عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 68 السبت مايو 25, 2013 11:00 am | |
| وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا. (68) قولُهُ سبحانَه: {ولهديناهم صراطا مُّسْتَقِيماً} صراطاً مستقيماً: المعنى ولَهديناهم في الآخرةِ إلى طَريقِ الجَنَّةِ، قال ابنُ عبّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: يعني دينَ الإسلامَ، وقيلَ الأعمالَ الصالحةَ المُؤدِّيَةَ إلى الصراطِ الذي يَمُرُّ عليهِ الناسُ إلى الجَنَّة. وقيلَ: الصراطُ المُستقيمُ هو المَراتِبُ بعدَ الإيمانِ التي تَفتَحُ أَبوابَها للعاملينَ، وطريقاً يَصِلون بسُلوكِهِ إلى عالَمِ القُدْسِ ويَفتحُ لهم أبوابَ الغَيْبِ، فقد أَخرجَ أبو نعيمٍ في "الحلية" عن أنس قال: قال رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ: ((مَنْ عَمِلَ بما عَلِمَ أَورَثَهُ اللهُ تَعالى عِلْمَ ما لَمْ يَعْلَمْ)). وقتل النفسِ عند أهلِ الحقيقة ماهو غيرُ قمعِ هواها وشهواتِها التي هي حياتُها وإفْناءِ صفاتِها، والخُروجُ مِنَ الديارِ ما هو إلَّا الخُروجُ من المقامات التي سَكَنَتْ بها القلوب وألِفَتْها كالصبرِ والتوكُّلِ والرِّضى والتَسليمَ .. لِكونِها حاجبةً عنِ التَوحيدِ والفَناءِ في الذاتِ الإلهية كما قال الحسينُ بْنُ مَنصورٍ "الحلاجُ" لإبراهيمَ بْنِ أدْهَمَ حينَ سأَلَهُ عنْ حالِهِ فأجابه بقولِه أدورُ في الصَّحارى وأطوفُ في البَراري حيثُ لا ماء ولا شَجر ولا روض ولا مطر، هل حالي حال التوكُّلِ أو لا؟ فقالَ إذا أفنيتَ عمرَك في عُمرانِ باطنِكَ فايْن الفَناءُ في التوحيد؟ ذلك أنّه في تلك المقامات كلِّها ـ بالرغمِ من سموّها ورفعة شأنها ـ إنَّما يرى نفسَه التي تُمتَحَنُ فتصبرُ وتسلِّمُ وترضى .. والمطلوب أن لا يرى نفسه البتَّةَ بل يرى ربَّه ـ سبحانَه ـ وتعالى في جميعِ الشُؤون وكلِّ التجلِّياتِ، فهو المُوجِدُ والخالقُ، والرازقُ، والمعطي، والمانعُ، والخافِضُ، والرافع، والقريبُ، والرَّقيبُ، والحسيبُ، والمُجيبُ ... فإذا أعطي رأى من أعطاه على الحقيقة وإذا منعَ كذلك، وهكذا، وشُهودُه هذا قلبيٌّ وحسبُ، فلا يمنعُه من التَصَرُّفِ مع كلِّ حالةٍ بحسبِ مقتضى الشرعِ الحنيفِ، فإذا أعْطيَ ـ مثلاً ـ شهدَ المعطيَ الحقيقيَّ وهو اللهُ جلَّ شأنُه، ونظرَ إلى السببِ بما يوجبُه الشرعُ من شكرٍ على النعمةِ ومكافأة اليد التي امتدتْ بالإحسانِ، ومثل ذلك كلُّ الحالات. وهو السلوكُ الأتمَّ الأكمل الذي عليه رسول اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآل بيته وأصحابه والعارفون والعلماء العاملون، وكل ماخرج عن هذا الصراط المستقيم فهو نقص وجهل وضلال. قولُهُ تعالى: {ولهديناهم صِرَاطاً مستقيمًا} صراطاً: مفعولٌ ثانٍ لـ "هدَيْناهم" أما المفعول الأول فهو الهاء. و"مستقيمًا" صفةٌ لـ "صراطًا". | |
|