روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 25

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  25 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  25 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 25   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  25 I_icon_minitimeالسبت مايو 04, 2013 2:13 pm

وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ
الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ
الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ
فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ
أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ
ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
(25)


قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَمَنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا
}
تخفيفٌ من اللهِ تعالى فِي النِّكَاحِ بجوازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِمَنْ لَمْ
يَجِدِ الطَّوْلَ في نكْحِ الحرائرِ. والطَوْلُ (بِفَتْحِ الطَّاءِ) السَّعَةُ
وَالْغِنَى فِي الْإِفْضَالِ وَالْقُدْرَةِ. وَفُلَانٌ ذُو طَوْلٍ أَيْ ذُو
قُدْرَةٍ في مالٍ. وإنَّما سُمِّيَ الغِنى طَوْلاً لأنَّه يُنالُ به مِنَ المُرادِ
ما لا يُنالُ مع الفَقرِ. والمُرادُ هاهنا القُدرةُ على المَهْرِ وهو قولُ أَكْثَرِ
أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو
ثَوْرٍ. والطَّوْلُ كُلُّ مَا يُقْدَرُ بِهِ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ
عَرَضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَلِيٍّ، وَكُلُّ مَا يُمْكِنُ بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ
فَهُوَ طَوْلٌ. وقيل الطَّوْلُ هو الْجَلَدُ وَالصَّبْرُ لِمَنْ أَحَبَّ أَمَةً
وهوِيَها حتّى صار لذلك لا يَسْتَطيعُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا، فَإِنَّ لَهُ
أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ هَوَاهَا وَخَافَ أَنْ يَبْغِيَ
بِهَا وَإِنْ كَانَ يَجِدُ سَعَةً فِي الْمَالِ لِنِكَاحِ حُرَّةٍ، فَيَكُونُ
قَوْلُهُ تَعَالَى: "
لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ"
عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ عَدَمُ الْجَلَدِ. وَعَلَى هذا يَكُونُ تَزوُّجُ
الْأَمَةِ مُعَلَّقًا بِشَرْطَيْنِ: عَدَمُ السَّعَةِ فِي الْمَالِ، وَخَوْفُ
الْعَنَتِ، فَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا. وَهَذَا هُوَ نَصُّ مَذْهَبِ
مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً، وَلَا
يُقَرَّانِ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ الشَّرْطَانِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تعالى.
وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ
وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ
وَغَيْرُهُ. فَإِنْ وَجَدَ الْمَهْرَ وَعَدِمَ النَّفَقَةَ فَقَالَ مَالِكٌ فِي
كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً. وقَالَ مُجَاهِدٌ:
مِمَّا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ نِكَاحُ الْأَمَةِ
وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا. وَقَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ
أَيْضًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ خَوْفَ الْعَنَتِ. فَالْآيَةُ عَلَى هَذَا أَصْلٌ فِي
جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ مُطْلَقًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَبِهِ يَأْخُذُ
سُفْيَانُ، وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَحَدَّثَنِي. عَنِ
ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِذَا نُكِحَتِ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ
كَانَ لِلْحُرَّةِ يَوْمَانِ وَلِلْأَمَةِ يَوْمٌ. قَالَ: وَلَمْ يَرَ عَلِيٌّ
بِهِ بَأْسًا. وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى: "
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ
ذلِكُمْ
". وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ
طَوْلًا
) إِلَى قَوْلِهِ: "ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ
مِنْكُمْ
"، لِقَوْلِهِ عَزَّ
وَجَلَّ: {فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ
فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً}. وَقَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى
أَنَّ لِلْحُرِّ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا وَإِنْ خَافَ أَلَّا يَعْدِلَ.
قَالُوا: وَكَذَلِكَ لَهُ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ
غَيْرَ خَائِفٍ لِلْعَنَتِ. و"
الْعَنَتُ"
الزِّنَا، فَإِنْ عَدِمَ الطَّوْلَ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ
نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَ الطَّوْلَ وَخَشِيَ الْعَنَتَ. وقدَّموا
الْأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ عَلَىِ الحُرَّةِ الكِتَابِيَّةٍ. وقيل فِي الرَّجُلِ
يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهَا: النِّكَاحَ
ثَابِتٌ ولِلْحُرَّةِ الْخِيَارُ إِذَا عَلِمَتْ فِي أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ أَوْ
تُفَارِقَهُ. فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ الْحُرَّةُ وَاحْتَاجَ إِلَى أُخْرَى وَلَمْ
يَقْدِرْ عَلَى صَدَاقِهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ حَتَّى
يَنْتَهِيَ إِلَى أَرْبَعٍ بِالتَّزْوِيجِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. ولا يَكُونَ
لَهَا خِيَارٌ، لِأَنَّهَا قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهُ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ،
وَعَلِمَتْ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ أَمَةً،
وَمَا شَرَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهَا كَمَا شَرَطَتْ عَلَى نَفْسِهَا،
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ اللَّهِ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ـ عِلْمُهَا.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
الْمُحْصَناتِ} يُرِيدُ الْحَرَائِرَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّقْسِيمُ
بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ}.
والفَتَياتُ: الإماءُ، فإنَّ الإسلامَ لا يُعَبِّرُ عنِ العبدِ إذا أُضيفَ إلى مَولاهُ
بالعبد فيقولُ: فلان عبدُ فلان، بل يُعبِّرُ عنْه بالفَتى، وهذا مِن أَدَبِ الإسلامِ
وتكريمِ الإنْسانِ، ولذا ورَدَ في الحديث الصحيح: ((لا يَقولَنَّ أَحدُكم عبدي وأَمَتي
ولكنْ لِيَقُلْ فتايَ وفتاتي)). متَّفقٌ عليه. كما نهى النبيُّ العبدَ عن أنْ يَقولَ:
سَيِّدي وسيِّدتي، بلْ يقول: مولاي ومولاتي. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا
يَجُوزُ لِلْحُرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ الطَّوْلَ وَيَخْشَى الْعَنَتَ مِنْ نِكَاحِ
الْإِمَاءِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ:
لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ:
لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الْإِمَاءِ أَكْثَرَ مِنَ اثْنَتَيْنِ. وَقَالَ
الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ
مِنَ الْإِمَاءِ إِلَّا وَاحِدَةً. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٍ
وَجَمَاعَةٍ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "
ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ
مِنْكُمْ
" وَهَذَا الْمَعْنَى
يَزُولُ بِنِكَاحِ وَاحِدَةٍ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
فَمِنْ
مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
} أَيْ
فَلْيَتَزَوَّجْ بِأَمَةِ الْغَيْرِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ
لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ نَفْسِهِ، لِتَعَارُضِ الْحُقُوقِ
وَاخْتِلَافِهَا.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
مِنْ
فَتَياتِكُمُ
} أَيِ الْمَمْلُوكَاتِ، وَهِيَ
جَمْعُ فَتَاةٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْمَمْلُوكِ: فَتًى، وَلِلْمَمْلُوكَةِ
فَتَاةٌ. ويُطْلَقُ أيضاً لَفْظُ الْفَتَى وَالْفَتَاةِ عَلَى الْأَحْرَارِ فِي
ابْتِدَاءِ الشَّبَابِ، فَأَمَّا فِي الْمَمَالِيكِ فَيُطْلَقُ فِي الشَّبَابِ
وَفِي الْكِبَرِ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
الْمُؤْمِناتِ} بَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ
بِالْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، فَهَذِهِ الصِّفَةُ مُشْتَرَطَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ
وَأَصْحَابِهِ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَمُجَاهِدٍ. وَقَالَتْ
طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: نِكَاحُ الْأَمَةِ
الْكِتَابِيَّةِ جَائِزٌ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَاللَّهُ
أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ
}
الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِبَوَاطِنِ الْأُمُورِ وَلَكُمْ ظَوَاهِرُهَا،
وَكُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ وَأَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، فَلَا
تَسْتَنْكِفُوا مِنْ التَّزَوُّجِ بِالْإِمَاءِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ
كَانَتْ حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِسِبَاءٍ أَوْ كَانَتْ خَرْسَاءَ وَمَا أَشْبَهَ
ذَلِكَ. فَفِي اللَّفْظِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ إِيمَانُ أَمَةٍ
أَفْضَلَ مِنْ إيمانِ بعضِ الحرائرِ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
بَعْضُكُمْ
مِنْ بَعْضٍ
} الْمَعْنَى أَنْتُمْ بَنُو
آدَمَ. وَقِيلَ: أَنْتُمْ مُؤْمِنُونَ. وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ
تَوْطِئَةُ نُفُوسِ الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَهْجِنُ وَلَدَ الْأَمَةِ
وَتُعَيِّرُهُ وَتُسَمِّيهِ الْهَجِينَ، فَلَمَّا جَاءَ الشَّرْعُ بِجَوَازِ
نِكَاحِهَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ التَّهْجِينَ لَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنَّمَا
انْحَطَّتِ الْأَمَةُ فَلَمْ يَجُزْ لِلْحُرِّ التَّزَوُّجُ بِهَا إِلَّا عِنْدَ
الضَّرُورَةِ، لِأَنَّهُ تَسَبُّبٌ إِلَى إِرْقَاقِ الْوَلَدِ، وَأَنَّ الْأَمَةَ
لَا تَفْرُغُ لِلزَّوْجِ عَلَى الدَّوَامِ، لِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِخِدْمَةِ
الْمَوْلَى.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
فَانْكِحُوهُنَّ
بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ
} أَيْ
بِوِلَايَةِ أَرْبَابِهِنَّ الْمَالِكِينَ وَإِذْنِهِمْ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا
يَنْكِحُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكٌ لَا أَمْرَ
لَهُ، وَبَدَنُهُ كُلُّهُ مُسْتَغْرَقٌ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ
الْعَبْدَ إِذَا تَزَوَّجَ بغير إذن سَيِّدِه فإنْ أجاز السَّيِّدُ جَازَ،
وَالْأَمَةُ إِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا فُسِخَ وَلَمْ يَجُزْ
بِإِجَازَةِ السَّيِّدِ، لِأَنَّ نُقْصَانَ الْأُنُوثَةِ فِي الْأَمَةِ يَمْنَعُ
مِنَ انْعِقَادِ النِّكَاحِ الْبَتَّةَ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
}
دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ لِلْأَمَةِ. و"
بِالْمَعْرُوفِ" مَعْنَاهُ بِالشَّرْعِ وَالسُّنَّةِ، وَهَذَا
يَقْتَضِي أَنَّهُنَّ أَحَقُّ بِمُهُورِهِنَّ مِنَ السَّادَةِ. وزعمَ بَعْضُهم إنَّه
إِذَا زَوَّجَ السيِّدُ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَلَا مَهْرَ. وَهَذَا خِلَافُ
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.



قولُه:
{
مُحْصَناتِ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ} مُحْصَناتِ



أَيْ عَفيفات.
"
غَيْرَ مُسافِحاتٍ" أَيْ غَيْرَ زَوَانٍ، أَيْ مُعْلِنَاتٍ بِالزِّنَا،
لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ فِيهِمُ الزَّوَانِي فِي الْعَلَانِيَةِ،
وَلَهُنَّ راياتٌ منصوباتٌ. "
وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ" أيْ أَصْدِقَاءَ عَلَى الْفَاحِشَةِ، أَيْ
أَصْحَابًا، وَقِيلَ: الْمُسَافِحَةُ الْمُجَاهِرَةُ بِالزِّنَا، أَيِ الَّتِي
تُكْرِي نَفْسَهَا لِذَلِكَ. وَذَاتُ الْخِدْنِ هِيَ الَّتِي تَزْنِي سِرًّا.
وَقِيلَ: الْمُسَافِحَةُ الْمَبْذُولَةُ، وَذَاتُ الْخِدْنِ الَّتِي تَزْنِي
بِوَاحِدٍ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَعِيبُ الْإِعْلَانَ بِالزِّنَا، وَلَا تَعِيبُ
اتِّخَاذَ الْأَخْدَانِ، ثُمَّ رَفَعَ الْإِسْلَامُ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ
نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما
بَطَنَ}، الأنعام: 151.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
فَإِذا
أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى
الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ
}
زُوِّجْنَ. وقيل: أَسْلَمْنَ. "
فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ "فَإِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ "فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى
الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ
" جُلِدَتْ
نِصْفَ جَلْدِ الْحُرَّةِ، وأيضًا فإِحْصَانُهَا هو إِسْلَامُهَا فِي قَوْلِ
الْجُمْهُورِ: ابْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَعَلَيْهِ فَلَا تُحَدُّ كَافِرَةٌ إِذَا زَنَتْ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِحْصَانُهَا التَّزَوُّجُ
بِحُرٍّ. فَإِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ التي لم تتزوجْ فلا حَدَّ عليها،
قاله سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ. قَالَ: وَفِي
حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِّ
الْأَمَةِ فَقَالَ: إِنَّ الْأَمَةَ أَلْقَتْ فَرْوَةَ رَأْسِهَا مِنْ وَرَاءِ
الدَّارِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْفَرْوَةُ جِلْدَةُ الرَّأْسِ. قَالَ أبو عبيد:
وَهُوَ لَمْ يُرِدِ الْفَرْوَةَ بِعَيْنِهَا، وَكَيْفَ تُلْقِي جِلْدَةَ رَأْسِهَا
مِنْ وَرَاءِ الدَّارِ، وَلَكِنَّ هَذَا مَثَلٌ! إِنَّمَا أَرَادَ بِالْفَرْوَةِ
الْقِنَاعَ، يَقُولُ لَيْسَ عَلَيْهَا قِنَاعٌ وَلَا حِجَابٌ، وَأَنَّهَا تَخْرُجُ
إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ يُرْسِلُهَا أَهْلُهَا إِلَيْهِ، لَا تَقْدِرُ عَلَى
الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ، فَتَصِيرُ حَيْثُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ
مِنَ الْفُجُورِ، مِثْلَ رِعَايَةِ الْغَنَمِ وَأَدَاءِ الضَّرِيبَةِ وَنَحْوِ
ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِذَا فَجَرَتْ، لِهَذَا
الْمَعْنَى. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِحْصَانُهَا التَّزَوُّجُ، إِلَّا أَنَّ
الْحَدَّ وَاجِبٌ عَلَى الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ غَيْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ
بِالسُّنَّةِ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّهُ قِيلَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، الْأَمَةُ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا
الْحَدَّ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَالْمُتَزَوِّجَةُ مَحْدُودَةٌ بِالْقُرْآنِ،
وَالْمُسْلِمَةُ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ مَحْدُودَةٌ بِالْحَدِيثِ. وفِي قَوْلِ
مَنْ قالَ "
فَإِذا أُحْصِنَّ"
أَسْلَمْنَ: بُعْدٌ، لأنَّ ذِكرَ الْإِيمَانِ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُنَّ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى "
مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ". وأمّا مَنْ قال: "فَإِذا أُحْصِنَّ" أيْ تَزَوَّجْنَ، وَأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى
الْأَمَةِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ
وَأَحْسَبُهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا هَذَا الْحَدِيثَ. فإذا زَنَتِ الْأَمَةُ وَقَدْ
أُحْصِنَتْ مَجْلُودَةٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَإِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ
مَجْلُودَةٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَا
رَجْمَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ عقوبةَ الأَمَةِ نصفُ عقوبةِ الحرَّةِ كونَها ليستْ
مالكةً لأمرِ نفسِها والرَّجْمَ لَا يَتَنَصَّفُ. وظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ يَقْتَضِي أَلَّا حَدَّ عَلَى أَمَةٍ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً إِلَّا
بَعْدَ التَّزْوِيجِ، ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِجَلْدِهَا وَإِنْ لَمْ تُحْصَنْ،
فَكَانَ ذَلِكَ زِيَادَةَ بَيَانٍ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِيمَا ذَكرَ ابْنُ
الْمُنْذِرِ: وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي رَجْمِهِمَا فَإِنَّهُمَا يُرْجَمَانِ
إِذَا كَانَا



مُحْصَنَيْنِ،
وَإِنْ كَانَ إِجْمَاعٌ فَالْإِجْمَاعُ أَوْلَى.



وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ:
مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يَحُدَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ فِي الزِّنَا أَهْلُوهُمْ،
إِلَّا أَنْ يُرْفَعَ أَمْرُهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ
يَفْتَئتَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((إِذَا
زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا الْحَدَّ)). وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ فِي خُطْبَتِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَقِيمُوا عَلَى
أَرِقَّائِكُمُ الْحَدَّ، مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ، فَإِنَّ
أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ زَنَتْ
فَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِدَهَا، فَإِذَا هِيَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ، فَخَشِيتُ
إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَقْتُلُهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: ((أَحْسَنْتَ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ. وَأَسْنَدَهُ النَّسَائِيُّ وَقَالَ فِيهِ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَقِيمُوا الْحُدُودَ
عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مَنْ أُحْصِنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ))
وَهَذَا نَصٌّ فِي إِقَامَةِ السَّادَةِ الْحُدُودَ عَلَى الْمَمَالِيكِ مَنْ
أُحْصِنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصَنْ. قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَحُدُّ الْمَوْلَى عَبْدَهُ فِي الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ إِذَا
شَهِدَ عِنْدَهُ الشُّهُودُ بِذَلِكَ، وَلَا يَقْطَعُهُ فِي السَّرِقَةِ،
وَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ. وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ
مِنَ الصَّحَابَةِ ـ رضوان اللهِ عليهم ـ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحُدُودَ عَلَى
عَبِيدِهِمْ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ
الصَّحَابَةِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْتُ
بَقَايَا الْأَنْصَارِ يَضْرِبُونَ الْوَلِيدَةَ مِنْ وَلَائِدِهِمْ إِذَا زَنَتْ،
فِي مَجَالِسِهِمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْعَبِيدِ
وَالْإِمَاءِ السُّلْطَانُ دُونَ الْمَوْلَى فِي الزِّنَا وَسَائِرِ الْحُدُودِ،
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَحُدُّهُ الْمَوْلَى
فِي كُلِّ حَدٍّ وَيَقْطَعُهُ، وَاحْتَجَّ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يَحُدُّهُ فِي الزِّنَا، وَهُوَ
مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.



فَإِنْ
زَنَتِ الْأَمَةُ ثُمَّ عُتِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَحُدَّهَا سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ
لَهُ سَبِيلٌ إِلَى حَدِّهَا، وَالسُّلْطَانُ يَجْلِدُهَا إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ
عِنْدَهُ، فَإِنْ زَنَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهَا أَنْ
يَجْلِدَهَا أَيْضًا لِحَقِّ الزَّوْجِ، إِذْ قَدْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَهَذَا
مَذْهَبُ مَالِكٍ إِذَا لَمْ يَكُنِ الزَّوْجُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ، فَلَوْ كَانَ،
جَازَ لِلسَّيِّدِ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّهُمَا حَقُّهُ.



فَإِنْ
أَقَرَّ الْعَبْدُ بِالزِّنَا وَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْحَدَّ يَجِبُ
عَلَى الْعَبْدِ لِإِقْرَارِهِ، وَلَا الْتِفَاتَ لِمَا أَنْكَرَهُ الْمَوْلَى،
وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ
الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ. وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى
أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ ثُمَّ أُعْتِقَتْ حُدَّتْ حَدَّ الْإِمَاءِ، وَإِذَا
زَنَتْ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ بِالْعِتْقِ ثُمَّ عَلِمَتْ وَقَدْ حُدَّتْ أُقِيمَ
عَلَيْهَا تَمَامُ حَدِّ الْحُرَّةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.



وَاخْتَلَفُوا
فِي عَفْوِ السَّيِّدِ عَنْ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ إِذَا زَنَيَا، فَكَانَ الْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَعْفُوَ. وَقَالَ غَيْرُ الْحَسَنِ: لَا
يَسَعُهُ إِلَّا إِقَامَةُ الْحَدِّ، كَمَا لَا يَسَعُ السُّلْطَانَ أَنْ يَعْفُوَ
عَنْ حَدٍّ إِذَا عَلِمَهُ، لَمْ يَسَعِ السَّيِّدَ كَذَلِكَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ
أَمَتِهِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ



ابْنُ
الْمُنْذِرِ: وَبِهِ نَقُولُ.



قوله
تعالى: {
فَعَلَيْهِنَّ
نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ
}
العذابُ الجَلْدُ ويَعني بالمُحْصَناتِ هاهنا الْأَبْكَارَ الْحَرَائِرَ، لِأَنَّ
الثَّيِّبَ عَلَيْهَا الرَّجْمُ وَالرَّجْمُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَإِنَّمَا قِيلَ
لِلْبِكْرِ مُحْصَنَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً، لِأَنَّ الْإِحْصَانَ
يَكُونُ بِهَا، كَمَا يُقَالُ: أُضْحِيَةٌ قَبْلَ أَنْ يُضَحَّى بِهَا. وَقِيلَ: "
الْمُحْصَنَاتُ" الْمُتَزَوِّجَاتُ، لِأَنَّ عَلَيْهَا الضَّرْبَ
وَالرَّجْمَ فِي الْحَدِيثِ، وَالرَّجْمُ لَا يَتَبَعَّضُ فَصَارَ عَلَيْهِنَّ
نِصْفُ الضَّرْبِ. وَالْفَائِدَةُ فِي نُقْصَانِ حَدِّهِنَّ أَنَّهُنَّ أَضْعَفُ
مِنَ الْحَرَائِرِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُنَّ لَا يَصِلْنَ إلى مُرادَهُنَّ كما تَصِلُ
الحرائرُ. وقيل: لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ تَجِبُ عَلَى قَدْرِ النِّعْمَةِ، أَلَا
تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ
مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ} الأحزاب: 30. فَلَمَّا كَانَتْ
نِعْمَتُهُنَّ أَكْثَرَ جَعَلَ عُقُوبَتَهُنَّ أَشَدَّ، وَكَذَلِكَ الْإِمَاءُ
لَمَّا كَانَتْ نِعْمَتُهُنَّ أَقَلَّ فَعُقُوبَتُهُنَّ أَقَلُّ. وَذَكرَ فِي
الْآيَةِ حَدَّ الْإِمَاءِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ حَدَّ الْعَبِيدِ، وَلَكِنَّ
حَدَّ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ سَوَاءٌ: خَمْسُونَ جَلْدَةً فِي الزِّنَا، وَفِي
الْقَذْفِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ، لِأَنَّ حَدَّ الْأَمَةِ إِنَّمَا
نَقَصَ لِنُقْصَانِ الرِّقِّ فَدَخَلَ الذُّكُورُ مِنَ الْعَبِيدِ فِي ذَلِكَ
بِعِلَّةِ الْمَمْلُوكِيَّةِ، كَمَا دَخَلَ الْإِمَاءُ تَحْتَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ
والسَّلَامُ: ((مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ)). وَهَذَا الَّذِي
يُسَمِّيهِ الْعُلَمَاءُ الْقِيَاسَ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} الْآيَةَ. فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ
الْمُحْصِنِينَ



قَطْعًا،
عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ (النُّورِ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.



وَأَجْمَعَ
الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ لَيْسَ بَيْعُهَا
بِوَاجِبٍ لَازِمٍ عَلَى رَبِّهَا، وَإِنِ اخْتَارُوا لَهُ ذَلِكَ، لِقَوْلِهِ
عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ
زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ
فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتِ
الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ)).
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِوُجُوبِ
بَيْعِهَا فِي الرَّابِعَةِ. مِنْهُمْ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ، لِقَوْلِهِ: ((فَلْيَبِعْهَا))
وَقَوْلِهِ: ((ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ)). قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَلَا
أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرابعة، والضفيرُ الحَبْلُ. فإذا باعها عَرَّفَ
بِزِنَاهَا، لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَكْتُمَ. فلَعَلَّ السيِّدَ
الثاني يُعِفَّها بالوطءِ أَوْ يُبَالِغَ فِي التَّحَرُّزِ فَيَمْنَعها مِنْ
ذَلِكَ. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَعِنْدَ تَبَدُّلِ الْمُلَّاكِ تَخْتَلِفُ عَلَيْهَا
الأحوالُ. والله أعلم.



قولُه
ـ تعالى: {
وَأَنْ
تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ
} أَيِ
الصَّبْرُ عَلَى الْعُزْبَةِ خَيْرٌ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ، لِأَنَّهُ يُفْضِي
إِلَى إِرْقَاقِ الْوَلَدِ، وَالْغَضُّ مِنَ النَّفْسِ وَالصَّبْرُ عَلَى
مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَوْلَى مِنَ الْبَذَالَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أميرِ المؤمنين عُمَرَ
ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّمَا حُرٍّ تَزَوَّجَ بِأَمَةٍ
فَقَدْ أُرِقَّ نِصْفُهُ. يَعْنِي يَصِيرُ وَلَدُهُ رَقِيقًا، فَالصَّبْرُ عَنْ
ذَلِكَ أَفْضَلُ لِكَيْلَا يَرِقَّ الْوَلَدُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا
نِكَاحُ الْأَمَةِ مِنَ الزِّنَا إِلَّا قَرِيبٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {
وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ"، أَيْ عَنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ. وَفِي سُنَنِ
ابْنِ مَاجَهْ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ
مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ:
((مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا فَلْيَتَزَوَّجِ
الْحَرَائِرَ)). وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ
بْنِ مِرْدَاسٍ، وَكَانَ خَادِمًا لِأَنَسٍ، وَزَادَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: ((الْحَرَائِرُ
صَلَاحُ الْبَيْتِ وَالْإِمَاءُ هَلَاكُ الْبَيْتِ ـ أَوْ قَالَ ـ فَسَادُ الْبَيْتِ.



قوله
ـ تعالى: {
وَمَن
لَّمْ
} مَنْ: شَرطيَّةٌ،
وهو الظاهرُ، ويَجوزُ أنْ تكونَ موصولةً.



وقولُه:
{
فممَّا مَلَكتْ} إمَّا جَوابُ الشَرْطِ وإمَّا خَبَرُ المَوصولِ،
وشروطُ دُخولِ الفاءِ في الخَبَرِ مَوجودةٌ. و"
منكم" في محلِّ نصبٍ على الحال مِنْ فاعلِ "يستطِعْ". وفي نَصْبِ "طَوْلاً" ثلاثةُ أوْجُه أَظهرُها: أنَّه مفعولٌ بـ "يَستَطعْ"،
وفي قوله: "
أن ينكحَ"
على هذا ثلاثةُ أقوالٍ، القول الأول: أنَّه في محلِّ نصبٍ بـ "
طَوْلاً" على أنَّه مفعولٌ بالمَصدَرِ المُنَوَّنِ؛ لأنَّه
مَصدرُ "طُلْت الشيءَ" أي: نِلْتُه، والتقديرُ: ومَنْ لمْ يَسْتَطِعْ أنْ
يُنالَ نِكاحَ المُحْصَناتِ. ومثلُه قولُ الفَرزْدَقِ:



إنَّ الفَرَزْدَقَ صَخْرةٌ مَلْمُومَةٌ ...............
طالَتْ ـ فليسَ يَنالُها ـ الأَوعالا



أي:
طالت الأوْعالَ فلم تَنَلْها، وإعْمالُ المَصدرِ المُنَوَّنِ كثيرٌ، قال المرارُ
بنُ منقذٍ التَميميُّ:



بضربٍ بالسيوف رؤوسَ قومٍ .................... أَزَلْنا
هامَهُنَّ عن المَقيلِ



وقولُ
الله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا} البلد: 14ـ 15،
وهذا الوجهُ ذهبَ إليه الفارسيُّ.



القولُ
الثاني: أنَّ "
أَنْ ينكحَ"
بدلٌ من "طَوْلاً" بدلُ الشيءِ مِنَ الشيءِ؛ لأنَّ الطَّوْلَ هو القدرةُ
أو الفَصْلُ، والنكاحُ قدرةٌ وفَصْلٌ.



القول
الثالث: أنَّه على حذفِ حرفِ الجر، ثمَّ اختَلَفَ هؤلاءِ: فمِنهم مَنْ قَدَّرَه بـ
"إلى" أي: طَوْلاً إلى أنْ يَنكِحَ، ومنهم مَنْ قَدَّرَه باللَّامِ، أي:
لأنْ يَنكِحَ، وعلى هذين التقديرين فالجارُّ في محلِّ الصفةِ لـ "
طَوْلاً" فيتعلَّقُ بمحذوفٍ، ثمَّ لَمَّا حُذِفَ حرفُ الجَرِّ
جاءَ الخِلافُ المشهورُ في محلِّ "أَنْ" أَنَصْبٌ هُو أمْ جَرٌّ؟ وقيلَ:
اللَّامُ المُقدَّرَةُ معَ "
أنْ"
هي لامُ المفعولِ مِنْ أجلِهِ أي: طَوْلاً لأجلِ نِكاحِهِنَّ.



الوجه
الثاني مِنْ نَصْبِ "
طوْلاً"
أنْ يَكونَ مَفعولاً لَه على حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: ومَنْ لم يَسْتَطِعْ مِنْكم لِعدَمِ
طَوْلِ نِكاحِ المُحْصَناتِ، وعلى هذا فـ "أنْ يَنكِحَ" مفعولُ "
يستطع" أي: ومَنْ لم يستطِعْ نِكاحَ المُحْصَناتِ لعدمِ
الطَّوْلِ.



الوجهُ
الثالثُ: أنْ يَكونَ مَنصوبًا على المَصدرِ، قال ابنْ عَطيَّةَ: "ويَصِحُّ أنْ
يَكونَ "
طَوْلاً" نَصْبًا على المَصدرِ، والعاملُ فيه الاسْتِطاعةُ
لأنَّهما بِمَعنى، و"
أنْ يَنْكِحَ"
على هذا مفعولٌ بالاسْتِطاعةِ أو بالمَصدرِ يَعني أنَّ الطَّوْلَ هو اسْتِطاعةٌ في
المَعنى فكأنَّه قيلَ: ومَنْ لم يَسْتَطِعْ مِنكمْ اسْتِطاعَةً.



قولُه:
{
فمِمَّا} الفاء قد تقدَّم أنَّها: إمَّا جوابُ الشَرْطِ، وإمَّا
زائدةٌ في الخبرِ على حسب القوليْن في "
مَنْ".
وفي هذه الآيةِ سبعةُ أوجهٍ، أَحَدُها: أنَّها مُتَعلِّقةٌ بِفِعلٍ مُقدَّرٍ بعدَ
الفاءِ تقديرُه: فلينكحْ مِمَّا مَلَكَتْه أيمانُكم، و"
ما" على هذا موصولةٌ بمَعنى الذي، أي: النوعَ الذي مَلَكَتْهُ،
ومفعولُ ذلك الفعلِ المُقدَّرِ محذوفٌ تقديرُه: فلْيَنْكحِ امِرأةً أوْ أَمَةً
مِمَّا مَلَكَتْهُ أَيمانُكم، فـ "
مما"
في الحقيقةِ متعلِّقٌ بمَحذوفٍ؛ لأنَّه صِفةٌ لذلك المَفعولِ المَحذوفِ، و"
مِنْ" للتَبعيضِ، نحو: أَكلتُ مِنَ الرَّغيفِ، و"من فتياتكم" في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ مِنَ الضَميرِ المُقدَّرِ
في "
مَلَكَتْ" العائدِ على "ما"
الموصولةِ، و"
المؤمناتِ"
صفةٌ لـ "
فتياتِكم".
الثاني: أنْ تكونَ "
مِنْ"
زائدةً و"
ما"
هي المفعولةُ بذلك الفِعلِ المُقدَّرِ أيْ: فلْيَنْكِحْ ما مَلَكَتْه أَيْمانُكم.
الثالث: أنَّ "
مِنْ"
في "
من
فتياتكم
" زائدةٌ، و"فتياتِكم"
هو مفعولُ ذلك الفعلِ المُقدَّرِ، أيْ: فلْيَنْكِحْ فتَياتِكم، و"
مِمَّا ملكت" متعلِّقٌ بنفسِ الفعلِ، و"من" لابتداءِ الغايةِ، أو بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ
"
فتياتكم" قُدِّمَ عليْها، و"مِنْ" للتبعيضِ. الرابع: أنَّ مفعولَ "فلينكح" هو المؤمنات أي: فلينكح الفتياتِ المُؤمنات، و"مِمَّا
مَلَكت" على ما تَقدَّمَ في الوجهِ قبلَه، و"
من فتياتكم" حالٌ من ذلك العائدِ المَحذوفِ. الخامس: أنَّ
"
مما" في مَحَلِّ رفعٍ خبَراً لِمُبتَدأٍ محذوفٍ تقديرُه:
فالمَنكوحةُ ممّا مَلَكتْ. السادس: أنَّ "
ما"
في "
ممَّا" مَصدريةٌ أي: فَلْيَنْكِحْ مِنْ مِلْك أَيمانِكم،
ولا بُدَّ أنْ يَكونَ هذا المَصدرُ واقعاً مَوقِعَ المَفعولِ، نحو: {هذا خَلْقُ
الله} لقمان: 11. ليَصِحَّ وقوعُ النِّكاحِ
عليْه. السابعُ: وهو أَغربُها ونُقِلَ عنْ جَماعةٍ منهمْ ابنُ جَريرٍ "أنَّ
في الآيةِ تقديماً وتَأخيراً وأنَّ التقديرَ: ومَنْ لم يَستطع منكم طَوْلاً أنْ يَنكِحَ
المُحْصَنَاتِ المُؤمناتِ فلْيَنْكَحْ بعضُكم مِن بعضِ الفَتياتِ ، فـ "
بعضُكم" فاعلُ ذلك الفِعلِ المُقدَّرِ، فعلى هذا يكون قولُه:
{
والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} معترِضاً بيْن ذلك الفعلِ المُقدَّرِ وفاعِلِه. ومثلُ
هذا لا ينبغي أنْ يُقالَ.



قولُه:
{
والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ } جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ، وجيءَ بها بعدَ قولِه: "مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤمناتِ" لِيُفيدَ أنَّ الإِيمانَ الظاهرَ كافٍ في نِكاحِ
الأَمَةِ المؤمنةِ ظاهراً، ولا يُشتَرطُ في ذلك أَنْ يَعْلَمَ إيمانَها علماً
يقيناً، فإنَّ ذلك لا يَطَّلِعُ عليه إلَّا اللهُ ـ تعالى، وفيه تأنيسٌ أيْضاً بنِكاحِ
الإِماءِ فإنَّهم كانوا يَنْفِرونَ مِن ذلك.



قولُه:
{
بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ} مُبتَدَأٌ وخبَرٌ أيْضاً، جيءَ بهذه الجُملَةِ أيْضاً
تَأنيساً بِنكاحِ الإِماءِ كما تقدَّمَ، والمعنى: أنَّ بَعضَكم مِنْ جِنسِ بعضٍ في
النَسَبِ والدين، فلا يَترَفَّعِ الحُرُّ عن نِكاحِ الأَمَةِ عندَ الحاجةِ إليْه،
وما أحسنَ قولَ أمير المؤمنين عليٍّ ـ رضي اللهُ عنه:



الناسُ من جِهةِ التَمثيلِ أَكْفاءُ ....................
أبوهُمُ آدمٌ والأُمُّ حَوَّاءُ



قولُه:
{
بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} متعلِّقٌ بـ "انْكِحوهُنَّ"، وقَدَّرَ بعضُهم
مُضافاً محذوفاً أيْ بإذنِ أهلِ وِلايَتِهِنَّ، وأَهلُ ولايةِ نِكاحِهِنَّ همُ
المُلاَّك.



وقولُه:
{
بالمعروف} فيه ثلاثةُ أَوْجُهٍ، أحدُها: أنَّه متعلِّقٌ بـ "آتوهُنَّ"


أيْ:
آتوهُنَّ مُهورَهُنَّ بالمَعروفِ. الثاني أنّه حالٌ مِنْ "أُجورِهِنَّ"
أي: مُلْتَبِساتٍ بالمَعروفِ يعني غيرَ ممطولةٍ. والثالث: أنَّه متعلِّقٌ بقولِه: "
فانكِحوهن" أي: فانكِحوهُنَّ بالمَعروفِ بإذنِ أَهلِهِنَّ
ومَهْرِ مِثلِهِنَّ والإِشهادِ عليْه، وهذا هو المعروفُ. وقيلَ: في الكلامِ حذفٌ
تقديرُه: وآتوهُنَّ أُجورَهُنَّ بإذنِ أهلِهِنَّ، فحُذِفَ مِنَ الثاني لِدَلالةِ
الأوَّلِ عليْه نحوُ: {والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات} الأحزاب: 35. أي:
الذاكراتِ اللهَ. وقيل: ثَمَّ مضافٌ مقدَّرٌ أيْ: وآتوا مَواليَهِنَّ أُجورَهُنَّ،
لأنَّ الأَمَة لا يُسَلَّمُ لها شيءٌ مِن المَهر.



قولُه:
{
مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} حالانِ مِنَ مفعولِ "فآتوهن" ومُحصَناتٍ على هذا بمعنى مُزَوَّجاتٍ. وقيلَ: مُحْصَناتٍ
حالٌ مِن مف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 25
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 43
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 5
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 20
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 35
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 68

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: