الأَشْقياءِ كُلَّ ما كانَ نَفَاهُ مِنْ قَبْلُ عَنِ المؤمنين السُعَداءِ مِنْ عبادِهِ. وَمنْ كانَ هذا مصيرَهُ، والعياذُ باللهِ تعالى مِنْ غَضَبِهِ، يُصْبِحُ وَجْهَهُ مُسُوَدّاً مِنَ الهمِّ والغَمِّ وَالكَآبَةِ والذُلِّ، ومِنْ ظُلُماتِ الجَهْلِ كَأَنَّمَا عَلَتْهُ قِطَعٌ مِنْ ظَلاَمِ الَّلْيِل الحَالِكِ. لأنَّ العِلْمَ نُورٌ، وسُلْطانُ العُلومِ والمعارِفِ ورأسُها كُلِّها مَعْرِفَةُ اللهِ تعالى، وهَؤُلاءِ قد حُرِمُوا هَذِهِ المَعْرِفَةَ فَأَظلمتْ قلوبهم فانْعَكسَ ذلك على وُجوهِهم، وكُلُّ قَلْبٍ فيهِ مَعرفَةُ اللهِ تعالى مُنَوَّرٌ بنورِ بمعرفَتِهِ سبحانَه، وهذا النورُ مُنْعَكِسٌ على وجْهِهِ أيضاً، وهذا أَمْرٌ مشاهدٌ مَلْموسٌ في الدنيا، فإنَّك تَرَى وَجْهَ المُؤمِنِ الطائعِ مُشْرِقاً حتى ولو كانَ أَسْوَدَ البَشَرةِ، كما تَرَى المُشْرِكَ والعاصِي مُظْلِمَ الوَجْهِ ولو كانَ أَبْيَضَ البَشَرَةِ، وقد كانَ الشِبْلِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعالى، يَتَمَثَّلُ بهاذين البيتين:
كل بيتٍ أَنْتَ ساكِنُهُ .......................... غيرُ محتاجٍ إلى السُرُجِ
وجْهُكَ المأْمولُ حُجَّتُنا ....................... يَوْمَ يَأْتي النّاسُ بالحُجَجِ
وهما لِلشاعرِ العبّاسيِّ عَبْدِ الصَمَدِ بْنِ المُعَذَّلِ، مِنَ المديدِ وتمامُها:
يا بَديعَ الدَّلِّ وَالغُنُجِ! ........................ لَكَ سُلطانٌ عَلى المُهَجِ
إنَّ بَيْتاً أنْتَ سَاكِنُهُ ........................... غَيرُ مُحتَاجِ إلى السُّرُجِ
وَجهُكَ المَعشوقُ حُجّتُنا ...................... يَوْمَ يأتي النّاسُ بالحُجَجِ
لا أَتاحَ اللهُ لي فَرَجاً .......................... يَوْمَ أَدْعُو مِنْكَ بالفَرَجِ
والصوفية إذا قالوا: وجهك المأمول بدلاً من المعشوق، فقد نَقلوهُ إلى ما لهم في ذَلِكَ مِنَ سامي المعاني.   
قولُه: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وَهَؤُلاَءِ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ يَدْخُلُونَهَا ولا يخرجون، وَهم فيها أَبَداً مخَلَّدُونَ.
قولُهُ تَعالى: {والذين كَسَبُواْ} نَسَقٌ على قولِه: {للذين أَحْسَنُوا} من الآيةِ التي قبلَها، أَيْ: للذين أَحْسَنُوا الحُسْنى، وللذين كَسَبُوا السَيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بمِثْلِها، فيَتَعادَلُ التَقْسيمُ، ويُسَمّي النَحْوِيّونَ ذَلِكَ عَطْفاً على مَعْموليْ عامِلَينِ. وفيهِ ثلاثةُ مَذاهِبَ، أَوَّلُها: الجَوازُ مُطْلَقاً، وهو قولُ الفَرَّاءِ. وثانيها: المَنْعُ مُطْلَقاً وهوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وثالِثُها: التَفْصيلُ بَينَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الجارُّ نحو: في الدارِ زَيْدٌ والحِجْرَةِ عَمْرٌو، فيَجوزُ، أَوْ لا، فيَمْتَنِعُ نحوَ: إنَّ زَيْداً في الدارِ وعَمْراً القَصْرِ، أَيْ: وإنَّ عَمْراً في القَصْرِ. وسِيبَوَيْهِ وأَتْباعُهُ يُخَرِّجونَ ما وَرَدَ مِنْهُ على إِضْمارِ الجارِّ كَقَولِهِ تَعالى في سُورَةِ الجاثية: {واختلافِ الليلِ والنَّهارِ ... لآيَاتٍ} الآية: 5. بِنَصْبِ "آياتٍ" في قراءَةِ الأَخَوَيْنِ: حمزة والكسائيِّ، ومِنْهُ قولُ أَبي دُؤادٍ الإيادِيِّ:
أَكُلَّ امْرِئٍ تحسَبينَ امْرأً ........................ ونارٍ تُوقَّدُ بالليْلِ نارا
وعليه قولُ الحُطَيْئَةِ يُوصِي ابْنَتَهُ بَرَّةَ:
وصَّيْتُ مِنْ بَرَّةَ قَلْباً حُرّاً .................. بالكَلْبِ خَيْراً والحَمَاةِ شَرَّا
وقد ذَهَبَ إلى أَنَّ هَذا الموصولَ مجرورٌ عَطْفاً على المَوصولِ قَبْلَهُ جماعةٌ منهمُ ابْنُ عطيَّةَ والزمخشريُّ.
وقيلَ: "الذين" مُبْتَدَأٌ، و "جَزاء سيئة" مُبْتَدَأٌ ثانٍ، وخبرُهُ قولُهُ: "بمثلها"، والباءُ فيهِ زائدَةٌ، أيْ: وجَزاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُها، كما قالَ تعالى في سورةِ الشورى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} الآيةُ: 40، كما زِيْدَتْ في الخبرِ في قولِ عُبَيْدَةَ بْنِ رَبيعةَ بْنِ قَحفانَ التَميميِّ، وقدْ سَألَهُ بَعْضُ المُلوكِ فَرَساً لَهُ يُقالُ لها (سَكابِ)، فمَنَعَهُ إيّاها وقالَ لَهُ مُسْتَعْطِفاً لِيَرْجِعَ عَنْ طَلَبِهِ:
فلا تَطْمَعْ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ، فيها ................ ومَنْعُكها بِشَيْءٍ يُسْتَطاعُ
أي: شيءٌ يستطاعُ. وكما زيدت في قولِ امرِئِ القيس:
فإن تَنْأَ عنها حقبةً لا تلاقِها ................. فإنَّك ممَّا أَحْدَثْتَ بالمجرِّبِ
أي: المجرِّبُ. وهذا قولُ ابْنُ كَيسانِ في الآية. وقيلَ إنَّ الباءَ لَيْسَتْ بِزائدَةٍ، والتَقديرُ: مُقَدَّرٌ بمِثْلِها أَوْ مُسْتَقِرٌّ بمِثْلِها، والجملة الإسميَّةُ من المُبْتَدَأِ الثاني وخَبَرِهُ خَبَرٌ عَنِ الأوَّلِ. وقيل: إنَّ خَبَرَ "جزاءُ سَيِّئَةٍ" محذوفٌ، فقَدَّرَهُ الحُوفيُّ بِقَوْلِهِ: لهم جزاءُ سَيِّئَةٍ. قال: ودَلَّ عَلى تَقديرِ "لهم" قولُهُ: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى} من الآيةِ التي قبلَها، حتى تَتَشاكَلَ هَذِهِ بهَذِهِ. وقدَّرَهُ أَبو البَقاءِ: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بمِثْلِها وَاقِعٌ، وهوَ وخبَرُهُ أَيْضاً خَبَرٌ عَنِ الأَوَّلِ. وعلى هذيْنِ التَقْديرَيْنِ فالباءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَفْسِ "جَزاءُ"، لأنَّ هذِهِ المادَّةَ تَتَعَدَّى بالباءِ، كما في قولِهِ تعالى: {جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ} سورةُ سَبَأ، الآية: 17. وكما في قولِهِ: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ} سورة الإنْسان، الآية: 12. إلى غَيْرِ ذَلِكَ. والرّابِطُ بينَ هَذِهِ الجُمْلَةِ والمَوْصُولِ الذي هُوَ المُبْتَدَأُ، على تَقديرِ الحُوفيِّ هُوَ الضَميرُ المَجْرورُ باللامِ المُقَدَّرُ خَبَراً، وعلى تَقديرِ أَبي البَقاءِ هُوَ محْذوفٌ تَقديرُهُ: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بمِثْلِها مِنْهم واقِعٌ، نحو: السَّمْنُ مَنَوان بِدِرْهَمٍ. وهوَ حَذْفٌ مُطَّرِدٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ خَبَرُ "الذين" الجملةَ المَنْفِيَّةَ مِنْ قولِهِ: "مَّا لَهُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ"، ويَكونُ "مِنْ عاصم" إمَّا فاعِلاً بالجارِّ قَبْلَهُ لاعْتِمادِهِ على النَفْيِ، وإمَّا مُبْتَدأً وخبرُهُ الجارُّ مُقَدَّماً عَلَيْهِ، و "مِنْ" مَزيدَةٌ فيهِ على كِلا القَوْلَيْنِ، و "من اللهِ" مُتَعَلِّقٌ بِ "عاصمٍ". وعلى كَوْنِ هذِهِ الجُمْلَةِ خبرَ المَوْصولِ يَكونُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ المُبْتَدَأِ وخَبَرِهِ بجُمْلَتي اعْتِراضٍ. وقيلَ بأَنَّ الخَبَرَ هُوَ الجُمْلَةُ التَشْبيهِيَّةُ مِنْ قولِهِ: "كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ"، و "كأنَّ" حَرْفٌ مَكْفُوفٌ، و "ما" زائدُةٌ وتُسَمَّى كافَّةً ومُهَيِّئَةً. وعلى هذا الوَجْهِ فَيَكونُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ المُبْتَدأِ وخَبَرِهِ بِثَلاثِ جُمَلِ اعْتِراضٍ. أَخيراً قيلَ بأَنَّ الخَبَرَ هُوَ الجُمْلَةُ مِنْ قولِهِ: "أولئك أَصْحَابُ النار"، وعليه فيكونُ قَدْ فُصِلَ بِأَرْبَعِ جُمَلٍ مُعْتَرِضَةِ وهي: "جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا"، و "وتَرْهَقُهم ذلة"، و "مَّا لَهُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ"، و "كأنما أُغْشيت". ولا يَجوزُ الفَصْلُ بِثَلاثِ جُمَلٍ فَضْلاً عَنْ أَرْبَعٍ.
وقولُهُ: {وَتَرْهَقُهُمْ} قال أبو البقاءِ هي في محَلِّ نَصْبٍ على الحالِ. ولم يُبَيِّنْ صاحِبَها، وصاحِبُها هوَ المَوْصولُ أَوْ ضَميرُهُ. وفيهِ ضَعْفٌ لمُباشَرَتِهِ الواوَ، إلاَّ أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ محذوفٍ. وقيل: إنَّها مَعْطوفَةٌ على "كَسَبُوا". وقد ضَعَّفَهُ أبو البقاءِ لأنَّ المُسْتَقْبَلَ لا يُعْطَفُ على الماضي. فإنْ قيلَ: هوَ بمَعنى الماضي فَضَعيفٌ جداً.
قولُهُ: {مُظْلِماً}، يجوزُ أَنْ يَكونَ نَعْتَاً ل "قِطْعاً"، بحسْبِ قراءةِ من قرأَ بذلك، وقد وُصِفَ بذلكَ مُبالَغَةً في وَصْف وُجُوهِهم بالسَوادِ، ويجوزُ أَنْ يَكونَ حالاً، وفيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ، أوَّلُها: أَنَّهُ حالٌ مِنْ "قِطْعاً"، وجازَ ذَلْكَ لِتَخَصُّصِهِ بالوصف بالجارِّ بعدَهُ وهوَ "من الليل"، وثانيها: أَنَّهُ حالٌ مِنَ "الليل"، وثالِثُها: أَنَّهُ حالٌ مِنَ الضَميرِ المُسْتَتِرِ في الجارِّ لِوُقوعِهِ صِفَةً. قالَ الزَمَخْشَرِيُّ: فإنْ قُلْتَ: إذا جَعَلْتَ "مُظْلِماً" حالاً مِنَ "الليل" فما العاملُ فيه؟ قال السمينُ: لا يخلو: إمَّا أَنْ يَكونَ "أُغْشِيَتْ" مِنْ قِبَلِ أَنَّ "من الليل" صِفَةٌ لِقولِهِ: "قِطْعاً"، وكانَ إِفْضاؤهُ إلى المَوْصوفِ كإفْضائِهِ إلى الصِفَةِ، وإمِّا أَنْ يَكونَ مَعنى الفِعْلِ في "مِنَ اللّيْلِ". وقالَ أَبو حَيّان الأندلُسيُّ: أَمَّا الوَجْهُ الأَوَّلُ فهوَ بَعيدٌ لأنَّ الأَصْلَ أَنْ يَكونَ العاملُ في الحالِ هُوَ العاملَ في ذي الحالِ، والعاملُ في "مِنَ اللّيْلِ" هُوَ الاسْتِقْرارُ، و "أُغْشِيَتْ" عاملٌ في قولِهِ: "قطعاً" الموْصوفِ بِقَوْلِهِ: "مِنَ اللّيْلِ" فاخْتَلَفا، فلِذلِكَ كانَ الوَجْهُ الأَخيرُ أَوْلى، أيْ: قِطَعاً مُسْتَقِرَّةً مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ كائنَةً مِنَ اللَّيْلِ في حالِ إِظْلامِهِ. قال السمينُ: ولا يَعْني الزَمَخْشَرِيُّ بِقولِهِ: (إنَّ العاملَ أُغْشِيَتْ) إلاَّ أَنَّ المَوْصوفَ وَهُوَ "قِطْعاً" مَعْمُولٌ لأُِغْشِيَتْ والعامِلُ في المَوْصوفِ هُوَ عامِلٌ في الصِفَةِ، والصِفَةُ هِيَ "مِنَ الليل" فهي مَعْمُولَةٌ لِ "أُغْشِيَتْ"، وهِيَ صاحِبَةُ الحالِ، والعاملُ في الحالِ هُوَ العامِلُ في ذِي الحالِ، فجاءَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ العامِلَ في الحالِ هُوَ العامِلُ في صاحِبِها بهذِهِ الطَريقَةِ. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ "قِطْعاً" جمعَ قِطْعَةٍ، أَيْ: اسْمَ جِنْسٍ، فيَجوزُ حِينَئذٍ وَصْفُهُ بالتَذْكيرِ نحْوَ قولِهِ تعالى في سُورةِ القَمَر: {كأنَّهم أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} الآية: 20. والتأنيثِ نحوَ قولِهِ في سُورَةِ الحاقَّة: {كأنَّهم أَعْجازُ نخلٍ خاوَيَةٍ} الآية: 7.
وأَمَّا على قراءَةِ العامَّةِ فقالَ مَكّيُّ وغَيرُهُ: إنَّ "مظلماً" حالٌ مِنَ "اللَّيْلِ" فَقَط. ولا يجوزُ أَنْ يَكونَ صِفَةً لِ "قِطَعاً"، ولا حالاً مِنْهُ، ولا مِنَ الضَميرِ في "مِنَ اللَّيْلِ"، لأنَّهُ كانَ يَجِبُ أَنْ يُقالَ فيهِ: مُظْلِمَةً. قال السمينُ: يَعْنُونَ أَنَّ المَوْصوفَ حِينَئذٍ جمعٌ، وكذا صاحِبُ الحالِ فتَجِبُ المُطابِقَةُ. وأَجازَ بَعْضُهُمْ ما مَنَعَهُ هؤلاءِ وقالوا: جازَ ذَلِكَ لأَنَّهُ في مَعْنى الكَثيرِ، وهذا فيهِ تَعَسُّفٌ. وإذا جَعَلْتَ "مُظْلِماً" نَعْتاً لِ "قِطَعاً"، فَتَكونُ قدْ قَدَّمْتَ النَّعْتَ غيرَ الصَريحِ عَلى الصَريحِ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فإذا كانَ "مُظلماً" نَعْتاً لِ "قطعاً" فَكانَ حَقُّهُ أَنْ يَكونَ قَبْلَ الجُمْلَةِ، ولكنْ قَدْ يَجيءُ بَعْدَ هَذا، وتقديرُ الجُملةِ: (قطعاً استقرَّ مِنَ الليلِ مُظْلماً). على نحو قولِهِ في سورةِ الأنعامِ: {وهذا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} الآية: 155. قالَ أبو حيّان: ولا يَتَعيَّنُ تقديرُ العامِلِ في المجرورِ بالفِعْلِ فَيَكونُ جملةً، بَلِ الظاهِرُ تَقْديرُهُ باسْمِ الفاعِلِ، فَيَكونُ مِنْ قَبيلَ الوَصْفِ بالمُفْرَدِ، والتَقديرُ: قطعاً كائناً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً. قال السمينُ: المحذورُ تَقديمُ غيرِ الصَريحِ على الصَريحِ ولَوْ كانَ مُقَدَّراً بمُفْرَدٍ. وقيل: "قطعاً" مَنْصوبٌ بِ "أُغْشِيَتْ" مَفْعولاً ثانياً.
قرأ العامَّةُ: {وتُرْهقهم ذلَّةٌ} بالتاءِ مِنْ فوقِ، وقرئ: "ويَرْهقهم" بالياءِ مِنْ تحتِ، لأَنَّ تَأْنيثَها مَجَازِيٌّ.
وقرأَ العامَّةُ: {قِطَعاً منَ الليلِ مظلماً} بتحريكِ "قِطَعاً" جمعَ "قطعةٍ"، نحو: دِمْنةٍ وَدِمَنٍ، وكِسْرَةٍ وكِسَرٍ. وقَرَأَ ابْنُ كَثيرٍ والكِسائيُّ "قِطْعاً" بِسُكُون الطاءِ. فأما القراءَةُ الثانيةُ فاخْتُلِفَ فيها، فقالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: "القِطْعُ" ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ. وقالَ الأَخْفَشُ في قولِهِ: "بقِطْع من الليْلِ" بِسَوادٍ مِنَ الليلِ. وقالَ غيرُه: طائفٍ مِنَ الليلِ، وأَنْشَدَ الأَخْفَشُ لِعَبْدِ الرَحمنِ بْنِ الحَكَمِ بْنِ العاصِ:
افْتَحِي البابَ فانْظُري في النُّجومِ ......... كَمْ عَلَيْنا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهيمِ
وقيلَ البَيْتُ لِزِيادٍ الأعْجَمِ من قصيدةٍ له يمْدَحُ فيها أميرَ المؤمنينَ مُعاوِيَةَ بْنِ أبي سفيانٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
وقرأ أُبَيُّ بْنُ كعبٍ ـ رضي اللهُ عنه: "تَغْشى وُجوهَهُمْ قِطْعٌ" بالرَّفْعِ، و "مظلمٌ". وقرَأَ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ كذلِكَ، إلاَّ أَنَّهُ فَتَحَ الطاءَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 42
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 58
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 74

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: