روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150 I_icon_minitimeالسبت أغسطس 03, 2013 2:29 pm

إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً.
(146)
قولُه تبارك وتعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا} اسْتِثناءٌ مِنَ اللهِ ـ جَلَّ ثناؤه ـ استثنى به التائبين مِنْ نِفاقِهم.
قولُه: {وَأَصْلَحُواْ } أيْ أَصْلَحوا ما أَفسَدوا مِنْ نِيَّاتِهم وأَحوالِهم في حالِ النِّفاقِ، وقيل: ثَبَتوا على التوبةِ في المُستقبلِ، والأوَّلُ أَوْلى. وقال أبو جعفر: وأصْلَحوا أعمالَهم، فعمِلوا بما أَمرَهمُ اللهُ بِه، وأَدَّوا فرائضَهُ،
وانْتَهوا عَمّا نَهاهم عنْه، وانْزَجَروا عَنْ مَعاصيه.
وقولُه: {واعْتَصَموا باللهِ} أيْ تَمَسَّكوا بِشرْعِه وكتابِه الكريمِ، أو وَثَقوا به. فـ "الاعْتِصامُ" التَمَسُّكُ والتَعَلُّق. والاعْتِصامُ بالله: التَمَسُّكُ بعهدِهِ ومِيثاقِهِ الذي عَهِدَ في كتابِه إلى خَلْقِه، مِن طاعتِه وتَرْكِ مَعْصِيَتِه.
قولُه: {وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ} أيْ أَخلَصوا الدِّينَ للهِ وحدَهُ، وتَبَرَّؤوا مِنَ الآلِهَةِ والأنْدادِ، وصَدَّقوا رَسولَه، ولم يُريدوا بطاعتِهم للهِ وعِبادتِهم لَه إلّا وَجْهَهُ ورِضاهُ سبْحانَه لا رِياءَ النَّاسِ، ودَفْعَ الضَرَرِ كَما كانَ حالُهم في النِّفاقِ.
وأخْرَجَ أحمدُ والتِرْمِذِيُّ وغيرُهُما عن أبي ثُمامَةَ قال، قال الحواريون لعيسى بنِ مريمَ ـ عليه السلامُ: يا روحَ اللهِ مَنِ المُخْلِصُ لله؟ قال: الذي يَعْمَلُ لله تعالى لا يُحِبُّ أنْ يَحْمَدُهُ النَّاسُ عليه.
فمِنْ شَرْطِ التَّائِبِ مِنَ النِّفَاقِ أَنْ يُصْلِحَ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، وَيَعْتَصِمَ بِاللَّهِ أَيْ يَجْعَلُهُ مَلْجَأً وَمَعَاذًا، وَيُخْلِصَ دِينَهُ لِلَّهِ، كَمَا نَصَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِتَائِبٍ، وَلِهَذَا أَوْقَعَ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّسْوِيفِ لِانْضِمَامِ الْمُنَافِقِينَ إِلَيْهِمْ. ولَمْ يَشْتَرِطْ كُلَّ هذِه الشُروطِ في رُجوعِ أَحَدٍ عَنْ جُرْمِهِ مَا اشْتَرَطَ في رُجوعِ المُنافقينَ عَنْ نِفاقِهِمْ لِصُعُوبَةِ حالِهم في كُفْرِهمْ.
قولُه: {فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ} وبَعْدَ تَوبةِ هُؤُلاءِ المُنافِقين، وقِيامِهم بما كلَّفهم به قالَ: "فأؤلئك مَعَ المُؤمنين" ولَمْ يَقُلْ مِنَ المُؤمنين، إشارةً إلى نُقْصانِ رُتْبَتِهم حتّى وإنْ تَدَارَكوا بإخلاصِهم ما سَبَقَ مِنْ جرمِهم.
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْأَسْوَدِ (بنِ يزيدٍ النُخعيِّ) قَالَ: كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ (بنِ مسعودٍ) فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ نَزَلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ، قَالَ الْأَسْوَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ((إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)). فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ فَرَمَانِي بِالْحَصَى فَأَتَيْتُهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ: لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. قولُ حُذيْفةَ (أُنزِلَ النفاقُ) أيْ ابْتُليَ بِه واخْتُبِرَ، والمنافق. وقولُه: (خير منكم) لأنَّهم كانوا في طَبَقةِ الصَحابةِ ـ رَضيَ اللهُ عنهم ـ والمَقصودُ جَماعَةٌ نافَقوا ثُمَّ صَلُحوا واسْتَقاموا.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى "فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ" أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: حَادَ عَنْ كَلَامِهِمْ غَضَبًا عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ" وَلَمْ يَقُلْ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ.
قولُه: {وسَوفَ يؤتِ اللهُ المؤمنين أجرًا عظيمًا} وسوفَ يُعطي اللهُ هؤلاءِ الذين هذه صِفَتُهم، على توبَتِهم وإصْلاحِهم واعْتِصامِهم باللهِ وإخلاصِهم دينَهم له، وعلى إيمانِهم،  ثوابًا عظيمًا، وذلك: درجاتٌ في الجنَّةِ، كما أَعطى الذين ماتوا على النِّفاقِ مَنَازِلَ في النَّارِ، وهي السُفلى منها.
قولُهُ تعالى: {إِلاَّ الذين} منصوبٌ على الاستثناء مِنْ قولِه: {إِنَّ
المنافقين} أو هو مُستثنى من الضميرِ المَجرورِ في "لهم" ويمكن أن يكون مبتدأً، وخبرُه الجُملةُ مِن قولِه: {فأولئك مَعَ المؤمنين} قيل: ودَخَلَتِ الفاءُ في الخبرِ لِشبَهِ المُبْتَدأِ باسمِ الشَرْطِ. قال أبو البقاء ومكي وغيرُهما: "مع المؤمنين" خبرُ "أولئك" والجُمْلةُ خبرُ "إلا الذين" والتَقديرُ: فأولئكَ مؤمنونَ معَ المؤمنين، وهذا التَقديرُ لا تَقتضيه الصِناعةُ، بلِ الذي تقتضيه الصِناعةُ أنْ يُقَد‍َّر الخبرُ الذي يتعلَّقُ بِه هذا الظرفُ شيئًا يَليقُ به، وهو: "فأولئكَ مُصاحِبون أوْ كائنونَ أو مُسْتَقرّون" ونحوه، فتقدِّرُه كونًا مُطلَقًا أو ما يُقاربُه.
قولُه: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ} رُسِمَتْ "يؤت" دون "ياء" وهو مُضارعٌ مَرفوعٌ فَحَقُّ يائهِ أنْ تُثْبَتَ لَفظًا وخطًّا، إلّا أنَّها حُذِفَتْ لَفظًا في الوصلِ لالْتِقاءِ الساكنيْن فجاءَ الرسمُ تابعًا للفظِ، ومثلُه: {يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ} و{سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} و{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} حُذِفَتِ الواواتُ لالْتِقاءِ الساكنين. والقراءُ يَقفون عليْه دون ياءٍ اتِّباعًا للخَطِّ الكريم، إلَّا يعقوبَ فإنَّه يَقِفُ بالياءِ نظرًا إلى الأصلِ، ورُويَ ذلك أيضًا عن الكسائيِّ وحمزة. وقال أبو عَمْرو: يَنبغي أنْ لا يُوقَفَ عليها، لأنَّه إنْ وُقِفَ عليها كَما في الرَّسْمِ دونَ ياءٍ خالَفَ النَّحْويين، وإنْ وَقَفَ بالياءِ خالَفَ رَسْمَ المُصْحَفِ ولا بأسَ بما قالَ، لأنَّ الوقفَ ليس ضَروريًّا، فإنْ اضْطُرَّ إليْه واقفٌ لقَطْعِ نَفَسٍ ونحوِهِ فيَبغي أنْ يُتابَعَ الرَّسْمُ، لأنَّ الأطرافَ قد كَثُرَ حَذْفُها، ومِمَّا يُشبِهُ هذا المَوْضِعَ قولُهُ: {وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ} غافر: 9. فإنَّه رُسِمَ "تَقِ" بقافٍ دونَ هاءٍ سَكْتٍ، وعندَ النَّحويين أنَّه إذا حُذِفَ مِنَ الفِعلِ شيءٌ حتَّى لم يَبْقَ مِنْهُ إلَّا حرفٌ واحدٌ ووُقِفَ عليْه وَجَبَ الإِتيانُ بهاءِ السَكْتِ في آخرِهِ جَبْرًا لَه نحو: "قِهْ" و"لم يَقِه" و"عِه" و"لم يَعِه"، ولا يُعْتَدُّ بحرفِ المُضارَعَةِ لِزيادتِه على بُنْيَةِ الكَلِمَةِ فيَنبغي ألاَّ يُوقَفَ عليْه؛ لأنَّه إنْ وُقِفَ بِغيرِ هاءِ سَكْتٍ خالَفَ الصِناعَةَ النَّحْوِيَّةَ، وإنْ وُقِفَ بهاءٍ خالَفَ رَسْمَ المُصْحَفَ.
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً.
(147)
قولُهُ تبارك وتعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ لِلْمُنَافِقِينَ. التَّقْدِيرُ: أَيُّ مَنْفَعَةٍ لَهُ فِي عَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ، فاللهُ تَعَالَى شأنُّهُ لاَ يُعَذِّبُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ انْتِقَاماً مِنْهُ، وَلاَ طَلَباً لِنَفْعٍ، وَلاَ دَفْعاً لِضَرَرٍ، لأنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَهُوَ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِالنَّاسِ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِأَنْعُمِ رَبِّهِمْ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ قَدْ أَنْعَمُ عَلَيْهِمْ، بِالعَقْلِ وَالحَوَاسِّ وَالوِجْدَانِ، لَكِنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهَا فِي غَيْرِ مَا خُلِقَتْ لَهُ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً لِلاهْتِدَاءِ بِهَا إلَى وُجُودِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ وَلَوُ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَشَكَرُوا لَطَهُرَتْ أَرْوَاحُهُمْ، وَظَهَرَتْ آثَارُ ذَلِكَ فِي عُقُولِهِمْ، وَسَائِرِ أَعْمَالِهِمْ، التِي تُصْلِحُهُمْ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ ، وَاسْتَحَقُّوا بِذَلِكَ رِضْوَانَ اللهِ. فَنَبَّهَ تَعَالَى إلى أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ الشَّاكِرَ الْمُؤْمِنَ، لأَنَّ تَعْذِيبَهُ عِبَادَهُ لَا يَزِيدُ فِي مُلْكِهِ، وَتَرْكَهُ عُقُوبَتَهُمْ عَلَى فِعْلِهِمْ لَا يَنْقُصُ مِنْ سُلْطَانِهِ.
ووجُهُ التَعذيبِ أنَّ التأديبَ في الحِكمةِ واجبٌ فخَلَقَ اللهُ النارَ لِيَعْلَمَ الخَلقُ قَدْرَ جَلالِ اللهِ وكِبْريائهِ، ولِيَكونوا على هَيبةٍ وخوفٍ مِنْ صُنعِ جلالِه ولِيُؤدِّبَ بِها مَنْ لَمْ يَتَأدَّبَ بتأديبِ رُسُلِهِ، ولِيَعْتَبِرَ أهلُ العقلِ بالنَّظَرِ إليْها فى الدنيا وبالاسْتِماعِ لَها في الآخرةِ، ولِهذا السِرِّ عَلَّقَ النَبيُّ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ السَّوطَ حيثُ يَراهُ أهلُ البيتِ لِئَلَّا يَتركُوا الأدَبَ.
رُويَ أنَّ اللهَ تعالى قال لِمُوسى ـ عليه السَّلامُ ـ ما خلقتُ النارَ بُخْلًا مني ولكنْ أكْرَهُ أنْ أجمعَ أعدائي وأوليائي في دارٍ واحدةٍ. وأَدخلَ اللهُ بعضَ عُصاةِ المُؤمنين النَّارَ لَيَعرِفوا قَدْرَ الجَنَّةِ ومِقدارَ ما دَفَعَ اللهُ عنهم مِنَ عَظيمِ النَّقمةِ، لأنَّ تعظيمَ النِّعمةِ واجبٌ في الحِكْمَة.
قَالَ مَكْحُولٌ: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كُنَّ لَهُ، وَثَلَاثٌ مِنْ كن فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ، فَالْأَرْبَعُ اللَّاتِي لَهُ: فَالشُّكْرُ وَالْإِيمَانُ وَالدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الأنفال: 33. وقال تعالى: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ} الفرقان: 77. وَأَمَّا الثَّلَاثُ اللَّاتِي عَلَيْهِ: فَالْمَكْرُ وَالْبَغْيُ وَالنَّكْثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ} الفتح: 10. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فاطر: 43. وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} يونس: 23.
قولُه: {وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً) شاكرًا: أَيْ يَشْكُرُ عِبَادَهُ عَلَى طَاعَتِهِم له. أي يُثِيبُهُمْ، فَيَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ وَيُعْطِي عَلَيْهِ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ، وَذَلِكَ شُكْرٌ مِنْهُ عَلَى عِبَادَتِهِ.
والشُكرُ مِنَ العبدِ اعترافٌ بالنِّعمةِ الواصلةِ إليْه معَ ضُروبٍ مِنَ التَعظيمِ، والشُكرُ مِنَ اللهِ تَعالى رضاه عن طاعةِ عباده واضعافِ الثوابِ لهم، "عليمًا" بِحَقِّ شكركم وإيمانِكم، فيَستحيلُ أن لا يُوفِّيكم أُجورَكم.
قال الجرجانى فى قوله تعالى "لئن شكرتم لأزيدنكم" أي لَئِنْ شَكَرتمُ القُربَ لأَزيدنَّكم الأُنسَ. وعن عليٍ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ إذا وَصَلتْ إليكم أطرافُ النِّعمِ فلا تُنَفِّروا اقصاها بقلة الشكر معناه مَن لَّم يَشكُرِ النِّعَمَ الحاصلةَ لديْه الواصلةَ إليْه، حُرِمَ النِّعمَ الفائتةَ منه القاصيةَ عنه.
ذُكِرَ أنَّ الشُكرَ في الأصلِ اسْمٌ لِمعرِفةِ النِّعمةِ لأنَّها السبيلُ إلى معرفةِ المُنعمِ وله ثلاثُ درجاتٍ لأنَّه إذا نَظرَ إلى النِّعمةِ كالرِزقِ والخَلقِ يَنبعثُ منهُ شوقٌ إلى معرفةِ المُنعِمِ، وهذه الحَركةُ تُسمّى باليَقَظَةِ والشُكْرِ القَلبيِّ، والشُكْرِ المُبهَمِ لأنَّ مُنعِمَه لم يَتَّضحْ له تَعيينُه، وإنَّما عَرَفَ مُنعِمًا مّا، فهو منعِمٌ عليْه، فإذا تَيَقَّظَ لهذا وُفِّقَ لِنعمةٍ أَكبرَ منها، وهي المعرفةُ بأنَّ المنعمَ عليه هو الصَمَدُ الواسعُ الرحمةِ المُثيبُ المُعاقِبُ فتتحرَّكُ جَوارِحُه لِتعظيمِه؛ ويُضيفُ إلى شُكرِ الجَنانِ شُكرَ الأركانِ، ثمَّ يُنادي على ذلك الجميلِ باللِّسانِ، ويقول:
أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً .............. يَدِي وَلِسَانِي وَالضَّمِيرَ الْمُحَجَّبَا
والشكرُ مِن صفاتِ الله تعالى، وشأنُه الدائمُ أنَّه مُثيبُ الطائعِ، عليمٌ بما تُخفي الصُدورُ، فالآيةُ ذُيِّلتْ بما يَدُلُّ على الثوابِ والنَّعيمِ لأهلِ الإيمانِ، ومَنْ يَنضمُّ إليهم مِنَ التائبين، وفي الآية الكريمة ثلاثُ إشاراتٍ بيانيَّةٍ:
الأولى: التعبير بالاستفهام للإشارة إلى أنَّ اللهَ ـ تبارك وتعالى ـ رتَّبَ الجزاءَ على العملِ، وأنَّه يَجبُ على عبادِه أنْ يَعرِفوا ذلك ويُدركوه، وأنَّه ليس مِن المَعقولِ ـ معَ حكمتِه تعالى، وكريمِ وعدِه ـ أَلَّا يُعطي عاملًا عَمَلًا طَيِّبًا جزاءَ عملِه.
الثانية: تقديمُ الشُّكرِ على الإيمانِ، في قولِه تعالى: "إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ". وذلك أنَّ الرجلَ الذي يَتَّجِهُ إلى الخيرِ تَكونُ نفسُه مُدرِكةً للنِّعَمِ التي أَنعَمَ اللهُ بها على عبادِه، شاكرًا لأَنْعُمِه، قادرًا لها حقَّ قدرِها، فيَكونُ ذلك سبيلًا لِطَلَبِ الحَقيقةِ فيكونُ الإيمانُ، فالشُكرُ يؤدِّي إلى الإيمانِ، والإيمانُ يؤدّي إلى أَعظَمِ الشُكرِ.
الثالثة: أنَّ اللهَ ـ تعالتْ عَظَمتُه سَمَّى ثوابَ الطائعين شُكرًا منه، وفي ذلك إجلالٌ للطاعة، وتشريفٌ للمُطيعِ، ومِنَّةٌ وفضلٌ منْه ـ سبحانَه ـ فوق مِنَّتِه وفضلِه، وأنَّ هذا تعليمٌ لَنا لِنَشكُرَ للمُحسِنِ.
قوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُمْ} ما: استفهاميَّةٌ في مَحلِّ نصبٍ بـ "يفعل" وإنَّما قُدِّمَ لكونِه له صدرُ الكلامِ. والباءُ على هذا سببيةٌ متعلِّقةٌ بـ "يفعل"، والاستفهامُ هنا معناه النَّفيُ، ويمن اعتبارُ "ما" نافيةً كأنَّه قيلَ: لا يُعذِّبُكُمُ اللهُ، وعلى هذا فالباءُ زائدةٌ ولا تتعلَّقُ بشيءٍ. وهذين الوجهيْن شيءٌ واحدٌ في المعنى، فيَنبغي أنْ تكونَ سببيةً في الموضعيْن أوْ زائدةً فيهِما، لأنَّ الاسْتِفهامَ بمعنى النَّفيِ فلا فَرْقَ، والمصدرُ هنا مُضافٌ لِمفعولِه.
وقولُه: {إِن شَكَرْتُمْ} جوابُه محذوفٌ لِدَلالةِ ما قبلِه عليْه، أي: إنْ شَكرتمْ وآمنتُمْ فما يَفعلُ بعذابكم؟
وَالشُّكْرُ ضدُّ الكُفرِ الذي هو السَتْرُ، ومعنى الشُّكرِ فِي اللُّغَةِ الظُّهُورُ، يُقَالُ: دَابَّةٌ شَكُورٌ إِذَا أَظْهَرَتْ مِنَ السِّمَنِ فَوْقَ مَا تُعْطَى مِنَ الْعَلَفِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي الْمَثَلِ: (أَشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَةٍ) لِأَنَّهَا يُقَالُ: تَخْضَرُّ وَتَنْضُرُ بِظِلِّ السَّحَابِ دُونَ مَطَرٍ. والبَروق: ما يَكسو الأرضَ مِنْ أَوَّلِ خُضرةِ النَّباتِ. وقيلَ: هو نَبْتٌ معروفٌ. واللهُ أعلمُ.
 
 
 
 
بحمد اللهِ وتوفيقه تمَّ الجزءُ الخامسُ من الموسوعة القرآنيَّة فيض العليم من معاني الذكر الحكيم يوم الجمعة الواقع في السابع والعشرين من شهر شعبان: لعام 1434 من هجرة النبي الكريم عليه وآله وأصحابه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليم.
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
 
 
 
موسوعة قرآنية
تفسير  ـ أسبابنزول ـ قراءات ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة
 
 
 
اختيار وتأليف :
الشاعر: عبد القادر الأسود
المجلد السادس
 
لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ} عَدمُ مَحبَّتِه تعالى لِشىءٍ كِنايةً عن سخطِه، والمَحبَّةُ شأنٌ مِن شؤونِ اللهِ تعالى، لَا تَتشابَهُ معَ مَحَبَّتِنا، ولا معَ ما يَجري بينَنا مِنْ حُبٍّ وبُغضٍ؛ لأنَّ ذاتَ اللهِ تعالى مُنفردةٌ بصفاتِه، لَا تُشابِه ذاتَ المَخلوقين في شيءٍ، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى: 11.
والمَحَبَّةُ فوقَ الرضا، والرضا فوق من الإرادة، وهذه كلُّها صفاتٌ للذَّاتِ العَليَّةِ مُرَتَّبةٌ في القوَّةِ، فالإرادةُ تتعلَّقُ بالخَلْقِ والتَكوين، فما أرادَه اللهُ تعالى يَقعُ، وما لا يُريدُه لَا يُمكِنُ أنْ يَقَعَ.
و"السُوءُ" هو ما يَسوءُ الناسَ مِنْ أقوالٍ وأفعالٍ، سواءً كانتْ الإساءةُ عامَّةً أوْ خاصَّةً، وسواءً أَكانت الإساءةُ إلى الإنسانِ أمْ إلى الفضيلةِ، فكلُّ ما يَمَسُّ المُجتَمَعَ، ويَترتَّبُ عليه شَرٌّ وأذى، فهو مِنَ السُوءِ.
و"إِلَّا مَنْ ظَلَمَ" قيل الْمَعْنَى: إِلَّا مَنْ ظَلَمَ فِي فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَاجْهَرُوا لَهُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، فِي مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ فِعْلِهِ وَالتَّوْبِيخِ لَهُ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ، الْمَعْنَى لَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ تَابَ مِنَ النِّفَاقِ: أَلَسْتَ نَافَقْتَ؟ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ، أَيْ أَقَامَ عَلَى النِّفَاقِ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: "إِلَّا الَّذِينَ تابُوا". وَذَلِكَ أَنَّهُ سبحانه لما أخبر عن المنافقين أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ كَانَ ذَلِكَ جَهْرًا بِسُوءٍ مِنَ الْقَوْلِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ} النساء: 147. عَلَى مَعْنَى التَّأْنِيسِ وَالِاسْتِدْعَاءِ إِلَى الشُّكْرِ وَالْإِيمَانِ. ثُمَّ قَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ: "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" فِي إِقَامَتِهِ عَلَى النِّفَاقِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: أَلَسْتَ الْمُنَافِقَ الْكَافِرَ الَّذِي لَكَ فِي الْآخِرَةِ الدَّرْكُ الْأَسْفَلُ مِنَ النَّارِ؟ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يَجْهَرَ أَحَدٌ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، أَيْ لَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِالسُّوءِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَهُوَ ظَالِمٌ فِي ذَلِكَ. قُلْتُ: وَهَذَا شَأْنُ كَثِيرٍ مِنَ الظَّلَمَةِ وَدَأْبِهِمْ، فَإِنَّهُمْ مَعَ ظُلْمِهِمْ يَسْتَطِيلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيَنَالُونَ مِنْ عِرْضِ مَظْلُومِهِمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ.
ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" فَقَالَ سُوءً، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَحَادِيثُ مِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((خُذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ)). وَقَوْلُهُ: ((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)). قَالُوا: هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: ((تَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ)). وَقَالَ الْفَرَّاءُ: "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" يَعْنِي وَلَا مَنْ ظَلَمَ. أَيْ لَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ ظَلَمَنِي فُلَانٌ، ولَا يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ بِهِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْجَهْرِ بِالسُّوءِ وَمَا هُوَ الْمُبَاحُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الرَّجُلُ يَظْلِمُ الرَّجُلَ فَلَا يَدْعُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اسْتَخْرِجْ حَقِّي، اللَّهُمَّ حُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ ظُلْمِي. فَهَذَا دُعَاءٌ فِي الْمُدَافَعَةِ وَهِيَ أَقَلُّ مَنَازِلِ السُّوءِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْمُبَاحُ لِمَنْ ظُلِمَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، وَإِنْ صَبَرَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، فَهَذَا إِطْلَاقٌ فِي نَوْعِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ. وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَالسُّدِّيُّ: لَا بَأْسَ لِمَنْ ظُلِمَ أَنْ يَنْتَصِرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِ ظُلْمِهِ وَيَجْهَرَ لَهُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَيلَ "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" مَعْنَاهُ، إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَجْهَرَ بِسُوءٍ مِنَ الْقَوْلِ كُفْرٍ أَوْ نَحْوِهِ فَذَلِكَ مُبَاحٌ. وَالْآيَةُ عَلَى هَذَا فِي الْإِكْرَاهِ، وَكَذَا قَالَ قطرب: "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" يُرِيدُ الْمُكْرَهَ، لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ وَإِنْ كَفَرَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" عَلَى الْبَدَلِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، أَيْ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الظَّالِمَ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: يُحِبُّ مَنْ ظُلِمَ أَيْ يَأْجُرُ مَنْ ظُلِمَ. وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ ذَا الْجَهْرِ بِالسُّوءِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، عَلَى الْبَدَلِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي الضِّيَافَةِ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ ضافَ رَجلًا بِفَلاةٍ مِنَ الأرضِ فلم يُضَيِّفْهُ فَنَزَلَتْ "إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" فِي الرَّجُلِ يَمُرُّ بِالرَّجُلِ فَلَا يُضِيفُهُ فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: إِنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ ضِيَافَتَهُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ مَنْ أَوْجَبَ الضِّيَافَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، قَالُوا: لِأَنَّ الظُّلْمَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.
وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلَا يقرونا، فما ترى في ذلك؟  فقال: ((إذا نَزَلتَ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضيفِ الذي يَنبغي لهم))، وعن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((أَيُّمَا مُسْلِمٍ ضَافَ قَوْمًا فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَإِنَّ حَقًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ نَصْرَهُ حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَتِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ)). تَفَرَّدَ به أحمد.
وَمِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمْثَالِهَا ذَهَبَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ إِلَى وُجُوبِ الضِّيَافَةِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: إنَّ لي جَارًا يُؤْذِينِي، فَقَالَ لَهُ: ((أَخْرِجْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ))، فَأَخَذَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ فَطَرَحَهُ عَلَى الطريق، فكلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ قَالَ: مَالَكَ؟ قَالَ جَارِي يُؤْذِينِي، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْزِهِ قَالَ، فقالَ الرجلُ ارْجِعْ إلى منزِلِكَ واللهِ لا أُوذيك أبداً.
وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَنْتَصِرَ مِن ظالِمِه ـ ولكنْ معَ اقتِصادٍ ـ إنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَا قَالَ الْحَسَنُ، فَأَمَّا أَنْ يُقَابِلَ الْقَذْفَ بِالْقَذْفِ وَنَحْوِهِ فَلَا. وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَأَرْسِلْ لِسَانَكَ وَادْعُ بِمَا شِئْتَ مِنَ الْهَلَكَةِ وَبِكُلِّ دُعَاءٍ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَيْثُ قَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ)). وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ)). سَمَّاهُمْ. وَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا بِالظُّلْمِ دُعِيَ عَلَيْهِ جَهْرًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِرْضٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا بَدَنٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا مَالٌ مُحْتَرَمٌ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُودَ عَنْ أمِّ المُؤمنين السيدة عَائِشَةَ ـ رضي اللهُ عنها ـ قال: سُرِقَ لها شيءٌ فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ)). أَيْ لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ الْعُقُوبَةَ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَمْرٍو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ)). وليُّ الواجدِ: يعني مطل القادر على وفاء دينِه. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يُحِلُّ عِرْضَهُ يُغَلِّظُ لَهُ، وَعُقُوبَتُهُ يُحْبَسُ لَهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ)). فَالْمُوسِرُ الْمُتَمَكِّنُ إِذَا طُولِبَ بِالْأَدَاءِ ومَطَلَ ظَلَمَ، وذلك يُبيحُ مِنْ عِرْضِهِ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: فُلَانٌ يَمْطُلُ النَّاسَ وَيَحْبِسُ حُقُوقَهُمْ وَيُبِيحُ ذلك لِلْإِمَامِ أَدَبَهُ وَتَعْزِيرَهُ حَتَّى يَرْتَدِعَ عَنْ ذَلِكَ، وحُكِيَ مَعْنَاهُ عَنْ سُفْيَانَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُبَارَكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِ الْعَبَّاسِ فِي عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ بِحَضْرَةِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ. الْحَدِيثَ. وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لِأَنَّهَا كَانَتْ حُكُومَةً، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتَقِدُهَا لِنَفْسِهِ، حَتَّى أَنْفَذَ فِيهَا عَلَيْهِمْ عُمَرُ الْوَاجِبَ، وهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إِذَا اسْتَوَتِ الْمَنَازِلُ أَوْ تَقَارَبَتْ، وَأَمَّا إِذَا تَفَاوَتَتْ، فَلَا تُمَكَّنُ الْغَوْغَاءُ مِنْ أَنْ تَسْتَطِيلَ عَلَى الْفُضَلَاءِ، وَإِنَّمَا تَطْلُبُ حَقَّهَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِظُلْمٍ وَلَا غَضَبٍ، وَهَذَا صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ الْآثَارُ. وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَهُ مِنَ الْعَبَّاسِ الْغَضَبُ وَصَوْلَةُ سُلْطَةِ الْعُمُومَةِ! فَإِنَّ الْعَمَّ صِنْوُ الْأَبِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَبَ إِذَا أَطْلَقَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَلَى وَلَدِهِ إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الْإِغْلَاظَ وَالرَّدْعَ مُبَالَغَةً فِي تَأْدِيبِهِ، لَا أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِتِلْكَ الْأُمُورِ، ثُمَّ انْضَافَ إِلَى هَذَا أَنَّهُمْ فِي مُحَاجَّةِ وِلَايَةٍ دِينِيَّةٍ، فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ فِيهَا لَا تَجُوزُ، وَأَنَّ مُخَالَفَتَهُ فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَتَّصِفَ الْمُخَالِفُ بِتِلْكَ الْأُمُورِ، فَأَطْلَقَهَا بِبَوَادِرِ الْغَضَبِ عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَلَمَّا عَلِمَ الْحَاضِرُونَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً}. تَحْذِيرٌ لِلظَّالِمِ حَتَّى لَا يَظْلِمَ، وَلِلْمَظْلُومِ حَتَّى لَا يَتَعَدَّى الْحَدَّ فِي الِانْتِصَارِ. "سَمِيعاً" بجميعِ المسموعات، فيندرج فيها كلامُ المظلومِ والظالِمِ "عَلِيماً" بجميع المعلومات التي من جُملتِها حالُ المظلومِ والظالم، والجُملةُ تَذييلٌ مُقرِّرٌ لِما يُفيدُه الاستِثناءُ ولا يَأبى ذلك التعميمُ كما تُوُهِّمَ.
ووَجهُ رَبطِ هذه الآيةِ بما قبلَها أنَّه لمَّا فرغ ـ سبحانَه ـ من إيرادِ بيانِ رحمتِه وتقريرِ إظهارِ رأفتِه جاء بقوله ـ جلَّ وعَلا: "لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء" تَتْميمًا لذلك وتعليمًا للعِبادِه التخلُّقَ بأخلاقِه ـ جَلَّ جلالُه.
وقد وَرَدَ في سَبَبِ نُزولِها ما رَواهُ الإمامُ أَحمد في مُسنَدِه، عن مُقاتل ـ رضي اللهُ عنهما: نَزَلَتْ في أبي بَكرٍ الصِدِّيقِ ـ رضي اللهُ عنه، وذلك أنَّ رجلًا نالَ منه والنبيُّ حاضرٌ فسَكَتَ عنْه أبو بَكْرٍ مراراً، ثمَّ رَدَّ عليْه، فقامَ النبيُّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فقال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ شَتَمَني فلمْ تَقُلْ لَه شيئًا حتى إذا رَدَدْتُ عليْه قُمتَ، قالَ: ((إنَّ مَلَكًا كان يُجيبُ عنكَ، فلمّا رَدَدْتَ عليْه ذَهَبَ المَلَكُ وجاءَ الشيطانُ فقُمتُ)). ونَزَلَتْ هذِه الآيةُ.
قوله تعالى : {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسواء} بالسوء: مُتَعلِّقٌ بالجَهْرِ، وهو مَصدرٌ مُعرَّفٌ بـ "أل" اسْتَدَلَّ بِهِ الفارسي على جَوازِ إعْمالِ المَصدرِ المُعرَّفِ بأل. قيلَ: ولا دَليلَ فيه لأنَّ الظَرْفَ والجارَّ يَعمَلُ فيهما روائح الأفعال. وفاعلُ هذا المصدرِ محذوفٌ أي: الجهر أحد، وقد تقدَّمَ أنَّ الفاعلَ يَطَّرِدُ حَذْفُه في صُوَرٍ منْها المَصدرُ، ويَجوزُ أنْ يَكونَ الجَهرُ مَأخوذًا مِنْ فِعْلٍ مَبْنِيٍّ للمفعولِ على خلافٍ في ذلك، فيَكونُ الجارُّ بعدَه في مَحَلِّ رَفْعٍ لِقِيامِهِ مَقامَ الفاعلِ، لأنَّك لو قلتَ: لا يُحِبُّ اللهُ أنْ يُجهَرَ بالسوءِ، كان "بالسوء" قائمًا مَقامَ الفاعلِ ولا تَعَلُّقَ لَه حينئذٍ بِه. و"من القول" حالٌ من "السوء".
قولُه: {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} استثناءٌ متَّصِلٌ، مستثنى من "أحد" المُقدَّرِ الذي هو فاعلٌ للمَصدرِ، و"مَن" يَجوزُ أنْ تكون في محلِّ نصبٍ على أصلِ الاسْتِثناءِ ويجوزُ أنْ تكونَ في محلِّ رفعٍ على البَدَلِ مِنْ "أحد" أو أنَّه استِثناءٌ مُنْقَطِعٌ، أي: لا يُحِبُّ اللهُ أنْ يَجْهَرَ أحدٌ بالسُوءِ إلَّا المَظلومُ، أو المظلومَ، رَفْعًا ونَصْبًا. وهذا مذهبُ الفَرَّاءِ، أَجازَ في "ما قام إلَّا زيدٌ" أنْ يكونَ "زيدٌ" بدلاً من "أحدٌ" وأَمَّا على مذهبِ الجُمهورِ فإنَّه يكونُ مِنَ المُستَثنى الذي فُرِّغَ لَه العاملُ فيكونُ مَرْفوعًا على الفاعِليَّةِ بالمَصدَرِ، وحَسَّنَ ذلك كونُ الجَهرِ في حَيِّزِ النَفْيِ، كأنَّه قيلَ: لا يَجْهَرُ بالسوءِ مِنَ القولِ إلَّا المَظلومُ. والفرقُ ظاهرٌ بيْنَ مَذْهَبِ الفَرَّاءِ وبيْنَ هذه الآيةِ لأنَّ المحذوفَ صارَ نَسْيًا مَنْسِيًّا، وأمَّا فاعلُ المَصدرِ هنا فإنَّه كالمَنطوقِ بِه ليس مَنْسِيًّا فلا يَلْزَمُ مِنْ تَجويزِهم الاستثناءَ مِنْ هذا الفاعلِ المقدَّرِ أنْ يَكونوا تابعين لِمذهبِ الفرَّاءِ لِما ظَهَرَ مِنَ الفَرقِ. وقيلَ: هو مستثنًى مُفرَّغٌ، فتَكونُ "مَنْ" في محلِّ رَفْعٍ بالفاعِلِيَّةِ كما تقدَّمَ تقريرُه، والتَفريغُ لا يَكونُ إلَّا في نَفْيٍ أو شبهِه، ولكنْ لَمَّا وَقعَ الجَهرُ متعلِّقًا للحُبِّ الواقعِ في حَيِّزِ النَفْيِ ساغَ ذلك. وقيلَ: هو مُستثنى مِنَ الجَهْرِ على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: إلّا جَهْرَ مَنْ ظُلِم، فهذِه ثلاثةُ أَوْجِهٍ على تقديرِ كونِه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 146 ـ 147 ـ 148 ـ 149 ـ 150
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 47
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 6
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 21
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 36
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 69

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: