روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59 I_icon_minitimeالسبت فبراير 22, 2020 9:32 am

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)

قوْلُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالى أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ الصَّالِحِينَ الذينَ وَصَفَهُمْ لَنَا بِصِفَاتٍ كَرِيمَةٍ امْتَدَحَهُمْ بِهَا، وَذَلِكَ تَرْغِيبًا لَنَا فِي التَّأَسِّي بِهِمْ، وَسُلوكِ طَرِيقِهِمْ، ذَكَرَ لَنَا مِنْ بَعْدَهُمْ مَنْ هُوَ بِالضِّدِّ مِنْهُمْ، والظَاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ خَلْفٌ مِنْ أَوْلَادِهِمْ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: خَلَفَهُ إِذَا أَعْقَبَهُ، فإذا كانَ العَقِبُ مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ قِيلَ هُوَ "خَلَفٌ" بِفَتْحِ اللَّامِ، ومِنْهُ ما جاءَ في الأَثَرِ: (فِي اللهِ خَلَفٌ مِنْ كُلِّ هَالِكٍ). وَعَنْ سُفيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ـ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، عَزَّى الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ عَلى ابْنِهِ، فقَالَ: إِنْ تَحْزَنْ فَقَدِ اسْتَحَقَّتْ مِنْكُمُ الرَّحِمُ، وَإِنْ تَصْبِرْ فَفِي اللهِ خَلَفٌ مِنِ ابْنِكِ) أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ: (9/139). وَكَانَ ـ كَرَّمَ اللهُ وجهَهُ، إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً وَلَّى أَمْرَهَا رَجُلًا، فَقَالَ: (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي لَا بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ، وَلَا مُنْتَهَى لَكَ دُونَهُ، وَهُوَ يَمْلِكُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، وَعَلَيْكَ بِالَّذِي بَعَثْتُكَ لَهُ، وَعَلَيْكَ بِالَّذِي يُقَرِّبُكَ إِلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَلَفٌ مِنَ الدُّنْيَا). وَمِنْ خُطْبَةِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، لَمَّا بُويِعَ بالخِلافَةِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ، فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ خَلَفٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَيْسَ لِتَقْوَى اللهِ خَلَفٌ). أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في "الحِلْيَةِ": (5/297).
هذا إِذا كانَ العاقِبُ مِنْ أَهلِ الخيرِ، أَمَّا إِذَا كانَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ قِيلَ فيهِ: هُوَ "خَلْفٌ" ـ بِسُّكُونِ اللَّامِ، كَمَا جَاءَ في الآيَةِ هُنَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ المُخَضْرَمِ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ:
ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ....... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الْأَجْرَبِ
والمُرادُ بِهَؤُلاءِ الْـ "خَلْف" هُمُ أَهْلُ الكِتابِ مِنَ اليَهودِ والنَّصارَى في المَقَامِ الأَوَّلِ لأنَّهُمْ حرَّفوا وَغَيَّروا وبَدَّلوا، لِمَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ"، قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
ثمَّ يَعُمُّ أَهْلَ الزَّيغِ والضَّلالِ جميعًا مِنْ كلِّ الأَمَمِ، فقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ ابْنُ حُمَيْدِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ" هُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، يَتَرَاكَبُونَ فِي الطُّرُقِ كَمَا تَرَاكَبُ الْأَنْعَامُ، لَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ النَّاسِ، وَلَا يخَافُونَ مِنَ اللهِ فِي السَّمَاءِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ" قَالَ: عِنْدَ قيامِ السَّاعَةِ ـ ذَهَابُ صَالِحِ أُمَّةِ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ تَعَالَى عليْهِ وَسَلَّمَ، يَنْزُو بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي الأَزِقَّةِ، زُنَاةٌ.
قوْلُهُ: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} الأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى "أَضاعُوا الصَّلاةَ" تَرَكُوهَا، وَتَرْكُهَا قَدْ يَكُونُ بِعَدَمِ أَدائها مُطْلَقًا، لِمَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ" يَقُولُ: تَرَكُوا الصَّلَاةَ.
وَقَدْ يَكُونُ المُرادُ أَداؤُها بَعْدَ وَقْتِهَا وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ" قَالَ: لَيْسَ إِضَاعَتُها تَرْكَهَا، قَدْ يُضَيِّعُ الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ وَلَا يتْرُكُهُ، وَلَكِنَّ إِضَاعَتَها إِذا لَمْ يُصَلَّهَا لِوَقْتِهَا.
وَأَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ إِبْرَاهِيمَ النَخَعِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ" قَالَ: صَلُّوهَا لِغَيْرِ وَقْتِهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ" قَالَ: أَخَّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ مِيقاتِهَا، وَلَوْ تَرَكُوهَا كَفَرُوا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، والخَطيبُ البَغْدادِيُّ فِي (الْمُتَّفِقُ والمُفْتَرِق)، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ" قَالَ: لَمْ يَكُنْ إِضَاعَتُهَا تَرْكَهَا، وَلَكِنْ أَضَاعُوا الْمَوَاقِيتَ.
وقدْ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى هَؤُلاءِ بِإِضَاعَةِ الصَّلَاةِ فِي مُقَابَلِ وصْفِ أُولئِكَ في الآيَةِ التي قَبْلَها: {خَرُّوا سُجَّدًا}. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ قَوْلُهُ: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ"؛ أَنَّ الصَّلاةَ هِيَ آخِرُ مَا يُتْرَكُ وَيُضَيَّعُ؛ كَمَا قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ)). أَخْرَجَهُ الإمامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (5/251، برقم: 22513)، وَابْنُ حِبَّانٍ في صحيحِهِ: (15/111، برقم: 6715)، والطَبَرانِيُّ: (8/98، برقم: 7486)، وأَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ: (2/411، برقم: 1602)، والحَاكِمُ في مُسْتَدْركِهِ: (4/104، برقم: 7022)، وَقَالَ: صَحِيحٌ. وَالبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإِيمانِ): (4/326، برقم: 5277). عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الهَيْثَمَيُّ: (7/281): رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَبرَانِيُّ، وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحيحِ.
وَيُحْتمَلُ أَنْ يَكونَ مَعْنَى: "أَضَاعُوا الصَّلَاةَ"، أَيْ: جَعَلوها لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، كالأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلَا، فإِذا جَعَلُوا صلاتَهُمْ إِلَى غَيْرِ الذي تَجِبُ إِلَيْهِ، وَصَرَفوهَا إلى غَيْرِ مُسْتحقِّها ـ سبحانَهُ، فَقَدْ أَضَاعُوهَا.
قوْلُهُ: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} وَاتِّبَاعُ الشَّهَوَاتِ مِنْ هَؤُلاءِ الخَلْفِ جاءَ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ هناكَ: {بُكِيًّا} في وَصْفِ أُولَئِكَ الأَنْبِياءِ ومدحِهِمْ والثَّناءِ عَلَيْهِم، لِأَنَّ في بُكَاءِ أُولَئِكَ دَلِيلٌ عَلَى خَوْفِهِمْ مِنْ رَبِّهم، وَفي اتِّبَاعِ هَؤُلَاءِ شَهَوَاتِهِمْ دَليلٌ عَلَى عَدَمِ خَوْفِهِمْ مولاهُمْ.
وَأَمَّا الذينَ اتَّبَعوا الشَّهَوَاتِ فَهُمُ الْيَهُودُ، تَرَكُوا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَشَرِبُوا الْخَمْرَ، وَاسْتَحَلُّوا نِكَاحَ الْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَجِدُ صِفَةَ الْمُنَافِقينَ فِي التَّوْرَاةِ: شَرَّابِينَ للْقَهَوَاتِ، تَبَّاعِينَ للشَّهَواتِ، لَعَّانِينَ لِلْكَعَبَاتِ، رَقَّادينَ عَنِ العَتَمَاتِ، مُفَرِّطِينَ فِي الغُدُواتِ، تَرَّاكينَ للصَّلَواتِ، تَرَاكِينَ للْجُمُعَاتِ. ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الكريمةَ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةِ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ".
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبيعَةَ قَالَ: اغْتَسَلْتُ أَنَا وَآخَرَ فَرَآنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطابِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، وَأَحَدُنَا يَنْظُرُ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ: إِنِّي لَأَخْشَى أَنْ تَكُونَا مِنَ الْخَلْفِ الَّذينَ قَالَ اللهُ فِيهم: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةِ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا".
وَأَخْرَجَ الأئمَّةُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّان، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمانِ عَنْ أَبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ" فَقَالَ: يَكونُ خَلْفٌ مِنْ بَعْدِ سِتِّينَ سَنَة: "خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةِ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ" ثُمَّ يَكونُ بعدهم خَلْفٌ: يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهمْ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةٌ: مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ وَفَاجِرٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى دَاوُدَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ الْقُلُوبَ الْمُعَلَّقَةَ بِشَهَواتِ الدُّنْيَا عَنِّي مَحْجُوبَةٌ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قالَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((سَيَهْلِكُ مِنْ أُمَّتِي أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَهْلُ اللِّينِ)). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: مَا أَهْلُ الْكِتَابِ؟. قَالَ: ((قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ الْكِتَابَ يُجَادِلُونَ بِهِ الَّذينَ آمَنُوا)). فَقُلْتُ: مَا أَهْلَ اللِّينِ؟. قَالَ: ((قَوْمٌ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، وَيُضَيِّعونَ الصَّلَوَاتِ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَكونُ فِي أُمَّتِي مَنْ يَقْتُلُ عَلَى الْغَضَبِ، وَيَرْتَشِي فِي الحُكْمِ، وَيُضَيِّعُ الصَّلَوَاتِ، وَيَتَّبِعُ الشَّهَوَاتِ، وَلَا تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ)). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَمُؤْمِنُونَ هُمْ؟. قَالَ: ((بِالْإِيمَانِ يَقْرَؤُونَ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْحاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ السيِّدةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ تُرْسِلُ بِالصَّدَقَةِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ، وَتَقُولُ: لَا تُعْطُوا مِنْهَا بَرْبَرِيًّا، وَلَا بَرْبَرِيَّةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((هُمُ الْخَلْفُ الَّذينَ قَالَ اللهُ: "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ".
قوْلُهُ: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَذَكَرُوا فِي الْغَيِّ وُجُوهًا: مِنْهَا: أَنَّ كُلَّ شَرٍّ عِنْدَ الْعَرَبِ غَيٌّ، وَكُلَّ خَيْرٍ رَشَادٌ، قَالَ الْمُرَقَّشُ الْأَصْغَرُ، عَمْرُ بْنُ حَرْمَلَةَ، مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ:
فَمَنْ يَلَقْ خَيْرًا يَحْمَدِ النَّاسُ أَمْرَهُ ... وَمَنْ يَغْوَ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا
وَمِنْها "يَلْقَوْنَ غَيًّا": يَلْقَوْنَ جَزَاءَ الْغَيِّ، فهوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الفُرْقانِ: {يَلْقَ أَثامًا} الْآيةَ: 68، أَيْ مُجَازَاةَ الْآثَامِ. قَالَهُ أَبُو إِسْحاقٍ الزَّجَّاجُ. وَهَذانِ الْوَجْهَانِ هُما الأَقْرَبُ. وَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادَ مَا قَدَّمْنَا، لِأَنَّهُ الْمَعْقُولُ فِي اللُّغَةِ.
وَقِيلَ المَعْنَى: يَلْقَوْنَ غَيًّا أَيْ ضَلَالًا عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" قَالَ: خُسْرًا.
وَقِيلَ: الْغَيُّ هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَسْتَعِيذُ مِنْهُ أَوْدِيَتُهَا. فَإِنْ كَانَ فِي جَهَنَّمَ مَوْضِعٌ يُسَمَّى بِذَلِكَ جَازَ.
فَقدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وهَنَّادُ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْبَعْث) مِنْ طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "فَسَوفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" قَالَ: الغَيُّ نَهْرٌ، أَوْ وَادٍ مِنْ جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ، بَعيدُ القَعْرِ خَبِيثُ الطَّعْمِ، يُقْذَفُ فِيهِ الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْبَعْثِ) عَنِ الْبَراءِ بْنِ عَازِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي الْآيَةِ، أَنَّهُ قَالَ: الغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدُ القَعْرِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْبَعْث) عَنْ أَبي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَنَّ صَخْرَةً زِنَةَ عَشْرَةِ أَوَاقٍ، قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفيرِ جَهَنَّمَ، مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا سَبْعينَ خَرِيفًا، ثُمَّ تَنْتَهِي إِلَى غَيٍّ وآثامٍ. قُلْتُ: مَا غَيٌّ وآثامٌ؟. قَالَ: نَهْرانِ فِي أَسْفَلِ جَهَنَّمَ يَسيلُ فِيهَا صَديدُ أَهْلِ النَّارِ، وَهُما اللَّذَانِ ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهَ فقالَ: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا"، وقالَ منْ سُورَةِ الفُرقان: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثامًا} الْآيَةَ: 68.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ أُمِّنا السَّيِّدةِ عَائِشَةَ الصدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما وأَرْضَاهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "غَيًّا" قَالَتْ: نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَّ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ، الأَصْبَحِيِّ، المِصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ. قَالَ: إِنَّ فِي جَهَنَّم وَاديًا يُسَمَّى "غَيًّا" يَسيلُ دَمًا وقَيْحًا، فَهُوَ لِمَنْ خُلِقَ لَهُ.
وَثمَّةَ سُؤَالٌ هَهُنَا قَدْ يَخْطُرُ بالبالِ: إِذْ دَلَّ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّوْبَةِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ مَنْ تَابَ عَنْ كُفْرِهِ، وآمَنَ بِرَبِّهِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ بعدُ، أَوْ أنَّ امْرَأَةً كَانَتِ حَائِضًا حينَ إِسْلامِها، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا صَلَاةٌ ولا غيرُها مِنَ الفرائضِ. كالزَّكَاةِ والصَّوْمِ وَغَيْرِ ذلكَ مِنَ الفرائضِ، ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ولمْ تُؤَدَّ أَيُّ فريضةٍ، فإِنَّ هذا الرَّجُلَ، أَوْ هذِهِ المرأَةَ يكَونُ مِنْ أَهْلِ النَّجَاةِ مِنَ النارِ، والفوزِ بالجنَّةِ دونَ شَكٍّ أَوْ رَيبٍ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ ـ أَوْ عَنْها، عَمَلٌ صالحٌ قَطُّ، وَلِذَلِكَ فَلَمْ يَجُزْ تَوَقُّفُ الْأَجْرِ والثوابِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فحسْبُ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ نَادِرَةٌ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْغَالِبُ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} الفاءُ: للعَطْفِ، أَوْ للاسْتِئْنافِ، و "خَلَفَ" فِعْلٌ مَاضٍ، مَبْنِيٌّ عَلَى الفتْحِ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "خَلَفَ" أَوْ بِحَالٍ مِنَ الفاعِلِ "خَلْفٌ"، وَ "بَعْدِهِمْ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إليْهِ، والميمُ علامةُ تَذْكيرِ الجَمْعِ. و "خَلْفٌ" فَاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ، والجُمْلَةُ: مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الصِّلَةِ فِي قَوْلِهِ مِنَ الآيَةِ الَّتي قبلَها: {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ} أَوْ هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قوْلُهُ: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} أَضَاعُوا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ لاتِّصالِهِ بِوَاوِ الجَمَاعَةِ، ووَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بِالفاعِليَّةِ، والأَلِفُ فَارِقَةٌ. وَ "الصَّلاةَ" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ صِفَةً لِـ "خَلْفٌ". وَجملةُ "اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ" مَعْطوفةٌ عَلى جُمْلَةِ "أَضاعُوا الصّلاةَ" ولَها مِثْلُ ما لها مِنْ إِعْرابِ.
قَوْلُهُ: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} الفاءُ: هيَ الفَصِيحَةُ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ بـ: إِذَا عَرَفْتَ قَبَائِحَ هَؤُلاءِ الخَلْفِ وَأَرَدْتَ بَيَانَ عَاقِبَتِهِم. فَأَقولُ لَكَ: "سَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا". و "سَوْفَ" حَرْفُ تَنْفِيسٍ واسْتِقْبالٍ. و "يَلْقَوْنَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رَفْعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ، و "غيًّا" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولٌ لِجَوابِ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ "إِذَا" المُقَدَّرَةُ جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فلا محلَّ لها مِنَ الإِعرابِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 59
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: