روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3) Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3) Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3)   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3) I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 07, 2011 5:03 am

وأصلُ هذه الكَلِمَةِ "إله" فأُدخلتْ الألفُ واللامُ فيها تفخيماً وتَعظيماً لمّا كانَ اسمَ اللهِ ـ عزَّ وجَلَّ، فصارَ "الإلهُ" فحُذِفتْ الهمزةُ اسْتِثْقالاً لِكَثرَةِ جَرَيانِها على الأَلسُنِ، وحُوِّلتْ هُوِيَّتُها إلى لامِ التَعْظيمِ فالْتَقى "لامان"، فأُدغِمتْ اللامُ الأولى في الثانية، فقالوا: "الله". وهو اسمٌ عَلَمٌ غيرُ مُشتقٍّ مِن صِفةٍ. قال الله تعالى في الآية: 65. من سورة مريم: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} و" اللهُ" أكبرُ أسمائِه سبحانَه وأجمعُها، وهو اسمُ اللهِ الأعظمُ ـ عندَ أهلِ التحقيق، الذي حَوى الأسماءَ كلَّها، وبيْنَ الألِفِ واللامِ منه حَرْفٌ مُكنَّى غَيْبٌ مِنْ غيْبٍ إلى غَيْبٍ، وسِرٌّ مِنْ سِرٍّ إلى سِرٍّ، وحقيقةٌ مِن حقيقةٍ إلى حقيقةٍ. لا يَنالُ فهمَه إلاَّ الطاهرُ مِنْ الأَدناسِ، كما قالوا. ومِنَ العُلماءِ مَن عَدَّهُ مُشتَقًّا؛ واختَلَفوا في اشتِقاقِه، فقال بعضُهم هو مِنَ التَأَلُّهِ، وهو التَنَسُّكُ والتَعَبُّدُ، يُقالُ: أَلَهَ إلاهَةً، أي عَبَدَ عِبادَة. فقد قرأَ سيّدُنا عبدُ اللهِ ابْنُ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهُما في سورة الأعراف: {ويَذَرَكَ وإلهَتَكَ} الآية: أيْ: عبادَتَك.
وقيلَ هو مِنْ "الإلْهِ" وهو الاعتمادُ، يُقالُ: أَلَهْتُ إلى فُلانٍ، آلَهُ إلْهاً، أيْ فَزِعْتُ إليْه، واعتَمَدْتُ عليه. وقِيلَ هو مِنْ قولِهم "أَلِهْتُ في الشَيْءِ "إذا تَحَيَّرْتَ فيه فلم تَهْتَدِ إليه. وقيلَ هو مِن "أَلُهْتُ إلى فُلانٍ" أيْ سَكَنْتُ إليْه. وقيلَ أصلُه مِن "الوَلَهِ" وهو ذَهابُ العقلِ لِفُقدان مَنْ يَعِزُّ عليكَ. وأَصْلُه "أَلُهَ" بالهمزةِ، فأُبْدِلَ مِنَ الألِفِ واوٌ فقيلَ الوَلَهُ، ومثلُ ذلك "إشاحٌ ووشاحٌ" و "وِكافٌ، وإكافٌ" و "أَرَّخْتُ الكِتابَ، ووَرَّخْتُهُ"، و "وُقِّتَتْ، وأُقِّتَتْ". فكأنَّه سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّ القلوبَ تَوَلَّهُ لِمَحَبَّتِهِ وتَضْطَرِبُ وتَشتاقُ عندَ ذِكرِهِ.
وقيلَ:معناهُ مُحْتَجِبٌ؛ لأنَّ العَرَبَ إذا عَرَفَتْ شيئاً، ثمَّ حُجِبَ عن أبْصارِها سَمَّتْهُ إلَهًا، قيلَ: لا هَتِ العَروسُ تَلُوهُ لَوْهاً ولَوَ هاناً، إذا حُجِبَتْ. واللهُ تعالى هو الظاهرُ بالرُّبوبِيَّةِ ـ بالدلائلِ والأَعلامِ، المُحْتَجِبُ مِن جِهةِ الكيْفِيَّةِ عنِ الأَوْهامِ.
وقيلَ: معناه المُتعالي، يُقالُ: "لاهَ" أيْ ارْتَفَعَ، وقيلَ: هو مأخوذٌ مِنْ قولِ العَرَبِ: أَلِهْتُ بالمَكانِ، إذا أَقَمْتُ فيه. وقيلَ مِنْ "أَلَهَهُمْ" أيْ أَحْوَجَهم فالعِبادُ مَوْلُوهون إلى بارِئهم أيْ مُحتاجون إليه في المَنافِعِ والمَضَارِّ، كالوالِهِ المُضْطَرِّ المَغلوبِ.
ومِنْ خَصائصِ هذا الاسْمِ الجليلِ: أنَّك إذا حذفتَ منهُ شيئاً، بقيَ الباقي يَدُلُّ عَليه، فإنْ حذفتَ الألفَ، بقيَ للهِ، وإنْ حذَفْتَ اللامَ، وأَثْبَتَّ الأَلِفَ بَقيَ (إِله)، وإنْ حذفتَهُما بقيَ (له)، وإنْ حَذَفْتَ الألِفَ واللامَيْنِ معاً، بَقِيَ (هو)، والواوُ عوضٌ عنِ الضَمَّةِ. وغَلَّظَ بعضٌ بقراءةِ اللامِ مِن قولِه: "اللهُ" حتَّى طَبَقوا اللسانَ بِهِ الحَنَكَ لِفَخامَةِ ذِكْرِهِ ـ جلَّ جلالُه العظيم.
ولمْ يَتَسَمَّ بِه غيرُه ـ سبحانَه، ولذلك لمْ يُثَنَّ ولمْ يُجْمَعْ: فاللهُ اسمٌ للمَوجودِ الحَقِّ الجامِعِ لِصفاتِ الإِلهيَّةِ، المَنعوتِ بِنُعوتِ الرُّبوبِيَّةِ، المُنْفَرِدِ بالوُجودِ الحَقيقيِّ، لا إلهَ إلاَّ هو ـ سبحانَه وتعالى.
و" الرحمنُ" اسْمٌ فيه خاصِيَّةٌ مِنَ الحرْفِ المُكَنَّى بيْن الألفِ واللام الذي سَلَفَ ذِكرُهُ آنفاً.
و "الرحيمُ": هو العاطفُ على عِبادِه بالرِّزْقِ في الفَرْعِ والابتداءِ في الأصلِ رَحْمَةً لِسابِقِ عِلمِه القديمِ وفضلِه. أي بِنَسيمِ رُوحِ اللهِ اخْتَرَعَ مِنْ مُلْكِهِ ما شاءَ، رَحْمَةً لأنَّه رَحيمٌ. وقالَ عليُّ بْنُ أبي طالبٍ ـ رَضيَ اللهُ عنه: "الرحمنُ الرحيمُ" اسْمانِ رَقيقان أَحدُهما أَرَقُّ مِن الآخَرِ، فنَفى اللهُ تعالى بهما القُنوطَ عنِ المُؤمنينَ مِن عِبادِه. وقيل "الرحمنُ الرَّحِيمِ" بمعنىً واحدٍ مثلُ (نَدْمانٍ، ونَديمٍ) و (سَلمانٍ، وسَليمٍ) و (هَوانٍ وهَوِينٍ) ومعناهما: ذو الرحمةِ، والرحمةُ: إرادةُ اللهِ الخَيْرَ بأهْلِهِ، وهي على هذا القولِ تكونُ صِفَةَ ذاتٍ. وقيلَ: هي تَرْكُ عقوبةِ مَنْ يَستَحِقُّ العُقوبَةَ وفعلُ الخَيْرِ إلى مَنْ لمْ يَسْتَحِقَّ، وعلى هذا القولِ تَكونْ صِفَةَ فِعلٍ، يُجْمَعُ بينَهُما للاتِّساعِ. وفرَّقَ الآخرون بينهما فقال بعضُهم: الرَّحْمنُ على زِنَةِ فَعْلانٍ، وهو لا يَقَعُ إلاَّ على مُبالَغَةِ القَوْلِ. وقولُك: رَجُلٌ غَضبان، للمُمْتَلِئِ غَضَباً، وسَكْران لِمَنْ غَلَبَ عليه الشرابُ. فمعنى "الرَّحْمن" الذي وسِعَتْ رَحْمَتُه كلَّ شيءٍ. وقال بعْضُهم: "الرَّحْمنُ" هو العاطفُ على جميعِ خلقِهِ؛ كافرِهِم ومؤمِنِهم، بَرِّهِمُ وفاجِرِهمْ، بأنْ خَلَقَهم ورَزَقَهم. قال الله تعالى في سورة الأعراف: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الآية: 156. و"الرَّحيمُ" بالمؤمنين خاصَّةً، بالهِدايَةِ والتَوفيقِ في الدُّنيا، وبالجَنَّةِ والنظرِ إلى وجهه الكريم في الآخرةِ. قال تعالى في سورة الأحزاب: {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً}. الآية: 43. ف "الرَّحْمنُ" خاصُّ اللَّفظِ عامُّ المَعنى و "الرحيمُ" عامُّ اللفظِ خاصُّ المعنى. و "الرَّحْمنُ" خاصٌّ مِن حيثُ إنَّه لا يَجوزُ أنْ يُسَمَّى بِه أَحَدٌ إلاَّ اللهُ تعالى، عامٌّ مِن حيثُ إنَّه يَشْمَلُ المَوجودَاتِ مِن طريقِ الخلقِ والرزقِ والنفعِ والدَّفْعِ. و" الرحيمُ" عامٌّ مِن حيثُ اشْتِراكُ المَخلوقين في المُسَمَّى به، خاصٌّ مِنْ طريقِ المَعنى؛ لأنَّه يَرجِعُ إلى اللُّطفِ والتوفيقِ.
و "الرَّحْمنُ" اسْمٌ خاصٌّ بِصِفَةٍ عامَّةٍ، و"الرحيمُ" اسمٌ عامٌّ بِصِفَةٍ خاصَّةٍ. وقيل: "الرَّحْمنُ" بأهلِ الدُّنيا، والرَّحيمُ بأهلِ الآخِرَةِ. وجاءَ في الدُّعاءِ المأثور: يا رحمنَ الدنيا ورَحيمَ الآخرة.
و"الرحمنُ الرحيمُ" صفتان مشتَقَّتان مِنَ الرَّحمةِ، وقيلَ: "الرحمنُ"
ليس مُشتَقّاً لأنَّ العَرَبَ لمْ تَعْرِفْه في قولهم: {وَمَا الرحمنُ} وأُجيبَ عنْه بأنَّهم جَهِلوا الصِّفَةَ دونَ المَوصُوفِ، ولذلك لم يَقولوا: وَمَنْ الرحمنُ؟.
وذهبَ بعضُهم إلى أنَّ "الرحمنَ" بدلٌ مِنِ اسْمِ اللهِ لا نَعْتٌ له، وذلك مبنيٌّ على مذهبِه مِنْ أنَّ الرحمنَ عندَهُ عَلَمٌ بالغلَبَةِ. واستَدَلَّ على ذلك بأنَّه قد جاء غيرَ تابعٍ لِمَوصوفٍ، كقولِه تعالى في سورة الرحمن: {الرحمنُ* عَلَّمَ القرآنَ} الآيتان: 1 و 2. وقوله: {الرحمنُ عَلَى العرشِ اسْتَوى} سورة طه، الآية: 5. وقد رُدَّ عليْه بأنَّه لو كان بدلاً لَكان مُبيِّنًا لِما قبلَه، وما قبلُه ـ وهو الجَلالةُ، لا يَفتقِرُ إلى تبيِّينٍ لأنَّها أعرفُ الأعلامِ، أَلا تَراهم قالوا: {وَمَا الرحمنُ} ولم يقولوا: وما اللهُ.
أمَّا قولُه: "جاء غيرَ تابع" فذلك لا يمنعُ كونَه صِفَةً،لأنَّه إذا عُلِمَ المَوصوفُ جازَ حَذْفُه وبقاءُ صِفَتِه،كقولِه تعالى في سورة فاطر: {وَمِنَ النّاسِ والدَوابِّ والأنعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} الآية: 28. أيُّ نوعٌ مختلِفٌ،
وكقولِ الأعشى:
كناطحٍ صخرةً يوماً لِيُوْهِنَها ............ فلم يَضِرْها وأَوْهَى قرنَه الوَعِلُ
أي: كوعلٍ ناطح. و "الرحمةُ" لغةً: الرِقَّةُ والانْعِطافُ، ومِنْهُ اشْتِقاقُ الرَّحِمِ، وهي البَطْنُ لانعِطافِها على الجَنينِ، فعلى هذا يَكونُ وَصْفُهُ تعالى بالرحمةِ مَجازًا عن إنْعامِهِ على عِبادِه كالمَلِك إذا عَطَفَ على رَعِيَّتِه أَصابَهم خيْرُه. ويَكونُ على هذا التقديرِ صِفَةَ فعلٍ لا صِفَةَ ذاتٍ. وقيلَ: الرَّحمَةُ إرادةُ الخَيْرِ لِمَنْ أرادَ اللهُ بهِ ذلك، ووَصْفُه بها على هذا القولِ حقيقةٌ، وهي حينئذٍ صفةُ ذاتٍ، وهذا القولُ هو الظاهرُ. وقيل: الرَّحمَةُ رِقَّةٌ تَقتَضي الإِحسانَ إلى المرحومِ، وقد تُستَعمَلُ تارةً في الرِّقَّةِ المُجَرَّدَةِ وتارةً في الإِحسانِ المُجَرَّدِ، وإذا وُصِفَ بِهِ الباري تعالى فليس يُرادُ بِه إلَّا الإِحسانُ المُجرَّدُ دونَ الرِّقَّةِ، وعلى هذا رُوي:  "الرَّحمَةُ مِنَ اللهِ إنعامٌ وإفضالٌ، ومِنَ الآدَمِيِّينَ رِقَّةٌ وتَعَطُّفٌ".
وقالَ ابنْ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهما: (وهما اسمانِ رَقيقانِ أحدُهُما أَرَقُّ مِنَ الآخَرِ أي: أكثرُ رحمةً) ونُسب هذا القولُ لأميرِ المؤمنين عليٍّـ رضيَ اللهُ عنه،كما سَلَفَ. وقال ـ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((إنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِفْقَ، ويُعْطي عليه ما لا يُعْطي على العُنْفِ)). رواهُ مُسْلِم. وأَمَّا "الرحيمُ" فالرَّفيقُ بالمُؤمنين خاصَّةً.
واختلفَ أهلُ العلمِ في "الرَّحمنِ الرَّحيمِ" بالنِسْبَةِ إلى كَونِهما بِمَعنًى واحدٍ أو مُختًلِفيْن. فمِنْهم مَنْ قال: لِكُلِّ واحدٍ فائدةٌ غيرُ فائدةِ الآخَرِ، وجَعَلَ ذلك بالنِسْبَةِ إلى تَغايُرِ مُتعلِّقِهِما إذْ يُقالُ: "رَحْمنُ الدنيا ورحيمُ الآخرةِ". ويُروى ذلك عن النبيِّ ـ صلَى اللهُ عليْه وسَلَّمَ. وذلك لأنَّ رَحْمَتَهُ في الدُّنيا تَعُمُّ المؤمنَ والكافرَ، وفي الآخرةِ تَخُصُّ المؤمنين فقط. ويُروَى: رحيمُ الدنيا ورحمنُ الآخرةِ، وفي المُغايَرةِ بينَهُما بهذا القَدْرِ وحدَهُ نَظَرٌ لا يَخْفى. وذَهبَ بعضُهم إلى أَنَّهُما مختلفان، ثمَّ اخْتَلَفَ هؤلاءِ أَيْضًا: فمِنْهم مَنْ قال: "الرحمنُ" أبلغُ، ولذلك لا يُطلَقُ على غيرِ الباري تعالى، ولذلك يقال: رَحمنُ الدُّنيا والآخِرَةِ ورَحيمُ الآخرةِ فقط، فكان القياسُ الترقِّيَ مِن الأدنى، إلى الأعْلى، كما يُقالُ: شُجاعٌ باسلٌ، ولا يقال: باسِلٌ شجاعٌ. ثمَّ أُرْدِفَ "الرحمنُ" الذي يَتناوَلُ جَلائلَ النِّعَمِ وأصولَها ب "الرحيمِ" لِيكونَ كالتَتِمَّةِ والرَّديفِ لِيَتَناوَلَ ما دَقَّ منها ولَطُفَ.
ومنهم مَنْ عَكَس فجعلَ "الرحيمَ" أبلغَ، ويُؤيِّدُهُ رِوايَةُ مَنْ قال: رَحيمُ الدُّنيا ورَحمنُ الآخِرةِ لأنَّه في الدُّنيا يَرْحَمُ المُؤمِنَ والكافرَ، وفي الآخرةِ لا يَرْحَمُ إلاَّ المؤمنَ. لكنَّ الصحيحَ أنَّ الرحمنَ أبلغُ، وأمَّا هذه الرِوايةُ فليس فيها دليلٌ، بل هي دالَّةٌ على أنَّ الرحمنَ أبلغُ، وذلك لأنَّ الرحمةَ في القيامةِ أكثرُ بأَضعافٍ، وأثرُها فيها أظْهَرُ، على ما يُروى أنَّه خَبَّأَ لِعِبادِه تسعًا وتسعينَ رَحمَةً لِيومِ القيامةِ ووَضَعَ لهم رَحمَةً واحدةً في الدُّنيا فَبِها يَتراحَمُ الخُلْقُ كُلُّهم.
يُروَى أنَّ سيِّدَنا موسى ـ عليه السلامُ، سألَ رَبَّهُ أنْ يُرِيَهُ كيفَ تقوم الدنيا كلُّها  بجزءٍ واحدٍ من مئةِ جزءٍ مِنْ رَحمَتِهِ ـ سبحانَه، وتَعَجَّبَ كيف يَسَعُ ذلك الخلقَ كُلَّهم فيتراحَمون بِجُزءٍ واحدٍ من رحمتِهِ جَلَّ شأْنُه، فقالَ انْظُرْ يا موسى، فنَظَرَ فرَأى أُمّاً جالسةً أمامَ تَنُّورِ والعجينُ عن يَمينِها والحَطَبُ عَنْ شِمالِها وابْنُها في حُجْرِها مُنْحَنِيَةً عليه وهو يَرضَعُ، وهي تُغالِبُ الدُخانَ واللَّهَبَ فقال: سبحانَكَ يا رَبُّ ما أَعظَمَ رَحمَتَك! أكُلُّ هذا برحمةٍ واحدةٍ؟! ماذا لو لم تكن هذه الرحمة؟. فقالَ اللهُ ـ سبحانَه: انْظُرْ يا موسى، ونَزَعَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِنْ قلْبِ هذهِ الأُمِّ، ولَفَحتِ النَّارُ وجهَها، وغَلَبَها الدُّخانُ فصَرَفَتْ وجهَها عنِ النَّارِ، فَخَرَجَتْ حَلْمَةُ ثَدْيها مِنْ فَمِ طِفْلِها الرضيعِ فبَكى، فقالت: أَنَا أَحْتَمِلُ كُلَّ هذا مِنْ أَجلِكَ؟! وَقَذَفَتْ بِه فِي التَّنُّورِ قائلَةً: أنتَ أَوْلى بها منِّي، فاسْتَغاثَ مُوسَى بالله، فأَعادَ اللهُ الرَّحمةَ إلى قلبِ هذه الأُمِّ فسَحَبتْ الطِّفلَ مِنَ التَّنُّورِ لمْ يُصَبْ بأَذىً بمَشيئةِ اللهِ. والظاهرُ أنَّ جِهةَ المُبالَغَةِ فيهما "الرحمنُ، الرحيمُ" مختلفةٌ، فمُبالَغةُ "فَعْلان" منْ حيثُ الامْتِلاءُ والغَلَبَةُ، ومُبالَغَةُ "فَعيل" مِنْ حيْثُ التَكْرارُ والوُقوعُ بِمَحَالِّ الرَّحْمَةِ.
وقيلَ إنَّ بِناءَ "فَعْلان" ليسَ كبِناءِ "فَعِيل"، لأنَّه لا يَقَعُ إلاَّ على مُبالَغةِ الفِعْلِ، نحو: رَجُلٌ غَضْبانُ للمُمْتَلِئِ غَضَبًا، و "فَعيل" يكون بمعنى الفاعلِ والمَفعولِ. قال عَمَلَّسُ ابنُ عَقِيلٍ:
فأمَّا إذا عَضَّتْ بك الحربُ عَضَّةً ......... فإنك مَعْطوفٌ عليك رحيمُ
فالرَّحمنُ خَاصُّ الاسْمِ عامُّ الفِعْلِ. والرَّحيمُ عامُّ الاسْمِ خاصُّ الفعلِ، كما تقدَّمَ ولذلِك لا يَتَعَدَّى "فَعْلان" ويَتَعَدَّى "فَعيل". والألِفُ واللامُ في "الرَّحمنِ" للغَلَبة، ولا يُطْلَقُ على غير الباري تعالى عند أكثر العلماء، لقولِه تعالى في سورة الإسراء: {قُلِ ادعوا اللهَ أَوِ ادْعوا الرَّحمَنَ} الآية: 110. فعادَلَ بهم إلاَّ شِرْكَةَ فيه وهو اسمُ "الله"، بِخِلافِ "رحيم" فإنَّه يُطلَقُ على غيرِه تعالى أيْضًا. قال تعالى في حَقَّهِ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ: {بالمُؤمنين رَؤوفٌ رَحيمٌ} سورة التوبة، الآية: 128. وفي وصلِ "الرَّحيمِ" بالحَمْدِ ثلاثةُ أوْجُهٍ، فالَّذي عليهِ الجُمْهُورُ: "الرحيمِ" بِكسْرِ المِيمِ مَوْصولَةً بالحَمْدِ. وفي هذه الكَسْرَةِ احتِمالان: أَوَّلُهُما: أنَّها حَرَكةُ إعْرابٍ، وقيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الميمَ سُكِّنَتْ على نِيَّةِ الوَقْفِ، فلمَّا وَقَعَ بعدَها سَاكِنٌ حُرِّكَتْ بالكَسْرِ. والثاني مِنْ وَجْهَيِ الوَصْلِ: سُكونُ المِيمِ والوَقْفُ عليْها، والابْتِداءُ بِقَطْعِ أَلِفِ "الحَمْدُ" رَوَتْ ذلك أمُّ سَلَمَةَ ـ رضي اللهُ عنها، عنه ـ عليه الصلاة والسلامُ.
وقَرَأَ بعضُهم: "الرَّحيمَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين"، بفَتْحِ المِيمِ ووصلِ أَلِفِ "الحَمْدُ"، كأنَّه سَكَّنَ للوقْفِ وقَطَعَ الأَلِفَ، ثمَّ أَجْرِى الوَقْفَ مُجْرى الوَصْلِ، فأَلْقى حَرَكَةَ هَمْزَةِ الوَصْلِ على المِيمِ السَّاكِنَةِ.
ومن فضائلِها ما قَالَه سَعِيدُ بْنُ أَبِي سُكَيْنَةَ قال: بَلَغَنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَكْتُبُ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَقَالَ لَهُ: جَوِّدْهَا فَإِنَّ رَجُلاً جَوَّدَها فغُفِرَ له. قال سعيد: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً نَظَرَ إِلَى قِرْطَاسٍ فِيهِ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فَقَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَغُفِرَ لَهُ. وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِصَّةُ بِشْرٍ الْحَافِي ـ رضي اللهُ عنه، فَإِنَّهُ لَمَّا رَفَعَ الرُّقْعَةَ الَّتِي فيها "بسمِ اللهِ" وَطَيَّبَهَا طُيِّبَ اسْمُهُ. ونَصُّ القِصَّةِ كَما في وفَياتِ الأَعيان والرِّسالةِ القُشيْريَّةِ:.. وسببُ توبتِه أنَّه أَصابَ في الطريقِ ورَقةً مكتوباً فيها اسْمُ اللهِ ـعَزَّ وجَلَّ، وقد وَطَأَتْها الأَقدامُ، فأَخَذَها واشْترى بِدراهمَ كانت معَه غالِيَةً (الغاليةُ مزيجٌ مِنْ أَفْخَرِ أَنواعِ الطِيبِ يَقتَنيهِ المُلوكُ والأُمَراءُ وعِلْيَةُ القَومِ) فطَيَّبَ بِها الوَرَقَةَ وجَعَلَها في شِقِّ حائطٍ، فرَأى في النَّومِ كأنَّ قائلاً يقولُ لهُ: يا بِشْرُ، "طيَّبْتَ اسْمِي لأُطَيِّبَنَّك في الدُّنيا والآخِرَةِ "فلَمَّا انْتَبَهَ مِن نَومِهِ تابَ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" تَضَمَّنَتْ جَمِيعَ الشَّرْعِ، لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ وَعَلَى الصِّفَاتِ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضي اللهُ عنهما، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِذَا عَثَرَتْ بِكَ الدَّابَّةُ فَلا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ: بِقُوَّتِهِ صَنَعْتُهُ. وَلَكِنْ قُلْ: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فَإِنَّهُ يَتَصاغَرُ حتَّى مِثْلَ الذُّبَابِ)). أخرجه النَّسائيُّ في السُنَنِ الكُبْرى، وأخرجَهُ أحمدُ في المُسنَدِ وأَخْرَجَهُ الحاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ وصَحَّحَه. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى في سورة الإسراء: {وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً} الآية: 46. قَالَ مَعْنَاهُ: إِذَا قُلْتَ: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ".
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابن مسعودٍ ـ رضي اللهُ عنه، قال: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّيَهُ اللهُ مِنَ الزَّبَانِيَةِ التِّسْعَةَ عَشَرَ فَلْيَقْرَأْ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" لِيَجْعَلَ اللهُ تَعَالَى لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا جُنَّةً مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ. فَالْبَسْمَلَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا عَلَى عَدَدِ مَلَائِكَةِ أَهْلِ النَّارِ الَّذِينَ قال الله فيهم:" عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ" وَهُمْ يَقُولُونَ فِي كُلِّ أَفْعَالِهِمْ:" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" فمن هناك هِيَ قُوَّتُهُمْ، وَبِبِسْمِ اللهِ اسْتَضْلَعُوا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: إِنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، مُرَاعَاةً لِلَفْظَةِ" هِيَ" من كلمات سورة" إِنَّا أَنْزَلْناهُ" وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ فِي عَدَدِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ ابْتَدَرُوا قَوْلُ الْقَائِلِ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً كَثِيرًا طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ، فَإِنَّهَا بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ حَرْفاً، فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ)). قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا مِنْ مُلَحِ التَّفْسِيرِ وَلَيْسَ مِنْ مَتِينِ الْعِلْمِ. أَخْرَجَهُ عددٌ مِنَ الأَئِمَةِ، مِنْهُم ابن حِبَّانٍ في صَحيحِهِ: (5/236)، والإمامُ مالكٌ في الموطأ: 1/211 ـ 212: باب ما جاء في ذكر الله ـ تبارك وتعالى، وأخرجه أحمد، وأبو داوودَ، والبَغَوِيُ في شرحِ السُنَّةِ له، وهو صحيحٌ على شَرْطِ البخاري.
وإنَّما جعلَ اللهُ البسملةَ مبدأَ كلامِهِ تعالى لأنَّها إِجْمالُ ما بعدَها، وهي آيةٌ عظيمةٌ، ونِعمةٌ للعارفِ جَسيمةٌ، لا نهايةَ لِفوائدِها، ولا غايةَ لقيمةِ فرائدِها. والباحثُ عنها ـ مع قِصَرِها، إذا أَرادَ ذرَّةً من عِلْمِها، ودُرَّةً مِن عالَمِها، احتاجَ إلى باعٍ طويلٍ في العلومِ، واطِّلاعٍ عَريضٍ في المَنطوقِ والمَفهومِ، فإذا أرادَ أنْ يَبحثَ عن الباء ـ مثلاً، من حيثُ إنَّها حرفُ جَرٍّ، بَلْ عَنْ سائرِ كَلِماتِها، مِنْ حيثُ الإعرابُ والبناءُ احتاج إلى عِلْمِ النحوِ، وإذا أراد أنْ يَبحثَ عن أصولِ كلماتِها كيف كانت وكيف آلت احتاج إلى عِلْمَي الصَرْفِ والاشتقاقِ، وإن أرادَ أنْ يَبحثَ عن نحوِ القَصْرِ بأَقسامِهِ، وهلْ يُوجدُ فيها شيءٌ منه، احتاج إلى عِلْمِ المَعاني، وإنْ أرادَ أنْ يَبحثَ عمَّا فيها من الحقيقةِ والمَجاز احتاجْ إلى علمِ البَيانِ، وإنْ أرادَ أنْ يَبحثَ عمَّا بيْن كلماتِها من المُحَسِّناتِ اللفظيّةِ احتاجَ إلى عِلْمِ البديعِ، وإنْ أرادَ أنْ يَبحثَ عنها من حيثُ إنَّها شِعْرٌ أو نَثْرٌ مَوزونٌ أو غيرُ موزونٍ ـ مثلاً، احتاج إلى عِلْمي العروض والقوافي، وإنْ أراد أن يَعرِفَ مدلولاتِ الأَلفاظِ لغةً احتاج إلى مُراجعةِ اللُّغةِ، وإنْ أرادَ أنْ يَعرِفَ مِن أيِّ الأقسامِ وَضْعُ هاتيكَ الألفاظِ احتاجَ إلى عِلْمِ الوَضْعِ، وإنْ أرادَ مَعْرفةَ ما في رسمِها احتاجَ إلى عِلْمِ الخَطِّ، وإنْ أرادَ البحثَ عن كونِها قضيّةً ومِن أيِّ قسمٍ مِن أقسامِها أو غيرَ قضيّةٍ احتاج إلى عِلْمِ المَنْطِقِ، وإنْ أرادَ أنْ يَعرِفَ أنَّ كُنْهَ ما فيها من الأَسماءِ هل يُعلَمُ أوّلاً احتاج إلى عِلْمِ الكلام، وإنْ أرادَ معرفةَ حُكمِ الابتداءِ بها وهلْ يَختلِفُ باختِلافِ المَبدوءِ به احتاج إلى عِلْمِ الفِقهِ، وإنْ أراد معرفةَ أنَّ ما فيها ظاهرٌ أو نَصٌّ ـ مثلاً، احتاج إلى عِلْمِ الأُصولِ وإنْ أرادَ معرفةَ تَواتُرِها احتاج إلى علم المُصطلَحِ، وإنْ أرادَ معرفةَ أنَّها من أيِّ مَقولةٍ من الأعْراضِ احتاج إلى عِلْمِ الحِكْمةِ أو الفلسفة، وإنْ أرادَ معرفةَ طبائِعِ حُروفِها احتاج إلى عِلْمِ الحَرْفِ، وإنْ أراد مَعْرِفَةَ ما يُمكنُ التخلُّقُ به ممَّا تَدُلُّ عليه الأسماءُ احتاجَ إلى عِلمِ الأخلاقِ، وإنْ أرادَ معرفةَ ما خَفيَ على أربابِ الرسومِ من الإشاراتِ فلْيَضْرَعْ إلى ربِّه، وإنْ أرادَ أن يَقِفَ على جميعِ ما فيها مِنَ الأَسرارِ فليَعُدَّ غيرَ المُتناهي وكيف يُطمَعُ في ذلك وهي عُنوانُ كلامِ اللهِ تعالى المَجيدِ، وخالُ وجْنةِ القرآنِ الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِنْ بيْنِ يديْه ولا مِن خلْفِه تَنزيلاً مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ.
قولُهُ تعالى: {بسم الله} الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ; فَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ الْمَحْذُوفُ مُبْتَدَأٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: ابْتِدَائِي "بِسْمِ اللهِ" أَيْ كَائِنٌ بِاسْمِ اللهِ; فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْكَوْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْمَحْذُوفُ فِعْلٌ تَقْدِيرُهُ ابْتَدَأْتُ، أَوْ أَبْدَأُ، فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَحْذُوفِ، وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنَ الْخَطِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ قُلْتَ لِاسْمِ اللهِ بَرَكَةٌ أَوْ بِاسْمِ رَبِّكَ، أَثْبَتَّ الْأَلِفَ فِي الْخَطِّ.
وَقِيلَ حَذَفُوا الْأَلِفَ; لِأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى سِمٍ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي اسْمٍ. وَلُغَاتُهُ خَمْسٌ: سِمٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا، اسْمٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا، وَسُمَى مِثْلُ ضُحَى.
قولُه: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صِفَتَانِ مُشْتَقَّتَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَجَرُّهُمَا عَلَى الصِّفَةِ; ل "الله" وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْعَامِلُ فِيهَا مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ كَوْنُهَا تَبَعًا وَيَجُوزُ نَصْبُهُمَا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَرَفْعُهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ هُوَ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (1)
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: البسملة (2)
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، المقدِّمات (4)
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: التعوذ
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكر الحكيم: المقدّمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: