روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 19, 2020 6:40 pm

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ
(85)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنَهُ: {وَإِسْمَاعِيلَ} واذْكُرْ يَا رَسُولَ اللهِ نَبِيَّنَا "إِسْمَاعِيلَ" ـ عليْهِ السَّلامُ، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَأَيُّوبَ} الآيَةَ: 83، السَّابِقَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورةِ المُباركةِ، أَيْ: وَآتَيْنَا أَيْضًا إِسْمَاعِيلَ، وَإِدْرِيسَ، وَذَا الْكِفْلِ حُكْمًا وَعِلْمًا. وَإِسْمَاعيلُ هوَ الابْنُ الأَكْبَرُ لإِبْرَاهِيمَ، مِنْ زوجِهِ فهُوَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْحَاقَ بْنِ سارةَ ـ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمُ صَلَواتُ اللهِ وَسَلَامُهُ، وَإِسْماعيلُ هُوَ أَبُو العَرَبِ، وَالَّذِيِ وَصَفَهُ ربُّهُ بِصِدِقِ الوَعْدِ فَقَالَ مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ ـ عليْها السَّلامُ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} الآيتانِ: (54 و 55).
قولُهُ: {وَإِدْرِيسَ} هُوَ أَخْنُوخُ، أوْ خَنُوخُ بْنُ يَرْدِ بْنِ مَهلائيلَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ أَنوشَ بْنِ شِيثَ بْنِ آدَمَ ـ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ اللهُ في الآيَتَيْنِ: (56 و 57) مِنْ سُورةِ مَرْيَمَ أَيْضًا فَقَالَ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنِ الإِمَامِ الْكَلْبِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: أَوَّلُ نَبِيٍّ بُعِثَ إِدْرِيسُ، ثُمَّ نُوحٌ، ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ، وَإِسْحَقُ، ثُمَّ يَعْقُوبُ، ثُمَّ يُوسُفُ، ثُمَّ لُوطٌ، ثُمَّ هُودٌ، ثُمَّ صَالِحٌ، ثمَّ شُعَيْبٌ، ثُمَّ مُوسَى وَهَارُونُ، ثُمَّ إِلْيَاسُ، ثُمَّ اليَسَعَ، ثُمَّ يُونُسُ ثَمَّ أَيُّوبُ ـ على نبيِّنَا وعَلَيْهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ وتَحِيَّاتُهُ وَبَرَكَاتُهُ.
قَوْلُهُ: {وَذَا الْكِفْلِ} ذا: هُنَا بِمَعْنَى صَاحِبَ. وَالكِفْلُ هُنَا: الكَفَالَةُ. يُقَالُ: إِنَّهُ تَكَفَّلَ بِأُمُورٍ، فَوَفَّى بِهَا. فقدْ تَكَفَّلَ رَجُلًا بِعَمَلٍ مِنَ الأَعْمَالِ، فَقَامَ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَثْنَى اللهُ عَلَى حُسْنِ وَفائِهِ بِمَا تَكَفَّلَ بِهِ، وَجَعَلَهُ مِنَ عبادِهِ المَعْدُودِينَ، وَحَمَدَ صَبْرَهُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ.
وقدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ إِلْيَاسُ، وَقِيلَ: هُوَ يُوشَعُ ابْنُ نُونٍ، وَقِيلَ: هوَ زَكَرِيَّا ـ وهذا بعيدٌ، وَسُمِّيَ بِـ "ذَا الكِفْلِ" لِأَنَّهُ كانَ ذَا حَظٍّ مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى، أَوْ لِتَكَفُّلٍ مِنْهُ، أَوْ لِأَنَّ لَهُ ضِعْفُ عَمَلِ أَنْبِيَاءِ زَمَانِهِ وَثَوَابِهِمْ، فإِنَّ الكِفْلَ يَجِيءُ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، والكَفَالَةُ تَعْنِي الضِعْفَ.
وَرَوَى الْعُبْرِيُّ (نِسْبَةً إِلى عُبْرَةَ مِنْ بُطونِ الأَزْدِ) واسْمُهُ عبيدُ اللهِ (أَوْ عبدُ اللهِ) بْنُ مُحَمَّدٍ الفرغانيُّ الهاشِمِيُّ الحُسَيْنِيُّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ ذَا الْكِفْلِ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "تَفْسيرِهِ" (2/27) عَنْ مُعَمَّرٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَلَكِنَّهُ كُفِّلَ بِصَلَاةِ رَجُلٍ كَانَ يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ مِئَةَ صَلَاةٍ فَتُوفِّيَ، وَكُفِّلَ بِصَلَاتِهِ؛ لِذَلِكَ سُمِّيَ ذَا الكِفْلِ.
وقالَ أَبُو مُوسَى الأشْعريُّ، وَمُجاهِدٌ، وقتادةُ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَرْثِ المخزوميُّ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ ذَا الْكِفْلِ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَلَكِنَّهُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا فَتَكَفَّلَ بِعَمَلِ رَجُلٍ صَالِحٍ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ مِئَةَ صَلَاةٍ فَأَحْسَنَ اللهُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ)). وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "وَذَا الكِفْلِ" قَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ غَيْرُ نَبِيٍّ تَكَفَّلَ لِنَبِيٍّ قَوْمَهُ أَنْ يَكْفِيَهِ أَمْرَ قَوْمِهِ، وَيُقِيمَهُمْ لَهُ، وَيَقْضِي بَيْنَهم بِالْعَدْلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَسُمِّيَ "ذَا الكَفْلِ". وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ نَبِيٌّ قَبْلَ إِلْيَاسَ.
وَفي سببِ تسميَتِهِ هَذِهِ وَرَدَ عددٌ مِنَ الأخبارِ، فَقِيلَ إِنَّ الْيَسَعَ لَمَّا كَبِرَ قَالَ: لَوِ اسْتَخْلَفْتُ رَجُلًا عَلَى النَّاسِ حَتَّى أَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلُ. فَقَالَ: مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ النَّهَارِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَأَلَّا يَغْضَبَ وَهُوَ يَقْضِي؟. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْعِيصَ: أَنَا، فَرَدَّهُ. ثُمَّ قَالَ مِثْلَهَا مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، فَاسْتَخْلَفَهُ، فَوَفَّى، فَأَثْنَى اللهُ عَلَيْهِ، فَسُمِّيَ ذَا الْكِفْلِ، لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِأَمْرٍ.
وقالَ كَعْبٌ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكٌ كَافِرٌ، فَمَرَّ بِبِلَادِهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ: وَاللهِ إِنْ خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ حَتَّى أَعْرِضَ عَلَى هَذَا الْمَلِكِ الْإِسْلَامَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا جَزَائِي؟ قَالَ: الْجَنَّةُ ـ وَوَصَفَهَا لَهُ، قَالَ: مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: أَنَا، فَأَسْلَمَ الْمَلِكُ وَتَخَلَّى عَنِ الْمَمْلَكَةِ، وَأَقْبَلَ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ حَتَّى مَاتَ، فَدُفِنَ فَأَصْبَحُوا فَوَجَدُوا يَدَهُ خَارِجَةً مِنَ الْقَبْرِ وَفِيهَا رُقْعَةٌ خَضْرَاءُ مَكْتُوبٌ فِيهَا بِنُورٍ أَبْيَضَ: إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِي وَأَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ وَوَفَّى عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ، فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانَ، وَيَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِمَا تَكَفَّلَ بِهِ لِلْمَلِكِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَآمَنُوا كُلُّهُمْ فَسُمِّيَ ذَا الْكِفْلِ. وَقِيلَ: كَانَ رَجُلًا عَفِيفًا يَتَكَفَّلُ بِشَأْنِ كُلِّ إِنْسَانٍ وَقَعَ فِي بَلَاءٍ أَوْ تُهْمَةٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ فَيُنْجِيهِ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ "ذَا الْكِفْلِ" لِأَنَّ اللهَ ـ تَعَالَى، تَكَفَّلَ لَهُ فِي سَعْيِهِ وَعَمَلِهِ بِضِعْفِ عَمَلِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَانِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: لَمَّا كَبُرَ الْيَسَعُ ـ علَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: لَو أَنِّي اسْتَخْلَفْتُ رَجُلًا عَلَى النَّاسِ يَعْمَلُ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِي حَتَّى أنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُ.
فَجَمَعَ النَّاسَ، فَقَالَ: مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِثَلَاثٍ أَسْتَخْلِفُهُ: يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَلَا يغْضَبُ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ تَزْدَرِيهِ الْعَيْنُ، فَقَالَ: أَنَا.
فَقَالَ: أَنْتَ تَصُومُ النَّهَارُ، وَتَقومُ اللَّيْلَ، وَلَا تَغْضَبُ؟ قَالَ: نَعَم. قَالَ: فَرَدَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَقَالَ مِثْلَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ، فَسَكَتَ النَّاسُ، وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَنَا، فَاسْتَخْلَفَهُ.
قَالَ: فَجَعَلَ إِبْلِيس يَقُولُ للشَّيَاطِينِ: عَلَيْكُمْ بِفُلَانٍ، فَأَعْيَاهُمْ ذَلِكَ، فَقَالَ: دَعُونِي وَإِيَّاهُ.
فَأَتَاهُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ فَقيرٍ، فَأَتَاهُ حِينَ أَخَذَ مَضْجِعَهُ للقائِلَةِ ـ وَكَانَ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا تِلْكَ النَّوْمَةِ ـ فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: شَيْخُ كَبِيرٌ مَظْلومٌ. قَالَ: فَقَامَ، فَفَتَحَ الْبَابَ، فَجَعَلَ يُكْثِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي خُصُومَةٌ وَإِنَّهُمْ ظَلَمُوني وَفَعَلُوا بِي وَفَعَلُوا. وَجَعَلَ يُطَوِّلُ عَلَيْهِ حَتَّى حَضَرهُ وَقْتُ الرَّواحِ، وَذَهَبَتِ القائلَةُ، وَقَالَ: إِذا رُحْتَ فَاءْتِنِي آخُذْ لَكَ بِحَقِّكَ.
فَانْطَلَقَ وَرَاحَ، وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الْمَظْلُومَ، فَلَمْ يَرَهْ، فَقَامَ يَبْغِيهِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَعَلَ يقْضِي بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْتَظِرُهُ فَلَا يرَاهُ، فَلَمَّا رَاحَ إِلَى بَيْتِهِ جَاءَ فَدَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِيرُ الْمَظْلُومُ فَفَتَحَ لَهُ، فَقَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِذَا قَعَدْتُ فَاءْتِني؟ قَالَ: إِنَّهُم أَخْبَثُ قَوْمٍ. قَالَ: إِذا رُحْتُ فَاءْتِنِي، فَفَاتَتْهُ القائِلَةُ، فَرَاحَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ وَلَا يَرَاهُ، وَشَقَّ عَلَيْهِ النُّعَاسُ، فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ السَّاعَةُ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا وَرَاءَكَ. قَالَ: إِنِّي قَدْ أَتَيْتُهُ أَمْسِ فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرِي، فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَقَدْ أَمَرْنَا أَنْ لَا يَدَعَ أَحَدًا بِقَرْبِهُ.
فَلَمَّا أَعْيَاهُ، نَظَرَ فَرَأَى كُوَّةً فِي الْبَيْتِ فَتَسَوَّرَ مِنْهَا فَإِذا هُوَ فِي الْبَيْتِ فَإِذا هُوَ يَدُقُّ الْبَابَ مِنْ دَاخِلٍ فَاسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا فُلَانُ أَلَمْ آمُرَكَ، قَالَ: مِنْ قِبَلِي وَاللهِ لَمْ تُؤْتَ، فَانْظُرْ مِنْ أَيْن أُتِيتَ.
فَقَامَ إِلَى الْبَابِ فَإِذا هُوَ مُغْلَقٌ كَمَا أَغْلَقَهُ، وَإِذا بِرَجُلٍ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ لَهُ: عَدُوَّ اللهِ؟ قَالَ: نَعَم. أَعْيَيْتَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَفَعَلْتُ مَا تَرَى لِأُغْضِبَكَ، فَسَمَّاهُ اللهُ ـ تَعَالَى: "ذَا الكِفْلِ" لِأَنَّهُ تَكْفَّلَ بِأَمْرٍ فَوَفَّى بِهِ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي "نَوَادِرِ الْأُصُولِ" وَغَيْرِهِ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْكِفْلِ، لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ، فَاتَّبَعَ امْرَأَةً، فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ، ارْتَعَدَتْ وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، وَاللهِ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ. قَالَ: أَأَكْرَهْتُكِ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ حَمَلَنِي عَلَيْهِ الْحَاجَةُ، قَالَ: اذْهَبِي فَهُوَ لَكِ، وَاللهِ لَا أَعْصِي اللهَ بَعْدَهَا أَبَدًا. ثُمَّ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَوَجَدُوا مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ دَارِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِذِي الْكِفْلِ)). وَخَرَّجَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ في جامعِهِ أَيٍضًا. وَلَفْظُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ـ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، لَمْ أُحَدَّثْ بِهِ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((كَان "ذُو الْكِفْلِ" مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ ذَنْبٍ عَمِلَهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَطَأَهَا، فَلَمَّا قَعَدَ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ، ارْتَعَدَتْ وَبَكَتْ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكِ؟ أَأَكْرَهْتُكِ؟. قَالَتْ: لَا وَلَكِنَّهُ عَمَلٌ مَا عَمِلْتُهُ قَطُّ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَيْهِ إِلَّا الْحَاجَةُ. فَقَالَ: تَفْعَلِينَ أَنْتِ هَذَا، وَمَا فَعَلْتِهِ! اذْهَبِي فَهِيَ لَكِ، وَقَالَ وَاللهِ لَا أَعْصِي اللهَ بَعْدَهَا أَبَدًا. فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، فَأَصْبَحَ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لِذِي الْكِفْلِ)) أَخْرَجَهُ الأئمَّةُ: أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (2/23، بِرَقم: 4747). والتِّرْمِذِيُّ: (2496)، وَقَالَ أبو عِيسَى: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانيُّ في مُعْجَمِهِ الكَبيرِ: (13/218)، وَأَبُو يَعْلَى: (11/482)، وغيرُهُم.
قوْلُهُ: {كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} أي: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ الأنبياءِ المذكورينَ كانَ مِنَ الصابرينَ عَلَى أَمْرِ اللهِ وَالْقِيَامِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ. وَعَلَى مَشَاقِّ الحَيَاةِ، وشَدَائِدِ النَّوَائبِ، والقيامِ بالتَّكالِيفِ الَّتِي يُكَلِّفُهُ بِهَا مَوْلَاهُ العظِيمُ ـ تَبَارَكَ وتَعَالَى.
فَأَمَّا صَبْرُ إِسْمَاعِيلَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ تَقَرَّرَ بِصَبْرِهِ عَلَى الرِّضَى بِالذَّبْحِ حِينَ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَقَالَ مِنْ سُورَةِ الصَّافَّات: {سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} الآية: 102، وَتَقَرَّرَ بِسُكْنَاهُ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ امْتِثَالًا لِأَمْرِ أَبِيهِ الْمُتَلَقِّي مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى.
وَأَمَّا إِدْرِيسُ فَقَدْ وُصِفَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ بِأَنَّهُ صِدِّيقٌ نَبِيٌّ وَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى هُنَا، بأَنَّهُ يُعَدُّ مِنَ الصَّابِرِينَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ صَبْرَهُ كَانَ عَلَى تَتَبُّعِ الْحِكْمَةِ وَالْعُلُومِ وَمَا لَقِيَ فِي رَحَلَاتِهِ مِنَ الْمَتَاعِبِ. وَقَدْ عُدَّتْ مِنْ صَبْرِهِ قِصَصٌ، مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُ الطَّعَامَ وَالنَّوْمَ مُدَّةً طَوِيلَةً لِتَصْفُوَ نَفْسُهُ لِلِاهْتِدَاءِ إِلَى الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ.
وَأَمَّا ذُو الْكِفْلِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَلَى مَا تَكَفَّلَ بِهِ فَكَانَ لِذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الصَّابِرِينَ. وَقَدْ عُدَّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مَا تقدَّمَ فِي خَبَرِهِ.
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنَهُ: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ} الوَاوُ: للعَطْفِ، وَ "إِسْمَاعِيلَ" مَنْصُوبٌ بِـ "اذْكُرْ" مُقدَّرًا، وَ "إِدْرِيسَ" مَعْطُوفٌ عَلَى "إِسْماَعِيلَ" منصوبٌ مِثْلُهُ. و "ذَا" هَوَ بِمَعْنَى "صَاحِب" منصوبٌ عَطْفًا على ما قبْلَهُ أَيْضًا، وعلامةُ نَصْبِهِ الأَلِفُ لأنَّهُ مِنَ الأسْماءِ الخمسَةِ، وهوَ مُضافٌ. و "الْكِفْلِ" مجرورٌ بالإضافةِ إليْهِ. وَالجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ {وَاذْكُرْ إِبْرَاهِيمَ} المُقدَّرةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يكونَ عَطْفَ نَسَقٍ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الأَنْبِياءِ.
قولُهُ: {كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} كلٌّ: مَرفوعٌ بالابْتِداءِ، وَسَوَّغَ الابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ الإضَافَةُ المُقَدَّرَةُ، أَوْ العُمُومُ. وَ "مِن" حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقدَّرٍ، و "الصَّابرينَ" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ، وهذِهِ الجُملةُ الاسْميَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحَالِ مِنْ أَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ المُتَعَاطِفَةِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 85
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 13
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 29
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 46
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 61
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 77

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: